كتب : محمد يسري
كل الأمور تدور حوله في مانشستر سيتي. ربما لأنه وجد الرجل الذي يلعب كرة القدم التي يحبها أو لأن إمكانياته تساعد هذا الرجل في المزيد من السيطرة والاستحواذ.
بات كيفن دي بروين القطعة الأهم في مانشستر سيتي مع مدربه بيب جوارديولا؛ ليست الأرقام فقط من تثبت ذلك لأن دوره في الملعب لا تعكسه الأرقام.
منذ أن كان لاعبا في جينك البلجيكي لا يمرر دي بروين من أجل التمرير فحسب للحفاظ على الاستحواذ بل يغامر في قرار تمريره للكرة.
الأمر تطور حين انتقل إلى فردير بريمن الألماني. في موسم 2012-2013 أكمل 77% فقط من تمريراته. تلك النسبة القليلة –حين ننظر لمعدل دي بروين الطبيعي- لم تكن لسوء قدرته على التمرير بل بسبب المغامرة والبحث عن خلق فرص من أماكن بعيدة عن المرمى.
في هذا الموسم خلق 85 فرصة للتسجيل لم يستغل منهم سوى 9 فقط تم تحويلهم لأهداف.
هواية دي بروين في خلق الفرص وليس التمرير السلبي فقط هو ما يطلبه جوارديولا دائما من لاعبي فريقه.
يوضح دي بروين "بيب يكره كلمة الاستحواذ ويطلب مني أنا ودافيد سيلفا أن نتواجد في أماكن تتيح لنا صناعة الفرص وبناء الهجمة ثم التحرك للأمام في أسرع وقت".
لهذا عدل جوارديولا من مركز دي بروين هذا الموسم. بضع خطوات للخلف للعب وكأنه ارتكازا جعلت لاعب الوسط البلجيكي يتوهج هذا الموسم.
لماذا؟
لم يكتسب دي بروين تطورا في رؤيته للملعب منذ أن كان صغيرا، تلك النظرة الثاقبة تبدو وكأنها فطرة وُلد بها. يمكنك مشاهدة ما كان يفعله مع جينك في الفيديو التالي..
جوارديولا لم يطور من نظرة دي بروين؛ لكن بعودته قليلا للوراء أتاح له المزيد من الخيارات للتمرير مما يتيح لمانشستر سيتي القدرة على بناء اللعب بشكل سليم يسمح للفريق التدرج بالكرة حتى يصل للمرمى الخصم دون أن يخطئ في التمرير.
يفسر دي بروين لماذا يمرر بشكل صحيح ويقول: "دائما ما أحاول النظر عن من حولي قبل استلام الكرة وأحيانا أنظر حولي أيضا عندما تسلمها".
يحمي دي بروين الفريق دفاعيا وهو يهاجم بسبب صحة تمريراته لأن وصول التمريرة لزميله في الحالة الهجومية بشكل صحيح يحافظ على تمركز الفريق ويمنع قيام الخصم بالمرتدات في المساحات الناتجة عن تمركز الفريق الهجومي.
بات معدل دي بروين للتمرير الأمامي 46 تمريرة في المباراة الواحدة بدلا من 33 في الموسم الماضي.
تعليمات جوارديولا لدي بروين للعب الكرة للأمام ثم التحرك تمنحه حرية التمركز بين خطوط خصم مانشستر سيتي.
هدفه في تشيلسي مثال على ذلك.
يقول دي بروين:"كنت أنتظر التمريرة، لأن كل منا كان بمركزه في الملعب وهذا يعطينا حرية لفتح الملعب وزاويا أكثر للتمرير، نحب تمرير الكرة والتحرك معها لأن الأمر يكون سهلا بهذه الطريقة للهجوم، لهذا حصلت على الكرة في المساحة".
في تلك اللقطة استلم دي بروين الكرة في المكان المفضل له، بين خطوط الخصم؛ لكن عدم وجود خيارات للتمرير وضرب خط دفاع تشيلسي لم يشكل له أي مشكلة؛ فصوب بيسراه التي تمتلك نفس دقة قدمه اليمنى وسجل هدف الفوز.
عودة دي بروين لم تجعله صانعا للأهداف بقدر ما جعلته أكثر من يصنع لصانع الأهداف.
تلك اللقطة في مباراة ستوك لم تقيد في السجلات كصناعة هدف قد تكون التمريرة الأروع في الدوري حتى الآن.
لكن الحب ليس سبب استفادة جوارديولا من دي بروين، بل الإدراك.
يُدرك دي بروين كيف تُلعب الكرة لرفاقه في أرض الملعب مما ينتج عنه استغلال للفرص التي يصنعها صاحب الـ26 عاما.
يكشف دي بروين "ليروي ساني سريع للغاية مما يتيح له تخطي المدافع إذا كان المدافع يسبقه بخطوات قليلة، مثله مثل رحيم سترلينج، هم يحبون الركض في المساحات".
هذه الميزة تجعل جوارديولا يستفيد من سرعة ساني وسترلينج بشكل مثمر أكثر لأن دي بروين يعرف كيف يمرر لهم وأين يمرر لهم.
مثلا، إذا كان سترلينج/ساني يركض بشكل قطري فدي بروين يمرر الكرة في خط مستقيم للمكان الذي سيصل فيه سترلينج/ساني حين ينتهوا من الركض.
والعكس صحيح، إذا كان سترلينج/ساني يركض في خط مستقيم، فدي بروين يمرر الكرة بشكل قطري للمكان المتواجد به زميله الجناح.
وأوضح دي بروين كيف يرسل تلك التمرير القطرية أو الكرات العرضية عموما، وقال سابقا "أنظر قبل لعب الكرة، وألعبها في المسافة بين المدافع والحارس لتشكل إرباكا أكبر".
لكنه لم يكشف عن تلك كيفية اتخاذه لقرار التمرير المباشر الذي يضرب به الخطوط.
وليس ساني وسترلينج فقط من يعرف دي بروين كيف تلعب الكرة لهم، بل باقي عناصر الفريق.
وأضاف "ما يناسب سيرجيو أجويرو يختلف عما يناسب جابرييل خيسوس".
هذا الإدراك هو الأهم لجوارديولا الذي يرغب في أن يتخذ كل لاعب يمتلكه القرار الصحيح في التمرير حتى يسجل الفريق.
إمكانيات دي بروين الفائقة تساعد جوارديولا في تنفيذ أسلوبه ولا ينكر المدرب الإسباني أن قدرات لاعبي فريقه هى السبب في تحقيقه الانتصارات كما أوضح في حوار مع تييري هنري من قبل.