كتب : لؤي هشام
قد تبذل الكثير من الجهد وتحارب من أجل تحقيق أهدافك طوال موسم بأكمله محافظا على كل العوامل التي قد تساعدك في رحلتك، ولكن تفاصيل صغيرة ولعدة دقائق تكفي لأن تقلب الوضع رأسا على عقب.
كان ذلك ما حدث تحديدا بين شوطي نهائي دوري أبطال أوروبا في مدينة كارديف العام الماضي. انتهى الشوط الأول ويوفنتوس نجح في التعادل 1-1 بعد أن لعب شوطا مميزا على الصعيد التكتيكي والدفاعي.
ولكن خلافا نشب بين ليوناردو بونوتشي والثنائي باولو ديبالا وأندريا بارزالي جعل التوتر هو سيد الموقف وأخرج الفريق من تركيزه، الفريق بأكمله بما فيهم المدرب ماسيمو أليجري.
بونوتشي يتهم ديبالا بالتسرع والرعونة بسبب حصولة على بطاقة صفراء مبكرة، ثم يتجه إلى زميله الآخر بارزالي ويطالب مدربه – بحسب التقارير – بإخراجه بسبب فشله في إيقاف خطورة مارسيلو (طالع التفاصيل).
كان ذلك ما بدا على الأقل خلال الشوط الثاني.. يوفنتوس يفتح خطوطه من أجل التسجيل وتحقيق الحلم الغائب منذ عدة سنوات فيفقد أبرز أسلحته وهي التنتظيم الدفاعي.
والضغوطات التي أثقلت على كاهله جعلته يظهر كفريقا مغايرا عن الذي لعب الشوط الأول. النتيجة في النهاية 4-1 لصالح ريال مدريد.
ريال مدريد حقق وقتها البطولة للمرة الثانية على التوالي لأول مرة في تاريخ البطولة، ولكن تداعيات تلك الهزيمة ألقت بآثارها على السيدة العجوز وغيرت في الكثير من ملامحه لاحقا بعدما كان المرشح الأبرز في نهائي كارديف.
الآن يلتقي الفريقان ليلة الثلاثاء ولكن في ربع النهائي، والبعض يعتبر أن الملكي هو المرشح الأبرز للعبور في تلك المرحلة بعدما ظهر البيانكونيري بشكل باهت أمام توتنام قبل أن يحسم بطاقة التأهل من فرصتين صنعتا عنوانا "الخبرة تنتصر على الشباب".
خلال الموسم الجاري لم يكن كلا الفريقين في أفضل حلتهما، يوفنتوس قدم أداءً يتحسن بشكل تصاعدي مع مرور الوقت، بدأه بشكل سيء قبل أن يصبح أفضل مع كل مرحلة حتى نجح في استعادة صدارة مسابقته المفضلة الدوري، والوصول إلى نهائي الكأس. الثنائية المحلية قريبة كالعادة.
أما ريال مدريد فلم يكن وضعه أفضل حالا بل على النقيض تماما فقد سار بشكل سيء في كلا من الدوري وكأس الملك، ودوري الأبطال الأمل الوحيد هذا الموسم وفي مسابقته المفضلة كان الوضع أفضل بكثير في كل الأدوار حتى تخطى باريس سان جيرمان بسهولة لينتظر العملاق الإيطالي.
إذا الفريقان يسيران بشكل متناقض هذا الموسم. أحدهما يسير بخطى ثابتة محليا ومهتزة أوروبيا والآخر بخطى مهتزة محليا وثابتة أوروبيا، ولكن كل ذلك لن يكون له معنى حينما يصبحان وجها لوجه مرتين، وفي أدوار خروج المغلوب يبتسم الحظ غالبا للطليان.
تفاصيل أكثر.. (يوفنتوس ضد ريال مدريد.. بين البحث عن تأكيد التفوق والانتصار الأول).
ولكن الأثار النفسية لما حدث بين شوطي نهائي كارديف تجعل المواجهة أشبه بالثأر، ورغبة لاعبي البيانكونيري ومدربهم في استعادة كبريائهم قد تجعل من المهمة أصعب مما يبدو على ريال مدريد.
الوقوع في الأخطاء ليس فشلا بل الفشل هو ألا تتعلم منها، فهل تعلم يوفنتوس الدرس؟
تصريحات أليجري والقائد جيجي بوفون أوضحت بشكل كبير أن الدرس لم يُنسى مما حدث في نهائي العام الماضي، فأليجري قال إن فريقه "عليه التعلم من الماضي وألا يفقد تركيزه أمام خصم كريال مدريد".
تفاصيل أكثر.. (يوفنتوس يستضيف ريال مدريد و"عليه التعلم من الماضي")
وجيجي تحدث بطريقة متوازنة عن النادي الإسباني يملك الفرص الأكبر للانتصار عليهم هذه المرة ولكنه قال: "نحن ندرك أن الفريق الأفضل لا يفوز بالضرورة".
"نحن لم نكن نعرف الطريقة التي علينا اللعب بها أمامهم لتحقيق التوازن والانتصار.. والآن تعلمنا الدرس". هكذا أكد بوفون بعد هزيمة كارديف.
لفهم أكبر.. (فليحذر زيدان من الدرس الذي تعلمه بوفون)
كان ما حدث في نهائي كارديف سببا لكي يضع النادي الإيطالي يده على العيوب التي حرمته من آمال التتويج الأوروبي التي سعى لها سعيا حثيثا.
ولا يوجد أخطر من تفرقة الصف لذا كان رحيل بونوتشي غير مفاجئ – حتى وإن بدا غير ذلك في بادئ الأمر مع انتقاله لميلان – وداني ألفيش كان اسما آخر رحل عن الفريق بعدما لم يبدو متحمسا للقتال مجددا مع الفريق وتفضيله خوض تجربة جديدة.
طالع أيضا.. (يوفنتوس.. وحش "الأبيض والأسود" أمام ريال مدريد)
والآن يبدو أن توحيد الصف والأهداف هو ما يميز الفريق الحالي، فلا آمال كبيرة ومرتفعة أوروبيا قد تتسبب في إحداث الصدع - على عكس الموسم الماضي الذي تسببت الرغبة الكبيرة والتعطش لتلك البطولة في فقدان الأعصاب – ولا صعوبات محلية قد تضع الضغوطات على كاهله أوروبيا، كما في ريال مدريد.
ريال مدريد الذي بينما كان الخلاف يحتد بين لاعبي يوفنتوس كان مدربهم زين الدين زيدان يلقي خطبة حماسية للاعبيه قائلا: "نحن الأفضل وعليكم أن تثبتوا ذلك. قاتلوا معا وألعبوا كفريق واحد، دوما كفريق واحد".
ذلك كان أكبر إثبات أن التفوق التكتيكي وحده لا يصنع الانتصارات وأن العامل النفسي من بين أسباب أخرى حاسمة بشكل كبير في سبيل التفوق على الخصوم، وكلما كانت الجماعية أكبر كان الانتصار أقرب.
طالع أيضا.. (مياتوفيتش 1998.. حين حققت نبوءة سانز ضد يوفنتوس)
يوفنتوس يبدو بلا ضغوطات كبيرة هذه المرة كما يبدو وأنه تعلم من درس بين شوطي نهائي كارديف بجانب رغبته في استعادة الكبرياء لذا فهذه المرة قد يكون المفضل للعبور من عقبة نظيره الإسباني.
ورغم الغيابات المؤثرة كمهدي بنعطية وميراليم بيانيتش وماريو ماندزوكيتش فالسيدة العجوز ربما لن يغامر بفتح خطوطه هذه المرة وسيواجه خصمه بطريقة إيطالية عتيقة.
طالع أيضا.. (3 مخاطر تنتظر ريال مدريد عند مواجهة يوفنتوس)
في النهاية كرة القدم غير قابلة للتوقع، وكل ما سبق ذكره قد يعد دربا من الأوهام مع انتهاء مباراة الإياب.