كتب : إسلام مجدي
من المدهش التحولات الكبيرة التي تمر بها مسيرة لاعب كرة قدم في فترة قصيرة، من نجم كبير متوقع أن يصبح أسطورة، للاعب في طي النسيان أخبره مدرب فريقه أن يبتعد عنه.
متى كانت آخر مرة تذكرت فيها إبراهيم أفيلاي؟ ذلك اللاعب الموهوب والموهبة الهولندية التي كان من المتوقع أن تبهر العالم بما يمتلكه من قدرات.. لم يفعل شيئا.
اللاعب ذو الأصول المغربية نشأ في حي بمدينة أوتريخت، تلك التي امتلأت بعدد كبير من المهاجرين في هولندا. علي وإبراهيم فقدا والدهما في فترة مبكرة من عمرهما، ليبدأ الثاني بلعب كرة القدم مع فريق في إس كي المحلي، لكنه انضم إلى فريق الشباب بنادي إلينكفيك الذي استمر معه لمدة 5 أعوام.
قال رئيس النادي في وقت سابق :"نفتخر في إلينكفيك أننا أنتجنا مواهب للكرة الهولندية مثل ماكو فان باستن وإبراهيم أفيلاي".
في عام 1996 وهو في الـ10 من عمره انضم إلى أكاديمية بي إس في آيندهوفن بعد ذلك. موهبته لا يمكن تجاهلها أبدا، إنه مراوغ رائع ومرر ممتاز يمكنه أن يجد الحل بأسهل طريقة ممكنة.
استمر في فئات الشباب حتى عمر الـ17 لم يكن جوس هيدينك وقتها مدرب أيندهوفن صبورا، قرر الدفع به في مباراة بكأس هولندا عام 2004 في شهر فبراير ضد بريدا.
مجددا وبعد 10 أيام لعب الشاب الصغير ضد تفينتي في الدوري، ثم خاض مباراة أخرى في موسم 2003-2004.
قال هيدينك :"لست خائفا من الدفع بلاعب في الـ17 من عمره، إنه بالفعل يمدنا بإحساس رائع بأنه سيصبح نجما كبيرا".
وواصل :"يمتلك ما يكفي من المقومات لكي يكون في أفكاري دائما، وهو موهوب ومرواغ رائع".
قرر فريقه مكافآته بالتوقيع على عقد جديد معه في شهر مايو عام 2004 والذي يبقي عليه حتى عام 2007 ويحسن من بنود عقده. وفي ديسمبر من نفس العام شارك ضد رودا. لكن خلال العطلة الشتوية في دبي من عام 2005 بدأت لعنته الكبيرة.. الإصابات.
عانى أفيلاي من كسر في قدمه أبعده عن الملاعب لمدة 3 أشهر، ليشارك في 9 مباريات فقط في موسم 2004-2005، لكن أبرز لحظاته كانت ضد فينورد حينما سجل مرتين في المواجهة التي انتهت بنتيجة 4-2 لصالح فريقه، كما صنع هدفا.
كتبت صحيفة كالتشيو ميركاتو عنه :"موهبة واعدة وكبار أوروبا يترقبون".
لكن الرياح لم تسر بما تشتهي سفن الكبار. اللاعب كان قد شكل شراكة رائعة في خط الوسط مع تيمي سيمونز وفيليب كوكو، ثم لعب في دوري أبطال أوروبا وواصل اكتساب الخبرات والتطور ولعب 23 مباراة في ذلك الموسم بسبب الإصابات القليلة التي عانى منها.
بداية موسم 2007-2008 كانت جيدة للغاية وتألق أفيلاي قبل أن يتعرض لكسر في القدم ويبتعد عن الملاعب لمدة شهرين، ليقوم ناديه بتجديد تعاقده معه حتى عام 2011، وأيضا لعب 24 مباراة في ذلك الموسم.
قررت الصحافة تلقيبه بـ"اللاعب الحساس" أو "كثير التعرض للإصابات".
قال أفيلاي :"ذلك لا يزعجني كثيرا، كنت أسير في الحي ولا توجد كرة وفجأ يطأ على قدمك شخص ما، في الملعب الأمر مختلف وإن اشتكيت إلى الحكم فإنه يمنحك بطاقة صراء".
وواصل "لكنني لا أنزعج أتمنى فقط ألا أصاب مرة أخرى، كان ذلك الأمر يزعجني في الماضي، لكنني حاليا لدي هدف وهو التألق مع منتخب هولندا".
كان المنتخب الهولندي يستعد للمشاركة في بطولة يورو 2008، وأفيلاي كان تحت أعين ماركو فان باستن مدرب منتخب هولندا.
المخاوف في الشارع الهولندي كانت كبيرة من اختيار أفيلاي لمنتخب المغرب بدلا من هولندا، لكن فان باستن كان يرى نفسه مقنعا وسببا كافيا ليحسم الشاب اختياره.
قال فان باستن :"اضطر أفيلاي للتفكير كثيرا وبقوة من أجل حسم موقفه، لهذا لم أكن أستدعيه للمنتخب، إنه قرار صعب، ولا نريده أن يندم أبدا لأنه سيكون عارا علينا إن فعل، لكنه اختار هولندا، ولا أرى أي شكوك حيال ذلك الأمر، إنه عنصر حيوي وهام وسنستفيد منه كثيرا".
ورد أفيلاي :"إنه أمر كبير جدا بالنسبة لي، اللعب في منتخب هولندا مع لاعب مثل كلارنس سيدورف، سأستمع إلى نصائحه بحرص، كلاعب شاب علي أن أتعامل مع كثير من الأشياء لكي أنضج، يوجد الكثير من العمل أمامي وأعي ذلك جيدا".
في أول مباراة ضد إيطاليا لعب لمدة 9 دقائق فقط، لكنه شارك ضد رومانيا طوال المباراة وصنع هدفا في أخر جولات دور المجموعات، قبل أن يشارك في الخسارة ضد روسيا.
مع استمرار تطوره كموهبة شابة متألقة، لعب أفيلاي كذلك في أدوار دفاعية كثيرة، فبدلا من تواجده كصانع لعب متميز لعب أيضا كمحور ارتكاز دفاعي مع فريد روتين مدربه في موسم 2009-2010.
قال عنه روتن :"إنه لاعب متميز للغاية، ويعلم جيدا كيف يضيف عنصر المتعة للفريق، إنه بطاقة قيمة للغاية في فريقي".
وفي تلك الحقبة ارتدى أفيلاي شارة قيادة أيندهوفن، وفي الصيف بعد انتهاء الموسم أعلن الفريق عن أنه القائد الأول له وليس نائب تيمي سيمونز، وفي شهر أكتوبر تم تجديد عقد اللاعب.
اهتم نادي يوفنتوس ومدربه تشيرو فيرارا بضم أفيلاي في تلك الفترة كثيرا، وآيندهوفن كان يرغب في بيع اللاعب، وخلال شهر نوفمبر توصل برشلونة لاتفاق لضم النجم الهولندي بعقد يمتد لـ4 أعوام ونصف العام ومبلغ 3 ملايين يورو.
دفع بيب جوارديولا مدرب برشلونة في ذلك الوقت بأفيلاي كبديل لديفيد بيا ضد أتليتك بلباو ضمن منافسات كأس ملك إسبانيا ليلعب دقائق قليلة للغاية. وشارك مع برشلونة في 28 مباراة بموسمه الأول.
قال جوارديولا عن لاعبه :"إنه يلعب بطريقة رائعة ويساهم مع الفريق ككل ويخلق فرصا ويحاول التسجيل، لا يخسر الكرة مطلقا، وكل تلك أخبار جيدة لمنتخب هولندا والمستقبل".
لم تدم فرحة الجميع بتألق أفيلاي، عادت الإصابة لتطرق بابه وهذه المرة في ركبته في التدريبات خلال شهر سبتمبر من موسم 2011-2012 ليغيب لمدة 7 أشهر ويعود في نهاية أبريل ضد رايو فاليكانو حينما فاز برشلونة بنتيجة 7-0. وخرج من خطط جوارديولا.
أفيلاي كان قد ابتعد فترة طويلة عن الملاعب ووقتها برشلونة اعتمد على لاعبين كثر ولديه خيارات عديدة، كان هناك تشابي هيرنانديز وأندريس إينيستا وتياجو ألكانتارا وسيسك فابريجاس وسيرجيو بوسكيتس وأليكس سونج وجوناثان دوس سانتوس، رأى تيتو فيلانوفا مدرب الفريق أنه لن يمنح أفيلاي الوقت الذي قد يرغب فيه للعب، وبالتالي قرر الطرفان أن أفضل حل هو الإعارة.
قرر هوب ستيفينز أن يستعين بنجمه السابق في بي إس في ليلعب أيضا مع جيفرسون فارفان زميله السابق.
تألق أفيلاي مع شالكة ثم تعرض لإصابة عضلية مع المنتخب حرمته من اللعب لفترة طويلة ثم أصيب مرة أخرى وظل في تلك الدائرة حتى نهاية الموسم، لم يرغب أفيلاي في الاستمرار مع شالكة، وعاد إلى هولندا ما دفع هورست هيلدت المدير الرياضي للنادي لانتقاد سلوكه.
ليعود في مايو إلى برشلونة وقرر معاينة قدمه والإصابات مع الطاقم الطبي الذي نصحه بعدم المشاركة في التدريبات لفترة، لكنه شارك قبل أسبوعين من المدة المحددة للراحة من أجل التعافي، ليخضع في أغسطس إلى جراحة أخرى أبعدته لـ4 أشهر، حتى أن برشلونة لم يكن منحه رقما بعد في ذلك الموسم، قرر النادي إعطائه رقم 19 بعد انتهاء سوق الانتقالات واستحالة بيعه.
أعير اللاعب مرة أخرى إلى فريق أولمبياكوس، وكان موسمه في اليونان ناجحا جدا، وفي نهاية موسم 2014-2015 أنهى برشلونة تعاقده بسبب الإصابات.
ليعلن ستوك سيتي عام 2015 عن ضمه اللاعب بعقد يمتد لعامين، وفي موسمه الأول أصيب مجددا ليغيب لمدة 8 أشهر، وعلى الرغم من ذلك جدد ستوك تعاقده معه لمدة عامين إضافيين. تواصلت الإصابات مع أفيلاي وغاب عن دعم ستوك تماما.
مع تواصل الإصابات وانضمام مدرب جديد هو بول لامبرت خلفا لمارك هيوز، والكثير من المتغيرات ودخول النادي في دوامة الهبوط عاد أفيلاي من إصابته، لكن هل سيشارك؟ كان لامبرت غاضبا ومحبطا للغاية بسبب سلوك اللاعب في التدريبات.
وبناء عليه قال لامبرت لأفيلاي نصا حسبما نقلت صحيفة "تيليجراف" البريطانية :"هناك 7 مباريات قوية مقبلة ستقرر مصيرنا، ويجب أن تبتعد عن النادي نحن بحاجة للتركيز والسلوك الصحيح".
موهبة أفيلاي كان لا شك فيها، ربما لو لم تتواجد كل تلك الإصابات لكانت اكتملت حكايته.