كتب : إسلام مجدي
"منذ ذلك اليوم، تغير أسلوب لعب مانشستر يونايتد تماما". كانت تلك كلمات بيتر شمايكل نجم مانشستر يونايتد عن اليوم الذي وقع فيه إريك كانتونا إلى الشياطين الحمر قادما من ليدز يونايتد بمبلغ 1.8 مليون يورو في 26 نوفمبر 1992.
تغير كل شيء منذ انضمام كانتونا إلى الشياطين الحمر، وقتها يونايتد كان يلعب بطريقة مباشرة للغاية ويعتمد إما على الأطراف أو مهاجمه مارك هيوز في ذلك الوقت.
واصل شمايكل :"وصول كانتونا أوضح للطاقم التدريبي في يونايتد أن الفريق يجب أن يلعب كرة قدم جميلة لكي يكون ناجحا".
كيف غير كانتونا مانشستر يونايتد وطريقة اللعب في إنجلترا؟
في الموسم السابق لانضمام كانتونا إلى يونايتد كان الشياطين الحمر قد أهدوا اللقب إلى ليدز، وبدا وكأنهم نسوا كيف يسجلون الأهداف واحتلوا المركز الثامن في جدول الترتيب وخرج من بطولتي الكأس وفاز بمباراتين فقط من أصل 13 مباراة وسجل فيهم 9 أهداف وأصيب ديون دوبلين صفقة الصيف الكبيرة بكسر في القدم ومحاولات ضم ألان شيرار وديفيد هيرست قد باءت بالفشل.
بدلا من ضم مهاجم إنجليزي يلعب في منطقة الجزاء، فكر أليكس فيرجسون مدرب الشياطين الحمر بالمخاطرة والثقة في غريزته وضم كانتونا بعد حديث قصير مع جيرارد هولييه.
كانتونا كان قد فقد فرصته في اللعب بعد صراعه مع هاورد ويلكينسون مدرب ليدز، قاد القدر الثنائي للتلاقي سويا وفي يوم 25 نوفمبر ناقش فيرجسون مع مارتين إدواردز مدير النادي فكرة ضم لاعبين قبل أن تصل مكالمة من بيل فوثبري مدير ليدز الرياضي يخبر فيرجسون أنه يرغب بضم دينيس إروين.
قال فيرجسون عن تلك المكالمة في كتاب "فقط بطل" :"التوقيت كان غريبا للغاية بكل تأكيد كان أمرا جنونيا".
تحدث إدواردز بعد ذلك عبر الهاتف مع فوثبيري وسأله الأخير عن رغبة يونايتد في ضم لي تشابمان، لكن فيرجسون كتب على ورقة اسم كانتونا ليرد المدير الرياضي إنه لاعب لم يعد ضمن خطط الفريق وسيرد عليه خلال 24 ساعة ولكنه اتصل بعد ساعة ووافق على العرض وكان بقيمة 1.1 مليون جنيه إسترليني ثم ارتفع إلى 1.2 مليون.
يقول بريان روبسون نجم مانشستر يونايتد السابق :"اللاعبون لم يكونوا مقتنعين بأنه صفقة جيدة، إريك كان لديه سمعة بعدم البقاء طويلا مع أي فريق".
ويتابع مارك هيوز :"تساءلت إن كان الأمر سينتهي بالدموع معه".
لكن من بكى فعليا كانت جماهير ليدز يونايتد، هؤلاء الذين خسروا بطلا كان ليضيف الكثير إلى الفريق.
وصل كانتونا وكان لاعبا يلعب في العمق ثم يعود ليلعب بين خطوط الخصم، ما شجع مانشستر يونايتد لاعتماد طريقة مختلفة تعتمد على التمريرات البينية من منتصف الملعب.
يقول أدريان كلارك :"كانتونا كان لاعبا رائعا، بدنيا كان قويا لكنه أيضا يخلق الفرص، وساهم على انتشار وشهرة مركز اللعب بين الخطوط".
واسترسل :"أسهم ذلك في تطور الدوري الإنجليزي الممتاز ككل، أرسنال اتجه لضم دينيس بيركامب، وتشيلسي ضم جيانفرانكو زولا".
جيرارد هولييه كان مساعد المدرب والمدير التقني لمنتخب فرنسا، كان أحد المعجبين الكبار بما يمتلك كانتونا من موهبة بل وراهن عليه الجميع.
قال هولييه مخاطبا فيرجسون :"وقع معه وأنت مغمض العينين، الشيء الوحيد الذي يجب أن تحترس منه هو تدريبه فقط، إنه شخص جيد يحب العمل وبحاجة للثقة ولا يجب أن تسخر منه، سيغير قواعد اللعب".
فيرجسون دائما ما كان يطلق عليه في المؤتمرات الصحفية اللاعب الذي يجعل يونايتد "قادرا على فتح مساحات في الخصم". في أول 10 مباريات له في الدوري فاز يونايتد في 8 وتعادل مباراتين، وحصد الفريق 2.3 نقطة في كل مباراة بالدوري فور وصوله مقارنة بحصده 1.5 نقطة قبل انضمامه للفريق.
كانتونا سجل 82 هدفا في 185 مباراة ليونايتد لكنه لم يكن مهاجما تقليديا كما كان معروفا ذلك العصر، بل كان نموذجا أوليا لما عرف بعد ذلك بالمهاجم "رقم 9 وهمي"، كان ينزل إلى العمق ويسحب المدافعين خارج مراكزهم ويسمح للأطراف لتخترق من العمق وكان يشعر براحة كبيرة في خلق الفرص مثل تسجيلها.
يتابع شمايكل :"كانتونا كان مثل الإلهام، لقد علم لاعبي يونايتد أن يحلموا، وجعل التشكيل بالكامل يعبر عن نفسه في الملعب، والثقة كانت أول ما حققه، لقد كان أول من أزال عنا الضغط وجعل مانشستر يونايتد فريقا ممتعا لمشاهدته".
قبل انضمام كانتونا كان يلعب مانشستر يونايتد كرة تقليدية، حسبما ذكر مايكل كوكس الكاتب البريطاني فإن يونايتد لم يعرف معنى الكرة الممتعة قبل ضم "ملك فرنسا".
يضيف الحارس الدانماركي الأسطوري :"لقد منح يونايتد ما كان ينقصه فعليا ليصبح أحد الكبار في إنجلترا".
ووصفه كوكس عبر موقعه "The Zonal Marking" بأن كانتونا كان واحدة من أكبر الثورات التي شهدها الدوري الإنجليزي الممتاز.
يقول أندي جراي محلل "بي إن سبورتس" :"لكي نفهم كيف كان كانتونا أسطورة فعلينا أن نفهم طبيعة الكرة الإنجليزية في بداية التسعينيات، لقد كانت بعيدة كل البعد عن المتعة، ومرت بكارثتين في الثمانينيات وقتل ما يقرب 152 مشجعا".
وأردف "ثم بعد ذلك جاء كانتونا رأينا كرة ممتعة، كانت تجربة ممتازة مثل السلاح السري، لديه قدرات ممتازة لكن كافة قدراته لم نعرفها بعد، في ليدز لم يعرف أحد أنه سيغير معالم اللعبة، لكن في مانشستر يونايتد فعل أكثر من ذلك".
ويضيف إيان ماكينتوش محلل "إي إس بي إن :"كانتونا لم يكن لاعبا من الذين ترى إحصاءاتهم وأرقامهم ممتازة، لم يكن الأمر يتعلق بكرة القدم، كان محاربا، له أسلوبه الخاص ونجاحه تمحور حوله نجاح بطولة بالكامل وتطور أسلوب اللعب فيها".
كانتونا حلو مانشستر يونايتد في فترة قصيرة للغاية إلى فريق لا يهاب أي خصم ويفوز بالمباريات قال عنه جون موتسون معلق "بي بي سي" :"هذا اللاعب يلعب المباراة بطريقته الخاصة ولا شك في ذلك، يونايتد سيفوز بأول لقب له منذ 26 عاما بأسلوب لن ينساه أحد والفضل لكانتونا".
قال عنه أليكس فيرجسون مدرب مانشستر يونايتد "إن كان هناك أي لاعب في العالم قد خلق من أجل مانشستر يونايتد فهو كانتونا، إنه دوما رافع الرأس ويجرب كل جديد، إنه يقول أنا كانتونا كم أن كبير؟ هل أنت كبير كفاية لتكون مثلي؟".
شكل كانتونا أول قطعة في تركيبة سير أليكس فيرجسون في بناء مانشستر يونايتد المخيف الذي هيمن على إنجلترا، تأثير امتد ليصل إلى الجيل الصغير الذي شهد تواجد بول سكولز وديفيد بيكام وجاري نيفيل، هؤلاء اللاعبون الصغار الذين فازوا بأول لقب لهم في موسم 1995-1996.
صرح نيفيل عن تأثيره فيهم قائلا :"كنا جميعا نتطلع إليه، لم يعرفه أي منا جيدا، لكننا كنا نراه مثلا أعلى، كنا نحب كثيرا أن نتحدث عنه ونفعل كل ما بوسعنا لإبهاره".
أثر كانتونا "الملك كما يصفه محبو مانشستر يونايتد" على الشياطين الحمر وفاز معه بـ4 بطولات دوري وبطولتي كأس اتحاد و3 بطولات درع خيرية، بجانب تأثيره على الدوري فنيا، وتأثيره على زملائه وعلى شباب الفريق، كل ذلك بصفقة وصفها الجميع "مجازفة" فسيطر يونايتد على إنجلترا.
المصادر (كتاب The Mixer - جارديان - كتاب The Rebel Who Would Be King - إي إس بي إن)