كتب : لؤي هشام
المايسترو الهادئ يودع البساط الأخضر، بلمسته البسيطة ونظرته الواثقة كان دائما ما يطل علينا، تمريرة واحدة من إحدى قدميه كانت تكفي لإيصالك إلى المرمى وهز الشباك، تمريرة قد تثير إعجابك أكثر من الهدف نفسه.
أندريا بيرلو أعلن اعتزاله كرة القدم بشكل نهائي. آخر ريجيستا يودعنا أو هكذا قالوا.
ارتبط اسم بيرلو دوما باللاعب الريجيستا، تلك الكلمة الإيطالية التي تعني المخرج والتي يقصد بها في كرة القدم صانع الألعاب المتأخر أمام خط دفاع فريقه.
مع نهاية التسعينات وبداية الألفية اختفى اسم الريجيستا تماما في ظل اعتماد معظم خطط المدربين على طريقة 4-4-2 ولكن في العقد الأخير ومع ظهور خطة 4-2-3-1 عاد الريجيستا من جديد.
ليتربط أكثر هذا المركز بصاحب الشعر الناعم بيرلو في ميلان تحت قيادة كارلو أنشيلوتي ومن ثم انفجاره بشكل أكبر مع يوفنتوس مع تقدمه في العمر.
لم يكن بيرلو هو الريجيستا الوحيد في العهد الحالي بل تواجدت أسماء أيضا مثل تشابي ألونسو وتشافي هيرنانديز، ولكنه ظل الأبرز كلما ذكر ذاك الاسم.
ولكن كيف بدأت الريجيستا في كرة القدم ومن كان أول لاعب يظهر بهذا المركز؟ هذا ما نحاول رصده في التقرير الآتي.
خلال الفترة بين 1904 و1913 تألق لاعب يدعى تشارلي روبيرتس مع مانشستر يونايتد في خط الوسط. عُرف هذا اللاعب بقدرته على إتقان التمريرات الطولية من منتصف الملعب إلى المهاجمين في ظل خطة 2-3-5.
كان هذا أول بادرة لمركز الريجيستا ولكنه ظل غائبا اصطلاحا، ومع لفت روبيرتس للأنظار قرر فيتورو بوتزو مدرب المنتخب الإيطالي خلال الفترة بين 1929 وحتى 1948 وأحد مطوري كرة القدم الاعتماد على اللاعب لوزييتو مونتي بنفس الأسلوب مستلهما قدرة روبيرتس الكبيرة على الإبداع من وسط الميدان.
ولعب مونتي في خطة 2-3-2-3 أمام قلبي الدفاع مباشرة وإلى جواره ثنائي ارتكاز مساعدا فريقه على التحول السريع من الدفاع للهجوم بتمريراته الطولية المتقنة.
ظل الأمر يدور حول رؤية فردية لبعض المدربين قبل أن يأتي الأرجنتيني المخضرم إيلينو هيريرا صانع أمجاد إنتر الإيطالي في فترة الستينات وأحد رواد الكاتانتشيو ليظهر هذا المركز باسمه المعروف حاليا.
وقد كان الإسباني لويس سواريز أول ريجيستا في العهد الحديث وبمسماها المعروف حاليا بعدما انتقل إلى الأفاعي رفقة مدربه عقب رحيل كلاهما عن صفوف برشلونة.
قدوم هيريرا ساهم في تطوير الكرة الإيطالية على الصعيد التكتيكي إذ أضاف إلى العقلية الدفاعية بعض الأدوات الهجومية الأخرى، والتي كان عمادها "لوزيتو".
قرر هيريرا إعادة لوزيتو إلى الوراء بعض الشيء ليصبح دوره دفاعيا بشكل أكبر أمام خط الدفاع معتمدا على قوته البدنية ورؤيته الجيدة للملعب ليقدم فريق قاتل في الهجمات المرتدة.
وطور هيريرا من قدرات سواريز ليصبح أكثر قدرة على تحطيم هجمات المنافسين والبناء لفريقه في نفس الوقت ليتألق الثنائي معا وتظهر كلمة "ريجيستا" في قاموس كرة القدم.
تطور خططي ساهم في سيطرة إنتر على أوروبا خلال تلك الحقبة إذ تغلب الفريق على ريال مدريد الذي ضم أسماء كبيرة بقيمة دي ستيفانو وخينتو وبوشكاش في ذلك الوقت 3-1 في نهائي الكأس الأوروبية.
وفي كأس الإنتركونتيننتال تغلبت الأفاعي على إندبيندنتي الأرجنتيني ليصبح اسم الفريق "إنتر العظيم" – جراندي إنتر – ويتحول اسم لوزييتو إلى "المهندس" لدوره في بناء أمجاد الفريق الإيطالي.
وبعدها بعام – 1965 - واصل الفريق سيطرته الأوروبية بعد التغلب على بنفيكا بهدف نظيف في ملع سان سيرو ومن ثم حصد الإنتركونتيننتال مجددا وعلى حساب إندبيندنتي أيضا.
ويقول سواريز عن تلك الفترة ورحيله إلى إنتر: "رحلت عن فريق كبير بقيمة برشلونة في ذلك الوقت لكي أنتقل إلى إنتر الذي لم يكن معروفا بشكل جيد وقتها".
"أنا راض بشكل كبير عما فعلته لأننا نجحنا في تحقيق الكثير من البطولات وأصبح إنتر عظيما".
** بعض المعلومات الوارد في التقرير مقتبسة من مقطع فيديو لحساب uMAXit Football على موقع "يوتيوب"