كتب : إسلام مجدي
لم يحتج إلى شيء ليصبح مشهورا، كان يعرف ذلك في قرارة نفسه، لقبه كان "ملك الشوارع في هولندا" فيما بعد صحح لنا اللقب بـ"عمدة شوارع هولندا".
أجاد إدجار ديفيدز كرة القدم، كان يحبها حبا جما لدرجة أن كل غرفة في منزله تحتوي على كرة كما قال هنري:"إنه مجنون بالكرة".
مسيرة حافلة، نظارة وشعر طويل تميزه، لكن كانت هناك قصة أبعادها أعمق من ذلك.
إنه لاعب وسط دفاعي كان على غلاف لعبة "فيفا" الشهيرة ووجه دعائي دائم التواجد في الإعلانات في وقت اشتهر فيه ديفيد بيكام ورونالدو وغيرهم من نجوم الهجوم.
بدايته كانت لعب كرة القدم في كل مكان بالشوارع، مع شقيقه يركضان ويشاركان في شتى المباريات سواء كانت ثلاثة ضد ثلاثة أو خمسة ضد خمسة.
اشتهرت سورينام في تلك الفترة بفضل كلارنس سيدورف رود خولييت وباتريك كلويفرت وبالطبع ديفيدز.
"إنه في حمضنا النووي، ولدت في سورينام وأتيت إلى هولندا وأنا في الثانية من عمري، إنه في جيناتنا". ديفيدز لمجلة "فور فور تو".
سرعان ما انضم إلى أكاديمية أياكس بعد ٣ محاولات لكنهم علموا أن بإمكانه أن يصبح نجما كبيرا في وقت قصير.
في ذلك الوقت لم يكن قد ارتدى نظاراته بعد، رُفض مرتين وفي الثالثة تم قبوله كان في الـ١٢ من عمره وتطور في الأكاديمية.
"لطالما كانوا يعتنون بنا في الأكاديمية، كان هناك مدربا للركض وأخر للياقة البدنية نفسها وأخر التمرير".
بدأ ديفيدز مسيرته كجناح أيسر لم يحب ذلك كثير كان أشبه بالوحش المقيد بجانب أنه شعر أن بإمكانه الركض أكثر من ذلك واستعادة الكرة لا يحب أن يشعر بالتهميش. ثم شارك كمهاجم ثاني لكنه لم يحب هذا أيضا، ثم لعب كمحور ارتكاز دفاعي من هنا جاء التغيير الذي أراده ووجد نفسه فيه.
نظام أياكس في ذلك الوقت كان يمكن لاعبي الوسط من الدفاع والهجوم وأراد الشاب الصغير أن يفعل ذلك، كانت فكرة لويس فان جال مدرب الفريق في ذلك الوقت.
قال له :"لما لا تغير مركزك إلى وسط الملعب؟ هنا ستكون رجلنا الذي يقوم بالأعمال القذرة وأوفرمارس سيلعب على الجناح".
ليرد :"لكنك ستغير تشكيلك بعض الشيء؟".
بالفعل عدل فان جال نظامه من أجل الـ"بيتبول" ليقدم مستوى مبهر للغاية ويكون جزء من إنجازات تاريخية لأياكس.
"شعرت أنني معزولا في مركز الجناح الأيسر، في وسط الملعب كنت جزء من المباراة طيبة الوقت". ديفيدز.
٣ بطولات دوري هولندي وبطولة كأس لكن تأتي أبرز لحظة ضد ميلان في نهائي الأبطال موسم ١٩٩٤-١٩٩٥ حينما توج بطلا للمسابقة بعد الفوز بنتيجة ١-٠.
"حينما فزنا بدا الأمر وكأن هولندا بالكامل خرجت لتحتفل، بالنظر إلى ما حدث في الماضي، سترى أن ما حدث جزء مهم من التاريخ. إنجاز كبير". ديفيدز عن النهائي.
استمر موسما مع أياكس قبل أن يرحل إلى ميلان، وجد صاحب الـ٢٣ عاما نفسه منجذبا بشدة للرحيل إلى إيطاليا وميلان كان النادي الفائز بخدماته، لكن ذلك لم يدم طويلا.
تعرض الـ"بيتبول" لإصابة قوية أبعدته عن الملاعب، كان جديدا على إيطاليا لم يعرف أحد ولم يتعلم اللغة ما صعب فترته كثيرا، لم يلعب سوى ١٩ مباراة.
"كنت أجلس في المنزل طيلة الوقت، لا يوجد أمامي سوى التلفاز، أسمع اللغة لكنني لا أفهم، كان عامي الأول وكان صعبا للغاية".
في شتاء ١٩٩٧ قرر يوفنتوس ضمه بمبلغ ٥.٣ مليون جنيه إسترليني، لتنفجر موهبته كليا مرة أخرى، ويشكل ثنائيا رائعا بجانب زين الدين زيدان.
"كنت سعيدا للغاية بالانضمام إلى يوفنتوس، لقد شجعته طيلة حياتي، في تلك اللحظة كان الثاني في الدوري وميلان الثامن ميلان، الأمر بدا كهدية من السماء".
يرجع الفضل الكبير في عودة ديفيدز "من الموت" كما وصفتها الصحافة الإيطالية إلى مارتشيلو ليبي مدرب يوفنتوس في ذلك الوقت.
في ميلان عانى ديفيدز من الإصابة والضغط النفسي والحديث عن كونه صفقة فاشلة، بجانب انهيار وضع النادي بعض الشيء، أما في يوفنتوس احتاج نوعا خاصا من العلاج.
"ليبي أعاد لي الثقة منحني دعما لم أجده قط من قبل سوى مع لويس فان جال، ساعدني كثيرا لذا لم أحتج للكثير من الوقت للاندماج مع الفريق".
خلال تلك الحقبة أصيب ديفيدز بمرض الزرق ما جعله يفكر في اعتزال كرة القدم، على الرغم من أنه كان واحدا من أفضل لاعبي الوسط، ربما اشتهر بالنظارة لكن ذلك مفهوم خاطئ. كان ولازال نجما كبيرا بها أو بدونها.
"فكرت كثيرا في الاعتزال، ثم أتت فكرة النظارة. الوضع كان غريبا في البداية، كان بخار الماء يغطيها أحيانا، فكنت أحتاج إلى بعض الوقت لضبطها، لكنني لا أظن ذلك أثر على مستواي".
الطاقة والقوة والتواصل، أسس شراكة زيدان وديفيدز، كلاهما كان يفهم كرة القدم بنفس الدرجة ما جعل التفاهم بينهما كبيرا.
حقق مع البيانكونيري ٣ ألقاب دوري وبطولتي كأس سوبر إيطاليا.
في أخر أعوامه انضم معارا إلى برشلونة، النادي كان يعاني على كل الأصعدة وقرر المدرب المعين حديثا فرانك ريكارد أن يستعين بخدمات مواطنه المخضرم ليساهم في تغيير وضع الموسم وإنهاؤه في المركز الثاني خلف فالنسيا، وصوله كان عاملا حيويا في هينمة برشلونة التي بدأت بعد تلك الفترة، توج ريكارد بعد ذلك بالدوري ودوري الأبطال.
وصفت جارديان قدومه إلى برشلونة بـ"ديفيدز يعيد الحياة إلى برشلونة".
بعد ذلك بدا وكأن مسيرته تتجه للانهيار، إنتر ضمه بعقد يمتد لـ٣ مواسم في ٢٠٠٤ لكنه أنهى التعاقد عام ٢٠٠٥. لينضم مجانا إلى توتنام وسط تساؤلات "هل يصلح صاحب الـ٣٢ عاما لبناء فريق قوي؟".
ليرد مارتن يول مدرب الفريق:"جلبت ديفيدز لكي يضيف للفريق عقلية الفوز".
قال ديفيدز عن تلك الفترة :"الأمر ليس حول تغيير عقلية الفريق، لكن النادي نفسه، إن أردت أن تقارع الكبار عليك أن تلعب مثلهم، هم لم يكونوا كذلك، كانوا يقبلون بالتعادل بينما كنت أبحث عن الفوز فقط".
عاد إلى أياكس مرة أخرى لكنها كانت أشبه بالوداع الأخير، تبعها فترات قصيرة في كريستال بالاس وبارنت قبل أن يعتزل الكرة.
"النظارات هي ديفيدز وديفيدز هو النظارات". أسطورة النجم الهولندي لم تكن يوما فيما يرتديه نعم الشكل له جزء كبير في عالم التسويق الحديث للعبة، لكن أداؤه وقدراته لا يمكن اختزالها في النظارات فقط.