كتب : مصطفى عصام
في مطلع الثمانينات بالكرة المصرية، بزغ نجم الظهير الأيمن للمقاولون العرب ولمنتخب مصر "علي شحاتة"، اللاعب الذي ضمن الدخول في التشكيل الأفضل بكأس أمم إفريقيا 1984 و1986 كان لزاما على المعلقين نعته بالدكتور قبل نطق اسمه، كونه خريجا لكلية طب الاسنان جامعة عين شمس.
إلا أن الدكتور الأبرز في الكرة الإفريقية، لم يكن خريجا للطب من الأساس، ولكن أطلق عليه اللقب لبراعته في كرة القدم، دكتور تيوفيل أبيجا الحائز على جائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب في إفريقيا عام 1984 والمقدمة من مجلة فرانس فوتبول، وحجز مكانا في تشكيلة الكاف للأفضل في تاريخ قارة إفريقيا على مدار القرن العشرين.
فيما يبدو أنا قلق
"كنت قلقا على صحته. حاولت الاتصال كثيرا بصديقي تيوفيل أبيجا في الشهور الماضية قبل نوفمبر 2012، كنت أود أن أجتمع معه لأخذ رأيه في من الأفضل في تاريخ الكاميرون بحراسة المرمى.. توماس نكونو أم جوزيف أنطوان بل، لن أجد أفضل من تيوفيل لأخذ برأيه".
"فهو واحد من أمهر من لمس كرة القدم في تاريخ الكاميرون بل إفريقيا بأكملها، وعاصر الحارسين في فترة مجدهما وهو الأقدر على الحكم".. جوناثان ويلسون لجريدة الجارديان البريطانية نوفمبر بعد إعلان وفاة تيوفيل عن عمر يناهز 58 عاما.
كان تيوفيل وقتها بعد ابتعاده عن كرة القدم، بدأ يسلك المناصب الإدارية بناديه القديم قبل الاحتراف (كانون ياوندي)، بل ووصل لأعلى المناصب كرئاسة النادي بدء من عام 2009، قبل أن يقدم استقالته عام 2011 من أجل التفرغ للحياة السياسية بالكاميرون سعيا للتقدم على انتخابات العمادة لولاية ياوندي العاصمة.
فكانت غرفته مليئة بملصقات مؤيدة لرئيس الكاميرون بول بيا. والذي عرف بتأييده للرياضيين ورعايته لأبيجا خصيصا بعد اعتزاله كرة القدم، وتصميمه على خوض روجير ميلا منافسات كأسي العالم 1990 و1994 رغم اعتزاله".
تابع ويلسون حديثه للجارديان: "اقتراب تيوفيل أبيجا من السلطة بياوندي وقتها دفع دفعا بالمتملقين حوله، ففي أثناء جلستنا الأخيرة، جاء أحدهم ليقدم طلبه الشخصي لأبيجا، وليثير إعجابه أردف بأنه قد شاهد تيوفيل يرتدي القميص رقم 14 مع المنتخب الكاميروني بكأس العالم 1990 بإيطاليا وهى كأس العالم الرابعة عشر أيضا".
"ضحكت في أعماقي من الداخل، فعلى الرغم من إنني لست كاميرونيا.. إلا أنني أعلم إن أبيجا قد اعتزل كرة القدم نهائيا عام 1987 بعد اصطدامه بالحارس الزامبي إيفورد تشابالا في دورة الألعاب الإفريقية، إصابة أذت قدميه ليعلق حذاءه نهائيا.
-كانون ياوندي.. عقدا من الألقاب.
الفريق الفائز بكأس إفريقيا لأبطال الدوري أعوام 1971، 1978 و1980 يقبع الآن في دوري الدرجة الثانية بعد هبوطه الموسم الماضي 2016-2017، هذا الفريق قدم نجوما طيلة مشواره للمنتخب الكاميروني منتخب القرن العشرين، كان أبرزهم أبيجا الذي ساعد الفريق في الفوز بخمس بطولات للدوري وأربع بطولات للكأس وبطولتين لكأس إفريقيا أبطال الدوري أعوام 1978 و1980، ووصل لنهائي كأس إفريقيا لأبطال الكؤوس عام 1984 قبل أن يخسر النهائي أمام الأهلي المصري، بعد أن أضاع أبيجا ركلة ترجيح هامة في قلب ياوندي رجحت كفة الفريق المصري للفوز باللقب بعد أن تبادل كليهما الفوز في عقر داره بهدف نظيف.
بدأ أبيجا مشواره مع الفريق عام 1974، ولم يكن للمنتخب الكاميروني تواجدا على الساحة الإفريقية رغم استضافته لبطولة أمم إفريقيا عام 1972 وحصوله على المركز الثالث، ولكن الكاميرون لم تظهر في البطولة المقبلة بمصر عام 1974، إثيوبيا 1976، غانا عام 1978 ونيجيريا عام 1980 لظروف سياسية منعت الفريق من المشاركة ببطولات وفشل الفريق ببطولات أخرى، إلا أن جيلا يضم روجير ميلا أفضل لاعب في إفريقيا عام 1976 ومانجا أونجيني أفضل لاعب بالقارة عام 1980 ومعه زميله توماس نكونو أفضل لاعب بالقارة أيضا عام 1979 بقيادة القائد تيوفيل أبيجا.
بدأ بالمشاركة في في أمم إفريقيا بليبيا عام 1982. صحيح أن الفريق قد خرج من الدور الأول بعد أن تعادل في مبارياته الثلاث، إلا أن هناك حدثا هاما مثل نقطة انطلاق أبيجا وفريق الكاميرون عام 1981.
كأس العالم.. وانطلاقة دكتور أبيجا
بدأت الكاميرون مشوارها بقيادة أبيجا لتصفيات كأس العالم في مايو عام 1980، فتخطت مالاوي بمجموع اللقائين 4-1 وأحرز أبيجا هدف الكاميرون الثالث وصنع هدفين لزميليه روجير ميلا وإيمانويل كوندي قائد الدفاع، قبل أن يظفر بتعادل ثمينا خارج الديار بواسطة مانجا أونجيني.
الدور الثالث ساهمت قيادته بمنتصف الملعب بصنع هدفين غاليين أمام زيمبابوي لمبيدا وأونجيني قبل الخسارة خارج الديار بهدف، قبل أن يصنع رباعية كاملة لميلا في انتصار الكاميرون على زائير بقلب ياوندي بسداسية، أمنت الطريق نحو التصفية الأهم بتاريخ البلاد أمام المغرب في الدور النهائي نحو الصعود لكأس العالم لأول مرة.
واصلت الكاميرون الزئير، ففازت خارج البلاد بهدفين في أرض المغرب التي أقصت مصر في الدور السابق، وأعدت الكرة بياوندي ولكن بهدفين مقابل هدف، لتصعد الكاميرون لأول مرة لنهائيات كأس العالم برفقة الجزائر.
في مباراة المغرب، كان للمعلق الكاميروني زاكري ناكاو فرصة لتخليد أبيجا، حيث أطلق عليه لقب الدكتور بالرغم من أن أبيجا قد أتم دراسة الحقوق.
“a true doctor of football due to his magnificent passing skills”. It was a title that would stay with him.
وقعت الكاميرون في مجموعة صعبة بكأس العالم، بيرو رفقة تويفيلو كوبيلاس التي قدمت أداء رائعا بكأس العالم 1978، بولندا صعبة المراس والتي حصدت المركز الثالث لاحقا، وإيطاليا برفقة باولو روسي نحو حصد الكأس الثالثة لها.
قدم أبيجا ورفاقه أداء رائعا، فتعادلا مع بولندا وبيرو 0-0، مع لمحات فنية لدكتور أبيجا في وسط الملعب صنفت باللقطات الأفضل في البطولة، قبل أن يتواجه في لقاء مصيري مع إيطاليا التي تعادلت مع نفس الفريقين وكلاهما يمتلك نفس الفرصة لصعود كأس العالم.
تقدمت إيطاليا بهدف من رأسية جراتسياني أخطأ نكونو في ابعادها لتسكن شباكه في الدقيقة 60، قبل أن تتعادل الكاميرون مع بطلة العالم بهدف من رأس امبيدا، بهدف بدأ من قدم أبيجا في الدقيقة 61، أي بعد دقيقة من صدمة هدف إيطاليا.
توماس نكونو تحدث لاحقا لإذاعة بي بي سي البريطانية: "أعترف بأن الهدف مسؤوليتي 100%، أخطأت تقدير رأسية جراتسياني، بعد الهدف واللوم الذي بداخلي بثوان قليلة، توجه نحوي أبيجا سريعا وأنفض العشب السيئ لملعب بالاديوس من على وجهي، والتقط الكرة سريعا وأصدر توجيهاته لخط الدفاع بالبقاء خلف خط المنتصف بياردات قليلة.. وبلغة محلية صاح بزملائه".
"هذا وقت هدف التعادل. إن لم يأت الآن فلن نصل له طيلة المباراة".
"بعدها بدقيقة، تمريرته من منتصف الملعب للأمام ثم إكماله لها فوق الدفاع صنعت الفارق، في المباراة أعطى للجزار الإيطالي الذي لا يرحم "كلاوديو جينتلي" الكرة بين قدميه بشكل استرجى تصفيقا حارا من الجماهير الإسبانية التي شجعتنا بحرارة في الملعب، وتوج في نهاية اللقاء بجائزة رجل المباراة".
وقتها تأهلت إيطاليا ثانيا بفارق هدف واحد عنا رغم تساوينا في النقاط.. وأكملت طريقها نحو الفوز بالبطولة.
- 1984.. أول بطولة افريقية بتاريخ الكاميرون.. وجائزة الأفضل سبب الرحيل
حان الوقت لتتوج الكاميرون بأول ألقابها في إفريقيا بعد أداء هو الأفضل بكأس العالم 1982 بإسبانيا، والموعد بكوت ديفوار عام 1984 في مجموعة الموت التي ضمت جيلا رائعا من المنتخب المصري، وصاحبة الأرض كوت ديفوار، والقوة الناشئة توجو.
تلقت الكاميرون بقيادة أبيجا أول صدمة بالخسارة أمام مصر بهدف دون مقابل أتى بتسديدة من طاهر أبو زيد قبل النهاية بـ 12 دقيقة.
إلا أن الجولة التالية اكتسحت الكاميرون توجو برباعية مقابل هدف، كان من نصيب أبيجا منها هدفين، وفي المباراة الحاسمة للصعود.. عبرت الكاميرون أصحاب لأرض بهدفين، كان لأبيجا نصيبا في صناعة الهدفين لـ ميلا ودجوكتيب.
ركلات الجزاء عرفت طريق عبور الكاميرون للجزائر، وكان لتيوفيل النصيب في الركلة الحاسمة والصعود بنتيجة 5-4 بعد التعادل في الوقت الأصلي والإضافي 0-0.
كان النهائي مسرحا لتيوفيل من أجل تقديم أفضل عروضه، فبعد أن تقدمت نيجيريا مبكرا بهدف لمودا لاوال في الدقيقة العاشرة، صنع أبيجا التعادل سريعا قبل نهاية الشوط الأول، ثم جملة رائعة بينه وبين ميلا في الدقيقة 80 وضعته منفردا بمرمى حارس نيجيريا ليحرز الهدف الثاني قبل أن يواصل هوايته المفضلة ويصنع الثالث لرينيه أبيونجي، لتفوز الكاميرون بأول كأس أمم افريقيا في تاريخها.
ويرفعها من، قائد الكاميرون التاريخي بحد وصف جوزيف مبيدا صاحب هدف الكاميرون في إيطاليا. الدكتور تيوفيل أبيجا، ويحصد لقب أفضل لاعب في البطولة وثاني الهدافين بعد المصري طاهر أبو زيد.
اكتملت تتويجات العام لأبيجا بالفوز بجائزة الأفضل في إفريقيا لعام 1984، حيث عنونت المجلة صفحاتها بعنوان: "الدكتور المعجزة" فقد حصد الجائزة برصيد 124 نقطة بعد منافسة طفيفة مع إبراهيم يوسف صاحب المركز الثاني بـ 55 نقطة.
فقد حصد المركز الأول بترشيحات كل من: (الجزائر، المغرب، مالي، جيبوتي، أنجولا، الجابون، موروشيوس، تشاد، بوركينا فاسو، توجو، غانا، موزمبيق غينيا، أفريقيا الوسطى، الكونجو برازافيل، السنغال).
المفاجأة هو عدم اختياره في المركز الأول ضمن ترشيحات بلاده الكاميرون من قبل أبيل مابينجي الصحفي التابع لنادي كانون ياوندي ولم يظهر في الاختيارات الخمس التي اختارت نوسو هنري نجم نيجيريا أولا، وأنطوان بل حارس الكاميرون والمقاولون العرب ثانيا مع مواطنه توبي تشارلز ثالثا، وأخيرا تيمي كليفت نجم نيجيريا مع ماسيا كليفتون نجم منتخب مالاوي، وكان هذا بطلب شخصي من النادي ردا على رحيله من النادي لفرنسا.
نهاية المطاف
لعب أبيجا موسما متواضعا في تولوز في 22 مباراة سجل ثلاثة أهداف فقط أنهت تولوز في المركز الثاني عشر على الرغم من فوز الفريق بالدوري منذ موسمين، ليرحل بعدها لفريق فيفان بسويسرا لموسمين دون أن يحقق شيء يذكر، قبل أن ينهي ويلفورد تشابالالا حارس زامبيا مشواره مع الكرة بإصابة أعلن بسببها اعتزاله في دورة الألعاب الإفريقية عام 1987 بعد أن حقق أبيجا المركز الثاني مع الكاميرون بأمم افريقيا عام 1986 المقامة بمصر.
وحينما كذلك اقترب أبيجا من حلمه بعمادة ولاية ياوندي (العاصمة بالكاميرون)، توفى قبل القرار في نوفمبر عام 2012 بعد مقابلته مع صديقه جوناثان ويلسون عن عمر يناهز 1958، لتخسر افريقيا بحد قول ويلسون رجلا هو أفضل من لمس الكرة بتاريخ القارة.
اقرأ أيضا:
الأهلي لـ في الجول: رحيل معلول؟ متمسكون بكل اللاعبين ولكن
إيهاب جلال يشيد بحسام أشرف ويتحدث عن مواجهة المصري
انضمامه إلى أرسنال يقترب.. ديلي ديل: ميختاريان ودع زملائه في يونايتد بالدموع
كتالوج في الجول - مكتشف باسم مرسي يشرح: كيف يعود للتهديف.. "لا تعاند الكرة"
حسين الشحات يدخل قائمة العين الآسيوية لدوري الأبطال