كتب : علي أبو طبل
هل تبدو فرنسا مستعدة للمنافسة على تحقيق لقب المونديال في روسيا؟
سؤال يطرح نفسه بقوة بينما لا يمكن التأكيد على إجابة محددة، وبالأخص بعد مشاهدة مبارتي الديوك الوديتين في التوقف الدولي الحالي ضد كولومبيا وروسيا.
تلقت فرنسا الهزيمة أمام كولومبيا على ملعبها بنتيجة 2-3 بعد أن تقدمت بهدفين نظيفين في البداية، ثم حققت الفوز في ضيافة روسيا بنتيجة 3-1.
فرنسا حملت كأس العالم في مرة وحيدة استضافت فيها البطولة في نسخة 1998، وترغب في وجود الجيل الحالي في التتويج للمرة الثانية تاريخيا بوجود مدير فني هو من رفع الكأس الوحيدة في تاريخ البلاد كلاعب وقائد للديوك.
المواجهتان حملتا للديوك الكثير من الإيجابيات وكما ليس بقليل من السلبيات الواجب على المدير الفني ديديه ديشامب معالجتها قبل الدخول في معترك النهائيات المونديالية.
كيف بدا أسلوب اللعب الفرنسي، وما الأسماء التي اقتربت من حسم موقعها في التشكيل الأساسي في النهائيات؟
تابعنا في FilGoal.com مواجهتي الديوك، واستنتجنا الملامح التالية.
كانتي.. والآخرون من بعده
يبدو أنه هكذا يفكر ديديه ديشامب في المرحلة الحالية من التجهيزات.
لعبت فرنسا المواجهتين بخطتين مختلفتين في تشكيل البداية.
أمام كولومبيا، لعب الديوك بالرسم الخططي 4-4-2، وبوسط ملعب يضم نجولو كانتي بجوار بليس ماتويدي، مع وجود مبابي وليمار كأجنحة هجومية على الطرفين، بينما لعب أوليفييه جيرو بجوار أنطوان جريزمان كثنائي هجومي.
في مواجهة روسيا، تغيرت الخطة إلى 4-3-3، واستمر كانتي كلاعب ارتكاز في ثلاثي الوسط، حيث جاوره بول بوجبا وأدريان رابيو مما أعطى المزيد من الكثافة والاستحواذ.
لا جديد يمكن وصفه في لاعب وسط تشيلسي الإنجليزي. القدرة على الاحتفاظ بالكرة والتمرير بشكل سليم، والقدرة الهائلة على تغطية أكبر حيز من وسط الملعب بمجهود لا يكل ولا يمل من بذله، حيث يمكنك رؤيته في كل مكان.
ما المشكلة؟
أحيانا يفقد كانتي الكرة تحت ضغط، وقد يتسبب الأمر في ارتداد الهجمة على مرمى فرنسا ووجود تهديد حقيقي قد ينتج عنه هدف.
يمكنك أن ترى بداية هدف تعادل كولومبيا الذي سجله راداميل فالكاو، والذي بدأ من فقدان كانتي للكرة في وسط ملعب فرنسا.
الأمر كاد أن يتكرر في مباراة روسيا ولكن تصويبة اللاعب الروسي جاورت القائم الأيمن لمرمى هوجو لوريس بقليل في الـ20 دقيقة الأخيرة من عمر المباراة.
كانتي هو اسم ضمن 3 أسماء بدأت في التشكيل الأساسي للديوك خلال المبارتين، بجانب هوجو لوريس وكيليان مبابي، وربما يقترب هؤلاء من حسم مواقعهم الأساسية في المونديال ضمن قائمة تمتلئ بالنجوم.
هل يصبح مبابي مهاجم فرنسا في المونديال؟
بالقميص رقم 10، سجل مبابي هدفين في شباك روسيا بمهارة فردية استثنائية في موقف "واحد على واحد".
هدفه الأول في شباك الروس جاء بطريقة ذكرتنا بهدف لا ينسى لزين الدين زيدان في شباك إسبانيا في ثمن نهائي مونديال 2006.
بات مبابي أصغر لاعب فرنسي يسجل هدفين للمنتخب في مباراة واحدة، بينما ارتفع رصيده من الأهداف الدولية إلى 3.
كل ذلك حدث عندما اعتمد عليه ديشامب كرأس حربة في المباراة الثانية، على عكس المباراة الأولى ضد كولومبيا التي شارك فيها كجناح أيمن يضم إلى العمق أحيانا لتأدية أدوار صناعة اللعب.
لكن ما اتضح حقا أن رأس مال مبابي الأساسي يكمن عندما يكون داخل صندوق المنافس، يمكنه استغلال مهارته في التخلص من دفاعات الخصم، وتبقى ميزته الأساسية هي التهديف.
ألكساندر لاكازيت لا يبلي حسنا مع أرسنال هذا الموسم، وأوليفييه جيرو سجل أمام كولومبيا ولكن ربما لا يتم التفكير في الاعتماد عليه بشكل أساسي، وكذلك الأمر بالنسبة لوسام بن يدر الذي يتلقى استدعاءه الدولي الأول في عمر الـ28 ولم يترك البصمة التي قد تجعله ضمن قائمة الديوك في روسيا من الأساس.
هنا ظهر مبابي وسجل هدفين، بجانب هدف آخر صنعه في المباراة الأولى ضد كولومبيا لتوماس ليمار، ليصبح أبرز مكاسب ديشامب في التوقف الدولي الحالي بعدما نوع من إمكانيات استخدامه في الملعب.
هل يصبح مبابي هو رأس الحربة الفرنسي في المونديال بتحركاته المستمرة داخل وعلى حدود منطقة الجزاء، مع تبادلات مربكة لدفاعات الخصم مع الأجنحة في حال اللعب بطريقة 4-3-3؟
شاهدنا في إحدى الهجمات ضد روسيا وجود مارسيال داخل منطقة الجزاء انتظارا لعرضية مبابي الذي هرب إلى الطرف الأيسر، والأمر يمكن أن يتكرر كثيرا.
الأهم، على مبابي أن يكون مستعدا، فربما يكون النجم الفرنسي الأول في روسيا، وقد ارسل انذاره بالفعل مبكرا من الأراضي الروسية.
معضلة الدفاع.. كيف تستقبل فرنسا أهدافا أقل؟
أرسل الديوك إنذاراتهم خلال المبارتين بوجود العديد من النجوم الهجوميين وبتسجيل 5 أهداف.
سواء لعبت فرنسا بثنائي هجومي صريح أو برأس حربة وحيد يجاوره جناحان، فالخطورة الفرنسية قادمة لا محالة.
تكمن الخطورة في اللامركزية الدائمة وعدم توقف فكرة صناعة اللعب عند لاعب بعينه، فالكل يستطيع الصناعة والتهديف.
أنطوان جريزمان لم يسجل ولكن أبلى جيدا، مبابي كان النجم الأول، ليمار سجل كذلك، وجيرو ترك بصمته التهديفية، مارسيال وعثمان ديمبلي شاركا وأبليا حسنا لكن دون تهديف.
في كل الأحوال، لا قلق على الهجوم الفرنسي.
لكن القلق وكل القلق مما يقدمه الخط الدفاعي، حيث استقبلت شباك هوجو لوريس 4 أهداف في مبارتين كذلك، وهو أمر غير مقبول لمنتخب يريد المنافسة على رفع الكأس العالمية.
يبدو لوريس ضامنا لموقعه كأساسي بعدما شارك في المبارتين بالكامل دون تجربة لأي اسم آخر في حراسة المرمى، ولكن خط الدفاع بالكامل تبدل في المبارتين، باستثناء صامويل أومتيتي الذي شارك أساسيا في المواجهتين.
في مباراة كولومبيا، شارك رافاييل فاران بجانب أومتيتي في قلب الدفاع، بينما لعب جبريل سيديبي كظهير أيمن ولوكاس دينييه كظهير أيسر.
أزمة رئيسية تواجه الدفاع الفرنسي، وهي العرضيات، وبالأخص إن كانت قريبة من مستوى الأرض.
شاهد هدف كولومبيا الأول، ستجده من عرضية خادعت لوريس بعدما فشل الدفاع في التعامل معها أو تشتيتها، وكذلك الهدف الثاني جاء من مرتدة سريعة ثم عرضية أرضية لفالكاو الخالي من الرقابة.
هدف فالكاو الثاني لكولومبيا .. ارتداد سريع ولا توجد رقابة على مسجل الهدف
هدف روسيا الوحيد في شباك فرنسا جاء كذلك من عرضية خاطفة على القائم البعيد دون حراك من الدفاع الفرنسي الذي تباطئ في تشتيتها.
سمولوف ظهر بدون رقابة ليودع الكرة في شباك لوريس بسهولة دون تشتيت من قلبي الدفاع أو تغطية عكسية من الظهير الأيمن بافارد.
جاء الهدف الروسي رغم تبدل الأسماء الدفاعية بوجود لوران كوسييلني بدلا من فاران، وظهير أيمن نادي شتوتجارت الألماني الشاب بنيامين بافارد بدلا من سيديبي، وظهير أيسر أتليتكو مدريد لوكاس هيرنانديز بدلا من دينييه.
إذن، العيب أساسي في المنظومة الدفاعية مع تبدل الأسماء، بل وتبدل الرسم الخططي نفسه.
بول بوجبا.. العودة في الوقت المناسب
لا يهم إن لعب يمينا أو يسارا في ثلاثي وسط ملعب، بل الأهم هو كيفية توظيفه ومنحه الحرية للتقدم.
بول بوجبا شارك لدقائق قليلة أمام كولومبيا، ولكنه شارك في غالبية مواجهة روسيا منذ البداية.
أبلى بوجبا حسنا أمام روسيا، تحرك باستمرار في وسط الملعب وبحرية كاملة مستفيدا من تغطية كانتي الدفاعية من ورائه، وأرسل كراته الأمامية المتقنة، وبالأخص نحو مبابي الذي تحرك في كل مكان في الثلث الأمامي.
لم يكتف بذلك، بل سجل اسمه في قائمة مسجلي الأهداف بضربة حرة رائعة نفذها بإتقان وقوة شديدتين.
على الأرجح، بوجبا سيكون أحد الأسماء الأساسية في تشكيلة ديديه ديشامب.
ولكن هذا الأداء وهذا الهدف الرائع جاءا في وقت مناسب للغاية في ظل تذبذب مستواه مع مانشستر يونايتد في النصف الثاني من الموسم الجاري.
اقرأ أيضا عن باقي المنتخبات في ملامح التوقف الدولي