كتالوج حجازي - "كيف تخسر معركة وتربح الحرب"
الإثنين، 18 ديسمبر 2017 - 18:23
كتب : إسلام مجدي وإسلام محمود
"من الأفضل أن تخسر معركة وتربح الحرب في النهاية" مثل قديم ينطبق على أحمد حجازي لاعب وست بروميتش ألبيون ومنتخب مصر بعد مسيرة حافلة أبرز أحداثها كانت إصابتين قويتين أبعداه عن الملاعب.
بإمكاننا النظر إلى مسيرة حجازي من الإسماعيلي إلى فيورنتينا إلى بروجيا إلى الأهلي ثم عودة إلى أوروبا. ثم نتساءل كيف أعاد حجازي نفسه إلى أوروبا؟
المدافع الأول في مصر في الوقت الحالي وأحد أفضل 3 مدافعين في القارة بالكامل مع إيريك بايلي وجويل ماتيب نجمي مانشستر يونايتد وليفربول على الترتيب، كيف حول حجازي مسيرته 180 درجة؟
19 مباراة من 19، أساسي في كل المباريات مع وست بروميتش، أكمل الـ90 دقيقة في كل المواجهات سجل هدفا وأخطأ مرة
من الإسماعيلي إلى الفيولا بمبلغ 1.5 مليون يورو. وقتها في 2012 عدد المحترفين كان في تزايد إلى سويسرا مثل محمد صلاح ومحمد النني مع بازل أو محمود عبد المنعم كهربا في لوسرن وغيرهم في البرتغال. مدافع منتخب مصر الشاب وقتها انضم إلى الدوري الإيطالي.
في تلك الحقبة تحديدا كان فيورنتينا قد قرر بدء مسيرة أو مشروغا جديدا فضم حجازي بجانب ماتيا كاساني وفاكوندو رونكاليا ومنير الحمداوي وكريستيانو لوباتيلي وخوان كوادرادو وماتياس فيرنانديز وإيميليانو فيفيانو وديلا روكا وبورخا فاليرو وجونزالو رودريجيز وألبيرتو أكيلاني وديفيد بيتزارو ونيناد توموفيتش وكريستيان سافيتش ولوكا توني وغيرهم. ربما ميزت بعض الأسماء لكن كان ذلك الجيل الذي وضع فيورنتينا في المركز الرابع في جدول الدوري تحت قيادة فينشينزو مونتيلا.
تواجد على مقاعد البدلاء في 12 جولة، قبل أن يشارك للمرة الأولى ضد أتالانتا في الجولة الـ13 لعب لـ14 دقيقة في فوز فريقه بنتيجة 4-1.
بعد ذلك بـ10 أيام وبالتحديد في 28 نوفمبر عام 2012 لعب 90 دقيقة رائعة ضد يوفي ستابيا وسجل هدفا في فوز الفيولا بنتيجة 2-0 في الدور الرابع من بطولة كأس إيطاليا.
تعرض حجازي لقطع في الرباط الصليبي في أحد تدريبات فيورنتينا بعد أن قدم أداء ممتازا عرف نفسه منه للدوري الإيطالي.
ليصرح مونتيلا :"آسف لإصابة حجازي، فهو لاعب ذو إمكانيات جيدة جدا".
وواصل "الإصابة أمر سيء الحظ بالنسبة له، والاهم حاليا هو تعافيه بنسبة 100% فهذا هو هدفنا الأول".
ضربة قوية تلقاها الدولي المصري لكنه كان دوما واثقا من نفسه وقدراته ويحب التحدي طيلة الوقت.
في فترة الناشئين مع الإسماعيلي كان هناك حديثا يدرو حول كونه بطيئا بعض الشيء، لكنه كعادته تغلب على هذا التحدي.
حجازي لم يستسلم لذلك وعندما تم تصعيده للفريق الأول قال عنه أشرف خضر لـFilGoal.com :"وجدناه لاعبا مختلفا يمتلك ثقة كبيرة في نفسه ويرى نفسه مميزا بين أقرانه، دائما كان يمتلك الطموح".
وواصل "لا تشعر مع حجازي أنه لاعب موظف ينفذ التعليمات بالحرف، إنه صاحب عقلية كبيرة ورائعة، توقعنا على هذا الأساس أنه سيكون له شأن كبير قريبا وهذا ما حدث وانضم إلى الدوري الإيطالي".
للأسف مسيرة حجازي في إيطاليا لم تكن حافلة، كما هو متوقع في موسمه الأول لعب 3 مباريات وسجل هدفا.
والموسم التالي لم يكن بأفضل حال في 2013-2014 لعب مباراة وحيدة ضد تورينو بسبب الإصابة عملية جديدة في الركبة وضربة أقوى.
لكي يكتسب مزيدا من اللياقة انضم إلى بورجيا على سبيل الإعارة من فيورنتينا.
صرح حجازي "أنا من طلب تلك الإعارة لأن الدوري صعب للغاية وكذلك لتحسين الصورة بعد الإصابة في الركبة".
شارك حجازي في 10 مباريات بدوري الدرجة الثانية الإيطالي ليعود إلى الفيولا.
قال حجازي عن تلك الفترة :"أعتقد انني قدمت مستوى طيبا مع نادي بروجيا، نحن كنا على بعد 3 نقاط من التأهل إلى الدوري الإيطالي الدرجة الأولى".
عاد حجازي إلى فيورنتينا في شهر يونيو، وفي شهر أغسطس انضم إلى الأهلي المصري مجانا.
جاء حجازي أيضا ضمن عدد من الصفقات التي قام بها الأهلي ليبدأ حقبة ذهبية بهم كان ضمن 8 صفقات وهم رامي ربيعة وأحمد حجازي وأحمد فتحي وصالح جمعة وأحمد الشيخ ومحمد حمدي زكي وجون أنطوي وماليك إيفونا.
ظن الكثيرون أن حجازي كتب النهاية لمسيرته الاحترافية بالعودة للأهلي في 2015، بعد 3 أعوام غير ناجحة في إيطاليا منذ الانتقال من الإسماعيلي بمبلغ 1.5 مليون يورو مع فيورنتينا وبيروجيا ما بين 2012 و2015 كانت حصيلتها 14 مباراة فقط، وإصابتان في الركبة ومدة غياب تجاوزت العام، سيرة ذاتية غير مشجعة لأي ناد يفكر في مدافع في التفاوض مع نجم دفاع الشياطين الحُمر. الأهلي قيمة كبيرة قاريًا وعالميًا لكن الدوري المصري مقارنة بالدوريات الأوروبية يظل خطوة للخلف في مسيرة أي لاعب شاب.
خاض النجم المصري 56 مباراة مع الأهلي خلال عامين سجل خلالها هدفين وصنع هدفا، كان أحد أبزر لاعبي المارد الأحمر ومن أفضل المدافعين في مصر، كان أحد أعمدة هيكتور كوبر مدرب المنتخب الدفاعية وأحد أسلحته للتأهل إلى كأس الأمم الإفريقية 2017 وبلوغ النهائي وكذلك الأمر حتى التأهل إلى كأس العالم.
نقطة التحول الحقيقية والتي لفتت الأنظار إلى حجازي كانت كأس الأمم الإفريقية، حينما قدم مستوى مبهرا للغاية قاده للتواجد ضمن فريق البطولة.
في إنجلترا كانت هناك حالة كراهية لبطولة كأس الأمم الإفريقية، خاصة وأنها تأخذ عددا من اللاعبين المهمين في منتصف الموسم من أنديتهم. لم يكن محمد صلاح قد انضم بعد إلى ليفربول فقط محمد النني مع أرسنال وأحمد المحمدي مع هال سيتي ورمضان صبحي مع ستوك.
اتجهت عدد من الصحف الإنجليزية ووسائل الإعلام للتنويه على ضرورة متابعة كأس الأمم الإفريقية 2017. خاصة وأنها بها عدد من المميزات.
نشرت صحيفة "دايلي ميل تقريرا قالت فيه :"يجب أن تتابع كأس الأمم الإفريقية لـ5 أسباب أولها الجودة، قد تواجه إفريقيا مشاكل في التنظيم، لكن في الملعب الكرة الإفريقية تنتج مواهب ممتازة".
وواصل "ثانيا الإثارة وبالطبع هي أكثر بطولة مشوقة هناك، وثالثا إن أردت أن تجد المواهب فهي أفضل بطولة لذلك وكذلك ستضمهم بأفضل الأسعار، منهم إريك بايلي لاعب مانشستر يونايتد ورابعا شغف الجماهير، وخامسا المدربون هناك".
الأهلي حسب تقارير صحفية سعودية رفض عرضا من أهلي جدة لضم أحمد حجازي. لم يكن يعلم كلاهما ما يخبئه القدر للاعب.
وست بروميتش ألبيون ظهر سريعا على الساحة وقرر ضم اللاعب قبل أيام من بدء الجولة التحضيرية، على سبيل الإعارة لمدة موسم مع أحقية الشراء.
وقتها كانت هناك عدة انتقادات جماهيرية للصفقة إما لأنها مجهولة وإما لإصابات حجازي السابقة.
صرح مارتن سواين مدير الاتصالات بنادي وست بروميتش لـFilGoal.com :"لنكن منطقيين تلك هي ثقافة مواقع التواصل الاجتماعي حاليا، بكل تأكيد هذه التعليقات لا تعبر عن رأي غالبية جماهير وست بروميتش أو معظم الجماهير، نحن نتطلع لمشاركته ونحترمه كثيرا وتابعناه ونعي أهميته".
وقال توني بوليس مدرب النادي السابق لـFilGoal.com "ليس من السهل على اللاعبين أن يأتوا من بعيد عبر البحار ويتكيفون بكل بساطة على الوضع هنا، تخيل كم من الصعب عليك أن تأتي إلى إنجلترا للعمل، ولا يوجد اختلاف حول ذلك بينه وبين كرة القدم واللاعبين".
ما ساعد حجازي أيضا هو إتقانه للغة الإنجليزية فلم يتطلب وقتا ليتكيف على الأجواء وهو ما شدد عليه بوليس لـFilGoal.com
"لغته الإنجليزية ممتازة وساعدته كثيرا، وقد انسجم بطريقة رائعة مع بقية اللاعبين، إنهم مجموعة مترابطة تعتني ببعضها البعض وحجازي كان ملائما للغاية معهم".
"حجازي الآن يلعب في أفضل دوري في العالم، لا أعتقد أنه توجد شكوك حول ذلك الأمر الجماهير بإمكانها المجادلة حول من يكون الأفضل في العالم، لكنني أعتقد أنه لا يوجد مكان بهذه القوة سواء على صعيد المتطلبات البدني أو الانفعالات والضخامة مثل الدوري الإنجليزي".
"سيكون تحديا لحجازي خاصة على الجانب النفسي، عليه أن يتكيف نفسيا مثل أي شيء أخر، إنه يؤدي جيدا جدا".
وتحدث كذلك FilGoal.com مع ريتشارد جارليك المدير الرياضي بالنادي والذي قال :"بالطبع نحن نعرف ما يمتلكه من موهبة، وضممناه لسبب كروي جيد جدا، إنه مدافع دولي خبير ولديه موهبة وقوة بدنية نحتاجها في فريقنا".
منذ أول مباراة بالدوري الإنجليزي له ضد بورنموث سجل هدفا وأعلن عن حضوره القوي وحصل على ألقاب مثل "البطل" و"الشجاع" من موقع النادي الرسمي وشبكة "سكاي سبورتس".
تحدث آرون فلانجان صحفي "ميرور" لـFilGoal.com عن الدولي المصري قائلا :"لم أتوقع أبدا ما يقدمه حجازي إنه مفاجأة هذا الموسم للجميع هنا في إنجلترا".
وواصل "بكل تأكيد انبهرت بما يقدمه مع وست بروميتش لقد مر بموسم رائع".
وأتبع "نعم موسم فريقه سيء لكنه من إيجابيات الموسم في إنجلترا، وأعتقد أنه سيلعب قريبا لأحد أندية الستة الكبار في إنجلترا".
مسيرة أحمد حجازي تختلف قليلًا عن غيره من المحترفين المصريين مثل أحمد حسام ميدو وأحمد حسن ومحمد صلاح على سبيل المثال لا الحصر، اللاعب المحترف غالبًا يبدأ مسيرته محليًا في بلده الأصلي، ثم ينتقل لناد أوروبي يختلف حجمه حسب موهبة اللاعب لكن في الأغلب لا يكون ضمن الصفوة، إذا استمر مستواه المميز ينتقل لنادِ أكبر ويتدرج حتى يصل لأحد أندية القمة في دوري معين كالإنجليزي أو الإيطالي، ثم يعود في النهاية ليختم مسيرته في بلده الأصلية لعام أو عامين قبل الاعتزال.
4 أشهر فقط قضاها حجازي مع وست بروميتش لعب خلالها 19 مباراة أساسيًا، انتصاران في بداية الموسم أحدهما بهدف سجله بنفسه ليحصل على جائزة رجل المباراة من جانب وست بروميتش مرتين على التوالي.
بداية رائعة بعدها بدأ السقوط، وست بروميتش لم ينتصر منذ أغسطس، 16 مباراة انتهى نصفها بالتعادل ونصفها بالخسارة، استقبلت شباك الفريق فيها 24 هدفًا، نتائج كارثية دفعت بالباجيز للمركز الـ19 بفارق نقطتين عن سوانزي صاحب المركز الأخير، بعيدًا بنقطتين عن ستوك سيتي صاحب المركز الـ17 قبل مراكز الهبوط.
الإدارة قامت بإقالة بوليس وانتداب آلان باردو بدلًا منه، مكان حجازي في خطر؟ لا مشكلة، مدافعنا المصري أساسي مع باردو في 4 مباريات حتى الآن بأداء مميز أوقف به هداف الدوري وزميله في منتخب مصر محمد صلاح ليحصد وست بروميتش نقطة هامة أمام ليفربول، ثم أداء آخر مميز في مباراة مانشستر يونايتد برغم الخسارة 1-2. أحد عيوبه القديمة كانت البطئ، هذا لم نلحظه أمام واحد من أسرع لاعبي العالم حاليًا (محمد صلاح) والذي يلعب في فريق يعتمد على السرعة ومباغتة الخصوم، تطور حجازي بشكل ملفت ونجح في إخفاء البطئ في أدائه.
1677 دقيقة هي حصيلة موسم حجازي حتى الآن قبل انتصافه في فترة الأعياد، في 3 سنوات في إيطاليا شارك حجازي إجمالًا في 987 دقيقة مع بيروجيا وفيورنتينا، تجاوز عدد مبارياته في إيطاليا بـ5 مباريات كاملة قبل بلوغ ديسمبر.
الأمر لا يتوقف هنا، أداء حجازي المميز لفت الأنظار في الدوري الإنجليزي، تأقلم سريعًا وحجز مكانه أساسيًا منذ البداية بفضل إجادته للغة الإنجليزية حسبما ذكر مدربه آلان باردو، ورغم أنه يلعب في فريق من فرق القاع حاليًا إلا أنه دخل تشكيل أفضل لاعبي الجولة أكثر من مرة هذا الموسم وفاز بجائزة رجل مباراة فريقه 3 مرات، ارتبط به ليفربول وليستر سيتي لدعم دفاعهما في يناير، لكنه كان قد نجح في إقناع مسؤولي وست بروميتش بقيمته بالفعل فقاموا بتفعيل بند الشراء حتى عام 2022.
قد يرحل حجازي نهاية الموسم إذا هبط وست بروميتش للدرجة الأولى الإنجليزية، قد يرحل أيضًا إذا استمر فريقه رغم تأكيداته نفسه ومدربه بأنه جزء من مشروع الفريق المستقبلي وحجر أساس ستتم بالبناء حوله لكن وست بروميتش قد يرضخ للعروض التي ستأتي لحجازي لا محالة إذا استمر في الإبهار في الدوري الإنجليزي مثلما يفعل.
"يقولون أن من لا يُغامر، لا يشرب في النهاية شامبانيا - دلالة على عدم تحقيق الانتصار -، ووست بروميتش غامر في سوق الانتقالات، والآن هم يشربون أفضل شامبانيا - دليل على نجاح صفقة حجازي – " – كريستيان إيميلي وكيل حجازي.
من الأفضل أن تخسر معركة وتربح الحرب في النهاية، مثل قديم ينطبق على مسيرة أحمد حجازي، الذي حارب الإصابات وتجربة سابقة فاشلة ليتألق مجددًا ويحيي مسيرة أوروبية جعلت لنا مدافعًا مميزًا في الدوري الأقوى في العالم وأبرزت اسم مصر بشكل أفضل على الساحة الأوروبية.