كتب : محمد سمير
"التاريخ يكتب.. منتخب إسبانيا لكرة اليد يحقق البطولة للمرة الأولى في التاريخ" تصدر ذلك العنوان الصحافة الإسبانية والعالمية بعد تتويج منتخب رجال كرة اليد لقب أمم أوروبا في يناير الماضي للمرة الأولى في إنجاز تاريخي.
وبتسليط الضوء على الرياضة الإسبانية نجد أن الإنجازات الحقيقية للماتادور في كافة الألعاب ظهرت بقوة في الألفية الجديدة بعد عام 2000.
وبالبحث عن إنجازات إسبانيا في الرياضة فهي لم تتوقف في الألعاب الجماعية فقط بل شهد الماتادور الإسباني طفرة حقيقية في الألعاب الفردية أيضا.
ولكن ما سر الطفرة الرياضية في كافة الألعاب بإسبانيا؟ هل جاء ذلك عن طريق دراسة محددة؟ هل قدمت الحكومة دعم خاص للرياضة خاصة وأثناء بحثنا عن السر اكتشفنا دمج وزارات الرياضة والتعليم والثقافة في إسبانيا منذ فترة.
يجيب FilGoal.com من خلال التحقيق التالي عن كل تلك الأسئلة.. وهل كان النجاح وليد الصدفة أم التخطيط.
قام FilGoal.com بالتواصل مع الثنائي فيسنتي أزبيتاريت رئيس القسم الرياضي لصحيفة "ليبرتا ديجيتال" ومذيع "إس راديو" وجونزالو كابيزا صحفي "إل كونفدينشيال" وعدد من الصحف الإسبانية.
وفي البداية تسائلنا عن البداية الحقيقية للرياضة الإسبانية التي يختلف عليها الإسبان أنفسهم فالبعض يرى أنهم منذ بداية الألفية الجديد والبعض الآخر يرى أن تنظيم دورة الألعاب الأولمبية في برشلونة كان له دور كبير وهنالك من يعتقد أن الطفرة بدأت بأول إنجاز عالمي.
وقال فيسنتي أزبيتاريت: "أرى أن 2006 هي البداية الحقيقية ففي 2006 فزنا ببطولة العالم باليابان لكرة السلة وهناك كانت لحظة التغير في تفكيرنا وعقليتنا كفريق فقد عرضنا صورة لعائلة تلعب سويا وفريقا متحدا وكان ذلك أمرا هاما لبقية الرياضات ورسالة قوية كذلك".
وأضاف "بقية الفرق من الرياضيات الأخرى قد نسخت ذلك الأمر وتلك الروح أعتقد أن بدايتنا الحقيقية كانت في 2006 فلقد شكلنا مجموعة سويا وأصبح اللاعبون أصدقاء أو عائلة تعلب من أجل المرح، نفس قصتنا في اليابان".
أما جونزالو كابيزا فقال: "أعتقد أن البداية الحقيقية كانت قبل ذلك فالتغيير الأول والرئيسي كان في التسعينيات وبالتحديد حينما أقيمت دور الألعاب الأولمبية في برشلونة عام 1992".
وأضاف كابيزا "وقتها قمنا بعمل خطة كبيرة مكلفة لكي تنمو الرياضة لدينا وقمنا ببناء مبان جديدة ووقعنا مع مدربين كثر".
وتابع "تغيرت الثقافة الرياضية الإسبانية في ذلك الوقت ونجحنا نجاحا كبيرا في تلك الألعاب حتى وإن لم نحقق الألقاب الكبرى كما أنه بعد ذلك أصبح لدينا لاعبين تنس كبار ودراجين كبار".
وأتم "اعتدنا دائما على أن تحتوي أنديتنا على لاعبين كرة سلة جيدين وكذلك لاعبين كرة قدم وتطورا أكثر ليس أمرا سهلا أن تطور شيئا واحدا".
وبالحديث عن دور الدولة في إحداث تلك الطفرة بالرياضة التي تجني إسبانيا ثمارها الآن كان لكل منهما رأي آخر.
إذ قال فيسنتي أزبيتاريت: "الدولة لم تخطط لشيء لا توجد متغيرات ولا أموال إضافية من أجل الرياضة".
وأضاف "لم يكن هناك تغيير قبل عام 1992 منذ ذلك العام تغير الفكر الإسباني تماما بعد تنظيم دورة الألعاب الأولمبية".
أما جونزالو كابيزا فقد أسرد الدور الذي حدث قائلا: "الحكومة أعدت الخطة وأسمتها في ذلك الوقت ADO وفيها شارك نظام الأعمال الخاصة ومنحت نسبة ضرائب أقل للشركات التي أرادت المساعدة في الرياضة بالإضافة لذلك منحوا مساحة للرعاة في التلفزيون العام الخاص بالدولة وكانت هناك موارد مالية خاصة كذلك".
وأضاف "لم تكن الروح وحدها لا يمكننا أن نقول ذلك لكن إنه خليط بين تلك المساعدة وذلك الأمر الذي قاد إسبانيا للنجاح، كانت هناك خطوة كبيرة في تلك الخطة خاصة في الرياضات الصغيرة".
"كرة القدم شيء مهم هنا ولكن الفوز في الرياضات الأخرى احتاج الكثير من الأموال لكي نجدد كل شيء الخطة كانت موجودة وتم نسخها في كوريا الجنوبية فعلوا نفس الشيء من قبل".
وتحدث عن الظروف السياسية التي شاركت فيما حدث "وهناك شيء آخر إسبانيا لديها ديكتاتورية خلال 40 عاما كنا دولة فقيرة وقديمة الطراز بالطبع حينما مات الديكتاتور عام 1975 تغير الحال تماما السياسة والأعمال والحرية وكذلك الرياضة".
"اتخذنا خطوة كبيرة وأصبحنا مثل بقية الدول الأوروبية الغربية لم نكن مثلهم في الماضي وحينما تتحضر وتطور مجتمعك وطريقة الحياة وحينما تصبح أغنى رياضتك تصبح أقوى وأكبر كذلك هل كل ذلك مجرد روح فقط؟ لا أعتقد ذلك".
وفي النهاية تحدثنا عن السر وراء دمج وزارات الرياضة مع الثقافة والتعليم وهل كان لذلك الأثر في الطفرة الحالية.
وكان رد فيسنتي أزبيتاريت مقتضبا "دمج الوزارات لم يغير أي شيء ولم يساعد في شيء".
بينما أوضح جونزالو كابيزا "دمج الوزارات أمر خاص بالبيروقراطية الرياضة كانت مستقلة عامة ويكون لديها الكثير من الأموال إن كانت الأمور تسير بشكل صحيح وتخسرها إن حدثت أزمات الأموال العامة هي التي أقصدها هنا".
"بالإضافة لذلك الرياضة ليست أمر يوم واحد أنت تضع أموالك في الصغار وبحاجة للوقت لكي تحصل على المواهب التي تنشدها".
وتابع تصريحاته "لا يمكنك أن تشير إلى شيء واحد الأمر ليس حول الحكومة فقط أو الاستثمار لكن المجتمع الجديد والتطور الذي حدث في سبل المعيشة أصبحنا نأكل جيدا وأطول قليلا وأغنى ونلعب أكثر من الماضي لدينا منظمات جيدة وحدثنا كل شيء".
وأتم "لقد كان تغييرا كبيرا لكن ليس في الرياضة فقط لقد كان التطور الرياضي نتيجة لتطور الدولة ككل لأننا أصبحنا دولة أفضل".
ويستعرض لكم FilGoal.com التدرج الزمني لأبرز الرياضات في إسبانيا وكيف تطور الماتادور.
كرة القدم:
في بطولة كأس العالم البطولة الأبرز في اللعبة كان المركز الرابع هو الأفضل في تاريخ منتخب إسبانيا وكان ذلك بالنسخة التي أقيمت في البرازيل عام 1950 لكن وبعد 60 عاما من ذلك الإنجاز حقق الماتادور الإنجاز الأكبر وحصد اللقب للمرة الأولى في تاريخه عام 2010 بجنوب إفريقيا.
أما على المستوى القاري فحققت إسبانيا اللقب عام 1964 في النسخة الثانية وحتى الألفية الجديدة لم يحقق الماتادور إنجازا يذكر سوى فضية نسخة 1984، لكن وفي الألفية الجديدة حقق منتخب إسبانيا اللقب مرتين عامي 2008 و 2012.
ويعبتر الإسبان الطفرة الحقيقية لكرة القدم عام 1992 عندما حقق المنتخب ذهبية دورة الألعاب الأولمبية وكان أبرز نجوم ذلك الجيل هم الجيل الذي حقق إنجازات منتخب الكبار بعد ذلك.
كرة السلة:
يعتبر الكثيرون منتخب السلة هو المنتخب الملهم للرياضة الإسبانية إذ كان أول تتويج للفريق كان بلقب بطولة العالم عام 2006 في اليابان ومن بعدها توالت إنجازات فريق السلة.
إذ أن الماتادور لم يحقق بطولة أوروبا قبل ذلك الوقت ولكن بعد الفوز ببطولة العالم تحصل إسبانيا على ميدالية في أي بطولة أمم أوروبا تقام إذ توج الفريق باللقب أعوام 2009 و2011 و2015 والفضية في 2007 والبرونزية عامي 2013 و2017.
أما على المستوى الأولمبي فلم تتوج إسبانيا باللقب حتى الآن وكانت أبرز نتائج الفريق قبل الألفية الجديدة فضية أولمبياد 1984، لكن في النسخ الثلاث الأخيرة حصدت إسبانيا على فضيتي بكين 2008 ولندن 2012 وبرونزية ريو دي جانيرو 2016.
كرة اليد:
بدأ منتخب اليد في البزوغ عقب دورة الألعاب الأولمبية ببرشلونة 1992 وحصد برونزيتين متتاليتين بدورة الألعاب الأولمبية 1996 و2000 وكانت الثالثة في بكين 2008.
وعلى المستوى العالمي دخلت إسبانيا المربع الذهبي للمرة الأولى في بطولة العالم 99 والتي أقيمت بمصر عندما حصد الماتادور على المركز الرابع، لكن الإنجاز الأبرز كان الحصول على لقب بطولة العالم لأول مرة عام 2005 في تونس قبل أن يحقق اللقب الثاني في 2013.
وعلى المستوى القاري حقق فشل الماتادور في حصد اللقب رغم وصوله للنهائي 4 مرات أعوام 1996 و1998 و2006 و2016 قبل أن يصل لمراده أخيرا في 2018 في كرواتيا.
كرة الطائرة:
لم يكن منتخب الطائرة كباقي الفرق الجماعية في إسبانيا إذ لم يحقق أي إنجاز يذكر في تاريخه الماضي.
لكن يبدو أن فوز منتخب السلة ببطولة العالم كان له كلمة السر كما يرى الإسبان إذ حقق منتخب الطائرة في عام 2007 ذهبية بطولة أمم أوروبا وذهبية الدوري الأوروبي للمرة الأولى في التاريخ.
الألعاب الفردية:
لم تكن طفرة الرياضة الإسبانية خاصة بالرياضات الجماعية فقط بل وصل الأمر للرياضات الفردية التي تتطور يوما بعد يوم وربما أبرز تلك الرياضات رياضتي التنس والدراجات.
فظهر الإسباني رافائيل نادال لاعب التنس الشهير عام 2001 ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن وهو يحقق العديد من الإنجازات لبلاده فقد أصبح أول لاعب إسباني يفوز بالأربع بطولات الكبرى (جراند سلام) وحقق 16 بطولة كبرى.
كما أصبح ثالث لاعب إسباني يصل لصدارة التصنيف العالمي للعبة بعد كارلوس مويا وخوان فيريرو وتخطاهم في عدد البطولات إذ حقق 75 بطولة متنوعة بفارق 55 بطولة عن أقرب مواطنيه باللعبة.
ولم تنحصر طفرة التنس على نادال إذ ظهرت جابريني موجوروزا والتي بدأت مشوارها الاحترافي في 2013 وفي وقت قصير حققت العديد من الإنجازات أبرزها كونها ثاني إسبانية تتصدر التصنيف العالمي بعد أرناتشا سانشيز كما حققت 5 بطولات حتى الآن بينهم بطولتين جراند سلام.