كتب : لؤي هشام
بجسده الضئيل وقامته القصيرة، ينطلق الفتى الصغير بسرعة كبيرة مستفيدا من خفته ليتواجد في المكان المناسب حيث المساحات الشاغرة ليضع الكرة بسهولة في الشباك، حجمه الصغير يساعده على تغيير اتجاهاته بشكل مفاجئ يُسهل المرور من مدافعي الخصوم، والكرة لا تمنعه من الانطلاق بسرعة أكبر.
موهبة أخرى جديدة باتت أكثر تألقا تحت قيادة بيب جوارديولا. الشاب رحيم سترلينج أصبح أكثر تطورا وتمرسا مع مدربه الإسباني ليبدأ مرحلة جديدة تشهد تحوله من جناح تقليدي يتمركز دائما على الأطراف إلى لاعب أكثر حركية وتفهما لمهامه وواجباته.
مانشستر سيتي حقق فوزا صعبا على ضيفه نابولي بهدفين لهدف في الجولة الثالثة من دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا، في مباراة شهدت تسجيل صاحب الأصول الجاميكية هدف فريقه الثاني ليضمن للسماوي نقاط المباراة الثلاث وصدارة المجموعة السادسة.
انطلاقة سترلينج كانت مع ليفربول وتحديدا في الـ24 من مارس 2012 تحت قيادة الملك كيني دالجليش أمام ويجان بالدوري الإنجليزي، ولكن الانطلاقة الحقيقية كانت مع الأيرلندي بيرندان رودجرز حيث تألق الجناح الأيسر وقتها ليبدأ الحديث عن أحد أهم المواهب الإنجليزية.
ولكن خلال المراحل المختلفة التي مر بها صاحب الـ22 عاما كانت المرحلة الأهم مع قدوم بيب، فكم من مواهب إنجليزية صاعدة تألقت في البداية قبل أن يمنعها عدم التطور وارتفاع سقف التوقعات المبالغ فيه من جانب الصحافة البريطانية بجانب الأجور الضخمة من الاستمرار نحو نسق تصاعدي، ليخفت بريقها شيئا فشيئا. وثيو والكوت مثالا على ذلك.
انتقال رحيم إلى صفوف مانشستر سيتي قبل موسمين شابه الكثير من الجدل حينها بسبب تمرد اللاعب الشاب على إدارة الحمر وتأكيد رغبته في الرحيل، ليتم الانتقال مقابل 49 مليون إسترليني كأغلى صفقة لموهبة إنجليزية صاعدة وتزداد الضغوط على كاهله مع البداية السيئة في ملعب الاتحاد.
تصميم سترلينج على الرحيل إلى السماوي كانت بالتأكيد لرغبته في تحقيق طموح أكبر باللعب في دوري الأبطال الذي كان بعيدا عن ليفربول وقتها، ولكن على الصعيد الشخصي لم يبد أن اللاعب يتطور كثيرا داخل الملعب.
مركز سترلينج الأساسي كان جناح أيسر رفقة الريدز، إذ لعب 41 مباراة في هذا المركز ولم يتغير الأمر كثيرا تحت قيادة مانويل بيليجريني في آخر مواسمه إذ شارك في 45 مباراة حتى أتى مدرب بايرن ميونيخ السابق ليضعه على الطرف الأيمن ولكن بمهام مختلفة هذه المرة.
هذا التحول بدأه بيب عند الإعداد للموسم الماضي خلال فترة المباريات التحضرية، وقد أبدى ملاحظته على ذلك، قائلا: "سترلينج يُحب اللعب على اليسار، لكن من الجيد أن تتعرف على قدرات لاعبيك، في آخر مباراتين لعب على اليمين وقام بعملٍ مميز".
ويشير سيب ستافورد، الكاتب بمجلة "فور فور تو" - في الموسم الماضي - إلى إمكانية نجاح تلك العلاقة الثنائية "حركية ممتازة، قرارات جيدة، سترلينج لديه الميول التي يمكن نقلها على مراحل متعددة من اللعبة وفي عدة مناطق مختلفة من الملعب. الجمع بين ذلك مع وجود جوارديولا المجذوب بشأن تكيف خطه الأمامي مع نقاط ضعف الخصم، فإنه بالتأكيد هناك إمكانية لعلاقة مثمرة للغاية".
يعترف رحيم أن السبب الرئيسي في تألقه خلال الآونة الأخيرة يرجع إلى مدربه الكتالوني، ويقول: "إنه شيء كبير جداً بالنسبة لي ومن الأشياء الأساسية لتطوري، هو دائماً يحاول أن يجعلك تفعل الأشياء بطريقة بسيطة وبمستوى أعلى، وهذه هي العبقرية التي يتمتع بها".
ويضيف صاحب القميص رقم 7 "أريد أن أواصل العمل بهذا التركيز للدخول في مناطق تسجيل الأهداف، داخل منطقة الجزاء، وهذا هو المكان الذي أسجل منه غالبية أهدافي، أريد أن أتطور عن الموسم الماضي".
تلك التصريحات كانت بعد الانتصار على ستوك سيتي بسباعية مقابل هدفين يوم السبت، وبعدها بثلاثة أيام كان سترلينج يحقق رغبته في التواجد بشكل أكبر داخل منطقة الجزاء وتسجيل الأهداف، إذ كان هدف سيتي الثاني مثالا على ذلك.
هنا يستحوذ ليروي ساني على الكرة في الطرف الأيسر، وسترلينج يتواجد في الجهة المقابلة. هناك 3 حلول إما أن يتحرك بشكل عمودي تجاه منطقة الجزاء، وإما بشكل قطري أو التحرك أفقيا على حدود منطقة الـ18.
حسنا، سترلينج قرر التحرك بشكل قطري مستفيدا من المساحات الشاغرة أمام دفاع نابولي الذي قرر التكتل في تجاه لعب الكرة.
وهنا يستعيد سترلينج الكرة التي ارتدت من جابرييل خيسوس ويسكنها الشباك بسهولة.
ذلك المشهد ليس الأول من جانب سترلينج فقد تكررت مثل هذه اللقطات في عدة مناسبات خلال مباريات أخرى مضت، ولكنها كانت تتويجا لجهوده في مباراة هامة وحاسمة بالنسبة لجوارديولا ومدى فاعلية وجودة أسلوبه أمام فريق يملك أفكارا مشابهة.
الأرقام تقول أيضا أن سجل الدولي الإنجليزي التهديفي قد ارتفع كثيرا، فحتى الآن من الموسم أحرز 8 أهداف، بينما سجل الموسم الماضي 10 أهداف خلال 47 مباراة بجميع المسابقات، وكان سجله الأفضل تهديفيا على الإطلاق 11 هدفا في موسمي 2014-2015 و2015-2016.
وعن كل هذا التطور يوضح رحيم "لعبت في مركز الجناح، ولكن الدخول إلى منطقة الجزاء كما قال لي بيب يجعلني أكثر سعادة، أنا حقاً استمتع بوجودي في سيتي، قمنا ببداية عظيمة لهذا الموسم، وأنا الآن ألعب تحت قيادة مدرب عظيم".