كتب : إسلام مجدي
يتواجد ذلك السؤال دائما ما الذي يجعل حراس مرمى دون غيرهم يستمرون في الملاعب لفترة طويلة؟ ما الذي يجعل حارس دون غيره يستمر لما بعد سن الـ40 في الملاعب؟
أسماء قليلة فعلت ذلك وأصبحت في مصاف الأساطير، مصر تمتلك أحدهم وهو عصام الحضري ذلك الحارس الذي بلغ عامه الـ45.
قال إدوين فان دير سار في وقت سابق :"ساورتني الشكوك طيلة الوقت، انظر إلى كل هؤلاء الحراس الذين أنهوا مسيرتهم مبكرا، أما أنا؟ سألت نفسي كثيرا هل يمكنني فعل ذلك؟ هل يمكنني تحقيق ما يصبو إليه الناس؟ هل يمكنني الاحتفاظ بشباكي نظيفة؟ هل سأساعد فريقي؟ حتى اعتزالي كنت أتساءل دائما".
تحدث فكري صالح عن تلك النقطة تحديدا والثقة التي يتمتع بها الحضري دون غيره من الحراس وناقش كذلك فكرة التزامه التام بالتدريبات، الأمر الذي أكدت عليه دراسة جامعة "أبردين" حول التزام اللاعبين هل يهم أم لا؟
أولا أوضحت الدراسة فكرة حضور بعض اللاعبين دون غيرهم قبل بدء التدريبات وإضافة المزيد من الأحمال، إن ذلك يساعد بقوة على الحفاظ على اللياقة البدنية ويساهم في استمرارهم في الملاعب لفترة دون غيرهم.
كذلك شددت الدراسة على أهمية جلسات الاستشفاء لا يهم إن كانت بسيطة لكنها تسترجع الطاقة ما يجعل اللاعب يستمر لمراحل متأخرة في مسيرته.
استشهدت الدراسة بجلسات كان يجريها منتخب البرتغال ومنتخبات أخرى خلال بطولة يورو 2016، أوضحت أنها قد تبدو بسيطة لكنها فعالة جدا وتعمل على استرخاء اللاعبين وابتعادهم عن الضغوط.
صرح فكري صالح: "الحضري ملتزم في التدريبات أكثر من أي لاعب آخر، يحضر المران قبل موعده بساعتين ونصف ويتدرب بقوة من أجل الحفاظ على لياقته البدنية ومستواه الفني".
وأضاف لقناة أون سبورت: "كذلك لا يرى أسرته كثيرا نظرا لئلا يذهب إلى مدينة السادس من أكتوبر من أجل البقاء قريبا من النادي والتدريبات ويعيش في منزله القديم".
وتابع "عقب كل مران يذهب الحضري إلى منزله القديم ليجلس في لبعض الوقت في الثلج من أجل الحفاظ على مستوى قوة عضلات جسمه، ويفعل كل هذا للحفاظ على مستواه الفني والبدني".
فيما قال بول إينس نجم مانشستر يونايتد السابق عن أهمية الثقة والثبات والالتزام للاعب كرة القدم :"إن لم تمتلك ثقة في نفسك طيلة الوقت والهدف فلا مكان لك في عالم كرة القدم".
وواصل "طوال الوقت سيؤلمك جسدك، ستؤلمك روحك، ستضطر لأخذ القرارات التي قد تحول مسيرتك بنسبة كبيرة، لكن يجب أن تكون واثقا وتخوض التجربة إلى أقصى درجة، هذا ما يجعلك لاعبا محترفا وناجحا".
وأتبع "التفكير الإيجابي، الهدف الأسمى لك، النجاح الذي تحققه حتى على الصعيد الشخصي، قد لا تحقق الكثير من الألقاب لكنك تصبح أسطورة بشكل أو بأخر، هذا ما يجعلك بطلا، يجب ألا تخشى أي شيء".
بالنظر لتلك الكلمات فعصام الحضري ضرب مثالا أكثر من مرة أنه يتمتع بالثقة والشجاعة والقوة الكافية للاستمرار لأطول فترة ممكنة، بل إنه قد يصبح أكبر لاعب في تاريخ كأس العالم ومن يعلم ما يمكن له أن يحققه.
ستيفن رولاند صحفي "جارديان" كان قد طرح سؤالا في عام 2010 عبر مقالا كتبه، وقال فيه :"هل يمكنك الاستمرار في لعب كرة القدم لما بعد سن الـ34؟". وجه سؤاله لعدد من الأساطير.
قال تيدي شيرنجهام الذي لعب حتى سن الـ40 :"إنه شيء تمكنك من التعامل معه، خاصة على الصعيد النفسي، حتى أنني كنت متفوقا على لاعبين غيري، كنت أشعر بالذكاء والنضج".
وواصل "الكثير من الانتقادات والحديث عن الانتهاء وماذا كنت أفعل؟ أحولها إلى دافع".
يمتلك الحضري من الثقة ما يكفي للاعتراف بخطئه في الرحيل عن الأهلي ثم بعد ذلك التأكيد على أسطورته.
قال لـFilGoal.com في وقت سابق :"نعم هي نقطة سواء في مسيرتي، وأعترف بخطأي، لكن إن اعتزلت في الأهلي فأنا عصام الحضري، وإن لم أفعل فأنا عصام الحضري كذلك، لا يمكنك محو ما حققت من ألقاب".
تحدث إدوين فان دير سار عن أهمية التعامل النفسي مع كل شيء والإشارة إلى أنه إن أردت الاستمرار في الملاعب إلى فترة طويلة فعليك أن تفكر بطريقة جيدة حلو كل ما يواجهك.
قال فان دير سار :"الأمر منوط بالعقلية، كيف أتحرك وكيف أسير أسفل المرمى؟ الذكاء الذي تكتسبه مع تقدمك بالعمر، قد أحتاج إلى التحرك لـ10 سنتيمترات في لحظة معينة، قديما حينما كنت شابا لم أكن أدرك تلك الأمور، لكن حينما تقدم بي السن علمت كيف أتصدى للكرات وكأنك كنت تدرب نفسك".
حينما تهتز مسيرتك بصورة عنيفة يكون التحدي الواضح أمامك، إما أن تعود لتصبح أفضل مما كنت عليه وتتناسى ما حدث وتتخطاه وإما تظل واقعا في تلك الحفرة هائما في الظلام حتى تنتهي مسيرتك.
هكذا يكون الاختيار دائما، إما أن تفكر بإيجابية دائما وتصبو لتحقيق المزيد وإما تنهي مسيرتك بأفكار سيئة والالتفات إلى الخلف.
قال فرانس هويك مدرب حراس برشلونة السابق :"أوجه رسالة لكل من أدربهم كونوا مثل فان دير سار، امتلكوا عقلية الاستمرار تخطوا كافة المشاكل".
وواصل "أتذكر جيدا حارس مرمى أخفق في التصدي لكرة كان ذلك في ستامفورد بريدج ضد تشيلسي وبعد أن كان فريقه متقدما ثم متعادلا خسر بنتيجة 3-2".
وأتبع "أتذكر كذلك كيف كان يفكر، هل كنت يجب أن أتصدى هكذا هل كان يجب أن أفعل الأمر بطريقة مختلفة؟ جل ما شغل باله كان تلك المباراة حتى اعتزل في سن الـ26".
وأردف "عقله لم يستمر وبالتالي جسده لن يستمر، حارس المرمى يجب أن يمتلك شخصية قوية للغاية لكي يستمر في الملعب، إنه مختلف عن اللاعب داخل الملعب حتى وإن كان يمرر ويستحوذ".
قصة أخرى مرت بطريقة مختلفة، ديفيد دي خيا في موسمه الأول بمانشستر يونايتد، كانت المهمة صعبة للغاية، أن تحل محل إدوين فان دير سار ذلك الحارس الأسطوري للشياطين الحمر ليس سهلا.
وفي 39 مباراة خاضها استقبلت شباكه 47 هدفا وخرج بشباك نظيفة في 15 مباراة فقط، خاصة وإن كان قد خسر بنتيجة 6-1 من مانشستر سيتي في ذلك الموسم، الأمر كان صعبا للغاية.
خلال بداياته كان هناك حديثا سلبيا عن أخطائه وعن جسده النحيل وعن ضعف رد فعله.
كروز مدرب دي خيا في مدرسته قال عنه :"لقد كان لاعبا داخل الملعب ربما حتى سن الـ14 عاما، لكنه كان أقوى عقلية فيهم، لم يهزه أو يكسره شيء، وكان هداف الفريق، لم أر أي لاعب في ثقته".
وواصل "علمت حينما تم انتقاده أنه سيرد، لا يهم متى، لكنه سيفعل".
الأمر ذاته يحدث وحدث مع عصام الحضري، إنه واثق كليا من نفسه، ويعلم جيدا الانتقادات حول سنه وتاريخه وأزمته مع الأهلي. لكن كيف يرد؟
"السن بالنسبة لي، هو مجرد رقم في البطاقة أو وثيقة زواجي، فأنا لا أعرف اليأس أو الاستسلام، رغم استبعادي من المنتخب لمدة عام ونصف".
"نجحت في استغلال هذه الفترة، للتدرب بقوة وجدية والتركيز في المباريات، حتى أثبت جدارتي بالانضمام مجددًا إلى منتخب مصر".
"مستعد لحمل الأحذية والكرات في المعسكر، لتحقيق حلمي الأكبر بالمشاركة في كأس العالم 2018 في روسيا".
إذا يقولون كن مثل "فان دير سار" في عقليته واستمراريته والحفاظ على مستواه وتركيزه، والآن أيضا هناك مقولة جديدة.. كن مثل الحضري في القوة والثقة والتركيز والتدرب والجدية، أن تجعل كل تصدي لك له ذكراه في بطولة ما، أن تصل لأبعد حد في تلك البطولات وتصنع تاريخك الخاص من المرمى.