دائما ما نسمع هذه المقوله "لا تكن مثل الدبة التي قتلت صاحبها" ولكن هل حاولت معرفة القصة وراء هذه المقولة أم فقط فهمت المقصود منها ولم تهتم بتفاصيلها؟
لمن لم يهتم بمعرفة تفاصيلها من قبل فهي قصة من التراث. يُحكى أن رجلا وجد في الغابة دبة تبكي جائعة ليس لها من يرعاها فأخذها بيته واعتنى بها وأحبها وأحبته، كبرت الدبة وكبر معها حبها للرجل الذي رعاها وأكرمها، وفي يوم من الأيام نام الرجل وجلست الدبة تحرسه وتنظر له بحب، فإذا بذبابة تحوم حوله فاغتاظت منها الدبة وقررت أن تقتلها حتى لا تعكر صفو سيدها ومربيها، فحملت حجر كبير لتلقي به على الذبابة، فطارت الذبابة وأفلتت من الحجر لكنه وقع على رأس الرجل فقتلته.
ويبدو أن مهما مر الزمن على هذه القصة فإنها مازلت صالحة لتطبيقها على أحداث كثيرة حولنا، وعلى سبيل المثال قد نجح زيدان ومدريد إثبات مرة أخرى بإنها صالحه لكل الأزمان.
زيدان وصل مدريد في فبراير 2016 ليجد فريق مشتت يبتعد عن الصدارة في الدوري وقد خرج من الكأس بسبب خطأ إداري وغرفة ملابس قد يصلح عليها لفظ مفككة بسبب سوء اختيار المدرب الذي سبقه.
وصل زيدان بدون خبرة كبيرة كمدرب ولكنه كان يحمل اسمه وتاريخه الكروي ليسعفه ولينجح في أن يروض غرفة ريال مدريد بكل ما تحمله من نجوم ولينجح في ما لا يتوقعه أحد ليصل بهذا الفريق لنهائي دوري أبطال أوروبا مرتين متتاليين ويفوز بالدوري ويصبح في رصيده 8 ألقاب كمدرب خلال عامين فقط مع ريال مدريد.
ولكن على غير المتوقع أيضا وخلال نصف موسم في عامه الثالث وعلى الرغم من البداية القوية في السوبر الإسباني أمام برشلونة، فإن زيدان بعد أن تقمص دور صاحب الدبة في بداية القصة قرر هو أن يقتل الدبة !
أخطاء زيدان "خارج الملعب" في عامة الثالث جعلته يخرج من الكأس وابتعد تقريبا كليا عن سباق الدوري وأصبح موسمه يعتمد على مباراتي دور الـ16 بدوري أبطال أوروبا أمام أحد أقوى الفرق في أوروبا هذا الموسم.
فعلى الرغم من أن دعمه لغرفة الملابس قد يكون سبب أساسي في نجاحه في أول عامين إلا أن "الحب غير المشروط" للاعبيه جعله ضحية "لمزاج" اللاعبين، فأصبح يمتلك قائمة من اللاعبين التي ضمنت مركزها بشكل أساسي في الفريق وذلك بعد رحيل منافسيهم الأساسيين على المراكز ليفقد ريال مدريد أهم ميزة له خلال عامين وهي دكة البدلاء القويه التي جعلته ينافس في الدوري ودوري الأبطال بفريقين على نفس المستوى الفني.
موراتا أراد الرحيل" – زيدان
دائما ما نسمع بأن للحقيقة وجهين وطلب موراتا الرحيل قد يكون وجه واحد للحقيقة قرر زيدان تصديقه، فطلب رحيل موراتا ما هو إلا نصف الحقيقة والنصف الآخر هو أن طلبه الرحيل كونه أصبح بديلا دائما لمهاجم كان يضمن مركزه حتى إذا قدم مستويات أضعف من موراتا كأنه يملك "حصانة دبلوماسية" داخل الملعب، وليكن الخطأ مضاعف تم التخلي عن ماريانو الهداف الخامس الحالي للدوري الفرنسي وبفارق هدفين فقط عن نيمار واستبداله بمايورال مهاجم لم ينجح في أن يحرز هدفين فقط خلال 22 مباراة شارك بها مع فولفسبورج العام الماضي خلال إعارته.
دفاع مع إيقاف التنفيذ
قد يكون التخلي عن بيبي مع بلوغه العمر الـ34 في دوري سريع مثل الدوري الإسباني أمر مبرر وذلك على الرغم من قدرات بيبي البدنية، ولكن رحيل بيبي وعدم وجود تدعيمات لخط الدفاع الأساسي لمدريد مع إيقافات سيرخيو راموس وتكرار إصابات رافائيل فاران وفاييخو جعل مدريد يملك خط دفاع مع إيقاف التنفيذ.
ذلك بجانب عدم وجود بديل لداني كاربخال الذي ارتفع معدل إيقافاته هو الآخر والاعتماد على مارسيلو مهما كان سوء حالته الدفاعية وأصبح ريال مدريد مطالب باستنساخ ناتشو فيرنانديز ليعوض هولاء اللاعبين في ظل غيابهم.
"ليست لدي مشكله مع كيبا فقط لا أريد بصفقات جديدة وعلي حماية لاعبيني" – زيدان
في موسمه الأول كان يعاني ريال مدريد من إيقاف الفيفا وحرمانه من سوق الانتقالات ولكن يبدو بأن ذلك كان يعني فقط بأن ريال مدريد سيحافظ على قائمته لأن بمجرد انتهاء الإيقاف رحل لاعبين كثر عن قائمة الفريق دون تعويضهم في سياسة غير معهودة على النادي الملكي تحت قيادة فلورنتينو بيريز الملتزم بالصمت حتى الآن.
فقرر النادي عدم التعاقد مع كيليان مبابي وعدم التعاقد مع أي مهاجم ولم نحصل على مدافع أيمن بديلا لدانيلو ولم يسع النادي أو زيدان للحصول على حارس آخر بل وقرر عدم التعاقد مع كيبا الحارس الإسباني الشاب مقابل 20 مليون يورو فقط والمتوقع ان يكون بديل ديفيد دي خيا فيما بعد كحارس للمنتخب الإسباني.
"النتائج لن تجعلني أغير من طريقة تفكيري وعلينا الاستمرار بالعمل" – زيدان
نجاح زيدان في تحقيق ثنائية الشامبيونز ليج عادت بشكل كبير لأسلوب التدوير الذي اتبعه مع قائمة الفريق "الكاملة" في أول عامبن مع ريال مدريد، فأصبح لاعب مثل ماركوس أسينسيو سببا في فوز ريال مدريد بالسوبر الأوروبي وأصبح رونالدو يتقبل دوره كبديل في مباريات كثيرة ولكن مرة أخرى قناعات زيدان خارج الملعب أوقعته في فخ "المبادئ".
فزيدان اتخذ التدوير كمبدأ له وأصبحت عملية تدوير اللاعبين تبدو كغاية وليست وسيلة والأمر كان واضحا بشكل كبير في مباراة الفريق الأخيرة أمام ليجانيس حيث قرر الفرنسي إراحة اللاعبين الأساسين والمشاركة بالصف الثاني "الأضعف" أمام ليجانيس وذلك على الرغم من معاناتهم سابقا في تحقيق الفوز أمام فرق الدرجة التانية والثالثة بالكأس، إراحة رونالدو قد تكون بسبب إصابته ولكن عجز الجمهور والمحللين إيجاد سبب لإراحة جاريث بيل وكيلور نافاس وتوني كروس وكاسيميرو ولوكا مودريتش وكاربخال الذين شاركوا كبدلاء وذلك في ظل ابتعاد الفريق بشكل كامل عن المنافسه على الليجا.
صفقات بدون دعم
داني سيبايوس وثيو هيرنانديز كانا الصفقتين الوحيدتين التين قرر ريال مدريد القيام بهما الصيف الماضي، ولكن على عكس الموسم الماضي لم تجد تلك الصفقات أي دعم من زيدان في الملعب، فأصبح سيبايوس يظهر في المباريات الضعيفة ويخرج من قائمة الفريق في الدوري حتى في ظل سوء حالة الفريق.
وثيو أصبحت مشاركاته مرتبطة بإيقاف مارسيلو أو مباريات الكأس، فقد الثنائي أي استمرارية في الملعب لتبدأ الشكوك والأحاديث حول قدرتهما الفنية على الرغم من تألقهما بشكل واضح خلال الموسم الماضي في الليجا.
النقد الذاتي اختفى في مدريد هذا الموسم وأصبح الحديث عن الحظ السيء وعدم رغبة الكرة في الدخول هما الملامان على سوء حالة الفريق الهجومية والدفاعية، فعلى الرغم من الخروج من الكأس يبدو كارثي ولكن عدم اقتناع زيدان وإدارته بأخطائهم الصيفية خارج الملعب ستكون كارثية بشكل أكبر إذا لم يقم النادي بإعادة ترتيب أولوياته وإعادة ترتيب الفريق من الآن وحتى الصيف المقبل.