كتب : عادل كُريّم
16 سبتمبر 1953.. بكاء الطفل الصغير يعلو من إحدى المنازل في الحوامدية.. "ثابت" ، هكذا أطلق عليه والده.. ولم يكن يعرف أن إسمه سيكون له نصيب كبير من صفاته طيلة حياته وحتى يوم الرحيل..
إنه ثابت البطل..
حب الكرة ولد مع ثابت منذ البداية.. بدأ مشواره الكروي في نادي سكر الحوامدية، وكان يلعب في البداية كجناح أيسر.. وفي إحدى المباريات تعرض حارس المرمى للإصابة ليقف هو بدلاً منه.. يومها اكتشف مدربه موهبته في حراسة المرمى ليستمر ثابت في هذا المركز..
وهو في سن التاسعة عشرة ضمه كشاف النجوم عبده البقال إلى صفوف الأهلي ليبدأ معه مشواراً استمر حتى اللحظة الأخيرة في حياته.. وبدأ المشاركة رسمياً مع الفريق الأول في مارس 1975، وعبر 16 عاماً متتالية كان البطل هو حارس العرين الأهلاوي..
في موسم 1975-1976 حقق البطل رقماً قياسياً في مصر والقارة السمراء حين احتفظ على نظافة شباكه على مدار 1486 دقيقة متواصلة في مباريات الأهلي التي خاضها.. وكاد يكرر الرقم ذاته عام 1978 حين حافظ على نظافة شباكه على مدى 1325 دقيقة.. وحتى اليوم يبقى هذا الرقم هو الأكبر في تاريخ الكرة المصرية دون أن يقترب منه أي حارس آخر.
حقق ثابت البطل مع الأهلي 11 لقباً للدوري و7 ألقاب لكأس مصر، بالإضافة للقبين لدوري أبطال أفريقيا وثلاثة ألقاب لبطولة أفريقيا للأندية أبطال الكؤوس ولقباً للكأس الأفروآسيوية.. وحمل البطل شارة قيادة الأهلي عقب اعتزال محمود الخطيب عام 1987 ليصبح واحداً من العمالقة الذين نالوا شرف ارتداء هذه الشارة..
في موسم 1989-1990 وفي الوقت الذي ظن فيه الكثيرون أن البطل على مشارف الاعتزال، تعرض الحارس الأساسي وقتها أحمد شوبير للإصابة في فترة حرجة من الموسم ليحل ثابت محله في حراسة مرمى الفريق وسط مخاوف كبيرة من الجماهير ألا يتمكن الأسد العجوز من استعادة لياقته.. لكن البطل تألق بشكل استثنائي فيما تبقى من مباريات الموسم، وخاصة في مباراتي القمة أمام الزمالك في غضون شهر واحد ليحافظ فيهما على نظافة شباكه (انتهت الأولى بالتعادل السلبي وفاز الأهلي بالثانية بهدف وحيد).. ليقود ثابت الأهلي للفوز بلقب الدوري، ومن بعده حصد الثنائية بلقب كأس مصر في الموسم نفسه..
البطل بدأ مشواره الدولي مع منتخب مصر قبل أن يخوض أي مباراة رسمية مع الأهلي، وظل حارساً للمنتخب منذ 1974 وحتى عام 1990، وشارك مع المنتخب في نهائيات دورة لوس أنجلوس الأوليمبية 1984 وحقق معه لقب كأس الأمم الأفريقية 1986 حيث شارك في كل المباريات ولم تهتز شباكه سوى بهدف وحيد، كما تصدى لركلة ترجيح في النهائي أمام الكاميرون.. كما حصد البطل مع المنتخب ذهبية دورة الألعاب الأفريقية 1987.. وكان موجوداً ضمن قائمة مصر في مونديال إيطاليا 1990.
بعد الاعتزال سلك البطل مجال الإدارة في قطاع الناشئين، ثم عين مديراً للكرة بالفريق الأول عام 1995 ليعيش مع الأهلي رحلة نجاح إدارية استمرت خمس سنوات حقق فيها الفريق ألقاباً متعددة محلياً في الدوري والكأس، وعربياً في بطولات أبطال الدوري والكأس والنخبة العربية.. وعلى مدى خمس سنوات حصد الأهلي كل الألقاب المتاحة مع البطل الذي انتقل للعمل في ليبيا عام 2000..
وفي يوليو 2003 وبعد أن طلب منه الأهلي العودة لمنصبه كمدير للكرة عاد البطل مرة أخرى بالرغم من تمسك مسئولي نادي الاتحاد الليبي به وقتها ورفعهم لراتبه إلى الضعف، لكنها لم يتأخر عن تلبية نداء بيته.. ليبدأ عملية تصحيح المسار وبناء الجيل الذهبي للأهلي في بداية الألفية الثالثة..
في عام 2004 اكتشف البطل أنه مصاب بالسرطان.. وسافر لإجراء أكثر من عملية جراحية في فرسنا.. ومع عودته وبالرغم من أن السرطان تمكن منه تماماً إلا أن البطل لم يتوقف عن أداء عمله يوماً واحداً..
ويوم 12 فبراير 2005 وبالرغم من أن المرض كان قد دخل مراحله الأخيرة إلا أن البطل أصر على التواجد مع فريقه بملعب الكلية الحربية في مباراة القمة أمام الزمالك والتي كانت بمثابة احتفالية الفوز باللقب قبل نهاية الموسم بسبع جولات.. وبعد أقل من 48 ساعة على المباراة التي انتهت بفوز الأهلي بثلاثية رحل ثابت البطل عن عالمنا بعد أن أفنى حياتها كلها في خدمة النادي الأهلي..