كتب : لؤي هشام
يُحكى أن رجلا صال وجال في ميدان معاركه ليظفر بالنصر في معركة تلو الأخرى، كان ذلك الرجل داهية وانتصاراته صنع منها خيطا من الزهو والفخر تحول في كثير من الأحيان إلى غرور، وقبل تلك الانتصارات دائما ما حاول استخدام ذكائه في التأثير على منافسيه.
نجح في ذلك أحيانا وانقلب سحره أحيان أخرى ولكنه ظل يتمتع بتلك النظرة الخبيثة القادرة على اقتلاع بعض الكلمات من سياقها وتحويلها إلى سلاح، ومع مرور الوقت أجاد استخدام ذلك السلاح ولكن يبدو أن البعض قد ضاق ذرعا بتلك الألاعيب.
في الجنوب بقلب العاصمة كان هناك رجلا آخر، تبدو على سماته ملامح المحارب الجسور الذي قد تصل شجاعته إلى تهور في بعض الأحيان. كان يراقب ذلك الداهية وتصريحاته وكلما مر الزمان اعتمر بنفسه شيئا من الغضب تجاه من سبقه في مقعد القيادة.
ربما كان ذلك ما جعل الداهية يضع تركيزه صوب المكان الذي صنع معه الكثير والكثير قبل أن يخرج منه من الباب الخلفي مطعونا بحسب ما يرى، وربما كان ذلك سببا أدعى كي يصبح الرجل الحماسي دائما في موضع تأهب صوب أي حديث من منافسه.
كلمات الداهية كان نذيرا بإعلان الحرب التي لم يتأخر الحماسي عن بدئها، ربما لكي يثبت لمنافسه أنه لا يهابه كما فعل أخرون من قبل وربما بحثا عن حماية أكبر لمن هو مسؤول عنهم من تلك الخدع التي قد تؤثر عليهم.
في النهاية استمرت تلك الحرب بعضا من الوقت وبدا وكأننا في فقرة الهدنة الإجبارية بالآونة الأخيرة، تلك الهدنة التي يتعين على كل منهما قبولها نظرا لتعدد المعارك، ولكن عقارب الساعة دارت الآن والطرفين باتا وجها لوجه ولكن على أرض الميدان هذه المرة.
جوزيه مورينيو في صدام مع أنطونيو كونتي.. مانشستر يونايتد وتشيلسي في مهمة صعبة لكلا منهما بالجولة 28 من الدوري الإنجليزي الممتاز يوم الأحد.
لفهم أكبر.. (حرب مورينيو وكونتي.. نظرة أكثر قربا للصراع بين المدربين)
بعد فترة من تبادل التصريحات النارية بين المدربين هدأ الوضع قليلا بسبب انشغال كلا المدربين بالفترة الحاسمة من الموسم، صراع في دوري أبطال أوروبا وسعي لتحقيق الأهداف محليا.
ولكن حين يلتقيان على ملعب أولد ترافورد ربما يعود التوتر إلى الواجهة من جديد. مورينيو استفز كونتي الذي ربما يكون قد سبقه إلى ذلك دون أن يقصد والأخير أظهر غضبه كما لم يُظهره من قبل.
الفريقان يبدو وأنهما يسيران في نسقين متضادين بالفترة الماضية.
سؤال حول الهوية
بعدما حافظ مورينيو على سجله خاليا من الهزائم بالدوري لـ8 مباريات متتالية بعد السقوط أمام الجار سيتي عاد للسقوط مجددا أمام توتنام ثم هزيمة أخرى مفاجئة بالجولة الأخيرة أمام نيوكاسل هددت مركز الوصافة.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد محليا فقد كان الخروج من كأس رابطة المحترفين على يد بريستول هو الأسبق، والآن آمال تحقيق بطولة توقفت عند كأس الاتحاد ودوري الأبطال الذي تبدو به المهمة أكثر صعوبة وأقل ضمانا.
دافيد دي خيا أنقذ ماء وجه البرتغالي بتصدياته التي حرمت إشبيلية من تسجيل أهداف على أرضه قد تساعده في مهم الإياب، ولكن الأسوأ أن أداء الشياطين الحمر لم يتحسن وأن الصورة المملة بدأت تزداد رقعتها بشكل أكبر وأكثر ضجرا للجماهير.
حسنا، التخبط لم ينته بعد. الخلاف بين مورينيو ولاعبه بول بوجبا يهز أركان الفريق حتى وإن لم تصل الأزمة بينهما إلى ما تتناوله التقارير من تضخيم – مبالغ - أو كما كما وصفها جوزيه "الكذبة الأكبر" ولكنها بالتأكيد تعطي مؤشرا عما يدور داخل أروقة يونايتد.
أفكار دفاعية في المقام الأول يُساء توظيفها في بعض الأحيان فيؤثر على قدرات لاعبيه. ببساطة مورينيو لم ينجح بعد في إخراج أفضل ما فيهم بل يتحول الأمر إلى ما يشبه الصدام.
المهاجم روميلو لوكاكو يغيب عنه أدائه المعهود منذ فترة والسبب أنه يشعر بالعزلة في الثلث الأمامي بالمباريات الكبيرة، وبوجبا يُفضل ألا يكون لاعب وسط دفاعي تقتصر مهمته على القيام بما لم يبرع به فيجلس على مقاعد البدلاء وأداء ثنائي الدفاع كريس سمولينج وفيل جونز كارثي.
الرضا لا يظهر على الجماهير قبل أي شيء آخر فالفريق الذي دائما ما حمل أسلوبا هجومية رفقة السير أليكس فيرجسون يرى البعض أنه يتعرض لإخلال بذلك الإرث مع مورينيو.
أو بطريقة أكثر بساطة تلك القائمة من اللاعبين كانت لتلعب على الأقل بطريقة أكثر إمتاعا تحت قيادة مدرب كبيب جوارديولا (ماذا لو جوارديولا مدربا ليونايتد؟) ولكن ذلك ليس المعيار بالنسبة للبعض الذي يرى أن العبرة بتحقيق الأهداف في النهاية.
الشيء الأخطر الآن أن الحديث لم يعد يدور حول قدرة مورينيو على تحقيق أهدافه فهو في النهاية ومع اتباعه لتلك الفلسفة قادر على بلوغ ما يريده وإنما حول إن كان قرار تعيين مدرب بأفكار البرتغالي متناسب مع هوية نادي كيونايتد.
وهنا النقطة المفصلية حقا، هل سيستمر الأمر على ذلك المنوال كثيرا؟
سؤال آخر في لندن
على الجانب الآخر ربما يكون الوضع مع كونتي أقل سوءا من نظيره حتى وإن بدا غير ذلك، ففي نهاية الأمر ما مر به الإيطالي من تراجع نتائج وسقوط كاد أن يؤثر على مستقبله غير مرتبط بسؤال الهوية.
حقيقة خطورة سؤال مثل الهوية هو أنه حتى مع تحقيقك نتائج جيدة فلن يكون الشعور بالرضا من الجماهير كاملا ولن يتوقف الحديث، ولكن مع وضع مثل كونتي فإن عودة النتائج الجيدة سرعان ما ستُنسي الجميع غضبهم وسخطهم.
والدليل على ذلك ما تحقق أمام برشلونة فرغم التعادل بهدف لمثله على أرضك إلا أن الأداء الذي قدمه الفريق اللندني أمام العملاق الكتالوني نال احترام الجميع وأعاد الثقة التي اهتزت سلفا إلى الفريق مجددا وإلى الجماهير قبل أي شيء آخر.
طالع أيضا.. (أسلوب كونتي أمام برشلونة.. الاستفادة من الذهاب لتحقيق المنشود بالإياب).
ومع تمسك الإدارة بمدرب يوفنتوس الأسبق عند تراجع النتائج وهو قرار لا يعني ثقة فيه بقدر ما هي عقلانية في ظل أن الفريق يسير بشكل جيد في معظم البطولات ولم تظهر علامات التراجع المخيف بعد فإن ذلك يعطيه دافعا أكبر للاستمرار على نهج الطموح.
السؤال الذي يجب أن يوجه إلى كونتي هو إن كان استفاد حقا من كل تلك التجارب في الفترة الماضية، وإن كان ما حدث قد أعطاه مؤشرا أن بعض الأمور تحتاج إلى الصبر واللين أحيانا كما تحتاج إلى الشدة والصدام أحيانا أخرى.
دون الاستفادة من تجارب الماضي ربما لن تكون قادرا على التغيير ومع عدم قدرتك على التغيير فذلك سيعني أن ستبقى بنفس الدائرة طويلا.
لفهم أكبر.. (رحيل كونتي المنتظر.. تجارب مرت كراما وسيناريوهات متكررة)
ولا يبدو أن كونتي قد لاحظ ذلك بانتقاده العلني لإدارته حتى بعدما حظي بالثقة (طالع التفاصيل).
"يسجل فارس النور بيقين تام أن هناك لحظات تكرر نفسها.. غالبا ما يجد نفسه في مواجهة مشكلات ومواقف سبق له أن واجهها فيشعر لحظتها بالإحباط ويتصور نفسه عاجزا عن التقدم في الحياة مادامت نفس الصعوبات قد عادت من جديد".
"ويشتكي لقلبه: لقد مررت بكل ذلك من قبل، فيرد عليه قلبه: حقيقة أنت عشت كل ذلك من قبل لكن لم تتجاوزه أبدا".. دليل فارس النور للروائي البرتغالي باولو كويلو
في آخر تصريحات الحرب الكلامية بين المدربين قال مورينيو متحدثا عن صراعه مع كونتي: "في بعض الأحيان ما يحدث يكون خطأي والبعض الآخر خطأ المدربين الآخرين، وحينما أرى أنه خطأي أتعامل مع الأمر بطريقة مختلفة وأكون أول من يعتذر".
"مع رانييري كان ذلك ما حدث وحينها اعتذرت وتحولت علاقتنا من سيء إلى جيد ثم جيد جدا لأنني كنت رجلا بما يكفي كي اعتذر"
ولكن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يُطرح على كلا المدربين هو أيهما سيكون رجلا بما يكفي للإجابة على الأسئلة التي طُرحت أو على الأقل التفكير بها.
اقرأ أيضا
صلاح: أتمنى من الشعب المصري أن ينتهج نهجي.. احلموا وأمنوا بقدراتكم في النجاح
الكاف يخطر الزمالك بموعد لقاء الذهاب أمام ديتشا في الكونفدرالية
قرعة الدوري الأوروبي – مواجهة نارية للنني مع أرسنال أمام ميلان
ربيع ياسين لـ في الجول: سأجوب المحافظات بحثا عن مواهب لمنتخب الشباب.. ولن ينضم إلا من يستحق
حوار في الجول – عبد العال: كوبر محظوظ بمجموعتنا.. وأرشح هذا اللاعب لقيادة هجوم مصر
صاحب مقصية الاتحاد لـ في الجول: قصدت تنفيذها.. تمنيت تكرار هدف صلاح أمين
بالفيديو - صلاح: منافسة كين وأجويرو صعبة.. وهدفي سأكشف عنه نهاية الموسم