تقول الأسطورة :"في الموسم الثاني يفوز جوزيه مورينيو بالدوري مع فريقه الذي يدربه". هكذا اعتاد البرتغالي أن يحصد الثمار التي زرعها في موسمه الأول ويكون فريقا خارقا من خلطة ممتازة، دام الأمر معه حتى وصل إلى مانشستر يونايتد.
ما بين اتهامات معتادة لمورينيو بتقديم كرة مملة، وانتقادات عديدة لأداء الفريق، وعلى الرغم من حالة التخبط الشديدة فهو أقوى خط دفاع في الدوري بالتساوي مع مانشستر سيتي.
لماذا لم تدم أسطورة جوزيه مورينيو وابتعد سيتي بالفارق لأقصى حد؟ هل يتحمل البرتغالي وحده ذلك؟ أم أنه خطأ مشترك والضحية كان مانشستر يونايتد في النهاية؟
في شهر مايو الماضي قال جوزيه مورينيو إن إد وودوارد المدير التنفيذي للشياطين الحمر لديه قائمة بما يريده من لاعبين بالترتيب حسب الرغبة، موضحا أن الكرة في ملعبه وملعب الملاك.
التقارير الصحفية ربطت الشياطين الحمر بضم أكثر من لاعب، الأولوية كانت لألفارو موراتا وجيمس رودريجيز من ريال مدريد ثم نيمانيا ماتيتش من تشيلسي وإريك داير من توتنام، وفيكتور ليندلوف من بنفيكا وداني روز مدافع توتنام وإيفان بيريسيتش جناح إنتر ميلان وأنطوان جريزمان نجم أتليتكو مدريد.
والنتيجة؟ ضم الشياطين الحمر روميلو لوكاكو من إيفرتون وليندلوف وماتيتش.
مورينيو بعد إتمام تلك الصفقات قال مجددا إنه راض عما لديه من لاعبين لكن إن تمكن وودوارد من حسم صفقة إضافية فسيكون سعيدا كذلك. التقارير ألمحت وقتها إلى أنه يقصد صفقة بيريسيتش والذي كان ليضيف الكثير خاصة وأن يونايتد يعاني في معظم مناطقه.
يقول جيمي ريدناب نجم ليفربول السابق عبر شبكة "سكاي" :"بشكل أو بأخر يتحمل جوزيه مورينيو ما يحدث حاليا في يونايتد، بغض النظر عن طريقة اللعب انظر للفريق والتشكيل، كم لاعب كبير ضمن صفوفه؟ فقط ديفيد دي خيا، حتى بوجبا لا يمكنه الثبات على تقديم نفس المستوى، لماذا صمت ولم يعترض على طريقة أداء الإدارة في حسم الصفقات".
وودوارد والصفقات
منذ تولي وودوارد الإدارة التنفيذية لمانشستر يونايتد في صيف 2013 عقب رحيل سير أليكس فيرجسون وخسر كافة المعارك المباشرة مع الخصوم في صفقات اللاعبين.
حاول ضم توني كروس لكنه لم يتمكن من إقناع اللاعب، وحاول ضم سيسك فابريجاس لكنه انضم إلى تشيلسي في الأخير وكذلك بيدرو وغيرهم من اللاعبين. نتذكر جيدا تلك التصميمات المعدلة التي أظهرت فريق مانشستر يونايتد حسب شائعات الانتقالات والفريق الذي فشل وودوارد في ضمه.
لكن وودوارد ليس المشكلة الوحيدة، لم يبن سير أليكس فيرجسون فريقا للمستقبل وترك المهمة لمن سيأتي بعده نظرا لمتطلباته ورؤيته للدوري فيما بعد.
مورينيو كان يعلم ذلك تمام العلم ولم يتحرك كذلك سواء بمطالبة الإدارة بصفة مباشرة أو التحدث حتى عن الأمر واستسلم لما معه من لاعبين.
قال جاري نيفيل نجم مانشستر يونايتد السابق عن دفاع فريقه الحالي :"لا يمكنك أن تصدق حالة عدم التنظيم والافتقار للقيادة والشخصية التي تظهر في دفاع مانشستر يونايتد، مثلا في مباراة ليست في مباراة يفترض أنك فزت بها فعليا انظر للعشوائية؟".
مورينيو أبدى استعداده التام لقبول وضع فريقه والموافقة على 3 صفقات فقط مع إنه احتاج 4 فقط لأن "السوق صعبة للغاية وبعض الأندية تظن أن سوقها مختلفة عن الأخرين، لسنا فريقا مستعدا للدفع طيلة الوقت".
صرح سام ألاردايس مدرب إيفرتون الحالي في وقت سابق :"لا يوجد أي تشابه أو تقارب بين الجودة في مانشستر يونايتد وجاره سيتي، انظر للاعبين سمولينج وليندلوف وغيرهم لا يقتربون حتى مما قدمه ريو فيرديناند ونيمانيا فيديتش".
وواصل "انظر للجودة على مر الأعوام امتلك يونايتد أسماء مخيفة في الدفاع، ستام وفيديتش وفيرديناند وإيفرا وحتى نيفيل وكان هناك جوني إيفانز أيضا، وفي الوسط بول سكولز وكان هناك ديفيد بيكام وكريستيانو رونالدو وبالطبع رود فان نيستلروي وأندي كول وواين روني، انظر لكل تلك الأسماء وبالطبع نسيت أخرين، نعم كان هناك نوعية قليلة من اللاعبين المتواجدين حاليا من صفوف الفريق لكن هناك فكرة شاملة".
وأتبع "الفكرة هي، أنه كان هناك لاعبين أصحاب جودة ضعيفة للغاية لكنهم 4 أو 5 في تشكيل من النجوم الكبار، حاليا يتواجد نجم كبير أو اثنين فقط من أصل 11 لاعب هذا هو الاختلاف".
حتى وإن كان مانشستر يونايتد قد حقق انتصارات كبيرة هذا الموسم وسجل روميلو لوكاكو إلا أنه لم يتواجد قط في الموعد حينما احتاجه الفريق.
حينما خسر فريقه من تشيلسي لم يتواجد وحينما تعادل سلبيا مع ليفربول لم يتواجد والأمر ذاته ضد مانشستر سيتي بل وأهدر فرصا للتعادل وتسبب في هدفين.
جاري نيفيل صرح في وقت سابق :"ديفيد دي خيا هو اللاعب الوحيد الذي يعد من طراز عالمي في تشكيل مانشستر يونايتد".
وواصل "أعترف أنني ربما انتقدته في بداياته لكن مستواه حاليا أكثر من رائع ويتطور أيضا".
لوكاكو الذي انضم لمانشستر يونايتد بمبلغ 84.7 مليون يورو لم يسجل ضد ليفربول وتوتنام وتشيلسي وأرسنال ومانشستر سيتي وصنع هدفا وحيدا.
بالنظر إلى مانشستر سيتي فالفريق أنفق أمواله بحكمة شديدة وضم لاعبين في معظم المراكز وبالتحديد ضم من يرغب وليس من اضطر إلى ضمهم مثل يونايتد وبالتالي هذا الفارق في النقاط هو الفارق في القدرة على حسم التعاقدات كذلك.
قال سام ألاردايس :"سيتي قام بعمل سوق انتقالات ممتازة للغاية، انظر إلى جودة اللاعبين وقدرتهم على صنع الفارق، سيتي كان ذكيا وناجحا في السوق، يونايتد كان بحاجة إلى 6 لاعبين في وجهة نظري على الأقل وضم 3 فقط، ولا يقدمون الإضافة اللازمة".
هل يحتاج مانشستر يونايتد إلى مدير رياضي؟ بل هل يمكن أن يعين واحدا من الأساس؟
جماهير النادي طالبت بذلك في أكثر من مناسبة وأكثر من مرة أخرها خلال عام 2016، وقتها أراد البعض انضمام مونشي من إشبيلية إلى الشياطين الحمر.
لكن مانشستر يونايتد لم يكن يوما مهتم بتعيين مدير رياضي للنادي، إذ أنه مع وصول جوزيه مورينيو توقع الكثيرين حدوث ذلك لكنه لم يحصل.
يونايتد يعلم جيدا أن منصب المدير الرياضي وأي شخص موجود سيدعم موقف مورينيو في صرف الأموال، الأمر ذاته حدث حينما تم بيع كريستيانو رونالدو وتم وضع كافة الأموال في خزانة النادي. يونايتد في ذلك الموسم جمع مبلغ 104.47 مليون يورو وصرف مبلغ 27.4 مليون يورو في سوق الانتقالات.
موقع "مانشستر إيفينينج نيوز" نشر تقريرا في عام 2016 أوضح من خلاله أنه من المستحيل أن "يدعم" مجلس إدارة يونايتد مورينيو بمدير رياضي خاصة وأن تجربته السابقة مع خورخي فالدانو في ريال مدريد تعني أن منصب إد وودوارد سيكون في خطر وهو المقرب من العائلة المالكة للنادي.
وودوارد لديه عدد كبير من المدراء الذين يبلغونه دائما بالتقارير سواء ضد أو مع مورينيو وبالتالي هو بعيد كل البعد عن المشهد وعن الفريق أخر ما قد يهتم به هو كرة القدم، أخرهم كان جون مورتو الذي عين كرئيس لقسم تطوير كرة القدم في يونايتد، وكذلك هناك جون أليكساندر سكرتير النادي. وحاول إعادة بناء الأكاديمية لكن دون قوة لأنه "خبير بالأمور الاقتصادية أكثر من الكروية" حسب وصف عدد كبير من الصحف لوودوارد.
ربما يمتلك مورينيو الكلمة الأخيرة في سوق الانتقالات لكن سواء وودوارد أو مورتو أو مات جادج جميعهم لا يقدمون ما يكفي من دعم للفريق وبالتالي يعاني.
قال جيمي ريدناب :"أكاد أجزم أنه لا يوجد لاعبين من طراز عالمي سوى دي خيا، من فاز ضد أرسنال كان دي خيا، من يحصد النقاط هو دي خيا، لا يوجد لاعب أخر بإمكانه أن يقرر نتيجة المباريات سواه، ربما يكون مورينيو أخطأ فنيا قد يحدث، لكنه لا يمتلك لاعبين يساعدونه مطلقا".
الأمر وصل إلى أن يتم المقارنة بين فترة فان جال مع يونايتد ووصفها بأنها أفضل من فترة مورينيو وهي مغالطة كبيرة نظرا للقوة الدفاعية التي يتمتع بها الفريق حاليا، لكن تلك القوة تأتي من العمل الجماعي لكن حينما يؤول الأمر إلى معركة الشخصية والتنظيم يخسرها يونايتد وحدث ذلك ضد سيتي على سبيل المثال لا الحصر الخسارة جاءت من أخطاء فردية في التمركز ترجع إلى ضعف قدرات اللاعبين.
هناك حد معين للكل لاعب وهناك نجوم كبار لا حد لهم، الفارق في الدوري أصبح 13 نقطة وطوق النجاة الوحيد المتبقي لمانشستر يونايتد متمثل في دوري أبطال أوروبا، وبمستوى الفريق الحالي أصبحت الشكوك تحوم حتى حول إمكانية تخطيه لإشبيلية.
المشكلة ليست في طريقة اللعب، من الطبيعي أن ينفذ المدرب فكره في فريقه لأنه أول شخص سيحاسب على ما يقدمه وسيقال لسوء النتائج والإدارة هي من اختارت مورينيو، لكن أن يمتلك تشكيلا لا يحتوي على لاعبين كبار ولم يواكب تطور كرة القدم كما يجب.
سيتي فعل ذلك وضم لاعبين متميزين وخلط بين قدرات مدربه ولاعبيه، يونايتد يمتلك لاعبين متوسطي المستوى فلا يمكننا أن نلومهم على ما يحدث حاليا فهذا أقصى ما يستطيعون تقديمه حاليا والأمل الوحيد في التماسك الفني وانتظار معجزة ما في دوري الأبطال.
لمناقشة الكاتب