كتب : لؤي هشام
تمر الأعوام وتتعدد التجارب ومع كل تجربة يتعرض لها البعض إما أن يستفيد ويتعلم منها أو تمر عليه مرور الكرام دون أي استفادة حقيقية، ربما ذلك لا يخص الموضوع ولكنه مهم لفهم تراكيب بعض الشخصيات.
دعونا نعود إلى قصتنا.. مستقبل المدرب الإيطالي أنطونيو كونتي مع تشيلسي في خطر والسبب تراجع النتائج، ولكنه السبب الذي يتصدر المشهد الآن وليس الصورة الحقيقية التي تحمل عدة أسباب خلفا منها.
هزيمتين متتاليتيين أمام كلا من بورنموث وواتفورد أدت إلى استقبال الفريق 7 أهداف، وخلال تلك المواجهتين ظهر تشيلسي بوجه مغاير عما قدمه الفريق الذي حقق لقب الدوري الإنجليزي الموسم الماضي.
الأمر هنا لا يتعلق بمشاكل فنية فقط وإنما بشخصية فريق متماسك أصبحت مهلهلة وحماس مدرب بدا وأنه في طريقه للانطفاء، واستسلام لم يكن معهودا من قبل.
ولكن الصورة الحقيقية تتطلب العودة بالزمن للوراء عدة خطوات من أجل محاولة فهم ما يحدث داخل الكواليس أو خارجها. والأكيد أن علاقة الإيطالي بإدارة ناديه لم تكن يوما على خير حال.
في موسم كونتي الأول مع الزرق بدا وكأن كل شيء على ما يرام، علاقة جيدة مع المالك رومان أبراموفيتش دعمها تحقيق لقب الدوري الإنجليزي بأول مواسمه ولكن الأوضاع بدأت في التقلب مع الموسم الجاري.
أقال النادي مايكل إيمينالو المدير الرياضي والمسؤول الأول عن تواصل أنطونيو مع الإدارة، سبق ذلك سوق تعاقدات صيفية لم يكن كونتي راضيا عنه في ظل رغبته بالمنافسة أوروبيا مع عودة المشاركة بدوري الأبطال، وقبلها كان الصدام مع دييجو كوستا.
هنا بدأت الأزمات في التوالي، ظهور كونتي العلني وانتقاده لسياسة تعاقدات ناديه والموافقة على رحيل نيمانيا ماتيتش أثار الشكوك مبكرا حول مستقبل مدرب صدامي مثل كونتي مع إدارة لم يعرف عنها التمسك بمدربيها يوما.
لفهم أكبر.. ("سأتفاجئ إن استمر كونتي في منصبه بعد 12 شهرا")
وقبل كل ذلك كانت طريقة تعامل مدرب يوفنتوس الأسبق مع كوستا هي فتيل إشعال الأزمة مع الإدارة، الإيطالي أرسل رسالة نصية إلى مهاجمه أخبره فيها بأنه ليس ضمن حساباته في الموسم الجديد والعلاقة بينهما وصلت إلى طريق مسدود.
الإيطالي لم يرجع في قرار مثل هذا إلى إدارة ناديه المعروفة بطريقة إدارتها البيروقراطية، وأهمية الرجوع إلى المسؤولين، فنادي مثل تشيلسي لا يمنح مدربيه سلطات كبيرة، وهو ما كان سببا في إحباط كونتي بالكثير من الأحيان.
إضافة إلى ذلك فالإدارة رأت أنه لم يتمتع بالحكمة في موقف كهذا لأن الأندية قررت رفع أسعار مهاجميها بعدما ظهر الخلاف بين اللاعب ومدربه.
والوضع لم يبدو وأنه سيصبح أفضل حالا مع سوق انتقالات لم يرض طموح الإيطالي وتصريحاته المتتالية أمام الجميع عن عدم رضاه. صورة أعادت للأذهان ما حدث مع يوفنتوس.
بعد تحقيق لقب الدوري الإيطالي للمرة الثالثة على التوالي قبل نهايته بثلاث جولات، تحدث الجميع في إيطاليا عن رغبة كونتي في الرحيل وتصميمه على ذلك، وهو ما تحقق لاحقا.
جميع التقارير الإيطالية أكدت في ذلك التوقيت أن السبب يرجع إلى عدم رضا أنطونيو عن سياسة تعاقدات السيدة العجوز.
عدم التعاقد مع خوان كوادرادو من فيورنتينا في ذلك التوقيت بجانب عدم ممانعة رحيل أرتورو فيدال وبول بوجبا حال وصول عروض مالية جيدة كلها أسباب دفعت لاعب الفريق السابق للرحيل.
لم يشعر كونتي أن إدارة البيانكونيري تسير معه على نفس النهج الطامح للمنافسة الأوروبية، وهنا لم يتخذ وقتا طويلا من أجل حسم قراره. الرحيل ولا غيره.
لفهم أكبر.. (كونتي في الميزان أوروبيا.. تجربة يوفنتوس والبحث عن صورة أوضح في تشيلسي).
وهنا يظهر أن كونتي ليس ذلك الشخص الذي يتمتع بمرونة كافية للتعامل مع مثل تلك المواقف.
لا يُقصد من ذلك أن يستمر مع إدارة لا تتناسب مع طموحاته وأفكاره ولكن المقصود أنه ليس من نوعية المدربين التي تجيد التعامل مع كافة المواقف والأزمات بأريحية كبيرة.. ككارلو أنشيلوتي مثلا.
وانتقاداته وتصريحاته العلنية للصحافة أظهرت افتقاده للخبرة الكافية للتعامل مع مثل تلك المواقف بطريقة أكثر هدوءا.
لم تتوقف شطحات كونتي عند هذا الحد، فتراجع مستوى دافيد لويز أجبر مدربه على استبعاده ليس ذلك فقط بل والحديث عن إمكانية رحيله كذلك.
"لا أدري إن كان لويز مستمرا معنا أم لا. عليه العمل بقوة وإلا سيكون بديلا أو في المدرجات" الغضب يجتاح إدارة النادي أكثر، وعلنية كونتي في اتخاذ المواقف لا تعجبهم.
تخيل معي.. بعد كل تلك العوامل والمواقف المتأزمة يأتي سوق الانتقالات الشتوية وياللعجب أنطونيو يظهر شبه يوميا ليقول للجميع إن قرارات الصفقات والتعاقدات ليست بين يديه ☺️
"لا أتوقع الكثير من طلباتي خاصة أنه في تاريخي نادرا ما حظيت باللاعبين الذين أريدهم.. لطالما انتهى بي الحال في أندية تتبع سياسة تقشف.. نضع الكثير من الأهداف ولكن يجب أن نكون قادرين على الوصول إليها.. أنا أعطي أرائي للنادي والقرار يكون للإدارة، إن أراد النادي مساعدتنا فسنكون سعداء.. تأثيري قليل فيما يتعلق بقرارات الصفقات".
كانت تلك جزءا من تصريحات المدرب الإيطالي، والتقارير تسربت واحدة تلو الأخرى أن الإدارة محبطة من كونتي. وبعدها بأيام بدا وكأن المدرب يضع إدارة ناديه تحت الضغط.
"أريد من تشيلسي إصدار بيانٍ رسمي من أجل دعمي ضد هذه الشائعات، أريد بيانا لوسائل الإعلام يؤكد أن إدارة النادي تثق بي وبعملي.. أقدم كل شيء لهذا النادي وأعتقد أننا نبذل أقصى مجهود لدينا، أنا مستعد للحديث إذا ما أراد تشيلسي تمديد عقدي".
كان ذلك بعد الهزيمة من بورنموث، وقبل السقوط أمام واتفورد طالعنا كونتي مجددا بالحديث عن حاجة فريقه لصفقات كبيرة بالصيف وبناء قاعدة جديدة (طالع التفاصيل).
الوضع هنا ليس حديثا عن أن كونتي هو المخطئ الوحيد، بالتأكيد تتعدد الأطراف وعدم تلبية النادي لطلباته أمر غير مقبول في ظل رغبة المنافسة.
ولكن زاوية التناول هي المقصودة وطريقة تعامله مع الموقف تلو الآخر تؤكد أنه لم يتحل بالهدوء على الإطلاق سواء مع لاعبيه أو مع مسؤولي النادي.
"لست قلقا بشأن إقالتي من تدريب تشيلسي، أستطيع الآن النوم في هدوء دون أي مشاكل وغدا قد أكون كنت مستمرا في تدريب الفريق أو لا" هكذا قال كونتي بعد السقوط أمام واتفورد.
وإن كان المدرب الإيطالي لا يشعر بالقلق من رحيله فإنه يتوجب عليه الشعور بالقلق من طريقة تعامله مع الأزمات، والتي قد تكلفه كثيرا مستقبلا.
اقرأ أيضا
عبد الغني: من قال إن كوبر لديه عروض؟
إبراهيم حسن: كوفي تعرض للضرب في منزل مرتضى
كم هدفا يحتاجه صلاح ليكون أفضل هداف إفريقي في موسم واحد بإنجلترا
وليد صلاح الدين: الأهلي احتاج لضم رامي صبري
لاعب أوروجواي: مصر وروسيا والسعودية في متناول أيدينا