كتب : إسلام مجدي
"شاهد نابولي وبعد ذلك يمكنك أن تموت". أقوال مأثورة إيطالية.
يعد ذلك واحدا من أشهر الشعارات في إيطاليا، لم يعرف قط قائله لكنه لم يكذب أبدا حينما قال ذلك عن مدينة نابولي ومعالمها وطباعها.
وتحتل نابولي واحدة من أجمل البقاع في قارة أوروبا، وظلت المدينة المفضلة للسياح لعدة قرون، وتتمتع بوجودها على البحر التيراني، وكتب عنها جيوفاني بوكاتشيو الشاعر الإيطالي :"نابولي المدينة العتيقة قد تكون هي أكثر مكان مبهج في كل المدن الإيطالية".
وربما بإمكانك معرفة نابولي جيدا إن كنت من هواة الطعام، فالبيتزا تم اختراعها في نابولي حينما تواجد الملك أومبيرتو الأول والملكة مرجريتا في تلك المدينة العتيقة.
ويرجع قدم نابولي إلى عصور ما قبل التاريخ، مع تواجد الحقول الفلجرية حولها واستقرار اليونانيون في المدينة خلال الألفية الثانية قبل الميلاد، وقتها قام البحارة اليونانيون بتأسيس ميناء تجاري صغير أسموه "الصوت العذب"، نمت المدينة سريعا مع قوة اليونانيون وأصبحت حليفة للإمبراطورية الرومانية.
وجنت المدينة احتراما كبيرا للغاية من قبل الرومانيين وخلال تلك العصور ارتدى أهل نابولي الزي اليوناني وتحدثوا بلغتهم، ثم توسعت المدينة مع وجود عدد من المباني الروماني وكذلك العديد من المباني التاريخية مثل تماثيل كاستور وبولوكس. ومنذ ذلك الحين أصبحت المدينة قبلة للسياح حول العالم لرؤية جمالها.
وبعد انهيار الحاضرة الرومانية شيئا فشيء تم احتلال نابولي من قبل القوط الشرقيون وهي قبائل جرمانية شرقية عاشت في أوروبا وأثرت على الأحداث السياسية التي عصفت بالإمبراطورية الرومانية، وبعد سقوط الاحتلال ظهرت دوقية نابولي، ثم تحول ولائها من القسطنطينية إلى روما تحت قيادة الدوق ستيفين الثاني.
وبدأ بعد تلك العصور عداء تاريخيا خلال ما عرف بـ"الحرب الإيطالية الأولى" وتلك التي هددت خلالها جمهورية البندقية ومملكة نابولي لودوفيكو سفورزا دوق ميلان الذي قام بدوره بدعوة إسبانيا وفرنسا إلى إيطاليا لحماية ميلانو من أعدائها.
في العصور التالية ومع الحروب التي عاشتها نابولي سواء بواسطتها أو كاحتلال حتى تم دمجها في مملكة الصقليتين وكانت نابولي عاصمة تلك المدينة وفي عام 1839 أصبحت نابولي أول مدينة ضمن شبه الجزر الإيطالية تحصل على خط سكة حديد.
وعادت نابولي من جديد لتصبح ضمن مملكة إيطاليا وانهار اقتصادها بالطبع لأنها لم تعد ضمن مملكة الصقليتين، وشهدت موجة نزوح وهجرة ضخمة لم تحدث في تاريخها ما يقرب من 4 ملايين شخص رحل عنها في الفترة من 1876 وحتى 1913، ولم ينم سكان نابولي في 40 عاما بعد توحيد إيطاليا سوى بنسبة 26% مقارنة بـ103% لميلان.
تاريخ نابولي متواصل ففي أثناء الحرب العالمية الثانية كانت أكثر مدينة إيطالية تم قصفها هي نابولي، لكنهم لم يتظاهروا أو يقاوموا الفاشية الإيطالية، وكانت أول مدينة إيطالية قاومت الاحتلال الألماني، وتم تحرير المدينة في أكتوبر 1943.
حاولت الحكومة الإيطالية انعاش اقتصاد المدينة من خلال حملة تمويل استمرت من عام 1950 وحتى 1984 ليحسن ذلك كثيرا من الحالة الاقتصادية لكن المدينة عانت بشدة من مشاكل البطالة والإدارة السيئة، بجانب المافيا، وفي أغسطس 2011 أعداد البطالة أصبحت 250 ألف شخص غير عامل مما سبب احتجاجات عامة ضد الوضع الاقتصادي، مما رفع من قضايا الابتزاز والجرائم المختلفة.
فريق نابولي
"مدينة نابولي تتحدث وتعيش كرة القدم، إنها بالنسبة لهم كالهواء تلك المدينة تعيش كرة القدم" كانت تلك كلمات من برنامج وثائقي ذاعته شبكة "سي إن إن" عن مدينة نابولي.
كرة القدم دخلت مدينة نابولي في بدايات القرن الـ20 بواسطة البريطانيين، وأثرت تلك الرياضة على ثقافة المدينة المحلية وتؤثر على جميع فئات سكانها. وقدمت عدد من اللاعبين المتميزين للكرة الإيطالية مثل شيرو فيرارا وفابيو كانافارو والأخير نجح في الفوز بكأس العالم 2006 وكذلك جائزة أفضل لاعب في العالم.
أكبر فريق معروف في المدينة هو نابولي وتتواجد أندية أصغر مثل سبورتنج نابوليس وإنتر نابولي.
في البداية نادي نابولي كان له اسما مشابها للذي كان لدى أندية ميلان، نادي نابولي لكرة القدم والكريكت في عام 1904 وأوجده البحار الإنجليزي ويليام بوثس في عام 1904 وساعده هيكتور بايون وتمت الاستعانة بأبناء المدينة مثل كونفورتي سالسي وغيرهم، أول مباراة كانت ضد طاقم إنجليزي على قارب وفاز الفريق بنتيجة 3-2.
وكانت البطولة الإيطالية في بدايتها مقتصرة على أندية الشمال أما أندية الجنوب فكانت تلعب ضد البحارة.
وتم عمل كأس تسمى بكأس التحدي بين نابولي وباليرمو وتلك التي فاز بها الزرق 3 مرات، وحدث اختلاف على الوحدة الأجنبية في النادي ليظهر فريق إنتر نابولي، وفي موسم 1912-1913 نافس الفريقان في البطولة الإيطالية، وفي 1926 تمت إعادة تسمية النادي إلى اتحاد نابولي لكرة القدم، لم يكن للنادي تاريخا قويا حتى تمت إعادة تسميته إلى اسمه الحالي وعاد إلى الدوري الإيطالي في موسم 1964-1965 تحت إدارة برونو بيسولا لاعب الفريق السابق ليبدأ في الفوز بالألقاب ويأتي عصر دييجو مارادونا بعد ذلك.
نابولي أنجح وأشهر فريق في المدينة حقق لقب الدوري مرتين وكأس إيطاليا 5 مرات وكأس السوبر الإيطالية مرتين والدوري الأوروبي مرة وحيدة.
لطالما اتسمت مباريات نابولي ضد أندية إيطاليا من مناطق ثرية بشكل عامة ومن الشمال بشكل خاصة بالقوة، نظرا لأن الجنوب لم يعد غنيا كما كان في الماضي السحيق، بجانب الاتجاهات السياسية والنظرة الدونية الدائمة من الشمال إلى الجنوب كونهم الأقل تعليما وعملا.
رياضات أخرى
تمتلك مدينة نابولي عدة أندية في رياضات أخرى مثل فريق إلدو نابولي الذي يمثل المدينة في الدوري الإيطالي لكرة السلة ويلعب في مدينة بانولي، وكذلك هناك فريق بارتينوبي رجبي والذي يعد أحد أفضل أندية المدينة في اتحاد الرجبي وقد فاز بالدوري مرتين، هناك رياضات أخرى مثل سباقات الأحصنة والإبحار والملاكمة والتايكوندو والفنون القتالية الحرة.
كما أن هناك الأكاديمية الوطنية ومدرسة مبارزة السلاح في نابولي وهي الوحيدة من نوعها التي تمنح ماجستير مبارزة السيف وماجستير في الكندو.
أماكن سياحية
نابولي مكتظة بها، هناك جبل فيزوف ومتحف نابولي الوطني للآثار وقلعة نوفو والقصر الملكي ومسرح سان كارلو وغيرها من الأماكن المتميزة.