كتب : إسلام مجدي
"كنت متفاجئا من سلوكه تجاه أرسنال، لأنه في سنوات قليلة لاحظ أنه كان أفضل خيار له، لا أفهم لماذا يكرهنا؟". كانت تلك كلمات أرسين فينجر مدرب أرسنال ردا على احتفال إيمانويل أديبايور الشهير في 2009 تجاه جماهير أرسنال.
لم يفهم أحد ما حدث بعد انضمامه إلى مانشستر سيتي في 2009 ضمن مشروع مجموعة أبو ظبي لتطوير النادي ووضعه في مصاف الكبار، وفي أول مواجهة بينه وبين أرسنال سجل واحتفل احتفالا جعل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم يغرمه ماديا.
أضاف أرسين فينجر "أعتقد على المدى البعيد سيعرف أديبايور أن أرسنال كان له التأثير الأكبر على حياته وهو تأثير إيجابي للغاية، أنا متفاجئ ومصدوم للغاية".
قال المهاجم التوجولي فور انضمامه إلى أرسنال في 2006 :"إنه يوم عظيم لي، أنا أنضم لأرسنال واحد من أكبر الأندية في أوروبا ومع تشكيل به عدد من اللاعبين الكبار".
ما الذي حدث؟ كيف انقلب أديبايور من الإعجاب والحب إلى كره "واحد من أكبر الأندية في أوروبا" والسخرية منه في كل فرصة؟
"أديبايور، أديبايور، امنحوه الكرة وسيسجل". أغنية اعتادت جماهير أرسنال أن تغنيها لأديبايور.
موسم 2007-2008 كان واحدا من أفضل مواسم أديبايور على الإطلاق سجل خلاله 30 هدفا وصنع 5 في 40 مباراة خاضها.
قالت تقارير صحفية في ذلك الوقت إن أندية ميلان وبرشلونة ويوفنتوس جميعها ترغب في ضمه وقالت أيضا إنه يحاول الضغط على إدارة أرسنال إمام للرحيل أو تجديد عقده وحصوله على راتب كبير.
بالفعل تم تجديد عقده ووصل إلى 80 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع وقيل إنه عقد طويل الأمد لكنه اتضح أنه لعام إضافي على تعاقده الأصلي.
في الموسم التالي سجل 16 هدفا في 37 مباراة بكل المسابقات وصنع 7 أهداف أخرى. انخفض المعدل للنصف تقريبا. كان ذلك بفعل الإصابات بجانب كره شديد من جماهير أرسنال له.
في حديثه مع شبكة "بي بي سي" بعد ذلك الموسم قال :"أعلم أنني لم أقدم مستوى جيدا وأنا بحاجة للتطور".
وأضاف "أنا لا ألعب الكرة في المنزل، أنا ألعب في المدرجات أمام المشجعين وحينما يصفرون ضدك فأنت لا تعلم ما الذي يجب عمله".
هنا جاء السؤال الأهم من مقدم برنامج "فوتبول فوكاس". هل بدأت في الشعور بأن جماهير أرسنال بدأت تفقد إيمانها بقدراتك؟
ليجيب إيمانويل بحزن شديد :"نعم".
تابع أديبايور :"ما يمكنني فهمه أنني أحب هذا النادي جدا، وفعلت كل شيء لكي أكون موجودا هنا، وحينما تحدث معي فينجر سألني إن كنت جاهزا للانضمام إلى النادي وقلت له لو سألعب مجانا سأنضم".
وأردف "الأندية الكبيرة ستضمك إن كنت لاعبا كبيرا ومتميزا، جماهير أرسنال لا تفهم ذلك، يتابعون الصحف فقط، بعض الصحف تكتب أن بورتو يحاول ضمي الجماهير لا تفهم أن تلك ليست مشكلتي ولا يتعلق ذلك بمستواي، إن قال ميلان أو بوتو يرغب في ضمي فهي ليست غلطتي هم من يتحدثون وليس أنا".
في تلك الفترة انتشرت عدد من الأخبار حول رغبة عدد من أندية أوروبا في ضم أديبايور، خاصة مع مستواه خلال ذلك الموسم إذ أنه خرج ما يقرب من 10 مباريات من تشكيل فينجر في الدوري، ولم يكن يشارك لدقائق كبيرة. مع الأخبار وتراجع مستوى اللاعب الذي لم يسجل في الدوري سوى ضد مانشستر سيتي هدفين في أبريل 2009 انقلبت عليه الجماهير، ومن وجهة نظره هي ذاتها الجماهير التي حملت صورته وتغنت باسمه منذ موسم ما جعله ينفعل بشدة.
خلاف أديبايور مثل قصة الحب، أحب أرسنال وود لو لعب له حتى لو مجانا، لكن انهار كل شيء حينما وجد أن حبه من طرف واحد وأن جماهير النادي انقلبت عليه.
--------
بدا الأمر أيضا أن إيمانويل أديبايور قد استسلم ولا يلعب بقوة مثلما كان منذ موسم، هل كان كذلك فعلا؟
يجيب اللاعب :"إن حكم شخص ما علي فيما أفعله في الملعب يجب أن يحكم على ذلك بطريقة صحيحة، ما يجب أن تفهمه الجماهير أن التقييم يجب أن يكون شاملا".
وتابع "لم أخبر أحدا أنني أرغب بالرحيل عن أرسنال، إن قرر النادي بيعي فقط هنا يمكنني أن أرحل".
وأردف "أعرف جيدا ما يقال عني، أنا شخص طبيعي مثل الجميع وأعرف كل ما يقال عني".
واسترسل "ألعب كمهاجم وحيد بدون دعم هجومي، أنا بحاجة أحيانا لمهاجم أخر جانبي أن تفعل ذلك في مباراة وحدك أمر طبيعي، لكن 5 أو 6 مباريات صعبة للغاية، مواجهة ريو فيرديناند ونيمانيا فيديتش وإيفانوفيتش وغيرهم كل هؤلاء لا يمكنك أن تواجههم وحدك أحيانا أنت بحاجة إلى دعم".
في ذلك الوقت كان أرسنال أيضا قد خسر من مانشستر يونايتد ذهابا وإيابا في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، ووقتها صدر تصريحا من باتريس إيفرا مدافع الشياطين الحمر يقول :"الرجال واجهوا الأطفال".
وغضب أديبايور لذلك كثيرا بل ودافع عن أرسنال قائلا :"لا أفهم لماذا يقال مثل تلك الكلمات، نحن لاعبون ولا يمكنك أن تطلق علينا لقب أطفال، في بعض الأحيان نفوز ضد مانشستر يونايتد حتى في هذا الموسم ولم نقل ذلك أيضا، أعتقد أنها كلمات غير محترمة".
لكن أديبايور منذ يوم تحديدا عام 2017 وبعد 8 أعوام قال :"لا يمكنك مواجهة مانشستر يونايتد ببعض الأطفال".
ما الذي تغير؟
"جماهير أرسنال لم تعد تغني أغنيتي، يعتقدون أنني لا أحب هذا النادي، يعتقدون أنني من يرغب في الرحيل، حينما أسجل لا يحتفلون لا يتحدثون حتى المذيع الداخلي يتحدث عني وكأني شخص غريب يقول مثلا اللاعب رقم كذا سجل، لا أستسلم لكنني أخبر نفسي استمر". إيمانويل أديبايور.
رحل أديبايور خلال الصيف إلى مانشستر سيتي ليكمل مسيرته الاحترافية التي لم تر النجاح.
خلال ذلك الصيف كانت أندية ميلان وتشيلسي ترغب بشدة في ضمه لكن سيتي فاز بخدماته.
وصرح فينجر "أشعر بالأسف لخسارة خدمات أديبايور، لسنا على مقربة من ضم أي بديل، لكنني أنوي صرف الأموال إن وجدنا من نريده".
في أول مواجهة سجل أديبايور واحتفل بجنون ضد أرسنال.
وقال زميله السابق إيمانويل إيبويه :"لا نعلم ماذا حدث له، كنا محبطين للغاية في غرفة الملابس، وجاء كولو توريه واعتذر منا جميعا".
-----
في الأشهر الأولى له بعد الرحيل عن أرسنال لم يجر مقابلة إلا وقال فيها اسم النادي اللندني، وواحدة من أشهر اللحظات حينما كان يجري مقابلة بعد بيعه لسيتي وهو يرتدي قميص أرسنال خلال المقابلة.
خلال لحظة فقد فيها شعوره تماما قرر أديبايور أن ينتقم من جماهير أرسنال.
ساهم في فوز فريقه سيتي بنتيجة 4-2 ضد أرسنال. وبعد احتفاله غرمه الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم مبلغ 25 ألف جنيه إسترليني بسبب سوء السلوك.
يحكي النجم التوجولي عن هذا الهدف قائلا: "في تلك اللحظة شعرت وكأن وزني قد أصبح 20 كيلو جرام، على الرغم من ذلك قبل المباراة شعرت أنني أزن 2000 كيلو".
وتابع "حينما بدأت في الجري حاول شون رايت فيليبس حاول مجاراتي لإيقافي لكنه كان صغير الحجم للغاية، تخطيته وكتفي كان في كتفه، بعد ذلك كان هناك جاريث باري لكنه كان بطيئا للغاية لذا لم يكن أمرا عسيرا أن أتخطاه لأصل لجماهير أرسنال".
وأردف "أخيرا كان هناك في دائرة المنتصف كولو توريه، وفهم أنه يجب أن يدعني أقوم بذلك الأمر".
واسترسل "حينما انزلقت على ركبتي وفتحت ذراعي شعرت وكأنه لا أحد يمكنه لمسي، المشجعون كانوا يلقون العديد من الأشياء نحوي، هواتفهم وزجاجات المياه ولم أخش شيئا، كل شيء تخطاني لم يرتطم بي شيء".
وأتم "كان شعورا رائعا بأن تكون محبوسا لأعوام وبعد ذلك يخبرك شخص ما، أخي إن الباب مفتوح اخرج الآن أنت حر، هكذا شعرت بالأمر حينما سجلت الهدف، الحرية".
الحرية التي قصدها أديبايور هنا هي حرية الرد على الجماهير التي تسببت في رحيله، خاصة وأنه في عام 2016 كان قد اعترف بأن رحيله عن أرسنال كان غلطة، لكن غلطة من؟ هل هي غلطته أم غلطة الجماهير أم غلطة النادي وفينجر. لن نعرف أبدا.