"آريين، يان فان دايك اتصل بنا ليخبرك أنه ضمك لقائمة الفريق الأول المسافرة لخوض مباراة الجولة المقبلة في الدوري نهاية الأسبوع" تلك الجملة التي قالتها ماريو روبين لابنها كانت سببا في تغيير حياة الطفل الذي لطالما فضل الدراسة على كرة القدم.

المقولة التي لطالما حلم بها هذا الفتى الصغير في ذلك التوقيت، جعلتنا نحتفل بيوم 23 من يناير من كل عام بمولد آريين روبن بسبب النجاحات التي حققها الجناح الهولندي ولاعب بايرن ميونيخ الألماني.

لأن كرة القدم أهم

لم يكن يهتم روبن بالتعليم بقدر اهتمامه بكرة القدم لذا قرر هانز روبن مع زوجته ماريو أن ينضم آريين إلى أكاديمية لتعليم فنون كرة القدم وربما يأتي اهتمامه باللعبة لعمل والده وكيلا للاعبين.

في أكاديمية فريق بيدوم، أحد مدن مقاطعة جرونينجين الهولندية، بدأ روبن ممارسة اللعبة وهو بعمر 5 سنوات.

وحين كان يذهب الأطفال للمدرسة للدراسة، كان يذهب آريين للأكاديمية لممارسة اللعبة، ولهذا كان أصغر من يكمل "دورة كورفر" المختصة بتعليم أساسيات اللعبة ومهارات أساطيرها مثل بيليه، دييجو مارادونا وبوشكاش، والتي اخترعها المدرب الهولندي ويل كورفر.

لفت روبن الأنظار إليه نظرا لموهبته لذا ضمه فريق المقاطعة، جرونينجين، وهو بعمر 8 سنوات من بيدوم عام 1996.

تدرج روبن في فرق الناشئين، وهو في عامه الـ16 حدث ما غير حياته كما يقول.

في أحد حصص مدرسته الثانوية كان يجلس روبن حين وجد والدته تتصل به لكن لا يستطيع الرد بسبب الدراسة، ثم تعود وتتصل به وتتصل وتتصل مما يجعله يقلق ويشك بأن أمرا ما ليس على ما يرام حدث.

تنتهي الحصة، يتصل روبن بوالدته ليجدها تقول له:" آريين، يان فان دايك اتصل بنا ليخبرك أنه ضمك لقائمة الفريق الأول المسافرة لخوض مباراة الجولة المقبلة في الدوري نهاية الأسبوع".

ضم يان فان دايك مدرب جرونينجين روبن إلى قائمة الفريق المسافرة لمواجهة فريق فالفيك في الجولة 15 للدوري الهولندي موسم 2000-2001.

يوضح روبن أن فان دايك قال له قبل المشاركة: "ألعب كما تلعب دائما وكل الأمور ستكون جيدة".

شارك روبن بديلا في الدقيقة 77 لكنه المراهق الصغير لم يفلح في تحسين موقف فريقه وانتهت مباراته الأولى بالتعادل السلبي.

تألق روبن مع جرونينجين وشارك في 52 سجل بها 12 هدفا وصنع 5 لينتقل إلى أيندهوفين صيف 2002.

مع أيندهوفين، قاد روبن الفريق للفوز بلقب الدوري الهولندي موسم 2002-2003.

إثبات الذات مع مورينيو

التوهج رفقة أيندهوفين كان سببا في انتقاله إلى تشيلسي وهو في عامه الـ20.

كان على روبن أن يثبت قدراته إلى مدربه جوزيه مورينيو لأنه يتوقع منه الكثير، لكنه أصيب بكسر في القدم في فترة الإعداد ليغيب عن الملاعب لمدة شهرين وتتأخر انطلاقته مع تشيلسي.

لكن الإصابة لم تقلل من إصرار روبن أن يتألق مع تشيلسي خاصة وأنه غاب عن 181 مباراة منذ أن بدأ مسيرته بسبب الإصابات مما كان السبب في أن يطلق عليه الرجل الزجاجي.

بعد أن عاد من الإصابة، ومع أول مشاركة له بشكل أساسي مع الفريق على ملعب ستامفورد بريدج سجل روبن هدفا في الدقيقة 72.

أمام إيفرتون سجل روبن هدف فوز تشيلسي في الجولة 12 لموسم 2004-2005.

الذعر بسبب السرطان

أصيب روبن بالذعر بعد أن أخبره الطبيب بأنه ربما يكون أصيب بسرطان الخصية بعدما بدأ يتألق مع تشيلسي، مما جعله يتوقف على اللعب، لكنه انتصر عليه وعاد للملاعب.

يقول روبن: "وجدت علامات لذا ذهبت للطبيب وقال لي يجب أن أخضع لعملية جراحية، وكان علي الانتظار لمعرفة النتائج ولم أكن أعرف هل ستكون جيدة أم سيئة. كنت مذعورا جدا".

وأكمل في تصريحات سابقة لمجلة تشيلسي "أيام الانتظار كانت بشعة، لم أكن أعلم ماذا سيحدث، ثم سمعت أخبار جيد.".

وأضاف "في هذا التوقيت، كرة القدم لم تكن مهمة بالنسبة لي الأهم كانت حياتي الصحية وكذلك بالنسبة لعائلتي أن أكون بخير".

وأوضح "كرة القدم هى حياتي لكن لكن الأهم هو صحتي".

قمة الجبل ما بين ريال مدريد وبايرن

عاد روبن إلى الملاعب وفي موسم 2005-2006 خاض 28 مباراة مع تشيلسي سجل فيها 6 أهداف وصنع 4 وحافظ على لقب الدوري مع تشيلسي لينتقل إلى ريال مدريد.

يقول روبن عن اللعب في إسبانيا: " في إنجلترا، الجماهير تتنفس كرة القدم، لكن في إسبانيا، الأمر مختلف تماما لأن كرة القدم تعد هى الحياة بالنسبة لهم".

ويكمل "لكن بعد عامين في ريال مدريد وجدت أن مثلها مثل البيزنيس، ولم أكن سعيدا".

ويوضح "ريال مدريد أكبر فريق في العالم، وكنت أشعر بذلك، كنت على قمة الجبل والانتقال إلى فريق أخر كان سيعد بمثابة خطوة للخلف".

رحل روبن عن ريال مدريد بعد موسمين حقق فيهم لقب الدوري الإسباني وخاض 65 مباراة سجل فيها 13 هدفا وصنع 14.

انتقل إلى بايرن ميونيخ. ولم تكن خطوة للخلف كما كان يرى سابقا.

يقول روبن: "لن تكون مخطئ في أي شيء في حياتك، الانتقال إلى بايرن كان أفضل قرار اتخذته في حياتي".

ويفسر "النجاح لم يكن في الملعب فقط بل على كل الأصعدة".

سنوات الفخر والانتقام

في عامه الأول مع بايرن وصل روبن إلى النهائي لكنه خسر من إنتر ميلان، وفي عامه الثاني وصل إلى النهائي لكنه خسر من تشيلسي، في اللقاء الذي استضافه ملعب بايرن ميونيخ، أليانز أرينا.

يصف روبن ما حدث وقتها بالكابوس.

يوضح روبن "الأيام الأولى في التمرين بعد الخسارة كانت صعبة لكن شيئا فشيئا الأمور صارت أقل، الآن علينا أن نعود من جديد".

ويكمل "في كل مباراة في الدوري الألماني والكأس وحتى دوري الأبطال، كانت لأن نعود للنهائي مرة أخرى".

نجح روبن في تحقيق ما أراد ووصل بايرن إلى النهائي مرة أخرى في عام 2013 أمام برروسيا دورتموند.

وقتها، سجل روبن هدف الفوز بالبطولة، ما أروع الانتقام من هؤلاء الذين تحدثوا عنك بأنك لم تقدم كل ما تملك من أجل فريقك في السابق؟

يقول روبن عن الهدف "توغلت من اليمين، سيطرت على الكرة بقدمي اليسرى؛ ثم صوبت".

أكمل روبن عامه الـ34، وما زال يرى أن شغفه باللعبة لا يزال مستمرا، والإصرار لأن يتطور ويصبح أفضل لا يزال حاضرا، لا يعلم متى سينتهي شغفه باللعبة.

كما أنه يؤمن أن انتهاء الشغف يعني نهاية وقته في عالم المستديرة لكنه لا يعلم متى ستأتي هذه اللحظة.

جزء من تصريحات روبن كتبها اللاعب عبر موقع The Player Tribune بعدما طُلب منه إرسال رسالة لنفسه حينما كان يبلغ من العمر 16 عاما.