كتب : علي أبو طبل
"أنا احترم محمد صلاح كثيرا، ولكني أود أن أساعده هنا. أطلب منه ألا يركز على فكرة المقارنات مع آخرين"
رد مثالي قدمه بيب جوارديولا على سؤال لم يكن منطقيا بالمرة عن ربط إسم محمد صلاح بليونيل ميسي.
الكل يعلم مدى ارتباط بيب بمسيرة ليونيل ميسي واستمرار الإشادة به كلما جاءت الفرصة، ولكن المدير الفني الإسباني التزم ضبط النفس هنا، وكأنه أراد أن يساعد صلاح بكل صدق.
قمة الأحد على ملعب "أنفيلد" بين ليفربول ومانشستر سيتي ستكون بمثابة المواجهة الثانية لمحمد صلاح ضد فريق يدربه بيب جوارديولا، ولم تكن المواجهة الأولى ذهابا بالسعيدة لأفضل لاعب في أفريقيا مؤخرا، حين تفوق سيتي بخماسية نظيفة ولم يكمل الجناح المصري أكثر من 45 دقيقة من عمر المباراة.
كان ذلك في بداية الموسم، والآن يتوهج صلاح ويحصد جائزة فردية بعد الأخرى، وينافس على صدارة هدافي الدوري الممتاز بقوة.
ولكنه لم يصل للقمة بعد، والتحديات لا تتوقف.
قبل 3 أعوام، قال صلاح عن جائزة أفضل لاعب في أفريقيا: "لن أترشح لها فقط ولكن سأفوز بها".
مرت الأعوام، وقد كان.
فإلى أي مدى يمكن أن ينجح صلاح في تحدياته القريبة المقبلة؟
مسيرة نجم ليفربول مليئة بالتحديات منذ أن بدأ يشق طريقه في بسيون، مرورا ببداياته اللامعة في المقاولون العرب والتي تزامنت مع سوء حظ غريب بتوقف النشاط الكروي في مصر مع بدايات توهجه.
كان من الممكن أن يتوقف هنا كما حدث للكثيرين، ولكن لسبب أو لآخر وجد نفسه في بازل السويسري ومن هنا كانت بداية صلاح الكبرى.
مسيرة صلاح داخل أوروبا لم تخل من التحديات العظيمة.
تألق كبير في سويسرا ولكن الأمور لم تكن وردية في البداية، حيث عانى من مشاكل التعايش واللغة وخلافه، ولكنه تجاوزها بمرور الوقت، ويمكنك أن تراه الآن متقنا للإنجليزية والإيطالية.
العقبة الأبرز في مسيرته حين انتقل إلى تشيلسي ولم يشارك بشكل كافي تحت قيادة جوزيه مورينيو.
ظن الكثيرون أن المسيرة ستتوقف هنا وسيضمحل نجم صلاح مثلما حدث مع العديد من الأسماء المصرية التي احترفت في أوروبا.
لكنه كان يملك رأيا آخر، وتمكن من تسيير الأمور على طريقته.
إيطاليا كانت بوابته لإثبات نفسه من جديد، نجح في البداية في نصف موسم مع فيورنتينا ثم قضى موسمين رائعين مع روما أصبح فيهما النجم الأول، بالطبع بعد فرانشيسكو توتي.
"إنه أحد أفضل اللاعبين الذين دربتهم في حياتي"
هكذا كانت الإشادة النهائية من لوتشيانو سباليتي، المدير الفني السابق لروما، بعد سلسلة سابقة من الانتقادات والضغط ليخرج صلاح أفضل ما فيه، وقد نجح في ذلك.
بعد 34 هدفا في 83 مباراة في الأراضي الإيطالية، تفرقت الطرق.
رحل سبالتي لتدريب إنتر ميلان، ورحل صلاح إلى ليفربول ليصبح أغلى صفقة في تاريخ النادي حين إتمامها.
ظلال فشل تجربته مع تشيلسي تلوح في الأفق على الرغم من أنه يعود إلى إنجلترا من الباب الكبير بعد تألق هائل في إيطاليا.
لم يكن ذلك هو التحدي الوحيد، بل كان عليه أن يقنع جماهير ليفربول الذين حملوا بعد الغضب بعدما حول وجهته عنهم نحو "ستامفورد بريدج" قبل أعوام قليلة.
هل يوجد ما هو أفضل من الوصول لـ23 هدفا في 29 مباراة خاضها مع الفريق تزامنا مع فترة أعياد الشتاء؟
في تصريح سابق مع شبكة BBC بعد الفوز باستفتاء الشبكة البريطانية لأفضل لاعب في أفريقيا، قال صلاح: " من اليوم الأول أريد أن أظهر للناس كيف ألعب كرة القدم، كنت هنا من قبل ولم أحصل على فرصتي".
يعلم نجم المنتخب المصري كيف يحفز نفسه جيدا كلما ضاق عليه الأمر، ولنتذكر ما حدث بعد هدف التعادل الكونجولي في الشباك المصرية قبل أشهر قليلة في ليلة هي الأعظم في تاريخ المنتخب المصري خلال العقدين الأخيرين.
تحديات صلاح لا تنتهي، فمع وصوله لرصيد 17 هدفا في الدوري ودخوله في منافسة مباشرة مع هاري كين، فإن التطلعات تزداد نحوه، ولتجاوز ذلك فعليه أن يعلم على الدوام كيف يحفز نفسه باستمرار.
في حوار مع "سكاي سبورتس"، سأله المحاور: "هل توقعت تسجيل المزيد من الأهداف؟"
فأجاب: "بكل صدق؟ نعم، أنا دائما أقول إنه لا شيء يأتي بالحظ أنت تعمل وتتوقع المزيد وستحصل على ما تستحقه".
هكذا يتم الأمر. أن تتوقع الأفضل وأن تؤمن بأنك تستطيع الوصول إليه.
تستمر التحديات، ويدخل صلاح في مواجهة هي الأبرز له محليا هذا الموسم، حين يواجه ليفربول ضيفه مانشستر سيتي.
التحدي ينقسم إلى شقين.
الأول هو مدى أهمية صلاح لليفربول بعد رحيل فيليب كوتينيو إلى برشلونة.
يورجن كلوب أكد منذ يومين على مشاركة صلاح في المباراة ليطمئن الجميع، في مشهد رسم مدى أهمية اللاعب المصري للفريق هذا الموسم، خاصة وأن الوضع لا يحتمل بعد رحيل صانع الألعاب البرازيلي.
الشق الثاني والأهم هو مدى إيمان الكثيرين في أن صلاح هو التهديد الحقيقي لمسيرة مانشستر سيتي الخالية من الهزائم منذ 30 مباراة في الدوري الممتاز.
تيري هنري تحدث هذا الأسبوع من جديد عن صلاح، وبعد إشادة وحديث عن أنه مشجع كبير لنجمنا المصري، فقد أكد على أنه أكثر من يجذبه في ثلاثي ليفربول الهجومي، وأنه يمثل تهديدا حقيقيا لسلسلة عدم هزيمة سيتي.
ضغوطات كبيرة يحملها صلاح قبل تلك المواجهة، ولكنه يواجهها بكل ثبات، فتطور شخصيته ونضجه أصبح أمرا مفروغا منه.
يقول صلاح عن المواجهة: "أنا متحمس للغاية ستكون مباراة رائعة لأننا ومانشستر سيتي نلعب كرة قدم رائعة وأثق في قدرتنا على تحقيق نتيجة جيدة".
نصل هنا لنقطة أن الكل يحترم صلاح، بداية من منافسه بيب جوارديولا، مرورا بالعديد من المتابعين المحايدين لكرة القدم في إنجلترا، ووصولا ليورجن كلوب الذي بدا سعيدا بعودة لاعبه المصري سريعا من الإصابة.
مواجهة سيتي هي نقطة فارقة في موسم صلاح، ولكنه لن يكون التحدي الأخير له على كل حال، ومن تحدي إلى آخر، صار هناك إيمانا كاملا بكيفية تحفيز صلاح لنفسه.