لا يخفى على أحد الانتقادات الحادة والمتكررة لوليد أزارو مهاجم الأهلي على خلفية إهداره لبعض الفرص، متجاهلين تماما لعدة حقائق يجب أن ننظر إليها.
أولا.. أزارو لازال لاعبا شابا في الـ22 من عمره وأتى لدوري وفريق جديد ولم يمر عليه وقت طويل ووجد نفسه مهاجم الفريق الأول في ظل رحيل عمرو جمال وإصابة مروان محسن وابتعاد عماد متعب عن مستواه.
بالطبع أزارو أهدر بعض الفرص لكن لا يجب أن نذبح كل لاعب يهدر فرصة، عليك أن تسأل نفسك أولا هل حصل على فرصته كاملة؟
هناك حقيقة اتفق عليها الجميع أن أزارو يتسلم الكرة جيدا تحت الضغط ويتحرك جيدا ويمكنه أن يفتح المساحات لزملائه وعملية تسجيله للأهداف ستأتي مع الوقت. أي لاعب ينضم لدوري وفريق جديد هو بحاجة فعليا للوقت فقط لكي تحكم على موهبته.
نعم أهدر أزارو أكثر من 3 فرص تهديفية في مباريات مهمة للغاية لكنه سجل وصنع أيضا، والانتقادات أصبحت تطاله حتى لو لم يفعل شيئا وشارك بإيجابية وسجل وصنع.
في مباراة الرجاء ظهر جليا أنه ليس في حالة نفسية جيدة، اللاعب بدا عليه الحزن والتوتر، وفي فرصة تهديفية محققة فقد الثقة وقرر تمرير الكرة إلى أجاي الذي سجل الهدف وبالتالي حجم الانتقادات والسخرية الزائدة عن الحد أثرت سلبا على اللاعب.
والآن بالنظر إلى تلك الانتقادات فحتى لو سجل أزارو وصنع في المباراة، فإنه يمر بنفس ما يمر به حسام البدري مدرب الأهلي الذي يتم انتقاده في الفوز قبل الخسارة، وربما هو ضحية لتلك الحالة العامة السائدة، أو ضحية لمواقع التواصل الاجتماعي واتجاه البعض لاستخدام عبارات ضد اللاعب باعتبارها مضحكة ومنتشرة، بغض النظر عما سيمر به أو إنهاء مسيرة شاب لم تبدأ بعد.
قد ينتقد البعض الأخر أزارو بسبب حالة الضغط التي يعاني منها الفريق، فهو مهاجم بلا بديل تقريبا وبالتالي يجب أن يسجل كل مباراة حتى ولو لم يحالفه التوفيق، في حين أن هذه الحالة تحصل معه فقط تحديدا وليس بالعدل والمساواة مع كافة اللاعبين.
وفئة أخرى ترى المبلغ المدفوع كبير جدا وبالتالي تواصل ذكره، لكن ذلك المبلغ يكون حملا ثقيلا على اللاعب قبل النادي أو جماهيره، لأنه يعلم أن سعره لو انخفض فالخطوة المقبلة لن تبشر بخير.
أزارو وحسام البدري مدرب الأهلي يعلمان جيدا أن اللاعب بحاجة للعمل أكثر ولا عيب في ذلك على الإطلاق ولنا في أمادو فلافيو عبرة بعد تحوله إلى أحد أهم اللاعبين الأجانب في تاريخ الأهلي.
المهاجم الأنجولي انتقد بشدة من قبل الصحافة وإصرار مانويل جوزيه مدرب الأهلي الدائم على الدفع به، وعلى الرغم من ذلك استمر في إشراكه في كل الأحوال. فلافيو لم يكن يجيد قراءة اللغة العربية، وتحولت الانتقادات إلى مديح بعد وقت طويل من الصبر.
مع أزارو اختلف الموقف كليا لم يصبر عليه أحد في أي وقت وأي فرصة هو مطالب طيلة الوقت بتسجيل الأهداف والتعامل مع الضغط النفسي، هذا بجانب بالطبع انتقال الجماهير من المدرجات إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وفيها كل كلمة قيلت في حقه ستنتشر كالنار في الهشيم لا يهم إذا ما كانت تلك الانتقادات صحيحة أم لا المهم أنها ستكون وفقا للـ"Trend".
والأكثر وضوحا هو طريقة التعامل مع أزارو الشتائم المتكررة والانتقادات والسخرية هل يحدث ذلك مع كل من يهدرون الفرص؟ بالطبع لا.
نقطة أخرى تضاف لمشكلة الانتقادات والسخرية، قديما كانت المدرجات تحتوي كل شيء وما حدث يظل في الملعب، أما على مواقع التواصل الاجتماعي فالأمر مختلف والترجمة حتى باتت أسهل وفي عام 2017 بالطبع الانتقادات ستترجم إلى لغتين على الأقل واللاعب سيراها.
الفكرة أن ذلك السباب وتلك الشتائم تظل موجودة طيلة الوقت واللاعب يراها وإعلام بلاده يراها وبالتالي مع كثرة الانتقادات فقد نكون ساهمنا في إنهاء مسيرة لاعب من قبل حتى أن تبدأ.
رامي ربيع نموذج لهذه الحالة. انضم إلى الأهلي قادما من الشرقية للدخان في 2006 والكثير من التطلعات والتوقعات له بأن يكون مهاجما قويا خاصة مع ثقته الكبيرة في نفسه.
وقتها صرح قائلا :"لم أكن خائفا من الانضمام إلى الأهلي وتحدث مع مانويل جوزيه وحسام البدري وأشادا بمستواي وقال لي البرتغالي أنني أديت مهمتي التي كلفت بها بشكل لا بأس به لكن الآراء قد اختلفت علي".
وأضاف "أتمنى ألا ينسى الجميع أنني لاعب انضم من نادي صغير إلى أخر كبير وهو ليس أمرا سهلا بالمرة وقال جوزيه لي جملة مهمة هي أن قميص الأهلي يضيف 20 طنا زائدا على وزن اللاعب".
وتابع "أحب أن أوضح نقطة أخرى وهي أنني ظهرت بمستوى جيد في معسكر الإعداد وأمامي الكثير، أخبرني إخوتي أن الصحف قد بدأت فعليا بمقارنتي بفلافيو ومع كل احترامي له فمن الظلم أن تبدأ الصحف في انتقادي والتقليل مني بعد أول 45 دقيقة لي، فهو ظلم واضح ولم يكن لتقال هذه الكلمات لو سجلت هدفا".
وأتبع "فلافيو لاعب أجنبي لذا لا يقرأ ولا يفهم ما يكتب عنه في الصحف، أما أنا مصري وأقرأ كل ما يكتب عني، لذا فهذا يضع علي حملا زائدا على عاتقي أتمنى أن يضيفه إلي الجميع حتى أحصل على فرصتي كاملة".
بالطبع لم يستمر ربيع مع الأهلي ومع كم هذا الضغط المتواصل رحل بغض النظر عن الرؤية الفنية وقيمته كلاعب، حتى وإن كانت لديه الفرصة ليحقق شيئا ما فما حد له عجل برحيله وفشل تجربته مع الأهلي، الحالة النفسية والثقة مهمين للغاية لأي لاعب كرة وليس للمهاجم فقط، فما بالك بمهاجم منضم حديثا وبمبلغ مادي كبير وموهبة في بلاده وينتظر منه الكثير؟
ما يجب أن يحدث أن يحصل أزارو على فرصته كاملة وبعد ذلك يتم الحكم عليه، لا من خلال مباراة أو اثنين بتجاهل كل الظروف التي يتم وضعه فيها والضغط الكبير، وربما حالة القلق والحزن الكبيرة التي بدت واضحة على وجهه خلال مباراة الرجاء كانت مثالا حيا على ذلك.
في 3 مباريات بالدوري صنع وليد هدفا، وفي 3 مباريات بدوري أبطال إفريقيا سجل هدفا وصنع أخر.
وبالنظر للظروف التي انضم خلالها إلى الأهلي وعلى الرغم من ذلك أرقامه ليست مخيفة لكن ما هو مخيف فعلا القدرة الكبيرة لدى الكثيرين على خلق حالة نفسية سيئة قد تقضي تماما على مسيرة لاعب لازال في بداياته وقد يصبح أحد أهم اللاعبين في الفريق.
أول هدف لجونيور أجاي في الدوري جاء بعد 7 جولات وتم استبعاده في 3 وإشراكه في جولتين لمدة 10 دقائق و20 دقيقة على الترتيب ثم مباراة بتروجيت إلى أن سجل ضد الاتحاد السكندري في تعادل الأهلي بنتيجة 2-2.
لا يقلل ذلك من شأن أزارو أو يرفع عنه وربما ليس ذلك بدفاع عنه بقدر ما هي دعوة للهدوء ومنحه فرصته كاملة ليتحدى ويثبت نفسه، إذ أن الصحف المغربية أصبحت تلاحظ وتتابع كل ما يحدث وتنقل أيضا ما يقال عنه.
بالتأكيد إن كتبت تلك الكلمات ضد محمد صلاح أو رمضان صبحي أو أي محترف في الصحف سنشعر بحزن كبير فما بالك بحالة اللاعب النفسية؟ والحديث عن رحيله فقط بعد أن شارك في 6 مباريات رسمية مع الأهلي؟ لما لا نصبر ولو لـ6 مباريات أخرى فقط دون انتقاد وسخرية لاذعة ليست في محلها من لاعب لازال في بداية مسيرته الاحترافية ولا نعلم بعد ما قد يصل إليه؟ مستقبله مرهون به لكن لا يوجد داع أبدا لمواصلة الهجوم ضده خاصة بعد الحالة النفسية السيئة التي وصل إليها والضغط المتواصل عليه وعلى النادي.
في النهاية وهذا ليس مجالا للتشبيه لكن لتوضيح ما يشعر به اللاعب، حتى كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد شعر بالسوء بعدما صفرت ضده الجماهير وطالبهم ألا يفعلوا ذلك فقط، لأنه حينما لا يسجل فإنه يفعل أقصى ما لديه لمساعدة النادي.
ناقشني