كتب : عمر ناصف
الكثير من الفرق الصغيرة التي قد لا تسمع بها سوى نادرا تترك أثرا كبيرا لا يمكنك تخيله على كرة القدم، أساطير تبدأ منها وتتشكل مسيرتها خلال فترتها مع تلك الأندية قبل أن تنضم لأندية أكبر.
إنها ليست مثل أكاديميات، لكنها تجربة هامة في مسيرة أي لاعب وتشكل شخصيته فيما بعد، ماذا لو لم تعد موجودة؟ الأمر ذاته حدث مع فيشتينزا الإيطالي. ربما لم تسمع الاسم من قبل، لكن تلك هي قصته.
بطولة وحيدة حققها في تاريخه الممتد لأكثر من 116 عام ولكن خمسة كرات ذهبية حققها لاعبي إيطاليا كان منها ثنائية لأبناء هذا النادي فالثنائي باولو روسي وروبيرتو باجيو بدأ هنا اللعب وتسجيل الأهداف في بداية مسيرتهم نحو الجائزة الفردية الأكبر في عالم كرة القدم.
تأسس النادي في 1902 كأول نادي في مقاطعة فينيتو الإيطالية وذلك على يد عمدة فيتشينزا ليسيو ليوي وأحد مدرسي الألعاب الرياضية بالمدينة ويدعى أنطونيو سكاربا.
المشاركة الأولى في الدرجة العليا الإيطالية كانت عام 1911 حينما وصل الفريق لنهائيات البطولة قبل أن يتم إقصاءه عن طريق برو فيرسلي، تراجع فريق المدينة التاريخية إلى الدرجات الأدنى قبل أن يعود للدرجة الأولى مرة أخرى في بداية الأربعينيات قبل أن يهبط في 1947.
تعرض الفريق لمشاكل اقتصادية في بداية الخمسينيات إلى أن جاءت إحدى شركات الصوف وتدعى "لانيروسي" بشراء الفريق وتغير اسمه إلى "لانيروسي فيتشينزا" لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ النادي الذي صعد إلى الدرجة الأولى في 1955 وظل هناك لمدة 20 عاما متتالية قبل عودته للدرجة الثانية.
لم تتأخر عودته للدرجة الأولى سوى موسم واحد حيث عاد بقوة للدرجة الأولى وأحتل المركز الثاني بعد أن نبغ مهاجم إيطالي شاب يدعى باولو روسي تم شراءه من يوفنتوس بـ2.6 مليون ليرة إيطالية في صفقة قياسية للنادي سجل معهم 60 هدفا في 94 مباراة قبل أن يتم بيعه إلى يوفنتوس في 1981.
الفريق انهار سريعا فسقط للدرجة الثالثة في ثلاثة مواسم فقط ليرحل روسي ويتم تصعيد شاب أخر لخلافته في هجوم الفريق ولم يكن هذا اللاعب سوى "روبيرتو باجيو" الذي قادهم للدرجة الثانية قبل أن يرحل إلى فيورنتينا لتنفجر موهبته بشكل أكبر، الثنائي أستمر في الملاعب وحقق جائزة الكرة الذهبية للاعب الأفضل في العالم أعوام 1982 و1993.
نجح فيتشينزا في الصعود للدرجة الأولى في 1986 ولكن فضيحة تلاعب بالمباريات هزت إيطاليا، فيتشينزا كان أحد المدانين في فضيحة "توتونيرو" ليتم إلغاء صعوده.
شهد العام 1990 تخلي الفريق عن اسم "لارينيسي" وتغيره إلى "فيتشينزا كالشيو"، فيتشينزا أعلن عن تعينه لفرانسيسكو جودولين مديرا فنيا للفريق بعد نجاح المدرب في قيادة أتلانتا للدرجة الأولى في موسم سابق.
جودولين كان على الموعد فأعادهم للدرجة الأولى ولم يكتفي بذلك فقادهم للقب الكبير الأول في تاريخ النادي عندما حقق الفريق بطولة كأس إيطاليا نسخة 1996-1997 بالفوز على نابولي وأستمر النجاح بوصول الفريق لنصف نهائي بطولة أوروبا لأبطال الكؤوس قبل أن يودعها أمام تشيلسي.
كالعادة تراجع الفريق بسرعة وفي 2005 كان قابعا في الدرجة الثالثة، عودته للدرجة الثانية لم تكن بمجهوده بل بسبب تلاعب جنوى في المباريات فتم إنزال جنوى وتصعيد فيتشينزا لإكمال فرق الدرجة الثانية، تكرر ذلك في 2012 عندما هبطوا للدرجة الثالثة ولكن ليتشي كان مذنبا في قضية تلاعب في المباريات ليستمر فيتشينزا.
للمرة الثالثة يهبط فيتشينزا للدرجة الثالثة كانت بنهاية موسم 2014-2015 وهذه المرة فريق سينا تم حله بسبب الإفلاس لتتاح فرصة جديدة لفيتشينزا أضاعها كالعادة ولكن الهبوط كان نصيبه أخيرا بنهاية الموسم الماضي.
كان هذا تاريخ الفريق داخل الملعب أما خارجه فقد كان لفيتشينزا الريادة في إدخال الكثير من التقاليع للكرة الإيطالية، عندما تشاهد مشجعي الفريق ستجدهم دائما يلوحون بأعلام مرسوم عليها الحرف "R" والتي ترمز إلى "علامة مسجلة" باللغة الإنجليزية، السبب أن النادي كان من أوائل الأندية الإيطالية التي تبيع حقوق إنتاج ملابسها لشركة عامة ويتحول شعار النادي إلى علامة مسجلة لتلك الشركة.
حدث هذا قبل 11 عاما من قيام ميلان به وسبق يوفنتوس بـ9 أعوام كاملة.
الفريق أيضا قام باختيار تميمة للفريق هي "قطة" تم تسميتها "جاتون جاتوني" كأول من يدخل هذه التقليعة إلى إيطاليا والسبب في ذلك هو أن تلك المنطقة التي يقبع فيها النادي كانت معروفة تاريخيا باعتبار القطط واحدة من مصادر الغذاء الخاصة بهم.
دخل الفريق مشاكل مالية كبيرة في الفترة الأخيرة وتم التحقيق مع رؤساءه حول تهرب ضريبي وفشل الفريق في تسديد ضرائبه للحكومة الإيطالية في موعدها ثم فشل في تسديد رواتب لاعبيه رغم نقل ملكية النادي إلى إحدى الشركات التي تنتمي لدولة لوكسمبورج.
وفي 18 يناير 2018 أصدر الفريق بيانا يعلن فيه عدم قدرته على تسديد ديونه ورواتب لاعبيه ليصبح إفلاس فيتشينزا رسميا ويتم حل النادي بنهاية الموسم الحالي، سيتم إنشاء النادي من جديد بعد ذلك وسيحصل على اسم جديد ليبدأ مسيرته من الدرجة الرابعة.
مرة أخرى تفقد إيطاليا أحد أنديتها التاريخية بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة.