"لم نكن فريقا قبل جاتوزو" هكذا صرح القائد ليوناردو بونوتشي وهكذا يؤمن مشجعو الفريق الذي انقلب حاله مع إقالة فينشينزو مونتيلا وقدوم مدرب فريق الشباب جينارو جاتوزو من أجل إنقاذ الموقف.
بعد انطلاقة بطيئة للفريق مع المدرب الشاب، انتهى التوقف الشتوي ليعود ميلان أقوى من سابقه ونشاهد جميعا الأحمر والأسود يقدم مباريات مميزة ويعود منافسا بقوة على المراكز المؤهلة للبطولات الأوروبية الموسم المقبل حتى انتهى به المطاف بالمركز السادس متساويا مع سامبدوريا بنفس الرصيد من النقاط 41 نقطة.
قاد جاتوزو ميلان تدريبيا حتى الآن في 16 مباراة نجح في الفوز 9 مرات وتعادل في 4 مقابل 3 هزائم فقط جائت جميعها في الشهر الأول له كمدرب للفريق. استلم مهمته في الأيام الأخيرة من شهر نوفمبر من العام الماضي.
ماذا فعل جاتوزو لإعادة الهيبة لميلان؟
حلول بعيدة عن المستطيل الأخضر
عانى ميلان من ضعف اللياقة البدنية وعدم اهتمام المدرب السابق بذاك الجانب المهم في كرة القدم الحديثة وهو ما كلف الفريق كثيرا في بداية الموسم الحالي خاصة في المباريات التي احتاج فيها الفريق إلى الضغط في الدقائق الأخيرة من أجل تعديل النتيجة وهو ما كان يفشل فيه عن جدارة.
إضافة إلى ذلك فقد كان الفريق يعاني من الجانب النفسي بسبب التراجع المخيف في أدائه هذا الموسم رغم الصفقات المدوية والقوية التي أبرمها الصيف الماضي، التخبط الإداري والفني أضاع على الأسماء القديمة بالفريق الكثير من الفرص للتطور والاستقرار والأسماء القادمة جديدا عانت من مشاكل في الحصول على الثقة والدعم المنتظر فتراجع مستواها بشكل كبير.
عمل جاتوزو منذ اليوم الأول على حل تلك المشاكل، على الجانب البدني اهتم كثيرا برفع معدلات اللياقة للاعبيه رويدا رويدا والتوقف الشتوي ساعده من أجل حصد ثمار هذا التركيز سريعا فعاد لاعبو الفريق أكثر قوة ونشاطا من الفترة الماضية.
أما على الجانب النفسي فنجح جاتوزو في جمع لاعبي الفريق حوله وزرع بداخلهم الثقة المطلوبة والحماس للقتال من أجل المدرب والفريق.
بقية تصريحات بونوتشي حول جاتوزو تلخص العمل الذي قام به المدرب فقال:"لقد كانت أهداف جاتوزو واضحة معنا منذ اليوم الأول لقد أعطانا العقلية الراغبة في الفوز والانتماء للفريق بجانب تحسين اللياقة البدنية وهذا ما كان ينقصنا بالفعل قبل وصوله وهدفنا الآن الإستمرار في العمل كوحدة واحدة".
كما تحدث كارلو أنشيلوتي عن سر نجاح جاتوزو في ميلان حتى الآن في تصريحات لصحيفة لا جازيتا ديللو سبورت فقال:"السر أن تكون موضع ثقة للاعبيك. جاتوزو قائد واللاعبون مستعودن للموت من أجله، لقد أصبح روح الفريق".
حلول في الميدان
تخبط ميلان منذ بداية الموسم مع مونتيلا في طريقة 3-5-2 ومشتقاتها والتي أكدت فشلها في كل مرة ولكن المدرب الحالي لإشبيلية أصر عليها رغم ذلك حتى إقالته.
حاول جاتوزو ألا يتدخل بشكل فج في القوام الرئيسي للفريق منذ اليوم الأول وعمل على تغيير أسلوب لعب الفريق رويدا رويدا من تلك الطريقة التي اعتمدها في مبارياته الأولى وحتى قرر أن 4-3-3 هي الطريقة الرسمية للفريق.
ساعدت تلك الطريقة الفريق على استغلال إمكانات لاعبيه بالشكل المناسب، دفاعات الفريق التي كانت مهترئة وتستقبل هدفا على الأقل في كل مباراة أصبحت أكثر تماسكا ونجح الفريق في الحفاظ على شباكه نظيفة لثلاث مباريات متتالية للمرة الأولى ليس فقط هذا الموسم ولكن أيضا منذ سبتمبر 2016!
تحسن الفريق الدفاعي لم يأت مرة واحدة بل تطور مع مرور المباريات وزيادة الانسجام بين اللاعبين وهو ما ساعد على التنفيذ الجيد للخطة، في البداية كان لاعبو الفريق يعانون من الارتباك خاصة في الضغط العالي على لاعبي المنافس نظرا لغياب التجانس بينهم.
ثبت جاتوزو الثنائي أليسو رومانيولي وليوناردو بونوتشي في القلب وأمامهما لاعب الوسط الدفاعي لوكاس بيليا الذي تحسن مستواه بشكل كبير عن بداية الموسم وبدأ في استعادة مستواه المميز الذي قدمه مع لاتسيو وجعله هدفا لميلان الصيف الماضي، ريكاردو رودريجيز حجز مركزه كظير أيسر والجانب الأيمن كان ما بين إجنازيو أباتي والشاب كالابريا.
هجوميا، فقد قرر جاتوزو الاستفادة الكاملة من جميع إمكانات لاعبيه، هاكان تشان أوجلو وسوسو كانا جناحي الفريق والمدرب قرر أن يكونا أقرب لمنطقة الجزاء منهما لخط التماس للاستفادة من مهارتهما وتمريراتهما البينية وتسديداتهما القوية، باتريك كوتروني ثبت نفسه كمهاجم الفريق الأول خلال تلك الفترة وتواجده مقصور على منطقة الجزاء.
*لقطة من مباراة سامبدوريا، سوسو يقوم بإرسال عرضية أثناء دخول كل من مونتيليفو وبونافينتورا ومن خلفهم تشالن أوجلو إلى منطقة الجزاء لدعم كوتروني.
ظهيرا الفريق يتقدمان لفتح الملعب بشكل عرضي مع اقتراب الجناحين إلى الداخل وثنائي الوسط فرانك كيسي ومعه جيانكومو بونافينتورا فعليه الاندفاع إلى داخل منطقة الجزاء من أجل إعطاء الفريق زيادة هجومية وكثافة عديدة للاستفادة من العرضيات التي يعتمد عليها الفريق بشكل أساسي في صناعة فرص التهديف.
بداية بناء اللعب تكون دائما من الخلف بكل تأكيد وهنا يأتي استغلال ليوناردو بونوتشي في القيام بهذا الدور الذي يمتاز به اللاعب وبمساعدة من لوكاس بيليا الذي يعود ليقترب من قلبي الدفاع خلال تلك المرحلة لنقل الفريق من الحالة الدفاعية إلى الحالة الهجومية.
*لقطة من مباراة لاتسيو، بونوتشي يقوم ببناء اللعب وبيليا يقترب من ثنائي الدفاع مع تحرك كالابريا على اليمين وريكاردو رودريجيز "خارج إطار الصورة" على الأطراف، كما توضح الصورة إقتراب سوسو إلى داخل الملعب أقرب لصانع ألعاب وتبادل مراكز بين تشالن أوجلو وبونافينتورا في خط الوسط.
في تلك المباراة تبادل تشالن أوجلو وبونافينتورا المراكز فيما بينهما بسبب تكتل دفاعات لاتسيو وصعوبة اختراقها سوى بالكرات الطولية الأمامية فكانت أوامر جاتوزو أن يعود صانع الألعاب التركي إلى خط الوسط بدلا من بونافينتورا للاستفادة أكثر من قدراته على إرسال تلك التمريرات في لمحة فنية مميزة من المدرب الإيطالي الشاب.
أكدت الفترة القصيرة تلك حتى الآن للجميع أن جاتوزو لم يكن فقط مجرد مدرب يمتلك "جرينتا" كبيرة ولكنه خامة تدريبية واعدة قادمة بقوة لسماء الكرة الإيطالية والأوروبية تحتاج فقط إلى الاستقرار والفرصة الكاملة لإثبات جدارتها.