كتب : إسلام مجدي
في إيطاليا هناك أندريا بيرلو، ذلك المايسترو الذي يتغنى الجميع باسمه، وفي إسبانيا يقدرون كثيرا امتلاك لاعب بقدرات سيرخيو بوسكيتس، وفي فرنسا حاليا هناك نجولو كانتي.
لكن دائما هناك بطل لا يقدره البعض كثيرا، ربما لأنه اهتم بالقيام بكل الأعمال القذرة في وسط الملعب بأبسط طريقة ممكنة، أو لأنه بسط من دوره واستمر في الظل لفترة طويلة حتى نسى البعض إسهاماته، في مانشستر يونايتد وإنجلترا هناك مايكل كاريك.
المساهمات الرائعة للاعبي الوسط الدفاعيين تكمن في أكثر من قدرتهم على قطع الكرة، بل في الركض المتواصل والقدرة على قراءة المباراة بجانب التمريرات الذكية.
لطالما اعتاد منتخب إنجلترا على خيبة الأمل، لكن أكبرها تلك التي شهدت استبعاد كاريك من القائمة في 2012.
قال روي هودجسون: "لا يوجد لدي أي اهتمام بضم كاريك إلى قائمة المنتخب". في ذلك الوقت كان النجم الإنجليزي في الـ30 من عمره، عام 2012 شهد تقديمه مستوى متميزا لم يكن بذلك التراجع لكنه محور ارتكاز هام للغاية إن أردت الاستناد عليه في خطتك.
أضاف هودجسون :"لم أكن لأحلم بوضع كاريك على قائمة الانتظار، لقد أوضح في الماضي إنه لا يريد ذلك".
إنجلترا كان لديها في مركز كاريك ستيفن جيرارد وفرانك لامبارد وسكوت باركر، لكن بكل تأكيد كما كتب جوناثان ويلسون الكاتب الإنجليزي الشهير :"من الإجحاف إغفال دور حيوي ومحوري للاعب بقيمة كاريك".
اعتزل كاريك اللعب دوليا بعد خيبة أمل عدم اختياره لبطولة يورو 2012، بعد 22 مباراة دولية منذ كان في الـ20 من عمره حينما كان يلعب لوست هام يونايتد.
لم يجد حظا مع منتخب إنجلترا، لذلك لم يكن ذلك النجم مثل جيرارد ولامبارد الذي تتغنى به الصحف، مع اختياره ضمن قائمة المنتخب في كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا، لم يلعب دقيقة واحدة وبدأ 15 مباراة مع الأسود الثلاثة في 11 عاما.
بجانب خيبة الأمل تلك وبعيدا عن كل شيء بداية مسيرة كاريك كانت في الكرة الخماسية، مع فريق والسيند بويز، كان يلعب دائما في ليالي السبت.
كرة القدم أصبحت محور حياته حينما كان في الـ12 من عمره، وقتها كان يلعب على صعيد المدارس الثانوية، وأثناء مشاركته مع فريقه والسيند بويز تحت 16 عاما، تم اختياره لمنتخب إنجلترا في عمر الـ13 عاما.
كتبت شبكة بي بي سي عنه عام 1995 :"سيصبح واحدا من أفضل اللاعبين بإنجلترا".
بسبب بنيته البدنية ومجهوده الوفير بدأ كاريك مسيرته كمهاجم، لكن المرحلة الحيوية له أتت عام 1997 حينما انضم إلى وست هام يونايتد حينها تحول للعب في خط الوسط. من هنا كانت البداية.
ظهوره الأول تأخر كثيرا في البدايات حسبما أوضح هاري ريدناب مدربه في ذلك الوقت.
قال هاري :"كاريك عانى من صعوبات كثيرة بسبب حالته البدنية في بداياته والإصابات المتكرر".
ظهوره الأول كان ضد جوكريت في كأس الإنترتوتو عام 99 في المباراة التي انتهت بنتيجة 1-1.
قال عنه جيمي كوين مدربه السابق في سويندون :"علمت أنه كان جيدا جدا، لكنني لم أعلم قط أن قد يمتلك كل هذه الجودة، حينما تراه تشعر وكأنه لاعب عادي، لكن بعد ذلك تعرف مدى تأثيره".
فيما قال ريدناب :"إنني مهووس بدوره في خط الوسط، كاريك يرى الملعب كصور في رأسه ويعكس ذلك بطريقة ممتازة، إنه أسعر من أي لاعب رأيته في قراءة المباراة".
في وست هام كل من كان يتصدر العناوين في تلك الحقبة هم ريو فيرديناند وفرانك لامبارد وجيرماين ديفو كما اعتادوا دائما، بينما كان كاريك يقوم بكل العمل.
"الجميع اعتاد الحديث عن تشابي هيرنانديز وأندريا بيرلو واختيارهم ضمن الأفضل، لكنني أقول لك إن مايكل كاريك بنفس الجودة مثل الثنائي". كوينتو فورتشن لاعب مانشستر يونايتد السابق.
خلال موسم 2000-2001 كان واضحا أن كاريك لن يجلس على مقاعد البدلاء أبدا، لعب 41 مباراة منهم 33 في الدوري وسجل هدفا وحيدا ضد أستون فيلا، وتم تجديد عقده وتحسين بنوده وترشح لجائزة لاعب العام من اتحاد اللاعبين المحترفين مع جو كول لكن فاز بها ستيفن جيرارد نجم ليفربول".
استمر تألق كاريك ولولا الإصابة لشارك مع إنجلترا في كأس العالم 2002. وبعد هبوط وست هام في موسم 2002-2003، لم يرغب قط في الرحيل وفضل القتال والاستمرار لم يفعل مثلما فعل فريدريك كانوتيه وجو كول وجيرماين ديفو.
وفي موسم 2003-2004 وبعد وصول الفريق للمباريات الإقصائية وفشله في العودة للدوري الممتاز ظهر اسم كاريك مجدد لكن في فريق العام بدوري الدرجة الثانية.
استمرار كاريك مع وست هام وصفه البعض بالغباء مثلما فعلت صحيفة "إندبندنت". وأخرون طالبوا تلك الموهبة باللعب في الدوري الممتاز مرة أخرى.
قال كاريك :"حقيقة أنا لا أشعر أن بإمكاني اللعب موسم أخر في الدرجة الثانية".
تأهبت أندية أرسنال وإيفرتون وبورتمسموث ووست بروميتش ألبيون وكريستال بالاس لضمه، لكن توتنام قرر التوقيع معه وتوصل فعليا لاتفاق وانضم للنادي اللندني بمبلغ يقدر بـ3.5 مليون جنيه إسترليني.
جاك سانتيني كان مدرب توتنام في ذلك الوقت، ولم يحب صفقة كاريك كثيرا، بل حقيقة كان يرى أنه "لاعب في الدرجة الثانية ولم يكن ليصلح ليبدأ مع فريقه".
أشركه المدرب الفرنسي في 19 دقيقة فقط قبل أن يستقيل من مهمته بعد 13 مباراة.
وبرر ذلك قائلا :"أردت لاعب وسط مهاجم وليس محور ارتكاز، كان لدينا 4 فعليا ولم أفهم لما ضمه النادي".
عامان فقط مع توتنام كانا كافيان لإقناع سير أليكس فيرجسون أن كاريك لاعب سيضيف الكثير للشياطين الحمر. ليضمه بمبلغ 18 مليون جنيه إسترليني في عام 2006.
في يونايتد كان كاريك عنصرا هاما للغاية، لكن بالنسبة لسفين جوارن إيركسون وفابيو كابيللو وستيف ماكلارين لم يكن بتلك الأهمية.
قال كوينتون فورتشن :"كلما كان يتم الإعلان عن قائمة منتخب إنجلترا كنا نضحك كثيرا، لقد اعتقدوا أنهم يمتلكون لاعبين أفضل من مايكل كاريك في خط الوسط".
تحدث سير أليكس فيرجسون بعد ذلك عن أهمية كاريك لتشكيله في مانشستر يونايتد والذي فاز معه بـ5 ألقاب دوري إنجليزي وكأس الرابطة مرتين والدرع الخيرية 4 مرات ودوري أبطال أوروبا مرة وكأس العالم للأندية مرة. وأخر لقب دوري حققه سير أليكس كان لكاريك عظيم الأثر في ذلك التتويج.
"في عالم كرة القدم الحديث لا تحتاج إلى اعتراض الكرة بطريقة (تاكلينج) بنفس الطريقة التي اعتدت عليها، لا يوجد داع لذلك، الأمر حول المساهمة وقراءة المباراة".
"كاريك يمكنه أن يقرأ المباراة وأيضا اللعب أمام الرباعي في الخط الخلفي".
"إن نظرت إلى لاعبي الوسط في الدوري الإنجليزي يمكنك أن تجد كثيرين يتشابهون في الجودة مثل لوكا مودريتش ويايا توريه وربما كل من يوصفون بالأفضل وجيرارد".
"كاريك أفضل لاعب إنجليزي في اللعبة".
أما لويس فان جال مدرب مانشستر يونايتد السابق قال :"إنه لاعب مهم للغاية، يقرأ المباراة وهو يلعب فيها وليس من الخارج، إنه لاعب وسط يمكنه أن يمرر الكرة للأمام وأحب ذلك كثيرا".
أهمية كاريك في خط وسط الشياطين الحمر دائما كانت موجودة ومعروفة للمحللين وجماهير الكرة خاصة مشجعي الشياطين الحمر لكنها غابت كثيرا عن منتخب إنجلترا ومدربيه ربما كان ليقدم جودة غائبة عن خط الوسط، لاعب استحق التواجد دائما في قائمة الأساطير والأفضل ولم يطالب يوما بذلك بل يصمت ويواصل العمل.