لا أجد أي مبرر للحملات المجنونة للمصريين للتصويت لنجمنا محمد صلاح في كل تصويت جماهيري لأي جائزة، فأولا هذه الجوائز تقريبا كلها لا تحمل أي أهمية مطلقا، وثانيا وهو الأهم أن محمد صلاح يحقق بالفعل النجاح تلو الأخر ويفوز بالجائزة تلو الأخرى دون الزخف المصري المقدس على الإنترنت الذي يترك انطباعا سيئا جدا عن المصريين وأحيانا يتحول الضيق من تصويت المصريين لضيق ناحية صلاح وحتى إن لم يدرك هو ذلك ويشجعه بدلا من أن يتوقف للحظات ويفكر في عواقب ما يحدث.
هل تتذكر أي جائزة مهمة تحدث بتصويت الجمهور؟ لا أعرف سواء اثنتين، جائزة بوشكاش والتي يتم التصويت عليها من قبل الجمهور لأفضل هدف في العام من قبل الفيفا بين أفضل ٣ أهداف سجلت في العام واختارهم الفيفا بنفسه، والثانية هي جائزة هيئة الإذاعة البريطانية لأفضل لاعب أفريقي والتي تتم أيضا بين مجموعة مختارة من اللاعبين، وعانت الأخيرة من تصويت المصريين حتى أنها قامت بمنعهم من التصويت لفترة وجيزة.
في المقابل حصد صلاح بمجهوده وإبداعاته هذا الموسم جائزة لاعب الشهر في الدوري الإنجليزي ثلاث مرات وهو عدد قياسي لم يسبقه له أحد من قبل، بدون تصويت الجمهور الذي منحه جائزة أخري مشابهه لأفضل لاعب في الشهر لكن بتصويت الجمهور أربع مرات! استحق صلاح الجائزة ثلاث مرات، وما نفعته الرابعة في شيء سواء أنها تركت صورة غير مثالية عن جمهور صلاح، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته بسهولة من تعليقات جماهير الأندية الأخرى عندما يجدوا صلاح يفوز بجوائز بدون أي منطق!
مقصية رونالدو
أشجع نادي برشلونة الأسباني، وشاهدت مقصية كرستيانو رونالدو في مرمي بوفون حارس يوفنتوس ووقفت لأصفق للاعب الذي لا أكن له حب كبير، تحدث عالم المهتمين بالكرة طوال هذه الليلة وما بعدها عن هدف رونالدو، وأمتدحه الكاره قبل المحب ولا يمكن بأي شكل من الأشكال تذكر هدف أفضل منه في هذه الجولة أو ربما في هذا الموسم من بطولة دوري أبطال أوروبا، ومع ذلك لم يفز الهدف بتصويت أفضل هدف لهذه الجولة، هل تعرف لماذا؟
الزحف المقدس للمصريين وضع هدف صلاح المميز لكن العادي فوق هدف رونالدو غير الاعتيادي ليترك الجميع في حالة من السخط على هؤلاء القابعين خلف شاشات الكمبيوتر في مصر يفسدون كل منطق!
كان من الممكن تصور ما يفعله المصريين من محبه وافتخار بلاعب يرفع اسم مصر كل أسبوع، عندما كان لاعبا في بازل يظن الكثيرين منهم أنه لاعب جيد ومميز ويحتاج لفرصة في نادي أكبر، أو عندما بدأت حملات السخرية بهاتشاجات مثل "نزل صلاح" عندما كان لاعبا في تشيلسي، لكن الوضع الآن تغير، أنتم أمام لاعب يخطو بشكل ثابت نحو لقب الحذاء الذهبي كأفضل هداف في أوروبا، ولا يوجد ما يمنع أن يجد صلاح نفسه في القائمة القصيرة للجائزة الأهم في العالم البالون دور بعد أشهر من الآن خاصة لو حقق لقب دوري أبطال أوروبا وساعد منتخب مصر في روسيا، بل أن صلاح بالفعل ضمن أفضل عشر لاعبين في العالم دون أي مجاملة، لذلك فما يفعله المصريين الآن في محاولة للتعبير عن حبهم لصلاح ربما يكسب اللاعب عداوات أكثر ما يجلبه من محبة أو جوائز لا قيمة لها، ويمكن بسهولة أن تدخل الأن وتشاهد التعليقات على فوز صلاح بتصويت أفضل هدف في الجولة في دوري أبطال أوروبا، بينما في الطرف الآخر من العالم صوت اللاعب البلجيكي كيفين دي بروين لاعب مانشستر سيتي لصالح محمد صلاح كأفضل لاعب في الدوري الإنجليزي هذا العام رغم أنه هو المنافس الوحيد له على الجائزة وقال بشكل صريح أن صلاح يستحق هذه الجائزة تماما كما يستحقها البلجيكي الذهبي.
أتمنى أن نتعلم من اللاعب البلجيكي أن المحبة أو تشجيع نجم أو فريق بعينه يجب ألا تعمينا عن الحقيقة الواقعة وأن نفصل ولو جزئيا بين ما نتمناه وما يحدث.