بعد أن جدد دييجو سيميوني عقده مع أتليتكو مدريد في بداية شهر سبتمبر الماضي بدا وكأن كل شيء على ما يرام وأن النادي الإسباني سيواصل سعيه لحصد الألقاب ومجابهة برشلونة وريال مدريد.
لكن ذلك لم يستمر هذا الموسم أتليتكو أصبح ضعيفا للغاية خاصة في جوانب الأداء والهجوم. النادي يتعرض لعدة انتقادات حتى أن ساؤول نيجيز تساءل عن جودة خطة مدربه الأرجنتيني.
أتليتكو أصبح في المركز الرابع في جدول ترتيب الدوري الإسباني مركز لم يعتده منذ مدة طويلة في ظل قيادة المدرب الأرجنتيني للفريق، بجانب احتلاله المركز الثالث في جدول مجموعته بدوري أبطال أوروبا.
نادي العاصمة الإسبانية كان على مشارف فترة ذهبية من عهده حتى أنه اقترب كثيرا من الفوز بدوري أبطال أوروبا مرتين لولا الخسارة من ريال مدريد.
ما الذي حدث للمملكة التي بناها دييجو سيميوني؟ كيف تحولت نظرات الإشادة وكلمات الإعجاب إلى انتقادات؟
قال دييجو سيميوني :"المدرب هو أول شخص مسؤول عن كل ما يحدث، لا أهرب من المسؤولية، أحاول أن أنتقد نفسي وما أراه في الفريق وما أعرفه في لاعبي، لم نبدأ بالطريقة المثالية التي أردناها من ناحية النتائج، لكنها لحظة هامة لاختبارنا إن كنا نرغب في وضع فريقنا في مصاف الكبار".
كانت تلك الكلمات في شهر أكتوبر الماضي، وبالتحديد يوم 10 ومنذ ذلك اليوم لم يفز أتليتكو في الدوري الإسباني سوى مباراتين من أصل 5 مباريات وتعادل في 3.
ربما أبرز اللحظات التي بدا خلالها أتليتكو يعاني كانت ضد تشيلسي حينما خطف الفريق اللندني الفوز من نادي العاصمة الإسباني.
الأداء والتطور
قال جوليم بلاغ محلل شبكة "سكاي سبورتس" :"أتليتكو يعاني، كنت متفاجئا كثيرا من دييجو سيميوني وسماحه لفريقه باستقبال هدف مثلما حدث ضد تشيلسي مثلا، وكذلك لم يحتو خطورة ألفارو موراتا".
وتابع "ما أراه من أتليتكو مدريد حاليا فريق سيكون جيدا خلال عامين لكن ليس حاليا، لأنه ليس ناضجا بقدر كافي، لم نر عناصر مثل ديفيد بيا وأردا توران وراؤول جارسيا".
وأردف "سيميوني أراد تجديد دماء الفريق ولديه لاعبين صغار في السن، هناك أنطوان جريزمان وأنخيل كوريا وتوماس بارتي لا يناسبون أسلوب لعبه الدفاعي، والآن يظهر سؤال أخر هل يتطور بدوره كمدرب ويخرج الأفضل من فريقه؟ لأن الفريق الحالي مختلف تماما".
ضعف الهجوم وغياب جريزمان
وتطرق جوليم بلاغ للحديث حول قوة الفريق الهجومية قائلا: "الفريق لم يعد يخلق فرصا وأصبح يعتمد على جريزمان الذي يقف وحيدا في المقدمة ينتظر الكرة ليذهب بها وحده ضد الخصم، مثلا ضد تشيلسي جريزمان كان وحده ضد 3 في الدفاع، أتليتكو مستمر في تحفظه الدفاعي الشديد من أجل الحفاظ على نظافة شباكه لكنه بحاجة لأكثر من ذلك إن أراد العودة للانتصارات، بحاجة لاستعادة هويته مع سيميوني، لم تعد طريقة الفريق وقوته واضحة مثل الماضي".
وأوضح "أنطوان جريزمان أحد المشاكل أيضا، إنه بعيد كل البعد عن مستواه، سجل 3 أهداف فقط في 14 مباراة، نتذكر استبداله ضد ديبورتيفو لاكورونيا والفريق كان بحاجة إلى هدف، وماذا يظهر ذلك؟ إنه لم يعد ذلك الرجل الذي يقود الفريق للفوز مثلما كان في الماضي".
ووافقه نيك رايت محلل "سكاي" قائلا :"ضعف هجوم أتليتكو بدا واضحا في دوري أبطال أوروبا، الفريق سدد ما يقرب من 78 كرة على المرمى لكنه سجل هدفين فقط، إنه المعدل الأسوأ في البطولة، لم يكن الفريق قادرا على تخطي كاراباج في مباراتين".
ما يظهر أن لاعبو أتليتكو مدريد لم يعودوا يحبون طريقة اللعب مع سيموني هي انتقادات لاعبيه لها.
يقول ساؤول نيجيز عقب مواجهة ريال مدريد :"تلك النقطة التي حصلنا عليها تشعرنا بمرارة شديدة، الفريق لعب جيدا وكانت لدينا فرص، علينا أن نفكر فيما هو قادم".
وأتبع " لماذا لم نسجل من المرتدات؟ الأمر يعتمد على الفريق الأخر أيضا، لكن في الحقيقة حينما نستعيد الكرة بعيدا عن مرماهم لدينا لاعبين فقط في الهجوم لذا فالأمر صعب للغاية أن نسجل".
واسترسل :"إن فاز لاعب وسط بالكرة فليس من السهل أن يصل بها 70 مترا للأمام".
أتليتكو مدريد صنع 11.4 فرصة كل مباراة في الدوري مقارنة بـ13.3 في الموسم الماضي.
عقوبة الفيفا
بجانب الأداء معاناة أتليتكو أيضا سببها عقوبة الفيفا بمنع النادي من عقد صفقات.
يقول نيك رايت محلل "سكاي سبورتس" :"في الحقيقة معظم مشاكل أتليتكو تأتي من عقوبة الفيفا، خصومهم كانوا قادرين على ضم لاعبين، سواء بدلاء أو أساسيين، لقد وقع فعليا مع دييجو كوستا وفيتولو لكنهما لن يشاركا حتى شهر يناير وعلى الفريق أن يتعايش مع تلك الحقيقة ويصمد فترة كبيرة قد يخسر خلالها كل شيء".
يضيف آدم سميث :"بدلا من ذلك سيميوني أصبح مجبرا على التعامل مع الموسم الجاري بتشكيل من الموسم الماضي، وأصبح غير قادر على تعزيز مراكز هامة للغاية فيها نقص، ولديه لاعبين مخضرمين مثل دييجو جودين وخوان فران وجابي كلهم يعانون بسبب الإرهاق".
صلابة الدفاع لم تعد كالماضي
أتليتكو مدريد كان أحد أقوى الأندية في الحفاظ على تقدمها، قد تدخل المباراة والفريق بحاجة للخروج بنتيجة 1-1 وتحصل على الكرة طيلة الـ90 دقيقة لكنك لن تأخذ شيئا من أتليتكو.
تحدث جوليم بلاغ في هذا الصدد قائلا :"فريق سيميوني لم يعد قادرا على اللعب بصلابته الدفاعية المعهودة، الفريق كان يخسر تقدمه بأهداف في 4 من أخر 9 مباريات خاضها، وقد تكون الأمور أسوأ لو لم يكن يان أوبلاك متألقا في حراسة المرمى".
تغيير الملعب
وتطرق آدم سميث للحديث حول تغيير الملعب إلى واندا ميتروبوليتانو قائلا :"حتى اللاعبين مثل فيليبي لويس وغيره يشعرون أنهم لا يلعبون في الملعب الطبيعي الخاص بهم، أتليتكو وفيسنتي كالديرون الوضع كان كالسمك الذي خرج من المياه".
وأضاف "الأندية الأخرى تلعب بأريحية لكن أتليتكو ليس كذلك، قد يكون الملعب رائع لكن الأجواء باردة للغاية فيه ليست مثل كالديرون".
قد تكون تلك فترة اختبارية حقيقية لقوة أتليتكو كفريق كبير وسيميوني كمدرب ممتاز، أو كفترة للدفاعة عن عصر بدأه المدرب الأرجنتيني، ودرجة صمود فريق العاصمة هي ما ستحدد إن كان سيواصل إنجازاته أم سيسقط في نهاية المطاف ويرحل سيميوني عنه كنتيجة أولى ولا نعرف بعد ما قد يحدث إن رحل الأرجنتيني بعد 6 سنوات من بداية توليه مهمة تدريب أتليتكو مدريد وكتابته قصة خاصة مع الفريق توج خلالها بـ5 ألقاب.