كتب : عمر ناصف
أراد بينيتو موسوليني الحاكم الفاشي لإيطاليا في العشرينيات أن يقضي على هيمنة وسيطرة أندية الشمال الإيطالي كيوفنتوس وقطبي ميلان على البطولات الكروية هناك فقرر أن يضم كل أندية العاصمة الإيطالية روما في فريق واحد ليصارعهم على البطولات.
ثلاثة أندية وافقت هم رومان وألبا أودينزي وفورتيتأودو بينما رفض أحد القادة الفاشيين ويدعى جورجيو فاكارو أن ينضم ناديه المحبب لاتسيو إلى هذا الدمج ليصبح لروما قطبين هما روما ولاتسيو.
كان لاتسيو صاحب الشعبية الأكبر نظرا لأنه هناك من العام 1900 ولكن مع عملية الدمج وجد الفريق نفسه يتراجع مع وقوف مشجعي الأندية الثلاث خلف النادي الوليد روما ليعلن العام 1927 "عام إنشاء روما" عن مولد دربي جديد في سماء الكرة.
الثنائي تشرب من الثقافة الرومانية القديمة، فلاتسيو يحمل على صدره شعار النسر وهو الحيوان المفضل لـ"جيوبتر" إله السماء والحب في الحضارة القديمة بينما روما يحمل على شعاره الذئب المرتبط بـ"مارس" إله الحرب وعلى شعاره يوجد طفلان يرضعان من الذئب هما "روميلوس وريوس" من قاما ببناء المدينة "روما" كما تقول الأسطورة.
ورغم أن روما تم انشائه على يد اليمين الفاشي المتطرف إلا أن جماهير لاتسيو هي الأكثر اعتزازا بهذا التاريخ حتى الان بل إن قائدها السابق باولو دي كانيو لم يكن يجد أي حرج في إعلان إنتمائه لهذا التيار وتم إيقافه سابقا بسبب إحتفاله بالإشارة الفاشية في أحد المباريات أمام ليفورنو الذي يمثل التيار اليساري.
جماهير النسور رفعت في أحد الدربيات خلال التسعينيات لافته تقول "أوشفيتز هي مدينتكم والأفران منازلكم"، أوشفايتز هو أحد مخيمات الحرق التي كان الرايخ الألماني يستخدمها، كلاوديو لوتيتو رئيس لاتسيو الحالي حاول تغطية ما حدث بالذهاب ووضع إكليل من الزهور رفقة 200 مشجع من فريقه في محاولة لإعادة السلام مرة أخرى مع المتضررين.
"نحن هنا أولا" هكذا يدافع مشجعي لاتسيو عن أنفسهم دائما من هجوم جماهير روما عليهم ووصفهم بـ"الدخلاء" على المدينة، أحد مشجعي روما في فيلم تسجيلي نشرته قناة "أي تي في" وصف مشجعي لاتسيو بـ"همجيين قادمين من الكهوف".
لقاءات دربي العاصمة شهدت أول وفاة لمشجع كرة قدم بسبب الشغب في إيطاليا وذلك أثناء إلقاء الألعاب النارية من قبل جمهور روما على جمهور المنافس لتجد إحداها عين "فينسينيزو باباريلي" مشجع لاتسيو وتتسبب في قتله وذلك في 1979.
وفي 2004 توقفت إحدى مباريات الدربي بسبب انطلاق شغب بين الجماهير بسبب رؤية أحدهم لطفل مغطى بقماشة بيضاء خارج أسوار الملعب، الشائعة انتشرت بأن الشرطة قامت بقتل أحد الأطفال ليبدأ غضب الجماهير حتى مع إعلان الشرطة بأنه لا يوجد وفيات وأن الطفل أغمى عليه بسبب دخان الألعاب النارية المستخدمة في الملعب وتم تغطيته لتنقية الهواء حوله.
رئيس لجنة المحترفين حينها أدريانو جالياني كان هو من أمر حكم اللقاء روبيرتو روسيتي بإيقاف المباراة وفرانشيسكو توتي هو من جاء إليه بعد انتهاء الشغب والتوتر في المردجات ليطلب منه تأجيل المباراة حتى لا تحدث كارثة جديدة في حال عودة انطلاقها وهو ما حدث بالفعل.
التقى الفريقان في الدربي الأول بعد عامين من تأسيس رما وذلك بتاريخ 8 ديسمبر 1929 عندما نجح الوليد في الفوز على العريق لاتسيو بهدف نظيف سجله رودولف فولك ليعلن عن سيطرة الذئاب منذ البداية على لقاءات الدربي بينهما..
طوال السنوات السابقة التقى الفريقان في 184 مباراة نجح روما في الفوز بـ69 منها بينما لاتسيو اكتفى بـ52 انتصار وبقية المباريات وعددها 63 انتهت بالتعادل
لا تشهد مباريات الفريقين الكثير من الأهداف فأفضل فوز لروما جاء في 1934 بنتيجة 5-0 بينما أفضل انتصارات لاتسيو كان بثلاثية نظيفة في ديسمبر 2006.
وبعد ما يقرب من 90 عاما من إنشاء روما و88 عاما من دربي العاصمة لا يبدو روما قريبا من الهدف الأسمى الذي تم دمج أندية العاصمة بسبب وهو "منافسة أندية الشمال" فاكتفى روما بثلاثة ألقاب دوري تاريخية ومجموع 16 بطولة في تاريخه ليس من بينهم أي بطولات أوروبية.
بينما لاتسيو الذي نجا من عملية الدمج فلم يقدم أكثر من جاره مكتفيا بـ15 بطولة منهم بطولتي دوري فقط ولكنه يجد ما يفتخر به أمام جماهير عدوه كونه الفريق الوحيد في العاصمة الذي نجح في الفوز ببطولة أوروبية وهي كأس أوروبا للأندية أبطال الكؤوس في نسختها الأخيرة عام 1999 وأضاف إليها كأس السوبر الأوروبية.
لكن ما فعله موسوليني في 1927 وإن كان لم يحقق هدفه إلا أنه قدم لكرة القدم حول العالم دربي جديد يحمل بين طياته الكثير من الشغف والعنف والرغبة في الإنتصار ليتحول الملعب الذي يتقاسمه الطرفان "الأولمبيكو" إلى ساحة "كولسيوم" القديمة يتعارك عليها الطرفان لمعرفة من يسيطر على المدينة حتى موعد الدربي القادم.