"هذه هي الصورة التي رسمتها لنفسي، والآن وأنا أنظر إلى بانوراما حياتي تمتد أمام عيني بكل ما شهدته وما صاحبها من أحاسيس، هل يمكن أن أقول إن هذه الصورة قد تحققت؟ أو على الأقل أصبح في الإمكان التعرف عليها".

هذا كان جزء من مقدمة كتاب "البحث عن الذات، قصة حياتي" الذي ألفه محمد أنور السادات رئيس مصر الراحل يحكي فيه عن قصة حياته، وبطريقة ما تلك الكلمات والعنوان يمثلان رحلة طرفي مواجهة دور الـ16 من بطولة دوري أبطال أوروبا.

يدخل توتنام ويوفنتوس دوري أبطال أوروبا بمهام مختلفة، كلاهما يبحث عن هدف مختلف، الفريق الإنجليزي يطمح لأن يكون وسط الكبار، والإيطالي "يحلم" بالفوز بلقب دوري أبطال أوروبا.

البحث عن الذات.. توتنام

قال ماوريسيو بوكتينيو مدرب توتنام قبل القرعة :"في الموسم الماضي خرجنا من دوري الأبطال وركزنا على الدوري الإنجليزي، بددنا طاقة كبيرة في دوري أبطال أوروبا وكان من الصعب خوض البطولة مع الدوري".

وواصل :"خلال الموسم الجاري كنا مثل فريق أراد أن يظهر أنه قوي في أوروبا أيضا مثل إنجلترا، وقد يكون ذلك ما شتتنا في الدوري".

إنها مشكلة توتنام الكبيرة والتي يعاني منها "الفريق الذي لا يحقق المنتظر منه". يمكنه المنافسة طوال الموسم لكنه في النهاية ينتهي به المطاف في المركز الثاني أو الثالث أو الرابع، حدث ذلك في الموسم الماضي وفي الموسم الذي سبقه لم يكن نفسه طويلا بما يكفي في سباق اللقب حتى الأمتار الأخيرة من المنافسة.

هاري كين مهاجم ونجم الفريق قال :"كنا في المجموعة مع ريال مدريد وبوروسيا دورتموند وفعلنا قدر المستطاع، نحن لا نخشى أي أحد".

وأوضح "لكي تصل بعيدا في دوري الأبطال عليك مواجهة أفضل الأندية في أوروبا، سنرى خصمنا المقبل وسيكون أمرا مشوقا".

توتنام بالطبع لن يفكر في الفوز بدوري أبطال أوروبا إلا حينما يفوز محليا بالألقاب إضافة إلى وصوله لمرحلة بعيدة من المسابقة الحالية. وبالتالي هو يعيش مغامرة جميلة بالنسبة له في البطولة الحالية.

قال دونكان كاسلز صحفي "تايمز" لـFilGoal.com :"لكي يصبح فريقا كبيرا عليه بمواجهة الكبار واكتساب الخبرات لن يكون ضمن مصاف هؤلاء إلا حينما يكون خبرة من تلك المباريات".

وصرح أدريان كلارك لاعب أرسنال السابق ومحلل رابطة الدوري الإنجليزي لـFilGoal.com "توتنام فريق رائع لكنه لديه نقطتين ضعف ليس جيدا خارج ملعبه ويفتقد لجودة اللاعبين الكبار والجودة على مقاعد البدلاء".

ما يجعل الفريق اللندني يواجه خطرا كبيرا في مواجهة فريق بحجم يوفنتوس يمتلك من الخبرة ما يكفي في دوري الأبطال وكذلك مجموعة من النجوم.

توتنام طوال تاريخه لعب ضد الأندية الإيطالية 15 مباراة لكنه لم يواجه يوفنتوس قط في مباراة رسمية، وفاز في 5 مباريات وخسر 4 وتعادل 6 مرات.

الفريقان تواجها وديا على مدار العامين الماضيين فاز توتنام في مباراة وفاز يوفنتوس في مباراة.

ضد ميلان فاز مرتين وتعادل مرتين وضد إنتر ميلان فاز مرتين وخسر مرتين وضد فيورنتينا فاز مرة وخسر مرة وتعادل مرتين وضد لاتسيو تعادل مرتين وضد أودينيزي خسر مرة.

قال ريتشارد كيز مقدم البرامج الإنجليزية ومذيع "بي إن سبورتس" لـFilGoal.com "توتنام بحاجة للفوز بشيء ما في إنجلترا أولا يحتاج لاكتساب خبرة الفوز، في أوروبا الوضع أصعب بكل تأكيد والفريق يعي أنه يعيش مغامرة قوية سيكتسب من خلالها خبرة وبوكيتينيو اعترف بذلك سابقا".

توتنام سيكون في رحلة للبحث عن هوية بطل ربما ليس في أوروبا وربما قد يفعل، لكنه عليه أولا أن يتخطى يوفنتوس الذي سيواجهه لأول مرة.

قصة حياتي

حقق يوفنتوس لقب دوري أبطال أوروبا مرتين، أخر مرة فعلها كانت في موسم 1995-1996 ضد أياكس، بعد ذلك وصل النهائي 5 مرات ولم يفز في أي منها. وفي المجمل لعب يوفنتوس في نهائي دوري الأبطال 9 مرات فاز مرتين فقط.

إنه حلم استعصى على الفريق الإيطالي طوال الوقت، كلما حاول تحقيقه يصطدم بخصم يسلبه ذلك الحلم بكل بساطة، وأخر من فعلها كان ريال مدريد وبنتيجة 4-1.

كما أنه وصل إلى نصف النهائي 12 مرة. يوفنتوس بإمكانه مؤخرا أن يعود من بعيد في الدوري الإيطالي ويتوج باللقب وفعلها خلال الموسم الماضي وهيمن محليا لكن في أوروبا وضعه مختلف.

صرح أليجري قائلا :"أخر 3 أعوام كانت رائعا ووصلنا إلى نهائي الأبطال مرتين، الأول كان غير متوقع لكن الثاني كانت آمالنا عريضة للفوز به".

وواصل "لم ننجح لكننا سنفكر في الأمر كنجاح لأنه لا يمكن للجميع اللعب في نهائي دوري الأبطال".

وأردف "لا يمكن للفوز بدوري أبطال أوروبا أن يصبح هدفا لكنه حلم، ولكي تحققه عليك أن تعمل بكد لسنوات عديدة وفوق كل شيء تطور نوعية معينة من العقليات في فريقك".

واسترسل "يوفنتوس يهدف لأن يتواجد ضمن الأندية الـ8 الكبرى في أوروبا، لكي يفعل ذلك فهو بحاجة لضم لاعبين أصحاب جودة كبيرة، أعتقد أن النادي يقوم بعمل جيد للغاية في هذا الصدد".

قصة يوفنتوس في دوري الأبطال قد تستمر أحيانا إلى النهائي منذ عام 1995 أي منذ 22 عاما وحتى قبله لكنه يتوج باللقب بصعوبة بالغة.

صرح فيديريكو فاركوميني محلل التلفزيون البريطاني لـFilGoal.com "يوفنتوس قد نراهن عليه حتى بلوغه النهائي، حينها سيخسر، إنه يعيش في تلك الدائرة منذ فترة".

وأضاف "هل هو ناد كبير؟ جدا لكن هل يمتلك ما يكفي للفوز باللقب الغالي؟ أشك، إنه سيواجه توتنام وهذا خصم صعب للغاية، خاصة إن وضعنا في اعتبارنا أن الفريق اللندني يعيش ما يشبه المغامرة عكس يوفنتوس لا يمكنه أن يغامر بل يسير بخطوات محددة فلا مجال للأخطاء ولديه ما يخسره فعليا عكس توتنام".

واستطرد "راجع مباراة ريال مدريد في العام الماضي، الشوط الثاني وما حدث فيه كان قلة خبرة، نعم هناك أصحاب جودة وخبرة تواجدوا مثل ألفيس وماندوزكيتش وحتى بيرلو وإيفرا، لكن لم يكن ذلك كافيا، الخبرة الفردية وحدها لا تكفي يوفنتوس كان بحاجة لتلك الخسائر ليكون خبرة، والتحدي الأكبر هو هل تعلم شيئا من كل ذلك أم سيخسر مجددا؟".

يوفنتوس يمتلك خبرة كبيرة للغاية في مواجهة الأندية الإنجليزية تحديدا لعب ضدهم في 44 مباراة فاز في 18 مباراة وتعادل في 11 مباراة وخسر 15 مباراة. التفوق طفيف للفريق الإيطالي لكنه خبير جدا بمواجهة الأندية الإنجليزية.

أكثر فريق إنجليزي واجهه يوفنتوس في دوري الأبطال كان مانشستر يونايتد بـ12 مباراة فاز ضده في 5 وتعادل مرتين وخسر 5. وضد الأندية اللندنية لعب 12 مباراة 6 ضد أرسنال وفاز في مباراة وتعادل مرتين وخسر 3، وضد تشيلسي 4 مرات فاز في مباراة وتعادل مرتين وخسر مرة وضد فولام فاز مرة وخسر مرة أي في المجمل فاز 3 مرات وخسر 5 مرات وتعادل 4 مرات أي المعدل ليس في صالحه.

توتنام ليس بالخصم السهل على الفريق الإيطالي، ضمن الأربعة الأوائل في الدوري الإيطالي فالبيانكونيري أضعف دفاع إذ أنه استقبل 14 هدفا مقابل 10 أهداف استقبلها إنتر ونابولي وروما.

لكن توتنام ليس أقوى خط هجوم في الدوري الإنجليزي إذ أنه سجل 28 هدفا في 16 مباراة واستقبل أيضا 14 هدفا مثل يوفنتوس.

المواجهة ليست سهلة على الإطلاق حتى وإن كان توتنام في المركز السادس في الدوري ويوفنتوس في المركز الثالث مع احتمالية اعتلائه الصدارة، في النهاية النادي اللندني قد يصب جام تركيزه على دوري أبطال أوروبا للوصول بعيدا ويوفنتوس بكل تأكيد لن يفرط في لقب الدوري مما يزيد المباراة صعوبة.

يقول فيديريكو لـFilGoal.com "يوفنتوس لن يفرط في أي لقب، بالنسبة لتوتنام إن ركز بشكل كامل مثلما فعل تشيلسي عام 2012 فقد يحقق شيئا ما، لا نعلم بعد إلى أين قد يصل بمغامرته ومباريات الدوري ليست مقياسا لأي شيء، أؤكد أنه قد يكون مفاجأة في البطولة لا أحد يعلم ما سيحدث".