كتب : إسلام مجدي
"قد نكون افتقرنا للمبادرة، أو الفاعلية أو طريقة استكشاف الخصم لم تكن مثالية". كانت تلك تصريحات زين الدين زيدان في عام 2016 بعد التعادل بنتيجة 1-1 ضد فياريال.
زين الدين زيدان كان محقا فياريال تراجع ودافع دفاعا عميقا، والنادي الملكي لم يجري خلف ظهيري الجنب ولا بين الخطوط وكان يحضر من أمام التكتل الدفاعي وبالتالي الملكي عانى في تلك المباراة.
فياريال أذاق ريال مدريد الأمرين في تلك المباراة وكان أكثر حدة وقوة، لكن النادي الملكي مع مدربه الفرنسي سريع ويمتلك تلك الروح للاندفاع للخط الأمامي ومنطقة جزاء الخصم، كما أسماها جوليم بلاغ صحفي "سكاي سبورتس" :"روح المغامرة".
يقوم زين الدين زيدان وطاقمه الفني بتعقب الفريق خاصة نقاط الضعف الدفاعية في التمركز والتحرك وأفضل حالة دفاعية لهم لمعرفة من أين يضرب ذلك التكتل.
قال جرهام هانتر الصحفي البريطاني الشهير لشبكة "سكاي سبورتس" :"يفضل زين الدين زيدان الخصم الذي يستحوذ على الكرة والذي يسمح له بشيئين التسديد المباشر والمساحات في خط الظهر خاصة خلف ظهيري الجنب".
وأضاف "زيدان شجع لاعبيه على التسديد فور تواجد إمكانية لذلك، زيدان ذكي للغاية، إن يدرس خصمه ببراعة قبل المباراة ويخبر لاعبيه أن خصمه سيفعل عدة أشياء، الخصم بالطبع يقوم بتطبيق أسلوبه خاصة وإن كان مثلا مثل برشلونة يعتمد على الاستحواذ والتقدم وبالتالي هناك مساحات، هنا تجد لاعبي ريال مدريد يخبرون أنفسهم رأينا ذلك قبل المباراة نعلم جيدا ما نفعله زيدان مدرب رائع وأخبرنا ذلك".
ولا عجب أن ذلك حدث فعليا ضد يوفنتوس وقال لوكا مودريتش نفس الكلمات عن زيدان وعن خطته لمواجهة الفريق الإيطالي.
أوضح لوكا مودريتش نجم وسط الفريق ذلك بعد الفوز ضد يوفنتوس بنتيجة 4-1 في نهائي دوري أبطال أوروبا.
وقال :"زيدان وطاقمه التدريبي قاموا بتعقب دفاع يوفنتوس خاصة نقاط الضعف، وخلال الأسبوع ما قبل المباراة كنا نتدرب على التمريرات في الخط الخلفي".
وواصل "دفاع يوفنتوس رائع خاصة فيما هم منوط بنقطة قوتنا الأبرز الكرات العرضية، لذا لكنه ليس كذلك في الكرات التي تمرر خلف الدفاع على الأرض ومن الخلف للأمام".
واستطرد "عملنا بكد حول ذلك ولهذا ترى طريقتنا في تسجيل الأهداف في النهاية تشابهت كثيرا وذلك بفضل مدربنا وتفاصيله الصغيرة التي اهتم بها، كان ذلك سبب نجاحنا في النهائي".
فيما تحدث زين الدين زيدان مدرب ريال مدريد في وقت سابق حول أهمية الفوز بالكرة من خصمه في مناطق معينة في الملعب تسمح لنا بتنفيذ طريقتنا في العرضيات".
طريقة ريال مدريد كانت العرضيات القصيرة الأرضية تلك التي ضرب من خلالها بايرن ميونيخ في دوري أبطال أوروبا خلال الموسم الماضي. ريال مدريد إن خسر الكرة في منتصف ملعب الخصم كان يضغط بكل قوة لاسترجاعها ومحاولة نقلها، بالإضافة للتسديد فور التواجد أمام منطقة الجزاء.
يقول ديفيد جارسيا الكاتب الرياضي الإسباني :"أفضل المدربين في العالم هؤلاء الذين بإمكانهم تنظيم نقاط القوة في فريقهم ويركزون عليها أكثر من أي شيء أخر، وزيدان واحد من هؤلاء.
وواصل "إنه يسحب الخصوم لنقطة معينة من الملعب وأفضل المباريات التي يلعبها هي ضد الأندية التي تمنحه شيئين الأول المساحات والثاني هو أنهم يضغطونه في منطقة جزائه، من هنا يمكنه البناء أكثر لذلك قال في أكثر من مرة إنه يحب أن يفوز بالكرة من خصمه في مساحات معينة، ما قصده هنا أنه لا يرغب أبدا في الفوز بالكرة في منتصف الملعب، لكنه يحصل عليها إما في ثلثه أو ثلث الخصم".
وتابع "في المجمل يستحوذ ريال مدريد دائما على الكرة وأكثر منطقة يمتلكها فيها هي الـ20 أو 30 متر حول منطقة جزاء الخصم وليس في أي مكان أخر، إنه ببساطة فريق يحب المرتدات ولذلك إن كنت ترغب في الخسارة منه امنحه ذلك".
لماذا يفعل ريال مدريد ذلك؟ لكي يخلق لنفسه المساحة الكافية أمام المرمى ليصبح لدى المهاجمين ما يكفي من أماكن للتحرك حينما يقوم بإرسال كرة عرضية،
حينما قال زيدان إن فريقه كان يسارع للفوز بالكرة ضد بايرن ميونيخ قصد بذلك في الثلث الأخير ذلك الذي يعمل فيه الملكي، حينها يتحرك لاعب بعيدا عن منطقة الجزاء ويكون ذلك بنزيمة ثم يجري رونالدو بين الخطوط بجانب أحد لاعبي الوسط إما إيسكو أو توني كروس، فيما يترجع مودريتش للخلف، إن لعبا سويا فأحدهما يتجه لليمين والأخر لليسار ويتبادلان الأدوار كل ذلك لإرباك المنافس واستعادة لكرة في أسرع وقت.
تناقلت كذلك عدد من الصحف الإسبانية خطة زيدان لمواجهة برشلونة في الكلاسيكو في أبريل الماضي، وكتبت عدة تعليمات في الورقة التي كانت في الصحف.
التعليمات كانت توضح أن برشلونة يضغط ضغطا متقدما وعاليا وكانت تركز فعليا على طريقة إيقاف إيفان راكيتيتش وأندريس إنييستا وتحجيمهما من التحكم في خط الوسط. وكان ذلك لإجبار الخصم على اللعب من الأطراف بدلا من العمق وبالتالي سلبه نقطة قوته والاعتماد على نقطة قوة ريال مدريد الأفضل.
كذلك متابعة الثنائي ليونيل ميسي ونيمار دا سيلفا لاعب برشلونة السابق بمراقبة لصيقة من قلبي دفاع وسحبهما للعمق، وسيضطر كاسيميرو بسبب ذلك التراجع للخلف والتغطية، ونقطة القلق الوحيدة كانت التحركات القطرية للويس سواريز.
على سبيل المثال لا الحصر قال زين الدين زيدان في المؤتمر الصحفي قبل مواجهة برشلونة التي فاز بها بنتيجة 3-1 في كأس السوبر الماضية إنه يعرف خطة برشلونة جيدا، كان ذلك جليا وواضحا أنه درس خصمه مثلما فعل ضد يوفنتوس ويعي جيدا من أين تؤكل الكتف.
قال زيدان :"من سيلعب في موقع نيمار غدا لن يكون نيمار فلا يوجد لاعبون كثيرون مثله، ولكن بديله سيؤدي بشكل جيد بالتأكيد وبرشلونة سيظل برشلونة في النهاية".
وأوضح "نعرف طريقة لعب برشلونة ولن تتغير، وخططهم دائما ثابتة".
ثم أضاف "صحيح أن نيمار لاعب لا يمكن الاستغناء عنه لكن إذا فكرنا أن هذا سيجعل مواجهة برشلونة أسهل فنحن مخطئون".
هنا قصد زيدان الاعتماد على أسلوب معين وشكل معين للعب من قبل برشلونة وبالتالي نظام اللعب لن يختلف، هو يعلم كيف سيتصرف فريقه وكيف سيتجه لعزل وسط الخصم والاعتماد على أسلوبه. الفريق الكتالوني اتجه للعب كرات طولية وطريقة مختلفة قليلا كحلول لحل الأزمة ضد الملكي.
برشلونة أيضا هدد ريال مدريد من الأطراف أكثر من العمق، وفي المقابل ريال مدريد استغل الأطراف أكثر وكاد أن يسجل مبكرا عن طريق جاريث بيل إلى أن سجل بيكيه من مرماه بالخطأ.
يعتمد زين الدين زيدان على أن خصمه سيظل كما هو بدرجة كبيرة خاصة في المواجهات الكبرى، حينها يعتمد على إلقاء الطعم وسحبه للعب بنسق معين يتيح للملكي تسجيل الهدف وتشكيل خطورة.
قال زيدان في وقت سابق :"ريال مدريد فريق فريد من نوعه، نحن نعلم أننا نضايق أشخاص بعينهم لكننا لن نغير منهاجنا".
وتابع "إن فزنا فهذا يعني أننا لعبنا بطريقة جيدة ولا نعتمد على أي شيء أو أي شخص لدينا نظام معين نتبعه ولن نغيره ولا نعتمد على أحد".
إذا لماذا كسر توتنام القاعدة؟ بإمكان زيدان أن يجيب عن ذلك
"هناك بعض الفترات التي نجد خلالها الأهداف تسكن الشباك وفي بعض الأحيان هناك أهداف أخرى لا تفعل".
"واجهنا فريقا أفضل مننا في كل شيء فيما يخص لعب كرة القدم كان أفضل في كل شيء".
"في كل مباراة يجب أن نثبت كم نحن جيدين، كل مباراة على حدة".
قبل مواجهة بوروسيا دورتموند كان زين الدين زيدان يزرع الثقة في لاعبيه مرة أخرى وظهر ذلك جليا حينما قال لهم "بإمكاننا أن نفوز ضد أي خصم".
زيدان فعليا حاول خلال الموسم الماضي إثبات قدراته وفعل حينما واجه إشبيلية في كأس الملك وفاز بنتيجة 3-0 من دون بي بي سي، وإشبيلية كان يحب الضغط العالي وكان يلعب كرة هجومية بحتة المفضلة لدى زيدان.
بدأ بموراتا وماركو أسينسيو وجيمس رودريجيز وإشبيلية اضطر لبناء الهجمات من الخلف، ما جعل ريال مدريد يحصل على فرص أفضل لقطع الكرة في الثلث الذي يفضله وظهر ذلك بعد هدف جيمس الذي قطع فيه الكرة كاسيميرو.
لكن ماذا عن خصم مثل أتليتكو مدريد؟ لعب زيدان بطريقة 4-1-4-1 ضد الروخيبلانكوس في الدوري، ولعب بماتيو كوفاسيتش كمحور دفاعي وحظى إيسكو بدور حر خلف المهاجم رونالدو.
كان كل ذلك من أجل خلق ازدحام كبير في خط الوسط يمنع أتليتكو من لعب هجماته بطريقته، يحاول زيدان في كل مباراة أن يجد طريقة لكبح خصمه وضربه من نقاط ضعفه، أما الخصم الذي لا يغير تكتيكه قبل المباراة فيصبح صيدا سهلا.
قال جرهام هانتر :"أي خصم عاند نفسه قبل مواجهة زيدان ولم يفاجئه دفع الثمن غاليا، أي فريق بإمكانه أن يخسر من ريال مدريد إن لعب بخطته المعتادة، لكي تفوز ضد زيدان عليك أن تفاجئه الأمر تكرر كثيرا في المواجهات الكبيرة عليك أن تتخلى عن كبريائك".
وواصل "أن تمنح زيدان أفضلية كبيرة فهو يخبر لاعبيه قبل المباراة بكل ما سيفعله فريقك، وأنت؟ تسير حسب التيار كما يجب، وطالما ترتبك فأنت تمنح أفضلية".
وأتم "لم أجد بعد من يفاجئ زيدان، لكن حينما يحدث فهو يعترف ويقول إنه واجه فريق أفضل منه، وذلك له معنى واحد أن الخصم لم يترك له مجالا لتطبيق أسلوبه والارتباك يضرب ريال مدريد بدلا من الخصم".