كتب : علي أبو طبل
في موسم 1983/1984، حقق ليفربول الإنجليزي كأسه الأوروبية الرابعة بعد مسيرة حافلة خلال البطولة.
من كان الضحية في المباراة النهائية؟
لقد كان فريق روما، وفي معقله "أولمبيكو" بالعاصمة الإيطالية.
تتجدد المواجهة بين الفريقين بعد مرور قرابة الـ35 عاما على تلك المواجهة التي مثلت الإنجاز الأبرز في تاريخ روما الأوروبي رغم الخسارة من علامة الترجيح بعد التعادل الإيجابي 1-1.
ولكن ربما ما استحق ذئاب العاصمة الإيطالية تذكرة العبور لتلك المباراة النهائية، فهناك من يتهموهم بسرقتها بشكل غير شرعي.
"لقد سُرقنا!".. هكذا يصرح جون هولت لصحيفة "إندبندنت" البريطانية، وهولت كان لاعبا مخضرما لفريق دندي يونايتد الاسكتلندي ما بين عامي 1973 و1987.
الفريق الاسكتلندي كان الحصان الأسود في البطولة الأوروبية لذلك الموسم، وربما كان قريبا من معادلة ذلك الإنجاز الإنجليزي المتمثل في نوتنجهام فورست تحت قيادة بريان كلوف.
لطالما اعتدنا كلما ذكرت سيرة كرة القدم في اسكتلندا أن نتذكر سيلتك ورينجرز في المقدمة، ولكن في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، قاد جيم ماكلين ثورة في دندي بجانب ثورة أخرى في فريق أبردين تحت قيادة فنية من أليكس فيرجسون.
ربح دندي يونايتد لقب الدوري المحلي في موسم 1982\1983، ثم ربح أبردين اللقب في الموسمين التاليين، وكانت فكرة عدم حيازة أي من قطبي جلاسكو على لقب الدوري لـ3 سنوات متتالية أمرا استثنائيا للغاية.
تحت قيادة ماكلين، قدم فريق دندي يونايتد كرة قدم استثنائية وآسرة لعدة سنوات، وتوج ذلك المجهود بالظفر بلقب كأس الاتحاد الأوروبي لموسم 1986\1987.
هولت يتحدث عن مديره الفني الاستثنائي: "لقد كان سابقا لعصره. أحب كرة القدم وأخلص لها وقدم أسلوب لعب استثنائيا وممتع. كان مميزا وتكتيكيا للغاية وحريصا على أن الجميع قد هضم تعليماته بالشكل الكامل".
كل ذلك لم يمنع حسرة ما حدث في نصف نهائي كأس الأندية الأوروبية في عام 1984، فكل من عاصر الفريق الاسكتلندي في تلك الفترة يعتقد أنه كان الأحق بالتواجد في المباراة النهائية عن ذئاب روما.
ربح دندي ذهابا على ملعبه بهدفين نظيفين، قبل أن يرد الفريق الإيطالي في "أولمبيكو" بثلاثية نظيفة قلبت الطاولة وضمنت له إنجازه الأوروبي الأفضل.
ولكن الأمور لم تمر بسلام في الجانب الاسكتلندي الذي يعتقد أن الطليان فعلوا كل ما هو شرعي وغير شرعي لقلب الطاولة.
"المدير الفني لروما اتهم لاعبي فريقنا بأنهم يتعاطون المخدرات بعد مباراة الذهاب!"
يقول هولت في تصريحاته لـ "إندبندنت" مبررا تلك التصرفات بأنها محاولات لإخراج المدير الفني ماكلين ولاعبيه عن تركيزهم، ويتابع: "الأمور ما قبل مباراة الإياب لم تكن طبيعية".
في الواقع، لم تترك جماهير روما فرصة لمضايقة الضيوف الاسكتلنديين سواء بالإزعاج في فندق إقامتهم أو بالضغط الشديد في ملعب المباراة.
صرح ماكلين بخصوص ذلك الشأن حينها: "أعتقد أننا لو كنا الفريق المقرر أن يواجه روما في المباراة النهائية على ذلك الملعب لما كنت حيا بعدها".
لكن الأمر الأكثر إزعاجا بالنسبة للطرف الاسكتلندي كانت تصرفات حكم المباراة: "لقد كان معهم أكثر مما كان معنا. أي اقتراب من لاعبينا تجاه لاعبيهم حتى دون لمس متعمد كان يتم احتسابه خطئا علينا".
هدف الفوز الثالث لروما جاء من علامة الجزاء بعد خطأ مشكوك في صحته.
حاول الطرف الاسكتلندي تقديم شكوى رسمية للتحقيق مع حكم المباراة الفرنسي ميشيل فوترو من قبل الاتحاد الأوروبي، ولكن تم تجاهلها.
هدأ الأمر لعامين قبل أن يتم إيقاف رئيس نادي روما "دينو فيولا" بعد تلك الفترة من قبل الاتحاد الأوروبي بسبب وجود دلائل على محاولات رشوته للحكم الفرنسي.
وثق الاسكتلنديون من فكرة تعرضهم لمظلمة بعد ذلك القرار تحديدا، ولكن لم يكن هناك إمكانية لإعادة حقهم بأثر رجعي، ولم تظهر الدلائل بشكل علني.
ظل الأمر غامضا حتى اشتعل من جديد في 2011 بسبب تصريحات نجل دينو فيولا.
ريكاردو، نجل دينو، خرج إلى وسائل الإعلام الإيطالية بعد 10 سنوات من وفاة والده ليؤكد أنه قام برشوة الحكم الفرنسي في ليلة 24 من أبريل 1984 بإحدى مطاعم العاصمة الإيطالية مقابل مبلغ 100 مليون ليرة، أو ما يعادل 50 ألف جنيه إسترليني حينها.
"إنها الحقيقة المخجلة" .. يؤكد ريكاردو.
ويتابع: "سبارتاكو لانديني، المدير الرياضي لنادي جنوى، جاء لوالدي وأكد له أن فوترو صديق شخصي له وأنه من الممكن أن يدبر مقابلة بينهما عن طريق صديق آخر. لقد تم تنظيم غداء في إحدى المطاعم مع الحكم ليلة المباراة مع التأكيد على وجود إشارة محددة تدل على إتمام الصفقة. وسط تناول الغداء، جاء نادل من المطعم ليخبر الحكم الفرنسي بأن هناك مكالمة له"..تلك كانت الإشارة المتفق عليها.
ويتابع ريكاردو في تصريحاته: "عاد الفرنسي إلى الطاولة ليقول "صديقي باولو اتصل ويتمنى لك حظا طيبا" –كانت إشارة أخرى متفق عليها-"
في ذلك الحين، قام ريكاردو من على الطاولة ليتصل بوالده ويؤكد له أن الرسالة قد وصلت.
ويبرر ريكاردو: "كانت مباراة صعبة أمام دندي. الخروج الأوروبي ربما كانت له عواقب وخيمة وغضب كبير من الجماهير".
هولت، لاعب دندي السابق، يعود ليؤكد: "كنا نستحق الوصول لأبعد من ذلك. كان لدينا لاعبين رائعين".
لا شك أن الفريق الاسكتلندي قدم أداء استثنائيا وحرم من التواجد في نهائي واحدة من أهم الأحداث الرياضية على الإطلاق، وربما لو استمروا لتحققت إحدى القصص الخيالية التي تسجل في تاريخ كرة القدم.
ويتابع: "من كان يعلم ما كنا نستطيع فعله لو واجهنا ليفربول في المباراة النهائية؟ كنا نستحق ميدالية".
وينهي تصريحاته للصحيفة البريطانية: "لكننا في النهاية أردنا أن يفوز ليفربول في تلك المباراة النهائية وأن يربحوا الكأس".