كتب : إسلام مجدي
لن نعود كثيرا بالتاريخ، فقط عامين، حينما خاضت البرتغال بطولة يورو 2016 والكل يتوقع أنها ستودع البطولة في أي مرحلة، لكن خط وسط شاب مكون من ريناتو سانشيز وأندري جوميز وجواو ماريو تكفل بالقتال حتى الأمتار الأخيرة.
كل منهم ذهب في رحلته، أبرزهم كان ذلك الشاب الموهوب قوي البنية، جوميز، الذي توقع له الكثير أن يكون أحد أبرز لاعبي الوسط في العالم.
"مضيعة للمال"، أو "صفقة فاشلة" أو "غلطة برشلونة" كلها صفات اقترنت باسم جوميز، ذلك اللاعب الذي كان على وشك الانضمام إلى ريال مدريد قبل أن يحصل برشلونة على خدماته في النهاية.
عند انضمامه إلى برشلونة بمبلغ 35 مليون يورو قد تصل إلى 70 مع الإضافات قال جوميز :"أنا شاكر لأن برشلونة منحني تلك الفرصة، إنه حلم وأنا سعيد لأن أكون جزء من برشلونة والآن أرغب في الاستمتاع والفوز بالألقاب".
وأضاف "شخصيا أفضل برشلونة عن ريال مدريد لأنه يلائم طريقتي في اللعب وهويتي".
لكن ذلك لم يحدث، ما ظن أنه سيكون الجنة بدا له بعد ذلك جحيما، انتقادات دائمة مع كل كرة يلمسها، وتشكيك دائم في كل تمريرة، لا يمكنه المراوغة لأنه لا يمتلك الثقة الكافية.
مشكلة جوميز الكبرى لم تكن لأنه لاعب سيء، بل لأنه ليس اللاعب الذي يلائم طريقة لعب برشلونة، ليس من النوعية التي تلعب تيكي تاكا على الرغم من دقة تمريراته.
هو بنفسه قال سابقا :"اللعب لبرشلونة ليس لأجل الجميع".
تقارير صحفية في إسبانيا قالت نصا :"برشلونة وقع مع جوميز فقط لأنه كان على وشك الانضمام إلى ريال مدريد". وبالطبع قد لا يكون ذلك دقيقا. خاصة مع توضيح روبيرت فيرنانديز المدير التقني لنادي برشلونة.
وصرح فيرنانديز عن جوميز قائلا :"إنه فرصة ظهرت في السوق، فلما لا نغتنمها؟".
طريقة لعب جوميز لا تنتمي إلى برشلونة بأي شكل، مثلا قد وصلت دقة تمريراته في الموسم الأول إلى 91% لكن هل كانت مفيدة؟ غالبا حينما تصله الكرة يحتفظ بها بعض الوقت قبل أن يمررها لأقرب لاعب بجانبه، التمرير الآمن إن جاز الوصف.
لم يمتلك جوميز زمام المبادرة كثيرا مع برشلونة ويقوم بما يشتت دفاعات الخصوم التي تواجه الفريق الكتالوني، اللعب ضد برشلونة يتمحور حول الدفاع لكن جوميز لم يمرر للأمام، نسبة كبيرة من تمريراته إما للخلف أو للجانبين. وبالتالي هو يحافظ على الاستحواذ لكن ليس كما يجب.
جاري نيفيل محلل قنوات "سكاي سبورتس" والذي درب اللاعب في فترة قصيرة مع فالنسيا قال :"إنه أشبه بفرانك لامبارد، ليس صانع ألعاب متقدم، لكنه من نوعية اللاعب Box-to-box".
وأضاف "إنه يمتلك الكثير من الطاقة لكن قليل من الرؤية".
وبالطبع برشلونة يحتاج دائما للاعبين يقرأون المباراة ويمتلكون الرؤية، الأمر الذي يجعله ليس فعلا من نوعية اللاعبين الذي يفضلهم النادي الكتالوني.
سقوط جوميز جاء سريعا للغاية، صافرات ضده وحالته تسوء، بدا الأمر وكأنه بائس بلا أي حلول تقريبا، حتى انفجر في حديثه مع مجلة "بانينكا".
"لا أشعر أنني بخير في الملعب، ولا أستمتع بما أفعله، أول 6 أشهر كانت جيدة بعد ذلك تغير كل شيء".
"ربما ليست تلك كلمة صحيحة، لكن تحول الأمر إلى جحيم، لأنني أصبحت أشعر بالضغط ومع ذلك شعرت أنني بخير لكنني ضغطت على نفسي وذلك الشعور سيء خلال المباريات".
"لا أسمح لنفسي بإظهار الإحباط الذي أشعر به".
"لذا ما أفعله هو ألا أتحدث لأي أحد، ولا أضايق أي أحد، الأمر يبدو كما لو أنني أشعر بالخزي".
"فكرة عدم الخروج من المنزل أتت لي في أكثر من مرة، الفكرة تكمن في قدرة الناس على رؤيتك، ويسبب ذلك لدي خوف كبير في الشارع لأنني أشعر بالإحراج".
تحول حلم جوميز سريعا إلى كابوس، نعم قد يتحمل جزء من المسؤولية بسبب اختياره، لكن أيضا طريقة لعبه ليست ذاتها التي يلعب بها برشلونة.
جزء أخر من المشكلة هي شخصية اللاعب، الكل حاول الدفاع عنه لكنه لم يمتلك القوة الكافية للدفاع عن نفسه.
يقول جونزالو كابيزا صحفي "إل كونفدينشيال" لـFilGoal.com :"عليه أن يفعل شيئين الأول أن يلاحظ أن طريقة برشلونة لا تلائمه، لديه مهارات لكنه ليس بالسرعة الكافية ليدخل نظام الفريق، اللعب لمثل تلك الأندية لا يتطلب أن تؤدي جيدا فحسب، بل أن تفعل ذلك في غضون ثواني، ليس عليك أن تلعب بسرعة بل أن تفكر وأنت تلعب وهو أمر صعب".
وواصل "بجانب ذلك عقليته لا تساعده، لقد قال إنه لم يتكيف مع الفريق، إنه أمر منطقي بعض اللاعبين مثلا في NBA قالوا ذلك لا يمكنك أن تتكيف بسهولة على نمط معين من الحياة واللعب، يسبب ذلك الكثير من الضغط، وجوميز لم يتكيف مع هذه الظروف".
وتابع "الأمر الثاني الذي يجب عليه فعله هو ملاحظة أنه لا يمكنه الاستمرار، بإمكانه منح المزيد لكنه حتى إن وصل لقمة مستواه وبدون معاناته لن يكون مناسبا، الأمر لا يتعلق بشخصه بقدر ما يتعلق بقدراته، إنه يلائم أكثر فريق يلعب على المرتدات أو بأسلوب مختلف عن تيكي تاكا، مثلا رأيناه مع البرتغال وفالنسيا كان رائعا، هذا يعني أن عليه الخروج من برشلونة يلائمه".
وأكمل "رحيله أيضا لن يكون سهلا، النادي يجب أن يجد حلا لأنه لن يخسر كل ما دفع بسهولة، ولا يوجد فريق سيدفع لك مثل برشلونة، ربما هناك حل وسط قد يرحل معارا ويدفع برشلونة جزء من راتبه، لا أحد يعلم بعد خطط النادي له".
شخصية جوميز كانت عاملا حاسما فيما حدث له، لم يتكيف مع الضغوط التي أتت بعد انضمامه للفريق، السعر والتوقعات الكبيرة بخلافة إما تشابي هيرنانديز أو أندريس إنييستا، قد يبدو بائسا في كثير من الحيان في حين أنه ليس كذلك فعليا، رأينا خلال مواجهة برشلونة وتشيلسي حينما دعمته الجماهير أدى بثقة أكبر قليلا.
جوميز قد يكون ضل طريقه عن غير عمد، لكنه إن وجده وفي سنه الصغيرة تلك -24 عاما- قد يعود ليصبح واحدا من أفضل لاعبي الوسط الواعدين مثلما كان في الماضي. لكن إن استمر في حالة التيه فلن يضر إلا نفسه ولن يلعب سوى لفريق وسط جدول في إنجلترا إن حالفه الحظ.