كتب : علي أبو طبل
"لا نلعب هذا الموسم من أجل الفوز بدوري أبطال أوروبا. حسنا، هدفنا الأساسي هنا هو بلوغ الأدوار الإقصائية".
كان ذلك تصريحا من المهاجم البوسني في حوار مطول مع صحيفة "جارديان" البريطانية قبل مواجهة روما مع تشيلسي ذهابا في دور المجموعات للموسم الجاري في ملعب "ستامفورد بريدج".
روما الإيطالي وقع في مجموعة تضمه مع تشيلسي وأتليتكو مدريد بجانب كاراباج الأذربيجاني.
من كان يراهن أن روما قادر على الإطاحة بأي من تشيلسي أو أتليتكو؟.. حسنا، الفريق الإسباني كان الضحية.
دجيكو سجل "هاتريك" في شباك تشيلسي في "ستامفورد بريدج" في مباراة انتهت بالتعادل 3-3، وسجل هدفا ضمن تفوق ثلاثي نظيف إيابا في "أولمبيكو"، ليتصدر روما المجموعة في النهاية ويقع في مواجهة مع شاختار دونيتسك الأوكراني في ثمن النهائي.
خسر روما ذهابا في أوكرانيا بنتيجة 1-2، واحتاج إيابا في "أولمبيكو" لهدف وحيد على الأقل يضمن له التأهل لربع النهائي للمرة الأولى منذ موسم 2007/2008.
هنا، كان دجيكو هو بطل المشهد بهدف وحيد أمن التأهل لكتيبة أوزيبيو دي فرانشيسكو نحو منصة الـ8 الكبار في أوروبا لهذا الموسم.
هدف نصبه ملكا لروما هذا الأسبوع ضمن مسيرة حافلة للمهاجم البوسني تمتد لموسمها الثالث في العاصمة الإيطالية.
سنوات تتوالى من الإنجازات المميزة في كرة القدم الأوروبية ضمن مسيرة تحكمت في بدايتها العديد من الصدف لتنتج لنا في النهاية مهاجم قوي وسريع ومن طراز مميز وأصبح في النهاية النجم الأبرز الهداف التاريخي – 52 هدفا في 89 مباراة دولية - لمنتخب بلاده التي عاشت سنوات الحرب والخوف.
يتحدث دجيكو في حواره مع صحيفة "جارديان" عن تلك السنوات التي عاصرها في طفولته.
"حسنا، لا يمكنني القول أنني عشت طفولة طبيعية، تلك الطفولة التي ينعم بيها العديد من الأطفال في بقاع عديدة. كنت طفلا عندما اندلعت الحرب في البوسنة ولم أكن على دراية بالعديد من الأمور. ولكن أحداث الحرب تجعلك تنضج بشكل أسرع وتتعلم أشياء لم تكن تعلم أنك قد تتعلمها".
"أحببت كرة القدم في طفولتي، وألعبها ولا زلت ألعبها وأتحدث وأقرأ عنها بسبب شغفي المستمر بها. لكن في طفولتي لم أكن لأمتلك فرصة من أجل الأحلام المستقبلية. لم أكن أخطط لأسير نجما واسما معروفا في عالم كرة القدم".
وكيف يخطط دجيكو لذلك مع احتماليات متزايدة في طفولته لأن يكون في عداد الموتى؟
مصير كان على وشك تلقيه قبل أن تمنعه والدته عن الذهاب للعب إحدى المباريات في ملعب بالعاصمة البوسنية "سراييفو"، وما كانت إلا ساعات مرت ليصبح ذلك الملعب رمادا نتيجة القصف.
ماذا أيضا عن الحرب؟.. يكمل دجيكو.
"أظن أنني أتكلم عن سنوات الحرب فقط عندما يكون الحديث مع أحد الصحفيين الأجانب. لا أتحدث عن ذلك مع أهلي أو زوجتي أو أقاربي. جميعنا نتذكر ما حدث والذي غير الكثير فينا، ولكن ما جدوى الحديث؟".
استمرت الحرب لـ3 سنوات، قبل أن تأتي اتفاقية "دايتون" للسلام لتضع حدا لها، لكنها تركت مجتمعا منقسما وفي جدال.
يصف دجيكو المرحلة التالية "على الأقل يمكننا عيش حياة طبيعية الآن وأن ننظر إلى ما يحدث حولنا بإيجابية أكثر. لقد تمكننا من النجاة!".
استمر دجيكو في النظر إلى الأمور بإيجابية، وبدأ مسيرة احتراف كرة القدم.
مسيرة كانت من الممكن أن تنتهي بموته في طفولته لولا صدفة تدخل والدته، وكان من الممكن أن تنتهي في شبابه ظنا في ضعفه الفني، ولكن مديره الفني السابق الذي ظن أنه تخلص منه وحقق استفادة مادية جيدة من بيعه كان على خطأ.
بدأ دجيكو مسيرته في عام 2003 بفريق زيلينتشار سراييفو في بلاده البوسنة، وكانت بدايته كلاعب في خط الوسط، وفي أحيان أخرى كجناح.
مديره الفني التشيكي في تلك الآونة "جيري بليزيك" لم يعتبره كمكسب فني كبير في وسط الملعب، حيث ظن الجميع أنه يتمتع بطول فارع ولكن بإمكانيات فنية فردية ضعيفة.
مع عودة "بليزيك" لبلاده، أقنع نادي تيبليسي التشيكي بشرائه مقابل 25 ألف يورو فقط لا غير.
في 2005، تحولت مسيرة دجيكو بالكامل.
يقول دجيكو عن بدايته في حوار مع الموقع الرسمي لنادي روما: "كانت بدايتي في زيلينتشار ولعبت كثيرا كلاعب جناح. لم أسجل الكثير من الأهداف ولم ألمع في هذا المركز، ولكن في لحظة معينة من مسيرتي قرروا أن يضعوني في الأمام ثم سجلت الكثير من الأهداف".
تحول الشاب الفارع إلى مهاجم صريح، وخاض فترة معارا إلى نادي "أوتسي ناد لابيم" بالدرجة الثانية التشيكية حيث سجل 6 أهداف في 15 مباراة بالدوري.
عاد دجيكو إلى تيبليسي حتى عام 2007 حيث سجل 17 هدفا في 48 مباراة خلال موسمين، وكان ثاني أفضل هدافي الدوري التشيكي الممتاز في موسمه الثاني برصيد 14 هدفا.
أداء مميز ومتصاعد كان يتابعه عن كثب المدير الفني الألماني فيليكس ماجات، والذي نجح في ضم المهاجم البوسني إلى فريق فولفسبورج مقابل 4 ملايين يورو.
اللاعب الذي تحول إلى مهاجم شامل قضى سنوات رائعة في ألمانيا مسجلا 85 هدفا في 142 مباراة بمختلف البطولات، ليصبح الهداف التاريخي للنادي متجاوزا الأرجنتيني دييجو كليمويتش الذي توقف عند 57 هدفا.
حاز "جوهرة البوسنة" على لقب هداف الدوري الألماني لموسم 2008/2009 برصيد 22 هدفا خلال شراكة لا تنسى مع البرازيلي جرافيتي، وهو العام المثالي في مسيرته إن صح الوصف حيث فاز كذلك بجائزة أفضل لاعب في الدوري، كما ساهم في تتويج الفريق بلقب الدوري الألماني في إنجاز تاريخي.
تألق كبير نتج عنه انتقاله إلى مانشستر سيتي في 2010 مقابل قرابة الـ27 مليون يورو، ليصبح ثاني أغلى صفقة في تاريخ النادي في ذلك الوقت بعد صفقة سابقة شهدت ضم البرازيلي روبينيو قبلها بأعوام.
5 مواسم في إنجلترا لم تخل من التألق والإنجازات الشخصية والجماعية.
سجل دجيكو في إنجلترا 72 هدفا في 189 مشاركة بمختلف البطولات، وساهم في تتويج الفريق بلقبين من الدوري الإنجليزي الممتاز بجانب لقب من كأس الإتحاد ولقب من كأس رابطة المحترفين.
خفت نجم المهاجم البوسني في أيامه الأخيرة بإنجلترا مع تألق متكرر لأجويرو وحاجة دجيكو للمزيد من الدقائق أساسيا، فحكمت الحياة بسننها وانتقل إلى روما حيث يلعب الآن.
يتحدث دجيكو لـ "جارديان" عن أعوامه في روما.
"لا يوجد تجربة سابقة يمكن مقارنتها بروما. إنهم شغوفين بالغاية بفريقهم أكثر من أي مكان آخر لعبت له".
"لا أقصد التقليل من أي من تجاربي السابقة أو من شغف الجماهير هناك، ولكن الأمور هنا في إيطاليا مختلفة. على سبيل المثال، عندما كنت في مانشستر كانت لدي حرية التجول في شوارع المدينة والذهاب للأماكن العامة، وحين يتعرف علي الناس يطلبون أخذ صورة معي بهدوء. لا أمتلك تلك الفرصة هنا في إيطاليا".
"لا أقصد وصف تصرفات الجماهير في روما على محمل سيء. أنا أحب ما يفعلونه والشغف هو الأمر الأساسي الذي تتعلق به كرة القدم".
لم يكن موسم دجيكو الأول في إيطاليا جيدا، حيث سجل 10 أهداف فقط في 39 مباراة خلال كل الاستحقاقات.
سهام الانتقادات نالت من المهاجم البوسني الذي اكتفى بالرد في الملعب بقوة في موسمه التالي.
روما كان قريبا للغاية من إزاحة يوفنتوس من عرش إيطاليا ولكن الصراع حسم للسيدة العجوز بفارق ضئيل من النقاط خلال الموسم الماضي، والذي شهد تتويج دجيكو هدافا للدوري برصيد 29 هدفا من أصل 39 سجلها بمختلف البطولات، ومنها 8 سجلها بمسابقة الدوري الأوروبي جعلته على قمة هدافي المسابقة خلال الموسم الماضي أيضا.
شراكة رائعة لدجيكو خلال الموسم الماضي مع المصري محمد صلاح، قبل أن يرحل الأخير إلى ليفربول، ويبقى دجيكو في فريق العاصمة.
ربما ساهم رحيل جناح ليفربول الهجومي الحالي في معدلات دجيكو التهديفية، وقد أكد البوسني على ذلك في تصريح سابق هذا الموسم.
على كل حال، لا يزال دجيكو بعمر الـ31 بطلا في روما، وبوصوله لـ17 هدفا في مختلف البطولات هذا الموسم، يظل هدفه في شباك شاختار هو الأهم منذ قدومه إلى إيطاليا.
الطموح لما هو أبعد؟ لم يبد ذلك في مخططات البوسني منذ بداية الموسم، ولكن قد يحفزه حبه لأن يكون في مشهد البطل من جديد.
طالع أيضا:
ماذا بعد السعيد - محمد فضل لـ في الجول: تغيير طريقة الأهلي أو التعاقد مع بديل
أفشة: لن أنضم للمنتخب "ضيف شرف"
عضو مجلس الأهلي السابق: طاهر رفض بيع الرئاسة الشرفية للنادي
فيديو أهداف الأربعاء – ثنائية يوفنتوس في الدوري وثلاثية برشلونة في تشيلسي
مواعيد مباريات الخميس – قمة أرسنال وميلان.. وختام الجولة في الدوري المصري
القيعي: توقيع السعيد للزمالك مثل أزمة جدو.. وأطالب بتنحي مستشار اتحاد الكرة