البداية كانت من خلافات حادة بين المدير الفني أنطونيو كونتي ومهاجمه السابق دييجو كوستا، والذي كان واحدا من العوامل الأساسية لتتويج تشيلسي بالدوري في الموسم الماضي.
خرج المهاجم الإسباني من حسابات المدير الفني، وانتهى الأمر بعودته لناديه القديم أتليتكو مدريد، ليضع الرجل الإيطالي رهانه على إسباني آخر ولكن بمقومات مختلفة.
المهاجم الشاب ألفارو موراتا والمنتشي بثنائية الليجا ودوري الأبطال مع ريال مدريد في الموسم الماضي، ويعتقد الكثيرون أنه بحاجة لمساحة أكبر للعب أساسيا من أجل المزيد من الإنفجار.
بداية موسم رائعة من موراتا في ستامفورد بريدج حيث وصل إلى 10 أهداف في الدوري، وكانت المعدلات التهديفية والمستوى مبهرين لجماهير النادي لدرجة جعلت البعض يعتقد أنهم قد ينسون كوستا.
ما حدث من ديسمبر الماضي وحتى الآن كان بمثابة انهيار رهيب في العلاقة بين موراتا وجماهير البلوز.
منذ ديسمبر الماضي وحتى الوقت الحالي، لم ينجح موراتا في التسجيل بمختلف البطولات سوى في 3 مناسبات فقط.
يحدث ذلك تزامنا مع تضاؤل فرص الفريق في الحفاظ على اللقب الدوري بشدة، وخروج مؤخرا من منافسات كأس رابطة المحترفين أمام الغريم أرسنال، وكذلك سلسلة من المباريات التي يهدر فيها المهاجم الإسباني العديد من الفرص الغاية في السهولة، والتي جعلت الكثيرين يتساءلون.. أين ذلك اللاعب الذي بدأ الموسم مع الفريق؟
صبر كونتي كثيرا على مهاجمه، ولكنه خرج عن صمته في تلك المباراة التي انتهت بالتعادل 2-2 في الدوري مع أرسنال، وأهدر خلالها موراتا عدة فرص محققة، حيث هاجم الإيطالي مهاجمه وقال أنه عليه المزيد من العمل والتطور وأن ضياع مثل تلك الفرص أمر لا يمكن قبوله.
على دكة البدلاء، يتواجد البلجيكي اليافع ميشي باتشواي، والذي يبلي حسنا في بعض الأحيان ولا يمكن الرهان عليه كخيار أساسي طوال الوقت.
من هنا بدأ التفكير في حل هجومي بديل يحفز الثنائي المتواجد من أجل المزيد من العمل والتطور والتنافسية.
الأنباء الأولية كانت في غاية الغرابة. بدأ الحديث عن استقطاب بيتر كراوتش من ستوك سيتي أو آندي كارول من وست هام!
ولكن بعد مرور أيام، بدأ الحديث عن استقطاب إيدين دجيكو من صفوف روما الإيطالي.
خيار بدا مقبولا بشكل أكبر في أوساط الجماهير والمتابعين، وإن كانت تشير لتغير في سياسة تعاقدات النادي الذي يستهدف على الدوام لاعبين شباب في المواسم الأخيرة، ولكن يبدو وكأنه للضرورة أحكام.
دجيكو، الذي سبق وأن لعب وتألق في الدوري الإنجليزي الممتاز رفقة مانشستر سيتي وفاز معهم باللقب كذلك، يتألق في الموسمين الأخيرين في إيطاليا رفقة نادي روما.
الموسم الأخير كان الأكثر تميزا له، حين توج هدافا للمسابقة برصيد 29 هدفا في 37 مباراة لعبها مع فريق العاصمة الإيطالية الذي حل وصيفا ليوفنتوس في نهاية الموسم.
يستمر دجيكو في تألقه نسبيا هذا الموسم.
لم يسجل سوى 10 أهداف في 21 مباراة شارك بها بالدوري هذا الموسم، وهو ليس بالرقم السئ مقارنة بالآخرين في المنافسة على صدارة هدافي المسابقة، ومقارنة كذلك بتقدمه في العمر.
ولكن المهاجم البوسني تسبب في الكثير من المتاعب لتشيلسي في مواجهتين جمعتا الناديين في مجموعات دوري الأبطال هذا الموسم.
سجل دجيكو في مناسبتين ذهابا في "ستامفورد بريدج" في مباراة انتهت بالتعادل الإيجابي 3-3، وكان هناك هدف بتوقيعه إيابا في الـ "أولمبيكو" في مباراة اكتسح فيها روما ضيوفه الإنجليز بثلاثية نظيفة، وانتزعوا منهم صدارة المجموعة في نهاية الأمر.
على جانب آخر، ظهرت أنباء في الساعات الأخيرة عن رغبة تشيلسي في استعارة المهاجم الفرنسي أوليفييه جيرو من صفوف الغريم التقليدي أرسنال، وهو الطلب الذي قوبل بالرفض من أرسين فينجر حسب التقارير المتداولة.
رفض لا يعني بقاء جيرو في ملعب "الإمارات" حتى نهاية الموسم، حيث تشير تقارير أخرى إلى اقتراب اللاعب من الانضمام لبوروسيا دورتموند على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم في انتقال قد يكون جزء من صفقة انتقال الجابوني بيير إمريك أوباميانج إلى الدوري الإنجليزي الممتاز.
بعيدا عن إتمام تلك الصفقات المحتملة لصالح تشيلسي من عدمها، نركز هنا على النقاط الفنية التي قد يضيفها الخياران الأكثر بروزا لهجوم تشيلسي في ظل ترنح مستويات موراتا.
المهاجم الإسباني لعب 21 من أصل 24 مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز مع تشيلسي، أحرز خلالهم 10 أهداف كما صنع 4 أخرى، وأتمم نسبة 72% من التمريرات بشكل سليم، وساهم دفاعيا بـ6 استخلاصات ناجحة للكرة من المنافسين، و6 اعتراضات لتمريراتهم، كما أجاد في التعامل بالكرة بشكل فردي من خلال اتمام 26 مراوغة سليمة.
جذب موراتا الانتباه في بداية الموسم بتحركاته الدائمة في كل مكان في الشق الهجومي، وبتحركاته الخاطفة من خلف الخطوط الدفاعية، وبقوته الهائلة في الضربات الرأسية التي تبدو رأس ماله تهديفيا، حيث أحرز 6 أهداف من أصل 10 بهذه الكيفية.
أمور لا يزال موراتا يحتفظ بها بدرجة كبيرة، ولكنه يفتقد للميزة الأهم للمهاجم خاصة عندما يلعب مع نادي بحجم تشيلسي في مثل تلك المستويات الكبرى.. الحسم أمام المرمى.
ميزة يكتسبها البوسني دجيكو بقوة، في حين أنه لا يتحرك بشكل مستمر عرضيا بموازاة منطقة جزاء الخصم مثلما يفعل الإسباني، ولكنه يسبب المتاعب بتحركاته داخل صندوق دفاع المنافسين، ويحصل على الوضعية المناسبة للتسجيل، ويستطيع فعل ذلك من أصعب الزوايا ومن أنصاف الفرص.
دجيكو يتفوق على موراتا في الالتحامات الرأسية، وهو الامر الذي يحتاجه كونتي في طريقته، حيث فاز في 58 التحاما هوائيا، بينما يبدو موراتا أضعف في تلك النقطة حيث نجح في 37 التحاما هوائيا فقط.
تماما مثل موراتا، أحرز دجيكو 10 أهداف ولكن في عدد أقل من الجولات التي انقضت من الدوري الإيطالي، ولكن لا يمكن الإنكار على كل الأحوال أن المعدل التهديفي قد انخفض عن الموسم الماضي.
صنع دجيكو هذا الموسم 3 أهداف لزملائه، ولكنه خلق 34 فرصة أخرى محققة للتسجيل لم يتم استغلالها بالشكل الأمثل.
يدخل جيرو طرفا في المعادلة هنا، في ظل قلة مشاركاته هذا الموسم مع أرسنال.
لم يشارك المهاجم الفرنسي سوى في 15 مباراة هذا الموسم ما بين أساسي واحتياطي في ظل استحواذ ألكساندر لاكازيت على موقع المهاجم الأساسي للمدفعجية، وبالتالي لم يسجل جيرو سوى 4 أهداف هذا الموسم.
بالتأكيد لم يفقد جيرو لمسته وبصماته، ففي ظل مشاركاته المحدودة هذا الموسم خلق 7 فرص محققة لزملائه للتسجيل كما أتمم نسبة 69% من التمريرات بشكل دقيق.
جيرو يريد فرصة مناسبة للعب دقائق أكبر قبل حلول المونديال في روسيا في الصيف القادم، لذا فإنه يبحث عن أي فرصة في السوق الشتوية للظهور بشكل أكبر حتى نهاية الموسم على الأقل.
قد يناسب المهاجم الفرنسي أسلوب لعب كونتي. المهاجم المحطة داخل صندوق المنافس، والذي يجيد استلام الكرة وتسليمها للقادمين من الخلف أو على الأطراف.
يتميز جيرو بصناعة الأهداف أيضا بلمسات قد لا تتوقعها منه.
خيار جيد ولكن لا يبدو الأمثل في الواقع إن أراد تشيلسي المنافسة بشكل أقوى على التقدم في دوري أبطال أوروبا، لا سيما وأن الفريق سيواجه اختبارا صعبا أمام برشلونة.
ما بين الخيارات التي يستهدفها تشيلسي في السوق الشتوي الآن، تظهر عدة تساؤلات.
هل المهاجم القادم سيكون خيارا أساسيا على حساب موراتا؟
إن كان كذلك، فلا يمكن اعتبار جيرو هو الحل الأمثل بينما يمكن أن يكون دجيكو كذلك لنهاية الموسم على الأقل.
هل المهاجم القادم سيكون بديلا لموراتا والهدف هو خلف المزيد من التنافس وإيصال رسالة للمهاجم الإسباني بأن موقعه كأساسي ليس في مأمن؟
في تلك الحالة، يمكن توجيه تلك الرسالة بأي من الخيارات المرشحة، حتى وإن كان كراوتش أو كارول.
هل يكون الاسم الوافد جديدا مساهما في تغيير طريقة اللعب واللعب بثنائي هجومي صريح، وهي الطريقة التي أراد كونتي اتباعها في عدة مباريات هذا الموسم باللعب بأزار كمهاجم ثان متأخر؟
قد يبدو خيارا متاحا ويعطي إدين أزار مساحة أكبر في اللعب في العمق كصانع ألعاب صريح، ويمكن ملاحظة كيف أبدع البلجيكي في هذه المنطقة في المباراة الأخيرة للفريق في الدوري أمام هادرسفيلد تاون.
وفي النهاية لا يمكن لوم كونتي في السوق الشتوية الحالية في ظل ضيق الخيارات المتاحة للتدعيم في ذلك المركز، ولكن يمكن بكل تأكيد لومه منذ بداية الموسم على الوضعية الحالية على تفريطه في مهاجم بحجم وإمكانيات دييجو كوستا.