كتب : إسلام مجدي
"أبياه ليس لديه مكانا للاختباء، بعد أن أحبطنا ضد الكونغو" كان ذلك أحد عناوين الصحف التي انتقدت بشدة كويسي أبياه مدرب منتخب غانا بعد التعادل ضد الكونغو في التصفيات المؤهلة لكأس العالم.
لم تنصف الانتقادات في غانا أبياه قط، أفرام جرانت المدرب الذي سبقه كان يحق له دائما أن يفعل ما يشاء حتى ساءت النتائج للغاية ومع تجربته عدد محدد من اللاعبين لم يعد لدى غانا أي بدائل، أبياه لم يخسر قط حتى الآن مع غانا نظريا في 3 مباريات خاضها بتصفيات كأس العالم تعادل مرتين وفاز مرة.
في أبريل 2012 قرر الاتحاد الغاني لكرة القدم أن يعين جيمس كويسي أبياه مدربا للنجوم السوداء.
وقتها صرح كويسي نيانتاكي رئيس الاتحاد قائلا :"أعتقد أنه من المهم لنا جميعا في غانا خاصة الصحفيين وأعضاء اتحاد الكرة أن نتحد خلف أبياه لكي ينجح".
وأضاف "نحن لا نعينه في هذا المنصب لنحكم عليه ونقيله بناء على سوء المستوى، جميعنا قد نفشل".
وأتبع "هدفنا هو أن ندعمه لينجح، والاتحاد ملتزم لكي يضمن نجاحه ويمده بكل ما يلزم".
وأردف "نرغب في أن نعرض عليه بعض التدريبات لكي يحقق أهدافنا في الوصول إلى نصف نهائي كأس العالم 2014 والفوز بكأس الأمم الإفريقية".
مهمة أبياه الأولى مع غانا كانت الاستعداد لمواجهة ليسوتو في يونيو ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2014.
الضغط كان شديدا على أبياه خاصة بعد إقالة جوران ستيفانوفيتش مدرب المنتخب لخسارته ضد زامبيا في نصف نهائي كأس الأمم الإفريقية 2012 بنتيجة 1-0 وسجل الهدف إيمانويل مايوكا مهاجم الزمالك السابق.
التطلعات والتوقعات كانت كبيرة والضغط كان أكبر، وأوضح أبياه في أكثر من مرة أنه مضغوط وينتقد لكنه سيبني جيلا جديدا وقويا.
في غانا هناك وظيفتين هما الأصعب في تاريخ الدولة، منصب الرئاسة ومنصب مدرب المنتخب، كلاهما يخضع للنقد دوما وقليلا ما يشكر أحد فيمن يتولى مهمتهما.
لم يكن أبياه هو المرشح الأول لتولي المهمة، مارسيل ديساييه كان الأقرب حسب عدة تقارير صحفية هناك أبياه كان خيارا ثانيا وبعيدا عن تولي المهمة، لكن مطالب النجم الفرنسي بالحصول على راتب كبير دفعت الاتحاد الغاني مجبرا بقبول الأمر الواقع ومنح المهمة لأبياه.
العديد شعر أن أبياه لم يكن مؤهلا لتولي قيادة تلك المهمة، وليس مستعدا.
كل من سبقوه من الغانيين إلا ما ندر كان يعاني من فشل ذريع وعدم القدرة على تقديم نفس المستوى لفترة خاصة مع انعدام الثقافة وقلة التعليم، لذا الكل كان يرى أن أبياه لن يكون مختلفا عمن سبقوه.
مباراته الأولى في التصفيات كانت ضد ليسوتو وفاز بنتيجة 7-0 لكن الثانية كانت الأهم لسبب كبير هو الانتقام، كان عليه مواجهة زامبيا هناك وخسر بنتيجة 1-0 بهدف سجله كريستوفر كاتونجو، لتبدأ الانتقادات بقوة ضده.
انتصار برباعية نظيفة ضد السودان ثم فوز بنتيجة 3-1 مجددا ضد نفس المنتخب هدأ الوضع كثيرا، لكن هناك انتقاما لم تحصل عليه غانا، واجه زامبيا في كوماسي ليفوز بنتيجة 2-1 وينجح في تحقيق ما أراده الجميع.
قال أبياه :"أحب حينما يقلل الجميع مني، لطالما كان أمرا جيدا بالنسبة لي أن يستضعفني ويقلل مني الجميع".
وأتبع "كنت مع معظم هؤلاء اللاعبين لفترة وتلك أفضلية كبيرة، أعرفهم جيدا داخل وخارج الملعب، ولهذا السبب منحني الاتحاد الغاني الفرصة، والأمر منوط بي لأثبت نفسي".
وأردف "لا أستعجل أي شيء أبدا أحب دوما أن أتخذ القرار الصحيح بعد دراسة".
واسترسل "ليس صحيحا أنني أعتمد على الشباب فقط، إن كان سن اللاعب كبيرا ولازال يلعب بطريقة رائعة فسأضمه للمنتخب، أؤمن بهؤلاء الذين يلعبون تحت إمرتي، وفي نهاية المطاف إن سار الأمر بشكل سيء فأنا من سيتحمل المسؤولية".
سارت الأمور بشكل جيد مع أبياه في كأس الأمم الإفريقية 2013 تصدر مجموعته التي ضمت مالي والكونغو الديموقراطية والنيجر، وتخطى كاب فيردي في دور الثمانية ثم في نصف النهائي خسر بركلات الترجيح من بوركينا فاسو.
هذه المرة قرر الاتحاد الغاني منحه الفرصة بسبب تصفيات كأس العالم تلك التي نجح خلالها في إلحاق هزيمة تاريخية ضد منتخب مصر بنتيجة 6-1 ليتأهل إلى كأس العالم 2014.
أبياه قال لـFilGoal.com في وقت سابق عن هذه المباراة : "أفكر جيدا وأرى الحقائق وأدرسها قبل أي مباراة، وبالتالي قمت ببعض التغييرات الكبيرة جعلتني أقدم مثل تلك المباراة".
وقتها لقبت الجماهير الغانية أبياه بـ"القاتل الصامت". وكتبت عنه الصحف سواء الغانية أو الإنجليزية مثل "تيليجراف" أنه مدرب يعشق التحدي وهو الذي لم يؤمن أحد بقدراته من قبل.
قالت صحيفة "تيليجراف" عنه :"التحدي ليس بجديد على أبياه، إنه ينافس دائما بتفاؤل وذكاء، منذ أن تولى المهمة خلفا لجوران ستيفانوفيتش أصبح واحدا من أفضل مدربي غانا في العقد الأخير، وكلماته كانت دوما صحيحة، إنه مدرب هادئ وممتلئ بالمفاجآت".
بطريقة ما ساعدت الانتقادات أبياه على التأهل إلى كأس العالم إلا أنه ودع البطولة من دور المجموعات في مجموعة ضمت ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية والبرتغال، حظه العاثر أوقعه وسط هؤلاء.
منتخب غانا في المباراة الأولى خسر بنتيجة 2-1 من أمريكا ثم تعادل مع البطل لاحقا ألمانيا في مباراة رائعة بنتيجة 2-2 وأخيرا خسر من البرتغال بنتيجة 2-1 ليودع كلاهما البطولة مبكرا.
للأسف كانت المقارنات معقودة بينه وبين ميلوفان راييفاتس الذي قاد المنتخب لربع نهائي كأس العالم 2010، ومع الضغط رحل المدرب في سبتمبر من نفس العام بالاتفاق مع الاتحاد الغاني.
تولى أفرام جرانت مهمة تدريب غانا لكنه خسر نهائي كأس الأمم الإفريقية 2015 ضد كوت ديفوار ثم فشل في عدة اختبارات منها الفشل في الفوز بكأس الأمم الإفريقية 2017 حينما احتل المركز الرابع ليرحل عن تدريب غانا. وسط اتهامات للاعبين المحترفين أنهم لم يعودوا يلعبون بشغف مثل الماضي، وفي المقابل اتهامات لجرانت لأنه اعتمد على مجموعة محددة فقط دون التجديد منذ توليه المهمة خلفا لأبياه.
على الجانب الأخر، أبياه تولى قيادة نادي الخرطوم في السودان، وقاده في 2015 للمركز الرابع برصيد 50 نقطة بفارق 14 نقطة عن المريخ المتصدر، وفي 2016 احتل المركز الخامس برصيد 65 نقطة في موسم هيمن فيه الهلال على المسابقة برصيد 87 نقطة في القمة.
إضافة إلى ذلك نافس أبياه على جائزة أفضل مدرب في السودان لعام 2016.
مع سوء النتائج وحاجة غانا لبناء جيل جديد وسط تكهنات صحفية أن أبياه سيكون هو المدرب القادم.
قال أبياه لـFilGoal.com قبل مواجهة مصر في تصفيات كأس العالم 2018 بروسيا: "بالنسبة لي الخطط تقع على عاتق المدرب وليس اللاعبين وكذلك الأداء، إن كان المدرب جيدا وتكتيكه منضبط سيتخطى العقبات، شيء واحد بإمكاني قوله، هو أن غانا لديهم الموهبة لكن لا يمكنني التحدث أكثر لأن هناك مدربا أخر يتولى تدريب المنتخب حاليا".
وتحدث بعد كأس الأمم الإفريقية 2017 لـFilGoal.com حول عرض تدريب المنتخب قائلا: "إذا تلقيت عرضا لتدريب منتخب غانا سوف أدرسه جيدا قبل اتخاذ القرار سواء بالموافقة أو الرفض".
شتان الفارق بين شخصية أبياه ذلك المدرب الذي كان ينتقده الجميع، وحاليا الذي ينشد فيه الكثيرين إنقاذ منتخب غانا وبناء جيل جديد، الأمر الذي لم يختلف هو الانتقادات والتقليل منه.
مهمة أبياه هذه المرة ليس الفوز بكأس العالم لكنها واقعية جدا، بحكم معرفته بالكرة الغانية كانت بناء جيل جديد من اللاعبين شغوف لتحقيق الإنجازات.
قال أبياه لـFilGoal.com في وقت سابق :"مهمتي مع غانا حاليا هي بناء فريق قوي ينافس على كأس العالم 2022 المقبلة وبحلول عام 2019 أو 2020 يكون جاهزا لتلك المهمة ويفوز في التصفيات المقبلة".
واستطرد "عقدي ينص على بناء فريق قوي للتصفيات المقبلة لو لم أفعل ذلك سينتهي".
وفسر "بناء فريق شاب جديد لغانا هو هدفي. متى سنحصل على مواهب جديدة إذا لم نمنحهم الفرصة؟ أعلم أن غانا لديها الكثير من المواهب الشابة".
واستدرك "لكن متى سنشاهدهم لنقف على تقييم جاد لمستواهم إذا لم نعطي لهم الفرصة الآن. كان يجب أن أمنح لهم الفرصة، فأنا أبني فريقا للمستقبل".
منتخب غانا جرب حتى الآن عدد من اللاعبين مثل كينجسلي سارفو لاعب مالمو وكوادو بوكو لاعب ميامي ومحمد فاتو لاعب غازي غنتاب سبور التركي ومعظمهم لاعبين شباب. وفي القائمة التي ستواجه مصر في أخر جولات التصفيات هناك عباس محمد لاعب هاريسبرج سيتي أيسلندرس الأمريكي وقاسم نوهو لاعب يانج بويز وجودفريد دونساه لاعب بولونيا ونانا أمبوماه لاعب فاسلاند بيفيرين البلجيكي، كل هؤلاء وأكثر منحهم أبياه الفرصة في وقت قصير مع منتخب غانا ولازال التحدي في بدايته.
الآن وقد عاد "القاتل الصامت" مرة أخرى، فهل يكرر إنجازه السابق مع بعض الإضافات هل ينجح بإعادة غانا إلى كأس العالم ويقود المنتخب للإنجازات؟ غانا لم تفز بكأس الأمم الإفريقية منذ 1982 وغابت عن كأس العالم الحالية بعد مشاركة في 3 دورات متتالية، والآن تحد جديد أمام أبياه الذي تهاجمه الصحف كما اعتاد وتقلل منه فهل يثبت نفسه مرة أخرى؟