قد تعتاد في الفترة الأخيرة على سماع كلمات المديح والثناء في حق ابن قرية بسيون الذي ذاع صيته في الأفق وبات الأشهر في أقوى دوريات العالم " الدوري الإنجليزي الممتاز "، فلا جديد يُقال ولا قديم يُعاد، فبالأمس كان الحديث عن صلاح، واليوم كان المديح في صلاح، وغداً بإذن الله سيكون لصلاح.
ولكن التساؤل الذي يدور في ذهن الكثير من الباحثين في أمور الساحرة المستديرة الآن، ليس كم الأهداف التي سجلها صلاح وإنما كيف انفجر بهذا الشكل، وكيف وصل إلى هذا المعدل التهديفي، ولماذا الآن، وهل هناك أسباباً حقيقية أم أنها مجرد صدفة.
حتى وقت قريب وتحديداً قبل بدء الموسم الحالي، كنت أرى شخصياً أن محمد زيدان هو أفضل محترف مصري من حيث الجمع بين المهارة والسرعة والمتعة والتسجيل والذكاء، كنت أرى صلاح لاعباً رائعاً ولكنه لم يقنعني برغم أهدافه مع روما ومن قبله فيورنتينا وبازل أنه الأفضل بين كل المحترفين المصريين، ولم يجعلني كمشاهد أصل لتلك البهجة التي كانت تحضرني كلما اقتربت الكرة من قدم زيدان صاحب السرعة والجرأة والمهارة.
هذا الموسم الوضع اختلف كثيراً، صلاح أثبت لي أنه بالفعل بات الأفضل في تاريخ المحترفين المصريين في كل شيء، ليس ذلك فحسب، فقد تعدى مرحلة المقارنة بالمحترفين المصريين ليصبح من بين الأفضل في العالم من وجهة نظري. ولكن ما هو السبب في ذلك الانفجار؟ لماذا انفجر هذا الموسم تحديداً؟
السبب الأول.. تغيير المركز
تماماً كما فعل فالفيردي هذا الموسم مع ميسي، فعل كلوب مع صلاح، فاللاعب الأعسر ترك اللعب على الطرف الأيمن وبات أقرب للمرمى باللعب في العمق أمام منطقة الجزاء، وهو ما جعل خطورته على المرمى وفرصه التهديفية تزداد في كل مباراة.
في إسبانيا، انفجر ميسي مع تغيير مركزه وتصدر ترتيب هدافي المسابقة من البداية بواقع 13 هدفاً حتى الآن. وفي إنجلترا، انفجر صلاح وتصدر ترتيب هدافي المسابقة بواقع 12 هدفاً حتى الآن، ليس ذلك فحسب بل وسجل 5 أهداف في دوري أبطال أوروبا.
السبب الثاني..سرعة التفكير
صلاح الآن لا يحتاج وقتاً للتفكير في كيفية التصرف في الكرة، فهو يسبق المدافعين دائماً بثلاث أو أربع ثواني، وهي من صفات اللاعبين الكبار أمثال نيمار وميسي.
صلاح أصبح يمرر من لمسة واحدة، ويأخذ القرار قبل أن تصله الكرة فلا يحتاج وقتاً للتفكير، وهو ما يصعب كثيراً مهمة أي مدافع في توقع ما سيقوم به صاحب الـ 25 عاماً.
السبب الثالث.. الثقة
هل تتذكر صلاح في روما ؟ هل تتذكر انتقادات سباليتي حتى عندما يسجل أبو مكة؟
مع كلوب الوضع يختلف تماماً، فهو دائماً ما يعطي الثقة للاعبيه. تماماً كما كان يفعل مع محمد زيدان من قبل في ماينز ودورتموند، يفعل الآن مع صلاح في ليفربول وهو ما كان له أكبر الأثر على جاح المنتخب المصري ، فنجده يلعب بمننتهى الأريحية والثقة ولا يخشى المنافس.
في روما كان صلاح حين يجد نفسه في موقف 1 ضد 1 يعيد الكرة للخلف على الأغلب، أما في ليفربول أصبح أكثر تحرراً، أجرأ وصاحب المبادرة دائماً في المرور والمراوغة في موقف 1 ضد 1 وأحياناً في موقف 1 ضد 2 وفي أغلب الأحيان ينجح في المرور.
السبب الرابع..اللمسة الأخيرة
دائماً ما كنت أطالب صلاح بإتقان اللمسة الأخيرة والتدرب عليها، وهو ما أتقنه الفرعون بعد 6 سنوات من الاحتراف الأوروبي.
قدرة الدولي المصري على التسجبل أمام المرمى تطورت كثيراً، وباتت إمكانية ضياع الفرصة أو إهدارها في أضيق الحدود.
السبب الخامس.. الرؤية
مع ليفربول بات صلاح يمتلك رؤية أوسع وأفضل للملعب، خاصة مع تغيير مركزه للعمق كما أشرنا في النقطة الأولى، فتطورت رؤيته وكشفه لكامل الثلث الأخير من الملعب، وتطورت قدرته على صناعة الأهداف بشكل رهيب.
ببساطة صلاح الآن بات المحرك الأول لخط الهجوم بالكامل.
الاثنين القادم سنكون على موعد مع الإعلان عن الفائز بجائزة BBC لأفضل لاعب إفريقي لعام 2017، وتشير كل التكهنات لحسم أبو مكة لهذه الجائزة بعد أن حسمها محرز العام الماضي.
ومطلع الشهر القادم سنكون مع الحدث الأهم والأبرز وهو جائزة الكاف التي تمنح لأفضل لاعب في إفريقيا لعام 2017 وهي التي يستحقها صلاح عن جدارة واستحقاق، وإن لم يفز بها فستكون كما قال المعلق العربي التونسي عصام الشوالي "سرقة علنية".