ربما لا أحد يعرف أول من قال الحكمة "لا تتخذ قرارات وأنت غاضب، ولا تمنح وعودا وأنت سعيد"، ولكن ما يعرفه الجميع أن تلك الكلمات صحيحة بنسبة 100%.
خسارة نهائي دوري أبطال إفريقيا أمر مؤلم للغاية بالنسبة لمشجعيه، خاصة مع تفوق الأهلي الفني في مباراتي النهائي وإقصائه للمرشحين الأوائل للبطولة من مرحلة المجموعات، الترجي والنجم الساحلي، الأول من عقر داره والثاني بنتيجة تاريخية.
لا يخسر فريق بطولة دون أخطاء، فرغم أداء الأهلي الجيد إلا أن أخطاء وأمور قدرية مثل الإصابات كانت سببا مباشرا في الخسارة.
متاعب الأهلي واضحة للعيان، الفريق يعاني من الكرات العرضية دفاعيا وإهدار الفرص السهلة هجوميا ومشاكل مستمرة في حراسة المرمى.
لكي نكون صرحاء، هل من الممكن عزيزي القارئ أن تقرأ هذا المقال في حال سجل وليد أزارو فرصة من فرصتي الذهاب أو الإياب، أو نجح مؤمن زكريا في تحويل انفراده التام إلى هدف في كازابلانكا، أو خرج شريف إكرامي للتعامل مع عرضية بنشرقي أو نجح الدفاع في إخراجها دون خطورة على المرمى؟ بالتأكيد لا.
المشاكل الفنية لم تظهر فجأة في النهائي، بل كانت موجودة ولكنها تختفي في ظل الانتصار.
المشكلة الحقيقية بدأت مع رحيل أحمد حجازي. نعم كان حجازي موجودا – ومسؤولا – في خسارة الأهلي 2-0 على نفس الملعب في دور المجموعات ولكن الأزمة الحقيقية بدأت مع عدم تدعيم الخط الدفاعي بعد رحيل أهم عناصره. ما زاد الطين بلة هو الهبوط المفاجئ في مستوى سعد سمير والعيوب القاتلة التي تظهر في أداء رامي ربيعة في بعض المباريات.
الأمر أدى - مع الإصابات - لأن يخوض الأهلي المباراة النهائية بخط دفاعي يضم عنصر واحد فقط من هؤلاء الذين بدأوا البطولة مع 3 عناصر جديدة عليه.
كذلك، لم يدعم الأهلي هجومه فاستمرت الفرص في الضياع. وعندما أردت التدعيم جلبت وليد أزارو الذي لاحت له فرصتين سهلتين في المباراتين كانتا كفيلتين بإنهاء البطولة من برج العرب. أصبحت تخلق فرصا أكثر ولكنك أصبحت تهدر فرصا أكثر في المقابل. المباراة الوحيدة التي استغل فيها الأهلي كل الفرص سجل 6 أهداف في شباك منافس تونسي.. سيناريو ولا في الأحلام.
تلك الأخطاء – ضمن أخطاء كثيرة – كانت سببا في ضياع التاسعة، ولكن هل كان سقوط الأهلي في كازابلانكا انتكاسة أم نكسة؟
بعد مباراتي بيدفيست فيتس في دور الـ32، والتعادل مع زاناكو في برج العرب في افتتاحية دور المجموعات، من كان يتوقع وصول الأهلي للنهائي من الأساس؟
دعنا نذهب أبعد، من كان يتوقع مرور الأهلي من الترجي "المرعب" في دور الثمانية؟
لا نقول هنا إن وصول الأهلي للنهائي إنجاز لأن الإنجاز الوحيد في القواميس الحمراء هو التتويج، ولكن لابد من عدم إهدار العمل الذي تم إنجازه على المستوى الفني في لحظة غضب مفهومة.
الجهاز الفني الحالي استلم فريقا مهترئا لديه أزمة نفسية مع جماهيره بعد خروج مهين من دوري أبطال إفريقيا 2016 وخسارة أكثر إهانة في نهائي كأس مصر وما حدث في مران مدينة نصر من مشادات واشتباكات بين اللاعبين وجماهيرهم.
دون تدعيمات حقيقية، سار هذا الفريق لتحقيق ثنائية محلية بجدارة ودون هزيمة واحدة متفوقا على كل منافسيه المباشرين.
وبالمناسبة، في إفريقيا سار الأداء بشكل تصاعدي. أداء عقيم في دور الـ16 تحول إلى فاعلية ضد الترجي ثم أداء مثالي في نصف النهائي ثم أداء منح المشجعين شعورا بالقدرة على العودة في أي وقت في كازابلانكا، إلا أن تلك العودة لم تحدث لأسباب كثيرة.
التفكير الآن في الأهلي يجب أن يتمحور حول عدم تحول تلك الانتكاسة إلى نكسة. البداية من التدعيمات الصحيحة في يناير.
لا أحد يختلف في أن الأهلي يحتاج تدعيما في حراسة المرمى، وتدعيما نوعيا في الدفاع مع حسم مصير بعض العناصر التي يبقى وجودها غير مفيد وإن كان مضرا في بعض الأحيان.
وبالتأكيد واضح للعيان أن الأهلي يحتاج تدعيما عاجلا بمهاجم هداف يستطيع تحويل كم الفرص التي يخلقها الفريق إلى أهداف.
عقلية "انسف حمامك القديم" لن تجدي في ذلك الموقف، بل يمكن أن تكون صاحبة نتائج كارثية.
ماذا لو قررت الإدارة – الحالية أو المقبلة – رحيل حسام البدري مثلا مثلما يطالب قطاع من الجماهير. البديل بطبيعة الحال سيكون أجنبيا، يأتي على قائمة لم يخترها ودون فترة إعداد لنعيد مآساة مارتن يول مرة أخرى.
يجب الخروج بدروس مستفادة من انتكاسة كازابلانكا، حتى تتحقق العودة بحصد لقب دوري الأبطال في العام المقبل مثلما فعل الأهلي في كل عام تلى خسارته للقب.