كتب : أحمد عبد اللطيف يوسف
القصر مكتظ بالضجيج. الجميع يعودوا إلى مقاعدهم المخصصة وهم يهرعون بلملمة أوراقهم المتناثرة بشعور يمزج بين الحيرة والترقب إذ بعجوز منهك ينساب وسط وفد يبدو أنهم يرتابوا ذلك القصر الفخم ويغلب على نظراتهم الدهشة الممزوجة بالفرحة.
صوت همهمة وسط ذلك الصخب من أين أتوا هؤلاء وكيف تضرعوا من آسى كل تلك السنوات الخوالي بدون مقعد في تلك القاعة، في الواقع أن هذا الوفد ليس أكثر الوفود التي غابت، بيرو مكثوا 36 عاما في انتظار تلك اللحظات لكن ما حدث معهم من أجل العودة مجددا ربما يكون الأغرب.
أحد الجنود الروسيين يشير للعجوز على مقعده بالطبع يعرفه منذ دخوله البلاد لأنه أول من أدخل لعبة الروليت كرة القدم كما عنونت صحيفة الجارديان البريطانية عن كوبر وهي لعبة حظ مميتة أبتدعها الجنود الروس لإثارة بعضهم البعض.
هيكتور كوبر جلس أخيرا في وقار إلى جوار مساعديه فطالما عرف بأنه قليل الحديث قبل سحب القرعة علينا تسليط الأضواء على من سيتواجد بالقاعة "جميع هؤلاء ممكن كانت لهم ذكريات أختلف مداها بين الطيبة والسيئة".
قبيل انطلاق القرعة، كوبر يلتفت إلى الحاضرين ويفكر مليا فيما يتمنون للمجموعة التي سيتواجد المنتخب المصري الذي يقوده في نهائيات كأس العالم ويسترجع ذكرياته معهم ليجد أحدهم تلو الآخر ويسترجع الأيام الخوالي مع كل هؤلاء بعدما أمسك برأسه وعصر ذهنه يبدو أن كوبر لم ينسى قط ولم يبدي أي تعبير عن وجهه بالسعادة أو الضيق.
علي يمينه يجد البرازيلي رونالدو ويتذكر طلب الأخير من ماسيمو موراتي مالك إنتر الإيطالي بالإستغناء عن المدرب بعد عدم اكتراثه باللاعب والاعتماد على السيراليوني محمد كالونبدلاً منه مما اضطره للرحيل لريال مدريد، رونالدو يتمنى بالطبع مجموعة نارية لمصر تضم البرازيل وأسبانيا وصربيا.
ثلاثي يتحدث الى بعضهم البعض يجدهم على يساره هم بافل نيدفيد وفيليبو إنزاجي وسيدورف الأول أنهى آمال كوبر مع مايوركا وخطف كأس الكؤوس الأوروبية في أخر نسخها إلى لاتسيو ، فيليبو إنزاجي كان القشة التي قسمت ظهر البعير وعجل برحيل كوبر عن إنتر بعد خسارة الدوري الإيطالي 2002 لمصلحة يوفنتوس في الرمق الأخير بعدما أرهقت أهدافه المدرب الأرجنتيني وتراجعت به للمركز الثالث أما سيدورف الذي أستغنى عنه كوبر لغريمه التقليدي فقد صنع هدفاً أطاحبكتيبة انتر من نصف نهائي كأس دوري أبطال أوروبا 2003، الثلاثي ربما يتمنى مجموعة تضم مصر إلى جوار ألمانيا وإنجلترا وكوريا الجنوبية.
صامويل إيتو وجازيكا ميندييتا وسيميوني ودي باجيو وجابريال باتيستوتا وكريستيان فييري والنيجيري أوبا مارتينز وريكوبا يتواجدون ويتمنون حظاً سعيداً لكوبر على الرغم من أن بعض الوقت النحس الذي لازم كوبر قد سلبهم الأمل في أغلب الوقت لكن ربما تكون المجموعة بولندا وسويسرا وبنما.
على مستوى المدربين يقف فان جال ينظر الى كوبر الذي قال عنه "طوال تاريخي الرياضي كنت دائما أضع خطتي قبل كل مباراة بدون تعقيد، ولكن حينما ألعب ضد كوبر فإنني لا أعرف كيف اللعب ضد هذآ الرجل وما هي خطته" عليه أن يختبر كوبرأمام منتخبات ذات الطابع التكتيكي فيتمنى له مجموعة تضم البرتغال وإسبانيا وأستراليا.
أما الإسباني رافائيل بينيتيث الذي تحدث عن كوبر إبان توليه تدريب فالنسيا الأسباني عام 2003 "إذا خلت المدرجات من الجماهير فاعلموا ان كوبر هو السبب" فيتمنى بالطبع الخلاص من كوبر في مجموعة ستضم بلجيكا وأوروجواي وصربيا.
كلاوديو رانييري ومارشيلو ليبي المدربان الإيطاليان، الأول الذي خلفه كوبر في فالنسيا والثاني وصفه بالمدرب المحنك بعد فوزه على برشلونة وريال مدريد ربما سيضعان في الحسبان مجموعة متوازنة ستضم روسيا وبيرو واليابان.
أوتمار هيتسفيلد مدرب بايرن ميونخ والذي تغلب على فالنسيا بقيادة كوبر في نهائي دوري أبطال أوروبا 2001 لا يكترث بالأمر طويلا ربما يضع المانيا وإسبانيا والسعودية كذلك الحال للأسباني فيسنتي ديل بوسكي مدرب ريال مدريد الأسبق إبان فترة تولي كوبر فالنسيا.
السويدي سفين جوران اريسكن مدرب لاتسيو يتذكر رد فعل كوبر بعد خسارة لقب كأس الكئوس مع مايوركا نسخة 1999 عاد الموسم الذي تلاه ليفوز على لاتسيو بقيادة السويدي بخماسية في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا 2000 وكذلك الحال للفرنسي أرسين فينجر مدرب أرسنال الإنجليزي وخسارة في ملعب الهايبيري أمام كوبر بثلاثية نظيفة أمام إنتر في كأس العالم ربما تكون المجموعة فرنسا وكولومبيا وكوريا الجنوبية.
على مستوى المسئولين هناك من يتمنى عبور كوبر ومواجهة بلاده في النهائي وهو مسئول أرجنتيني لأنهم يرون أن النحس وكوبر متلازمين وعليه فيضمن لقب ثالث في كأس العالم ويمسحوا سريعاً خيبة أمل النسخة الماضية.
أخر ينظر على كوبر بعنجهية ويتمنى أن يركله أرضا هو مسئول من جورجيا، كوبر لم يمكث طويلا في تدريب المنتخب الجورجي سوى تصفيات كأس أمم أوروبا عام 2008 واندلعت حرب أهلية بالبلاد سميت بحرب أوسيتيا الجنوبية يتمنى بالطبع الأرجنتين إلى جوار مصر ومعهم إسبانيا وصربيا.
على سبيل الوفد المصري هناك رجلين يتمنيا كل منهما خلاف الآخر حسام حسنهو آخر من حمل لواء المنتخب وأعطى مصر مقعداً في قاعة مماثلة ولكن في إيطاليا عام 1989 يتمنى قرعة سهلة نسبياً ويركز على الثغرات ويتمنى الإبتعادعن مواجهة المنتخب الإنجليزي ربما لكونه تلقى مع زملاؤه الخسارة أمامه في كأس العالم1990 وبالطبع لا يريد مواجهة المنتخب السعودي مجدداً لأن أثار الهزيمة القاسية كلاعب مع المنتخب الوطني في كأس العالم للقارات 1999 بخماسية لهدف وحيد تظل في أعناقه حتى الآن ربما يكون الثلاثي بولندا وسويسرا وبنما.
رجل ذو لحية يبحث عن أشخاص بعينهم داخل جنبات تلك القاعة الكبيرة يبدو أنه جاء خصيصا ليتحدث عن شيء ما ينتظره طويلا ولكن لا يجد ضالته. ربما قاطعه أحد الأشخاص أنهم لن يأتوا ولكن لن يزعزع ذلك من وجدانه ليتحدث للجميع مازحا، ألا ينسيكم غيابهم استطاعتي بهز شباكهم في كأس العالم 1990.
مجدي عبدالغني يريد منتخبات ذو دفاعات صلبة لمنع اللاعبين المصريين من إحراز أي هدف في كأس العالم ألمانيا وإنجلترا وبنما هم الأقوى في الصلابة الدفاعية بين منتخبات التصنيفات الأخرى في مشهد يغلبه ضحكات متقطعة خلف الكواليس.
في مصر الوضع مختلف بعض الشيء، لا حديث يعلو على قرعة تصفيات كأس العالم 2018 اهتمام إعلامي لاستطلاع رؤية القرعة واهتمام جماهيري فيمن سيقع بجوار المنتخب المصري بذكريات المشاركات الرسمية في المنافسات العالمية فيستمر البحث بين المنتخبات المتأهلة عن المنتخب الإيطالي بذكريات هدف محمد حمص في كأس العالم للقارات 2009 ولا يجدونه ويبحثون عن المنتخب الهولندي بذكريات هدف مجدي عبدالغني ولا يجدونه أيضا. البعض لا يتمنى الوقوع الى جوار المنتخب البرازيلي لأن تقنية الفيديو ستظهر خدعة أحمد المحمدي مجدداً بسهولة بالغة.
أيضاً هناك شخص في الإسكندرية ينتظر انتهاء ذلك الحدث بلهفة ليكمل عمله ويعيد ترتيباته في المساء ويرتشف بعض من القهوة لتساعده على إبرام ذلك العمل هو الحاج عامر حسين مدير لجنة المسابقات بالجبلاية، وبالطبع الأمر الجلل هو جدول المنافسات المحلية الذي لا ينتهي.
.