ما وراء احتفال هنري الأيقوني.. 15 عاما مرت تغير معها الكثير
الخميس، 16 نوفمبر 2017 - 16:25
كتب : لؤي هشام
من بعد منطقة جزاء فريقه بقليل، تسلم الكرة وانطلق بكل خفة ورشاقة. سرعته لم تساعد منافسيه على اللحاق به، وهو كان يواصل تقدمه نحو منطقة الجزاء أكثر فأكثر. وأخيرا أسكن الكرة بكل ثقة وهدوء في الشباك.
لم يكن الهدف هو المشهد الأبرز بل الاحتفال الذي تلاه. فرد ذراعيه دون أن يصلا بمحازاة كتفيه كأنه يستعرض قدراته أمام جماهير الخصم اللدود، ثم نزل بكل ثقة على العشب الأخضر بركبتيه دون أن يحول نظره بعيدا عنهم وكأنه يقول: "هذا ليس كل ما لدي فلتروني ما لديكم إن كان هناك".
15 عاما مرت بالتمام والكمال منذ احتفال الغزال الفرنسي تيري هنري الأيقوني أمام توتنام بعد هدفه الشهير في المباراة التي انتهت بثلاثية نظيفة لأرسنال على ملعب هايبري بالدوري الإنجليزي.
ذاك الاحتفال الذي تحول لأحد الاحتفالات الأيقونية بالنادي اللندني وأكثرها شهرة ليتحول بعد ذلك إلى تمثال أمام بوابات ملعب الإمارات عقب الرحيل عن ملعبهم التاريخي.
لم يكن الاحتفال هو الأكثر غرابة وطرافة ولكنه علق بالأذهان لرمزيته ولحمله معاني عديدة وكبيرة من خلفه.
كان الاحتفال بهذه الطريقة يعني بكل بساطة أن الجار اللندني مازال أمامه الكثير والكثير للوصول إلى إنجازات وأمجاد المدفعجية في ذلك الوقت.
نظرة الزهو والكبرياء التي لم تفارق وجه هنري ونظرة الصدمة والغضب التي لم تفارق وجه جماهير توتنام مثلتا عقليتان كانتا مختلفتان كثيرا فهذا فريق يسعى للبطولات والتتويج وآخر كل آماله تتمثل في الانتصار عليهم بالدربي.
حقيقة أخرى تضيف الكثير من المصداقية إلى تلك النظرية هي حقيقة أن هنري لم يتعرض لأي هزيمة طوال مسيرته مع أرسنال أمام توتنام، حقيقة يتفاخر بها هنري كثيرا.
يسترجع الغزال الأسمر ذكرياته عن ذلك الهدف قائلا: "كان هدفا مميزا أمامهم، عندما تلعب أمامهم فإنها مباراة أكثر من مهمة".
"لم أخسر أبدا أمام توتنام وهذا أمر يسعدني للغاية.. هذا عظيم جدا".
ويضيف "عندما أنظر لصورة ذلك الاحتفال وأركز في وجه جماهير توتنام أجد الكثير من الإحباط والغضب. بعضهم لم يكن هناك أي تعبير على وجهه، فقط بلا أي تعبير".
بعد 15 عاما مرت ما الذي تغير إذا بين الفريقين؟
حسنا، نظرة إلى جدول ترتيب الدوري الإنجليزي تكفي لمعرفة ما حدث. توتنام في المركز الثالث برصيد 23 نقطة بفارق الأهداف عن مانشستر يونايتد الثاني، وأرسنال في المركز السادس برصيد 19 نقطة.
في الأعوام التي تلت ذلك الانتصار حافظ أرسنال على عقلية البطولات ولكن ليس طويلا فقد كان موسم 2002-2003 آخر المواسم التي حقق بها لقب الدوري الإنجليزي الغائب عن خزائنه منذ ذلك الوقت.
ومنذ ذلك الحين سار المدفعجية شيئا فشيئا على طريق الاستقرار والثبات ولكن ليس على منصات التتويج بل على منصة المركز الرابع المؤهل لدوري أبطال أوروبا.
حقيقة كان يتفاخر بها المدرب أرسين فينجر كثيرا كونه الفريق الوحيد الذي لم يغب عن دوري الأبطال في آخر 20 عاما حتى أتت اللحظة المتوقع حدوثها وفشل الفريق في التأهل للمسابقة الموسم الماضي.
أنهى فينجر الموسم في المركز الخامس بينما أنهاه الجار توتنام في المركز الثاني. بينما كان توتنام يتخذ نهجا تصاعديا مع مرور العام تلو الآخر منذ تلك الهزيمة كان أرسنال يتخذ نفس النهج ولكن تنازليا في عكس الاتجاه.
رحل هنري عن أرسنال في عام 2007 قبل أن يعود في إعارة قصيرة عام 2012 ليرحل بعدها دون رجعة وترحل معه حقيقة أنه لم يخسر أمام الديوك أبدا، وحقيقة أخرى هي أن أرسنال انتصر مرتين بخماسية لآخر مرة ذلك العام وبعدها لم ينجح في تسجيل أكثر من هدفين بأي مباراة.
منذ قدوم ماوريسيو بوكيتينو عام 2014 لتولي المهمة الفنية لتوتنام والفريق يتطور كثيرا. انتقل من المركز الخامس إلى الثالث ثم الثاني، كان ذلك شاهدا على العمل الملحوظ والعقلية التي زرعها المدرب في لاعبيه.
وفي الوقت الذي كان توتنام ينتصر فيه على ريال مدريد لأول مرة في تاريخه بثلاثة أهداف لهدف بدوري الأبطال مطلع الشهر الجاري مجسدا نموذجا لما يريد الفريق أن يصل إليه مستقبلا كان أرسنال يتعادل في اليوم التالي سلبيا مع النجم الأحمر الصربي بالدوري الأوروبي. المقارنة باتت أوضح.
يتحدث كريستيان إريكسن عما وصل إليه فريقه قائلا: "الكثير من الأشياء تغيرت سواء داخل الملعب او خارجه، كل الأشياء باتت حيث نريد في توتنام، الكل يريد أن نصبح فريقا كبيرا وهذا ما نحاول فعله وأعتقد أننا اقتربا كثيرا".
"بوكيتينو أعطى الاستقرار ليس فقط لي وإنما للنادي ككل وهذا هو الأهم لأي لاعب، أن يشعر بالارتياح ولا يفكر بشيء سوى كرة القدم داخل الملعب، جميع اللاعبين يمتلكون عقودا طويلة الأمد ويشعرون بالأمان هنا ولهذا تلتزم بشأن مستقبلك مع فريق كهذا".
في الجانب الآخر من شمال لندن لم يكن أرسنال يُعاني فعلى صعيد الاستقرار والأموال فإنه من أكثر أندية الإنجليزية حفاظا على مقدراتها ولكن ظهر جليا أن النادي يفتقد افتقادا ماسا للرؤية والتخطيط على المدى البعيد.
أرسنال يستقبل توتنام يوم السبت بالجولة 12 من الدوري الإنجليزي في مواجهة يضع الكثيرون الديوك فيها كمرشح أول للانتصار بتلك المباراة.. تغير الكثير يا هنري.