ديل بييرو.. "إل بينتوريكيو" الذي رسم أجمل اللوحات

"لطالما كنت إلى جانبك، لم أتعب أبدا منك، أنت أكثر الأشياء جمالا هنا، أليساندرو ديل بييرو، أليساندرو ديل بييرو أوليه". كانت تلك الأغنية التي ترددها الجماهير لملك ويوفنتوس وربما إيطاليا أليساندرو ديل بييرو.

كتب : إسلام مجدي

الخميس، 09 نوفمبر 2017 - 17:11
ديل بييرو

"لطالما كنت إلى جانبك، لم أتعب أبدا منك، أنت أكثر الأشياء جمالا هنا، أليساندرو ديل بييرو، أليساندرو ديل بييرو أوليه". كانت تلك الأغنية التي ترددها الجماهير لملك ويوفنتوس وربما إيطاليا أليساندرو ديل بييرو.

"رباه أنا أحسدكم على هذا نفتقد له كثيرا في أستراليا، حينما وصل إلى سيدني أول مرة كنا نغني له هذه الأغنية، بينتوريكيو بينتوريكيو مرحبا في سيدني". كانت تلك كلمات كتبها مشجع استرالي على موقع Reddit ردا على مشجع يسأل عن أغنية يستقبل بها ديل بييرو في الهند.

إن تحدثنا عن الحنين إلى الجمال في بعض الأحيان في كرة القدم والأجيال الذهبية فستفكر بأسماء كثيرة لكنك لن تنسى أبدا "إل بينتوريكيو" أو ديل بييرو، الرسام الإيطالي الذي سجل أجمل الأهداف طيلة مسيرته سواء في إيطاليا أو أستراليا أو الهند.

إيطاليا دوما كانت دولة تحب الثقافة والفنون، لطالما ارتبطت دوما بالجمال واللوحات التي لا تنسى، بينتوريكيو كان رساما إيطاليا وواحدا من أشهر الرسامين هناك وله لوحة "القيامة" الشهيرة، ويعني اسمه "الرسام الصغير". وذلك بسبب بنيته الضعيفة جسديا لكنه كان رساما ممتازا.

ديل بييرو كان قصيرا ربما قوي البنية بعض الشيء لكنه كان ضئيلا بجانب المدافعين لكن هل منعه ذلك من الرسم في شباك المنافسين لذلك كان "بينتوريكيو".

جيوفاني أنييلي رئيس يوفنتوس السابق كان أول من قال :"بينتوريكيو هو ديل بييرو والعكس، كراته تسير مثل اللوحات".

اشتهرت إيطاليا دوما على مر التاريخ بأفضل المدارس الدفاعية، وتطويرها لعدة طرق بهذا الشكل وصناعة اللعب من الخلف، دائما ما كنا نرى أسماء فرانكو باريزي ودينو زوف وباولو مالديني كأبرز اللاعبين هناك، لكن ديل بييرو شكل أفضل التحولات في تاريخ إيطاليا كدولة تصنع مهاجمين بارزين.

بدأ رحلته كحارس مرمى، والدته كانت ترفض أن يشارك أو أن تتسخ ملابسه خاصة وأن ضئيل الجسم وبالتالي سيتعرض للمزيد من المضايقات وقد يصل الأمر إلى حد إصابته.

قال ديل بييرو :"والدتي حذرتني مرارا وتكرارا، لا تلعب داخل الملعب، أنت حارس مرمى وضئيل الحجم لا تجعل ملابسك تتسخ".

على غير رغبة والدته تحول إلى اللعب داخل الملعب لم يهتم بشيء سوى أن يحقق ما أراده هو لذا تحدى قرار والدته.

يقول بينتوريكيو :"بطبيعة الحال يجب أن تتحدى معلمك ذات مرة، وإلا فلن تصبح شيئا على الإطلاق إن ابتكرت من هنا تبدأ، إنها ليست مقارنة مع من علمك بل اختبار إن نجحت فيه ستصبح أسطورة تخلد".

مركز حراسة المرمى واللعب في الشوارع أفاد ديل بييرو كثيرا إذ أنه أصبح يأتي من الخلف للأمام بسرعة ويرى مرمى الخصم بطريقة أوضح ليسجل الأهداف.

قال ملك يوفنتوس :"كنت أتحرك من الخلف للأمام مستغلا سرعتي وجسدي الضئيل وأسجل الكرة في شباك الخصم".

على غير رغبة والدته مرة أخرى قرر ديل بييرو أن يبدأ رحلته الاحترافية، واتجه للعب مع بادوفا، وارتدى القميص رقم 16، وسجل في ظهوره الأول ضد تيرنانا في الدرجة الثانية.

من تلك النقطة انطلقت موهبة أليساندرو وبدا واضحا أنه لن يتوقف عن الإبداع، اللاعب صغير السن لفت انتباه فيورنتينا وميلان كلاهما تحرك لخطفه.

في عام 1993 كانت اللحظة التاريخية إذ أن أسطورة يوفنتوس جيامبيرو بونيبيرتي تحرك لضم اللاعب.

يقول بونيبيرتي :"أعرض عليه الآن فرصة لكي يظهر للعالم ما يمكنه فعله لواحد من أشهر الأندية في التاريخ".

أما ديل بييرو تحدث قائلا :"ليلتي الأولى في تورينو لم أستطع أن أغلق عيناي، لقد كنت مشجعا ليوفنتوس وفجأة تحقق الحلم وأصبح واقعا".

وأردف "لقد كان كل شيء صعبا علي في البداية، لكن زملائي ساعدوني، وجدت الأجواء الصحيحة وفهمت كل شيء، الفريق والنادي، توقيعي للعقد مع بونيبيرتي؟ حينما تمت دعوتي لرؤية النادي في أودينيزي قال لي: قص شعرك، وقمت فعليا بذلك فور سماعي للكلمة".

وأتبع "بعد ذلك خططت أنا ووكيلي لكل ما سنقوله في اجتماعنا معه، لكن حينما دخل المكتب تحدثنا لخمس دقائق وقال خذ هذا هو العقد وقع عليه".

وأردف :"تطلب الأمر 5 دقائق فقط للتوقيع معي ومناقشة كل شيء، وقال لي يبدو عرضا جيدا".

5 دقائق كانت كافية لجلب الملك ليخوض رحلته نحو العرش، 19 عاما كاملة من أجل "إل بينتوريكيو" ليرسم لوحاته، ومنح كل شيء للبيانكونيري، يوفنتوس علم جيدا أنه اللاعب المناسب، وديل بييرو علم أنه سيجلس على العرش.

أصبح ديل بييرو الهداف التاريخي ليوفنتوس بـ290 هدفا في 705 مباراة كأكثر لاعب شارك في مباريات مع العملاق الإيطالي.

قال روميو بينيتي لاعب وسط يوفنتوس السابق عن ديل بييرو :"حينما كان يغيب عن المباريات كان الأمر مثل انطفاء الأضواء عن يوفنتوس بالكامل، الأمر ليس منوطا بوضعه في النادي، إنه اللاعب الوحيد في الفريق الذي يسمح دوما له بأن ينافس وبقوة في أي وقت".

كتب عنه تريفور موري الصحفي البريطاني :"بعيدا عن عادات إيطاليا الدفاعية، ديل بييرو كان عنصرا هاما في تاريخ الدوري والدولة، لطالما لفت إليه الانتباه لم يكن مدافعا كما كان معتادا، واحتفظ بمكانة مختلفة لدى كافة الجماهير وليس يوفنتوس وحده، بإمكاننا تذكر أهدافا تاريخية سجلها مثل هدفه ضد فيورنتينا في 1994 أو ضد ألمانيا في كأس العالم 2006، دائما كان موجودا في اللحظات الهامة سواء ليوفنتوس أو لإيطاليا".

بعد فضيحة 2006 والتلاعب في المباريات، تلك التي عانى منها يوفنتوس وهبوطه للدرجة الثانية، ظل ديل بييرو مع الفريق حتى عاد لمساره الصحيح في أحلك الأوقات، لطالما رفض الاستسلام وكان دوما في الموعد في اللحظات الهامة.

وقال عنه دييجو مارادونا أسطورة الأرجنتين :"ديل بييرو مختلف عن زين الدين زيدان، إنه يحب اللعب ويشعر بذلك في روحه، وإن خيروني بينه وبين النجم الفرنسي سأختاره".

في دوري الدرجة الثانية حقق يوفنتوس اللقب لأول مرة في تاريخه، بجانب فوز ديل بييرو بجائزة الهداف عن 20 هدفا سجلها، وصفته الصحافة الإنجليزية في ذلك الوقت بعناوين مثل :"ديل بييرو يلعب كالمهووس" و "ديل بييرو يتحكم بحبه في مصير يوفنتوس، إنه يحب النادي أكثر من أي أحد".

ذلك الموسم كان غريبا له، بدأ مسيرته من الدرجة الثانية وها هو يعود إليها مرة أخرى، لكنه كان دوما ما يجد الطريق للقمة، دائما ما يعرف كيف يجد الطريق للعرش. ديل بييرو رحل عن يوفنتوس بعد الفوز بـ6 ألقاب دوري إيطالي ودوري درجة ثانية وكأس إيطاليا و4 كؤوس سوبر إيطاليا ودوري أبطال أوروبا وكأس سوبر أوروبية وكأس انتركونتيننتال وكأس إنترتوتو، ناهيك عن تحقق لقب كأس العالم 2006 مع إيطاليا، ليظل أسطورة إيطالية لا تنسى مثله مثل لوحات بينتوريكيو.

"قائدنا، قائدنا الوحيد، ألي الملك". كان ذلك هتاف جماهير يوفنتوس لديل بييرو حينما ارتدى شارة قيادة الفريق.