تسديدة من جاكوب يوهانسون تصطدم بقدم دانييلي دي روسي لتغير من مسارها وتسكن شباك جيانلويجي بوفون. تسديدة كانت أكبر من مجرد هدف هز الشباك وإنما ضربة أصابت الطليان بالشك وهزت من ثقتهم بأنفسهم.
لم يكن انتصار السويد على إيطاليا بهدف نظيف في ذهاب الملحق المؤهل لكأس العالم 2018 يوم الجمعة مجرد هزيمة صعبة خارج الديار وإنما سقوط أثار الكثير من الريبة حول قدرات الآتزوري على الوصول للمونديال وخطر الغياب لأول مرة منذ عام 1958.
هدف لم يثر الشكوك حول مستقبل المونديال بسبب عدم الثقة في قدرات لاعبي إيطاليا وإنما عدم الثقة في النظام أو الإطار الذي يحكم رجال المدرب جيامبيرو فينتورا، أو بالأحرى عدم ثقة في فينتورا نفسه.
منذ توليه المهمة في يوليو من العام الماضي اعتمد مدرب تورينو السابق على خطة 4-2-4 غالبا كما لعب بخطة 3-5-2 في مباراتين من أصل 9 مباريات خاضها، وهما الطريقتان اللتان لم تقنع الكثير من الجماهير الإيطالية.
وزادت الانتقادات حول خطة 4-2-4 بعد الهزيمة الكبيرة من إسبانيا بثلاثية نظيفة في التصفيات ثم الانتصار الصعب على إسرائيل بعدها بهدف نظيف ليتحول فينتورا إلى خطة 3-5-2 أمام مقدونيا ولكن التعادل بهدف لمثله كان خطوة أخرى للتشكيك في فلسفة المدرب العجوز.
عاد فينتورا سريعا إلى خطته المفضلة برباعي هجومي أمام ألبانيا ولكنه انتصر بشق الأنفس بفضل هدف انطونيو كاندريفا في الدقيقة 74.
واصل فينتورا صاحب الـ69 عاما تغييره في طريقة اللعب أمام السويد بالملحق، إذ فضل اللعب بخطة 3-5-2 ولكن فريقه سقط بهدف نظيف عقد من مهمة الإياب في سان سيرو يوم الإثنين المقبل.
السقوط أمام السويد كان ضربة أخرى لإدارة فينتورا الفنية إذ زادت حدة الانتقادات والمطالبة بالتحول إلى خطة 4-3-3. ولكن لماذا الرغبة في اللعب بتلك الطريقة؟
الرغبة في الأساس تعود إلى أسلوب لعب المهاجمين أندريا بيلوتي وتشيرو إيموبيلي بالإضافة إلى قدرات أظهرة رفاق بوفون. بيلوتي وإيموبيلي يتمتعان بالجودة ولكنهما في النهاية مهاجمين قليلي الحركة ويحتاجان للمساحة.
أما الأظهرة فالحقيقة أن إيطاليا تعاني في هذا المركز إذ شهدت قائمة السويد تواجد ظهيرين فقط هما دافيد زاباكوستا وماتيو دارميان الذي يلعب على الجهة اليسرى رغم أنه بالأساس ظهير أيمن.
معطيان يعنيان ببساطة أن أصحاب القميص الأزرق يفتقدون للقوة على الأطراف وهو ما دفع للمطالبة باللعب بثلاثي هجومي بحثا عن مزيد من القوة والحركة بأطراف الملعب.
قائمة إيطاليا يتواجد بها 4 أجنحة، اثنان على الطرف الأيمن – فريدريكو بيرنارديسكي وأنطونيو كاندريفا – ومثلهما على الجهة اليسرى – إيدير ولورينزو إنسيني – مما يعني أن الاعتماد على جناحين سيحرك من طرفي الملعب.
خطة 3-5-2 تعتبر فيها الأظهرة حجر الأساس والمحرك الأول للفريق، ومع لاعبين بإمكانيات زاباكوستا ودارميان فإن خطة 4-3-3 ستقلل من الاعتماد عليهم بالشق الهجومي وستتيح الفرصة لمزيد من التأمين الدفاعي خاصة وأنهم غير متميزين هجوميا.
أما الاعتماد على مهاجم وحيد في تلك الخطة فسيعني مزيدا من الحركة بالخط الأمامي الذي تتزايد فيه المطالبات بالاعتماد على إنسيني بدلا من أحد ثنائي الهجوم.
لعب إنسيني بشكل أساسي في خطة 4-2-4 على الطرف الأيسر ولكن ظلت تحركات الثنائي المهاجم تلقي بظلالها على نظام الفريق.
ويوضح أندريا بيرلو المعتزل قبل أيام لماذا يجب أن يُفسح فينتورا مكانا لإنسيني في تشكيل الإياب أمام السويد.
وقال لاعب يوفنتوس الأسبق لشبكة "سكاي إيطاليا": "لو كنت مكان فينتورا لأتخذت منهجا أكثر هجوما، اللعب بـ4-3-3 سيفسح الطريق لإنسيني القادر على تخطي العديد من اللاعبين بالثلث الأخير".
"نحن نفقد الكثير من الكرات بالعمق بسبب طريقة لعب المهاجمين، نحن نهدف للعب على الأطراف لكي نحجمهم".
الطليان صنعوا 28 عرضية لمحاولة استغلال قدرات الثنائي ولكن لم تنجح واحدة منهم في هز الشباك.
في المباراة التي انتهت بهدف نظيف يوم الجمعة كان الطرف الأيسر شبه غائبا عن تشكيل الخطورة رغم أن 41% من هجمات الفريق تشكلت من هذا الجانب.
وتُظهر الخرائط الحرارية أن الجانب الذي تواجد به ماركو فيراتي ودارميان افتقد للترابط والتقارب مثلما شهد الجانب الأيمن الذي تواجد به إيميبولي وكاندريفا وماركو بارولو على مقربة من بعضهم البعض.
ذلك يأخذنا إلى حقيقة أخرى وهي أن طريقة لعب بيلوتي وإيموبيلي لن تتناسب في لقاء الإياب خاصة وأنه من المتوقع أن يتكتل أحفاد الفايكنج دفاعيا أمام مرماهم وهو ما يعني الحاجة للاعبين متحركين ويجيدون استغلال المساحات بشكل جيد.
يتابع بيرلو رغبة في مزيد من التوضيح "سيكون من الصعب إيجاد مساحات أمام السويد لأنهم سيأتون للدفاع ولكنك لن تتمكن من كسر حائطهم إلا بالتمريرات السريعة".
إيطاليا بالأساس تعتمد على التمريرات القصيرة والبناء من الخلف منذ تولي فينتورا المهمة، وهو ما سبب له انتقادات أحيانا بسبب "أن الاستحواذ على الكرة لا يتم تقديره في إيطاليا" بحسب تصريحات للمخضرم بوفون.
الآتزوري مرروا 509 تمريرة قصيرة أمام السويد – 83% من تمريراتهم - مقابل 263 فقط لأصحاب الأرض
ويتم بيرلو حديثه "علينا أن نسجل مهم كلفنا الأمر ولكن نوعية اللعب أيضا تحتاج للتطور، سنعاني لأن هناك الكثير من الضغط".
لذا ربما إن كانت إيطاليا في يومها ونجحت في التعامل مع الضغوطات قد تحافظ على حظوظ التوجه نحو روسيا.