كتب : زكي السعيد
في موسم 1997\1998، نافس إنتر ميلان المدعوم بالظاهرة رونالدو على لقب الدوري الإيطالي حتى الأنفاس الأخيرة، لكنه سقط في تورينو أمام يوفنتوس، وجماهير إنتر لم تنس أبدا تلك الليلة المثيرة للجدل.
المباراة التي شهدت مزيجا فريدا من فنيات كرة القدم والشجارات والدماء والاعتداءات والاعتراضات والقرارات التحكيمية الصارخة، أشرت إلى فوز يوفنتوس بهدف نظيف وبالتالي فقدان إنتر عمليا فرصة المنافسة على اللقب.
الجولة 31 من أصل 34 جولة، ويوفنتوس يسبق إنتر بنقطتين، ويستقبله على الملعب الأوليمبي في تورينو ليقتل الصراع.
أصحاب الأرض تقدموا بهدف أليساندرو ديل بييرو في الدقيقة 21، قبل أن يتحول العشب الأخضر إلى ساحة مصارعة.
عداوة جماهير الناديين لم تصل لذروتها في فضيحة الكالتشيوبولي، بل في ليلة 26 أبريل 1998 تلك.
الحكم بييرو كاتشاريني أدار مباراة عصيبة ستكون عنوانا لمسيرته الطويلة في الملاعب الإيطالية، وتغاضى عن إشهار البطاقة الحمراء في وجه إدجار دافيدز لاعب يوفنتوس الذي اعتدى على أحد لاعبي إنتر.
لاحقا وفي حدود الدقيقة 70، كانت الواقعة التحكيمية الأشهر ربما في تاريخ الدوري الإيطالي عندما انطلق الظاهرة رونالدو مهاجم إنتر بالكرة مقتحما منطقة جزاء يوفنتوس، ليعترضه مارك لوليانو مدافع اليوفي، ويسقطا معا..
كاتشاريني أشار باستمرار اللعب وسط هيستيريا من لاعبي إنتر الذين تجمهروا حول الحكم وطاردوه متناسين الكرة التي وصلت إلى الهولندي دافيدز، والذي مررها بدوره لزين الدين زيدان الخالي من الرقابة.
زيدان استغل العدد القليل من مدافعي إنتر المتواجدين في الخلف ومرر بشكل سلسل لديل بييرو الذي تعرض لعرقة أوقف على إثرها الحكم اللعب معلنا عن ركلة جزاء ليوفنتوس.. وانفجرت المباراة.
لاعبو إنتر فقدوا عقولهم، فقد طالبوا في الأساس بركلة جزاء رأوها بينة، قبل أن تتضاعف اعتراضاتهم في ظرف 10 ثوان مع قرار عكسي سيقضي على آمالاهم في الفوز بالدوري.
توقفت المباراة لبعض الوقت وسط ثورة لاعبي إنتر وجهازهم الفني، وعندما تم استئناف اللعب وتنفيذ ركلة الجزاء بواسطة ديل بييرو نفسه، قام جيانلوكا باليوكا حارس إنتر بالتصدي وإبقاء المباراة على قيد الحياة.. لكن الجدل لم ينتهي.
في الدقيقة 80، أخرج كاتشاريني البطاقة الحمراء في وجه البرازيلي زي إيلياس لاعب إنتر الذي اعتدى بمرفقه على ديديه ديشامب لاعب يوفنتوس.
لم يكن الطرد هو آخر القرارات التي لم تصب في صالح إنتر بتلك الليلة، بل عاد كاتشاريني وألغى هدفا رأسيا بواسطة دييجو سيميوني بعد احتكاك بين إيفان زامورانو مهاجم إنتر وأنجلو بيروتزي حارس يوفنتوس.
انتهت المباراة بهدفها الوحيد، وابتعد يوفنتوس بفارق 5 نقاط في الصدارة، ليحسم الدوري في الجولة 33 بانتصاره 3-2 على بولونيا.
الحكم كاتشاريني تحدث بعد اللقاء واعترف بأن رونالدو استحق ركلة جزاء أمام لوليانو، لكنه عاد بعد سنوات وغير أقواله وتبنى وجهة نظره الأول: لا ركلة جزاء لإنتر، وذلك خلال عدة أحاديث صحفية.
كاتشاريني تحدث مجددا عن المباراة الشهيرة، لمحطة "بريميم سبورتس" الإيطالية هذه المرة.
وقال كاتشاريني: "لا يسعدني أن يتم تذكري بتلك الواقعة فقط".
"حينها، بدى وكأنها مخالفة من رونالدو في حق لوليانو وليس العكس".
"اليوم وبعد وقت طويل، يمكنني أن أؤكد بأن ما رأيته على أرض الملعب يقترب من الحقيقة إن كنا نتحدث عن التحام بدني".
وشرح كاتشاريني أن ندمه الوحيد كان عدم إطلاق صافرته محتسبا مخالفة لصالح يوفنتوس: "يمكنني أن أقول أيضا بأن خطأي كان بعدم منح ركلة حرة ليوفنتوس لأن حقيقة أنني لم أطلق صافرتي جعلت الأمر يبدو وكأني رأيت مخالفة لوليانو ولم أرغب في احتسابها، في حين أنني رأيت العكس".
واستشهد الحكم الدولي السابق بمعلقي المباراة: "إن كانت الواقعة في لعبة كرة السلة لتم احتسابها خطأ بحق رونالدو. ما أذهلني أيضا أن لا أحد يتذكر تعليق (فولفيو) كولوفاتي و(فدريكو) كيسا اللذان قالا أثناء الإعادة أنها ليست ركلة جزاء".
"لم يكن ممكنا أن أفسر قراري لأن الحكام يعيشون في قلعة محاطة بأسوار عالية. عرضت أن أعقد مؤتمرا صحفيا لشرح وجهة نظري التقنية بدون إثارة الجدل، لكن عرضي لم يؤخذ به".
وأبدى كاتشاريني انزعاجه من الموقف السلبي للاتحاد الإيطالي: "في الأيام اللاحقة التزم الاتحاد الإيطالي الصمت، الأمر الذي جرحني".
ولا يعتقد كاتشاريني أنه حرم إنتر من لقب الدوري في ذلك الموسم: "أرغب في وضع نهاية لكل هذا الجدل، حتى وإن كنت أعتقد بعدم قدرتي على ذلك. بالنسبة لي، فرضية أن الواقعة كلفت إنتر لقب الدوري ليست حقيقية".
"قمت بتقييم الأمور بشكل نظيف وصريح وشفاف. يجب على جماهير إنتر أن تتأكد بعدم وجود مخالفة على الإطلاق".
وقام كاتشاريني بإدارة مباريات في كأس العالم 1998، بالإضافة إلى يورو 1996 ويورو 2000.