"الأهلي استطاع أن يسرق المباراة في النهاية، لقد تفوقوا علينا باستغلال خطأين" هكذا كانت أبرز تصريحات الفرنسي ديسابر المدير الفني للإسماعيلي.
بينما حسام البدري أوضح: "كنا نعاني خلال الشوط الأول بسبب منطقة الدفاع الخاصة بنا(zone) وقمنا بتصحيح هذا الأمر وهو ما منحنا التفوق وغير من شكل فريقنا خلال شوط المباراة الثاني".
فمن تفوق على الآخر من حيث الأفكار على أرضية الملعب بين كلا المديرين الفنيين؟
مغامرة ديسابر
المدير الفني الفرنسي يعتمد دوما على استغلال مصيدة التسلل في الحالة الدفاعية وهذا الأمر يعد مغامرة كبيرة للغاية ويحتاج لتركيز تام طوال الـ90 دقيقة، نسبة نجاح 99% في تطبيق التسلل غير مجدية حيث أن خطأ واحد يقع به الفريق من الممكن أن يكلفه المباراة، وهو ما حدث في الهدف الثاني على سبيل المثال.
كيف واجه البدري تلك الفكرة
عند دراستك خلال الدورات التدريبية وحينما تسأل عن كيفية مواجهة فريق يعتمد على التسلل ستجد العديد من الأفكار، أولها توسيع الملعب عرضيا مع الاعتماد على التمرير القطري بشكل مكثف من لاعبي الارتكاز تحديدا خلف خط دفاع الخصم المتقدم.
وبالفعل كانت تلك المباراة هي الأكثر إرسالا للتمريرات الطولية عن طريق الثنائي حسام عاشور وعمرو السولية حيث أرسل عاشور 6 تمريرات طولية 5 منها صحيحة، بينما كان للسولية 9 تمريرات منها 6 صحيحة، وبالمقارنة بمواجهة الإنتاج الأخيرة لم يرسل السولية أية تمريرات طولية بينما في مواجهة الاتحاد أرسل 5 كرات طولية منها 3 فقط صحيحة، فيما أرسل عاشور 2 صحيحة في مواجهة الاتحاد وواحدة فقط في مواجهة الإنتاج، هناك دراسة لضرب أسلوب التسلل للخصم.
لم يكتف البدري بهذه الفكرة فهناك أمور أخرى لضرب التسلل منها تحرك المهاجم في المساحة بين قلب الدفاع الذي يراقبه وأحد الظهيرين وهو ما ظهر بوضوح من تحركات وليد أزارو خلال شوطي المباراة.
وهو الأمر الذي تؤكده مناطق استلام اللاعب للكرة رغم أنه المهاجم إلا أنه كثيرا ما تسلمها على جانبي الملعب.
الأمر الثالث لضرب التسلل هو تحرك المهاجم بشكل عمودي لاستغلال المساحة خلف خط الدفاع.
لاحظ هذه الحالة توضح الفكرة.
وهكذا طبقها لاعبو الأهلي.
الفكرة الرابعة كانت التحرك القطري من الجانب إلى عمق الملعب وظهرت في أكثر من حالة لمؤمن زكريا وباكاماني عند نزوله.
وأخيرا الفكرة الخامسة تكمن في عمل المهاجم كمحطة يعد إلى الخلف لاستلام الكرة ويستدرج خلفه أحد قلبي الدفاع ويتقدم لاعبي الوسط من الخلف لاستغلال المساحات وهو ما ظهر في هدف عمرو السولية.
إذا البدري تفوق باكتساح على هذا الأمر وهناك تخاذل كبير من اللاعبين سواء كان الممرر أو المنطلق أفسد العديد من الفرص مثل هاتين الحالتين الأولى تمريرة السولية كانت قوية والثانية كانت ضعيفة ولم تمر من الدفاع.
خلل في عمق الملعب للأهلي بسبب منطقة الضغط المتوسطة:
تواجد الثلاثي محمد فتحي وعماد حمدي وحسني عبدربه مع أسلوب الضغط السئ أعطى للاعبي الاسماعيلي المساحات بين الخطوط ليستغلها عبدربه بشكل كبير في أكثر من حالة.
هذه الصورة توضح الأمر بشكل أكبر، تلك الحالة كانت فرصة تهديف حيث سددها حسني ارتطمت بالدفاع وحولها كالديرون عرضية في ظل وجود الشناوي خارج المرمى.
فأين كانت المشكلة في وسط ملعب الأهلي؟ هذا التساؤل يستدرجنا للفكرة الأخطر للمدرب الفرنسي.
كيف تستغل جناحك في وسط الملعب دون رقابة ظهير الخصم؟
في الأمور الطبيعية عند دخول الجناح لعمق الملعب يتحرك خلفه الظهير المراقب له وهو ما يفعله دائما ثنائي الأهلي علي معلول(تذكر بداية الهدف الثاني في الترجي) وأحمد فتحي، ولكن ديسابر أجبر فتحي على البقاء في موقعه عن طريق كالديرون المهاجم الصريح الذي كان يميل عند البناء وتحضير الهجمات جهة اليمين فيراقبه فتحي حيث لا يمكن أن يتحرك معه سعد سمير وتتسع المساحة بعمق الدفاع، ويبقى مؤمن زكريا يراقب الظهير الأيسر للإسماعيلي فيما يتواجد الثلاثي عاشور والسولية والسعيد مع الثلاثي حسني ومحمد فتحي وحمدي، فيصبح هناك لاعب حر إضافي للإسماعيلي في العمق هو إسلام عبد النعيم الجناح الأيسر.
لاحظ الحالات التالية توضح الفكرة.
السولية تحرك لرقابة عبد النعيم فتقدم عاشور للضغط على حامل الكرة فأصبح عبدربه حرا.
مؤمن يترقب تقدم بهاء مجدي الظهير الأيسر وكالديرون يجبر فتحي على رقابته.
ليتسلم عبد النعيم الكرة في النهاية وتنتهي الحالة بتصويبة.
هذه حالة أخرى.
وهُنا يتضح الأمر بشكل أكبر.
وتوضح خريطة استلام اللاعب إسلام عبد النعيم للكرة تواجده بالعمق واستلامه 8 مرات.
منطقة الدفاع (تحول أسلوب ضغط الأهلي)
في تحليل المباراة السابقة أمام الإنتاج الحربي ذكرنا بأن خطورة الأهلي كانت خلال الضغط والدفاع بالـ4-4-2 فعند استخلاص الكرة كان دائما ينطلق الثنائي أزارو وأجاي من العمق، الأمر ذاته يحدث خلال أغلب مباريات الفريق بتقدم السعيد بجوار المهاجم والدفاع بالـ4-4-2 ولكن خلال مواجهة الإسماعيلي تراج السعيد لمنتصف الملعب بجوار عاشور والسولية من أجل الضغط على ثلاثي الإسماعيلي فبات أزارو وحيدا يضغط في الأمام مما سهل من مهمة مدافعي الإسماعيلي في الخروج بالكرة وبناء اللعب.
وبدأ ثنائي الجناح في الأهلي في التراجع لتكوين خط دفاع سداسي وهو الامر الذي أثبت فشله أمام المقاصة من قبل في شوط وصفه البدري بالأسوأ خلال الموسم الماضي ثم أمام الترجي في ملعب برج العرب ونتج عنه هدفا، عودة ثنائي الجناح تعني تواجد مساحات في الأطراف في الثلث الأوسط للملعب تسمح بالتقدم والتدرج بالكرة وهو ما فعله قلب الدفاع ريتشارد بافور.
ليتناقل لاعبو الإسماعيلي الكرة وتصل لقلب الدفاع الأيمن دون رقابة وبعد استلام الكرة يتقدم الثنائي السعيد وأجاي للضغط عليه فيضربهما بتمريرة واحدة في أنصاف المساحات لإبراهيم حسن الذي مررها بعد ذلك لحسني ليصوب.
مرة أخرى أزارو يضغط وحيدا فيتسلم محمود متولي قلب الدفاع الأيمن الكرة فيتقدم السولية للضغط عليه ولكنه مررها أيضا لإبراهيم في نفس المساحة بين العمق وأطراف الملعب.
وبدأ البدري في تصحيح الوضع في نهاية الشوط الأول بتقدم السعيد بجوار أزارو للضغط على متولي ونجح في استخلاص الكرة والحصول على خطأ في تلك الحالة.
وتلك حالة أخرى توضح الأمر.
الكرات الطولية للإسماعيلي
عند إجبار حارس المرمى ودفاع الإسماعيلي على إرسال الكرات الطولية ظهرت فكرة –لم تحدث خطورة ولكنها تكررت لذا وجب توضيحها- بتواجد ثنائي دائما في الجبهة اليمنى في مواجهة أحمد فتحي.
إجمالا كانت مباراة غير جيدة على جانب الأداء الممتع لكلا الفريقين ولكنها أظهرت أفكارا كثيرة لكلا المدربين.