من أين تبدأ دفاعك؟ عادة ما يسأل السؤال بالشكل العكسي من أين تبدأ هجومك؟ من خط دفاعك، وتماما كالسؤال المعتاد فإن دفاعك يبدأ من خط هجومك، ثم خط الوسط وهكذا حتى حارس المرمي.
هذه المفاهيم البدائية في كرة القدم يبدو أنها لا تجد حيزا في عقل يورجن كلوب مدرب ليفربول، الذي يصمم في كل حوار على أن مشاكل دفاعه ليست مشاكل تكتيكية أو تنظيمية لكنها مجرد أخطاء فردية يمكن تداركها، سواء ببعض التركيز أو بلاعبين جدد.
الواقع يقول أن مشاكل كلوب لا تبدأ عند خط دفاعه وحارس مرماه بل تنتهي عندهم، بالنظر للرسم التكتيكي للفريق ولاعبي الوسط، فكلوب في الحقيقة صنع نصف فريق.
وفي ذلك استثمر جل أمواله وتركيزه، لديه في الخط الأمامي رباعي مرعب، محمد صلاح، فيرمينو، كوتينيو، وماني، لكنه ترك خط دفاعه بدون تعاقدات والأسوأ أنه ترك لاعبي المحور في وسط الملعب كما هم، إيمري شان وجوردان هندرسون، لاعبان لا يصلحان كثنائي في وسط الملعب لا للدوري الانجليزي ولا لفريق ينافس للفوز لأي بطولة أوروبية.
يفتقد اللاعبان أولا للسرعة، والتي هي سمة مميزة لأي لاعب في هذا المركز ليكون قادرا على التغطية على خط دفاع، ثانيا المهارة الدفاعية، يمكن أن نتجادل كثيرا حول قدرات الثنائي في إرسال الكرات الطولية أو التمرير السليم، لكن لاعب وسط دون قدرة على افتكاك الكورة في هذا المركز هو ثقب اسود سيبتلع كل ما تبنيه.
تماما كما يحدث في كل مباراة تقريبا لليفربول سواء كان الخصم فريق كبير كسيتي وتوتنام سجلوا معا ٩ أهداف أو حتى فرق صغيرة مثل واتفورد بيرنلي أو ليستر سيتي.
واجبات لاعبي الارتكاز بالأساس هي حماية خط الدفاع، لو أنك تملك مدافعين من طراز عالمي ولا تمتلك أمامهم لاعب وسط مناسب فأنت تضعهم في حرج كبير، فما بالك وخط دفاعك مكون بالأساس من لوفرين، ماتيب، جوميز ومورينو.
دون التطرق للمستوى البائس لخط دفاع ليفربول أو حارس مرماهم، فإن خط الوسط الضعيف يجعل الحديث عنهم بلا طائل، شاهد ما فعله كانتي في ليستر سيتي ثم تشيلسي، شاهد ما يواجه دفاع تشيلسي مع كونتي دون كانتي، تذكر أن مورينيو دفع ٣٠ مليون جنيه إسترليني في لاعب تخطى الثلاثين عاما لأنه لاعب وسط مدافع جيد مثل الصربي ماتيتش، تذكر كل فريق لديه سجل دفاعي قوي، لا تبحث عن المدافعين فقط أبحث عن لاعب الوسط المدافع وستعرف السر.
لوفرين كبش الفداء
ربما كان لوفرين هو بطل مباراة ليفربول وتوتنام للأسباب الخاطئة، ارتقاءه الكوميدي في وسط الملعب ومحاولته البائسة للتقدم واستخلاص الكرة ارتدت فور لهدف، وسوء تمركزه وضعف رقابته جعلته يطغى على كل خطأ أخر حدث في المباراة، وأكمل كلوب ذبح اللاعب بتبديله مبكرا في المباراة، لكن بالنظر لثلاثة أهداف من أربعة لتوتنام ستلاحظ أن لوفرين كان تقريبا ضحية للفشل التكتيكي لكلوب.
الهدف الأول
لاحظ المساحة الكبيرة الفارغة تماما من أي لاعب من ليفربول بين خطي الدفاع والوسط، تلك المساحة هي ما استغلها كين للخروج من رقابة ثنائي ليفربول والتسجيل في المرمي شبه الخالي.
استكمالا للحديث عن الهدف الأول، شاهد الصورة الثانية، فريق ليفربول يدافع برسم تكتيكي هو ٤-٢-٣-١، لا يوجد فريق في العالم يدافع بهذا الشكل، مهما كان شكل خطتك في الهجوم فمعظم فرق العالم تدافع بطريقة ٤-٤-٢، أو ٥-٤-١، لكن هنا كل لاعب لا يدرك أن طريقة الدفاع تختلف تماما عن طريقة الهجوم.
لاحظ أيض المساحة الشاسعة في الجانب الأيمن لدفاع ليفربول، ايمري شان وهيندرسون تركوا كل المساحة الممكنة للظهير الأيسر لتوتنام الذي لو لعبت الكرة له لكان في وضع مثالي أكثر حتى من انفراد كين التالي للعبة.
من يتحمل هذا العوار التكتيكي؟
الهدف الثاني
رغم أن البطولة المطلقة في الهدف الثاني للوفرين، الذي ترك تمركزه وخرج لطيران على كرة بعد منتصف ملعب فريقه ولم يلحق بها ليترك كين منفردا بالحارس المتواضع مينوليه، لكن لنسأل الأسئلة المهمة أولًا، أين لاعبي وسط ليفربول، من ترك كل هذه المساحة بين الدفاع والهجوم التي تتجاوز الثلاثين مترا؟
حتى لو لم يخرج لوفرين من تمركزه لم يكن الأمر ليكون أفضل مما حدث، كين لديه القدرة على المرور من معظم مدافعي العالم في مساحة شاسعة كهذه.
من في رأيك يتحمل الهدف؟
الهدف الثالث
أعتذر عن التكرار، هل لاحظت المساحة بين دفاع ليفربول ووسط ملعبه؟ للمرة الثالثة يتسبب وسط ليفربول في ترك دفاعه دون أي غطاء ووضع حارسه في مرمي تسديدات الفريق الخصم، لا يمكن تصور السذاجة التكتيكية لخط وسط ليفربول، بل الأسوأ أن هيندرسون الواضح في الصورة وإيمري تشان الذي خرج منها لم يكونا يركضا أصلا لا عند ارتداد الكرة وبالطبع لم يتحركا وآلي يسدد على الطائر في مرمي الحارس البلجيكي.
أعرف تماما أن تشتيت ماتيب للكرة كان أقرب لصناعة هدف منه لتشتيت، لكن حتى لو لم تخرج الكرة بهذا الشكل، فكل هجمات توتنام صاحبها نفس الرسم التكتيكي لخط وسط ليفربول، مساحات شاسعة تركت للاعبين يتمتعون بالسرعة والمهارة والقدرة على التهديف، ايريكسون، سون، آلي ومعهم كين، هل تصور كلوب أنه بهذه الطريقة قد يخرج بشباك نظيفة من ملعب المباراة، أعتقد أنه كان يعرف تمامًا ما ينتظره.
العام القادم!
حتى نكون منصفين فكلوب حاول التعاقد مع لاعبي وسط دفاعي مبهر هو نابي كيتا من لايبزيج الألماني، لكنه بسبب تعنت إدارة النادي الألماني لم يتمكن إلا من التعاقد معه العام القادم، لتصبح الجملة الساخرة بأن العام القادم هو عام ليفربول حقيقة واقعة مالم تحدث معجزة ما ويتنبه الألماني لمشاكله الحقيقية.