كتب : إسلام مجدي
"نرغب في أن نؤدي بشكل أفضل في كل قسم، بالطبع نرغب في أن يكون لدينا الفريق الأفضل". كانت تلك كلمات أرسين فينجر في شهر مايو الماضي.
حينما تولى فينجر تدريب أرسنال في 1996 نمت سمعة كبيرة للنادي اللندني في قدرته على إيجاد وإنتاج مواهب شابة بارعة ومتميزة، فينجر كان العقل المدرب وراء تلك الثورة والتي أصبح لأرسنال فيها عدد من اللاعبين الموهوبين من دوريات أوروبية مختلفة.
ضم أرسنال مع فينجر باتريك فييرا، نيكولاس أنيلكا، ريمي جارد، مارك أوفرمارس وغيرهم من المواهب في أول عامين له في مهمته كمدرب، استمرت سياسته تلك في بدايات الألفية ليضم فريدي ليونبرج وتيري هنري وروبرت بيريز وجيلبرتو سيلفا وجايل كليتشي وسيسك فابريجاس وغيرهم من النجوم.
لكن مع بدايات العقد الجديد ومنذ عام 2010 وما تلاه أصيبت سياسة الصفقات والكشافين في أرسنال بالعطب، وفشل الفريق في ضم لاعبين متميزين حول أوروبا واعتمد في إحدى الفترات على المخضرمين مثل بير ميرتساكر ولوكاس بودولسكي وغيرهم أو مروان الشماخ وسيباستيان سكيلاتشي ومن يقع في نفس القائمة.
بالطبع لم يتطلب الأمر تواجد كشاف كبير لمعرفة أن ميسوت أوزيل أو أليسكسس سانشيز يتمتع بالموهبة الكافية لينضم إلى النادي، وحتى مع أليكساندر لاكازيت وبيتر تشك، كانوا جميعا معروفين في عالم كرة القدم ولاعبين دوليين متميزين.
أرسنال حاول تطوير بنيته الإدارية كثيرا لذلك ضم أولا بن وريجلسورث كشاف ليستر سيتي إلى طاقمه الفني في فبراير 2016.
نقطة أخرى هي أن أرسنال عمل بنفس النظام لمدة طويلة دون أن يطوره، ليستقيل ديك لو مدير تعاقدات النادي خلال شهر سبتمبر الماضي بعد عدد كبير من الانتقادات حول فشله في ضم لاعبين أقوياء خلال الفترة الأخيرة.
ديك لو كان أحد أبرز حلفاء فينجر في النادي اللندني والذي كان مسؤولا عن التعاقدات في أخر 8 أعوام وعمل في أمريكا الجنوبية سابقا، كما أنه لعب دورا حيويا في الحصول على خدمات أوزيل في 2013، لكن فشل الفريق في الحصول على اللاعبين الذين يرغب في ضمهم جعله يفقد منصبه.
لعل أبرز لحظات الفشل كانت حينما لم يتمكن من ضم توماس ليمار جناح موناكو خاصة مع التقدم بعرض بقيمة 92 مليون جنيه إسترليني حسب تقارير صحفية في اليوم الأخير من السوق.
مع خسارة خدمات لو، كان على أرسنال التحرك في خطوته التالية لتطوير بنيته الإدارية، خاصة مع تقارير صحفية قالت إن النادي يبحث عمن يشغل منصب مدير رياضي.
لكن هل يرضى فينجر بمدير رياضي؟ يجيب بنفسه عن ذلك قائلا :"بعض المدربين يحبون التدريب فقط وسعداء بذلك، لكنني لا أحب ذلك الأمر، بإمكاني التغيير عبر محاولتي أن أتطور، ليس شخصيا، لدي خبرة لمدة 40 عاما في المستوى الأعلى وتعلم شخصيا لدي معرفة جيدة باللعبة".
لكن مع الضغط المتواصل من إيفان جازيديس المدير التنفيذي كان يجب أن تتغير البنية لوجود مدير للعمليات الرياضية على الأقل وليس مدير رياضي. لكن أولا عليه استبدال لو.
قرر أرسنال التحرك لانتداب سفين ميسلينتات والذي عمل كمدير لكشافي بوروسيا دورتموند ولقبه "العين الماسية" ومع خلافه الكبير مع توماس توخيل ومنعه من حضور التدريبات، تدخل أرسنال سريعا ليحصل على خدماته بعد فشل دورتموند في الإبقاء عليه مع بيتر بوش المدرب الجديد.
يقول ستيفن يورسفيلد محلل "إي إس بي إن" المختص بالدوري الألماني لـFilGoal.com "ميسلينتات ضم لاعبين مثل روبرت ليفاندوفسكي، شينجي كاجاوا، بيير إيمريك أوباميانج وعثمان ديمبيلي إلى دورتموند".
وتابع "لقد عمل كمساعد مدرب لجوزيه مورايس مساعد جوزيه مورينيو".
وأردف "أهم لحظة في مسيرته كانت حينما وجد دورتموند نفسه بلا أموال حتى أنه حدد مبلغ 10 ملايين يورو لضم لاعبين، ووقتها ذهب إلى اليابان لضم شاب صغير في الـ21 من عمره في 2010 كان يدعى شينجي كاجاوا من سيريزو أوساكا".
وقع كاجاوا لدورتموند بمبلغ 350 ألف يورو ورحل إلى مانشستر يونايتد بمبلغ 16 مليون يورو.
وقال عنه ميسلينتات :"كاجاوا كان أهم لاعب في مسيرتي ككشاف، حينما تجد لاعبا صغيرا في دوري درجة ثانية وينضم بأموال قليلة ويصنع الفارق، لتك لحظة حاسمة يحتاجها أي شخص في مسيرته".
وأتبع يورسفيلد لـFilGoal.com :"بكل تأكيد سيفيد أرسنال بل إنه سيعيد للنادي ما فقده منذ مدة طويلة، ضم مواهب من كافة الأندية بأقل الأسعار، ولولا خلافه مع توخيل لربما استمر مع دورتموند لكن منذ ذلك الحين لم تعد الأمور كما كانت".
وقتها كان الخلاف على ضم أوليفر توريس من أتليتكو مدريد، وقرر توخيل إبعاد ميسلينتات من النادي تماما، لكنه استمر في عمله من مقر النادي على بعد مئات الأمتار من مقر التدريبات واستمر العمل على ضم لاعبين مثل ديمبيلي.
ميسلينتات كانت له الكلمة العلية في بعض الصفقات مثل ماتس هوميلز ويعقوب بواشتيشكوفيسكي ونيفين سبوتيش وسفين بيندر وليفاندوفسكي، كما أنه ساعد دورتموند على ضم رافاييل جوريرو.
واسترسل يورسفيلد :"ميسلينتات يحب التكنولوجيا والتطور طيلة الوقت، أثناء فترة كلوب كان يقف في المباريات ويأخذ الملحوظات على هاتفه اللوحي، وينزل إلى غرفة الملابس قبل نهاية الشوط الأول لكي يقوم بعمل إضافات لمقاطع الفيديو حول ما كان جيدا وما لم يكن".
قال فينجر بعد التوقيع معه :"تحديد وتطوير الموهبة هو جزء حيوي من فلسفتنا وسفين ميسلينتات لديه سجل حافل لسنوات عديدة، نتطلع للعمل معه وتوليه لمهمة التعاقدات وتوجيهها".
لم يكن ميسلينتات كافيا بالنسبة لأرسنال، كان جزء من مشروع كبير في النهاية أتى ليخلف لو لكن ظل جازيديس يبحث عن المدير الرياضي، حتى وجد ضالته في برشلونة.
استقال رؤول سانليهي من منصبه كمدير لعمليات كرة القدم في نادي برشلونة يوم الإثنين بعد أسبوع كامل من التوقعات بانضمامه إلى أرسنال بعقد يمتد لـ4 أعوام.
وصفته عدد من الصحف بأنه سيكون "قائد ثورة جازيديس في ملعب الإمارات خلف الكواليس لبناء أرسنال وجعله فريقا قويا مرة أخرى".
سانليهي يعد صديقا مقربا للغاية من جازيديس وكذلك جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم كما أنه أحد الأشخاص الذين لهم مكانة كبيرة في الكرة الإسبانية، خاصة وأنه كان العامل الرئيسي في نمو برشلونة الإعلامي والإعلاني في الأعوام الأخيرة خارج الملعب، كما أنه ساعد كثيرا في حسم الصفقات الكبرى وأبرزها ضم نيمار دا سيلفا من سانتوس.
انضم سانليهي إلى برشلونة قادما من شركة نايكي في عام 2007، مؤخرا أصبح أرسنال يعاني فيما يخص عوائده التجارية وتعيين سانليهي لا يعني ضم لاعبين كبار فقط بل نمو اقتصادي وتقليص الفجوة الاستثمارية بين النادي وبقية الأندية الكبىرى.
كان فينجر قد قال في وقت سابق عن تلك المشكلة لأرسنال عبر قناة "بي إن سبورتس" :"لا يمكننا أن ننفق مثل بقية الأندية لأن تلك الأندية لديها موارد إضافية تسمح لهم بألا تكون لهم حدود في السوق عكسنا".
في الأعوام الأخير قام سانليهي بعمل كبير فيما يخص سياسة الانتقالات في برشلونة، وبنسبة كبيرة فهو يهيمن على سوق أمريكا الجنوبية. وظهر ذلك جليا حينما سافر بنفسه إلى البرازيل ولم يرسل مندوبين للتفاوض مع والد اللاعب.
ويعد أيضا العامل الحاسم في ضم أليكسيس سانشيز إلى برشلونة من أودينيزي في 2011 بدلا من انضمامه إلى يوفنتوس حسبما أوضحت التقارير الصحفية آنذاك، وأشارت تقارير صحفية في إسبانيا إلى أنه استقال من منصبه لعدم سعادته برحيل نيمار.
وهو ما أكده موقع "فوتبول لندن" بعد ذلك قائلا :"راؤول سانليهي تخلى عن منصبه ورحل عن برشلونة بسبب عدم سعادته عن رحيل نيمار إلى باريس سان جيرمان خلال الصيف".
وأشارت تقارير صحفية إلى أن خبرة سانليهي في تجديد العقود كبيرة للغاية وقد يساهم في محاولة أخيرة للإبقاء على خدمات أوزيل وسانشيز قبل رحيلهما مجانا في الصيف.
يقول جونزالو كابيزا صحفي "إل كونفدنسيال" وعدد من الصحف الإسبانية لـFilGoal.com عن سانهيلي :"إنه مدير جيد للغاية، وبإمكانه أن يقنع أي لاعب بالانضمام إلى الفريق الذي يتواجد به، لكن تلك ليست نقطة قوته الأساسية، كان كيانا قويا في بنية برشلونة خلال الأعوام القليلة الماضية".
وتابع "ليس من السهل الحكم على أداء مدير وحيد، لكنني واثق من أنه سيساعد أرسنال كثيرا، خاصة بالتفكير في الماضي القريب للمدفعجية لم يكن لديهم مديرا مناسبا فوق فينجر والذي بإمكانه أن يقود ناديا إلى التطور".
وأردف "بالنسبة لبرشلونة، لديه فريق كبير وقاموا بتغييرات كبيرة في الأعوام الأخيرة وكل شيء ظل كما هو، سانليهي لن يبدو خسارة كبيرة بالنسبة له".
لم يكن سانليهي وميسلينتات هما الإضافة الوحيدة، كانت هناك إضافة ثالثة هو حسين فهمي الذي انضم من فريق "سكاي" للدرجات ليتولى مسؤولية عقود اللاعبين.
فهمي يعمل مع فريق سكاي منذ عام 2010 وتقلد عدة مناصب في شركة "هيربرت سميث" القانونية الدولية، ووصوله تزامن مع وصول الأسترالي دارين بورجيس الذي سيتولى إدارة الأحمال البدنية أو كما سمي منصبه بعد ذلك بمدير الأداء في الفريق.
تلك المتغيرات في الكواليس بالنسبة لأرسنال قد تعني الكثير في المستقبل القريب، صحف إنجلترا باتت تتنبأ بانضمام توماس ليمار في الشتاء بعد تلك التعاقدات الإدارية، فهل يعود أرسنال إلى الساحة بقوة مع هذا الطاقم الجديد؟
يتم فيديريكو فاركوميني محلل التلفزيون البريطاني لـFilGoal.com "إنها ثورة في الكواليس لأرسنال، النادي يعاد بنائه من جديد ولأول مرة من فترة طويلة نشعر أنه على الطريق الصحيح وقد نرى صفقات قوية وأسماء مثل الماضي، أعتقد أنه خطا خطوة كبيرة نحو العودة إلى القمة، الآن بدأ العمل".