حكاية بولندا.. لماذا يجب أن يخشى منتخب مصر "النسور التي عادت للتحليق"
الإثنين، 16 أكتوبر 2017 - 16:58
كتب : إسلام مجدي
"اطلب من نفسك، حتى وإن لم يكن يطلب منك أي شخص أخر أي شيء، اطلب من نفسك". تلك واحدة من العبارات المكتوبة على شارة قيادة منتخب بولندا لكرة القدم.
"لحسن حظي زملائي يعلمون جيدا أنني ألعب لنادي فيسوا كراكوف ولن يسمحوا لي بالشعور أنني لدي حمل ثقيل، نحن مجموعة مترابطة للغاية وقوية فيما بينها". كانت تلك كلمات كريستوف ماكزينسكي لاعب منتخب بولندا في عام 2016.
يتمنى العديد من المصريين وقوع منتخب بولندا ضمن مجموعة منتخب الفراعنة في نهائيات كأس العالم 2018 بروسيا، لكن هل تلك أمنية صائبة حقا؟ لنفكر مرة أخرى. (طالع التفاصيل)
يحتاج اللاعبون البولنديون دوما للشعور بالثقة وما إن حصلوا عليها حتى يحققوا دوما المستحيل، تلك دوما كانت إحدى أبرز سماتهم حتى أن يورجن كلوب مدرب ليفربول الحالي لاحظ ذلك جيدا.
منتخب بولندا قد لا يمتلك التاريخ القوي في بطولة كأس العالم إذ أنه حقق المركز الثالث مرتين في بطولتي 1974 و1982، كما أنه وصل إلى دور الـ16 في بطولة 1986، لكنه دوما كان منتخب يجب أن تحسب له ألف حساب.
وتحدث يرزي دوديك حارس ليفربول السابق عن شخصية اللاعب البولندي قائلا :"في بعض الأحيان قد تصنع الكلمة الفارق، الكلمة الإيجابية قد تغير الأمور وكذلك السلبية، إنها الثقة بين اللاعب ومدربه لدينا، الأمر حدث عن قرب وشاهدته أوروبا في نموذج الثلاثي البولندي في بوروسيا دورتموند وهو روبرت ليفاندوفسكي وياكوب بواشتيشكوفسكي ووكاش بيشتشيك، هم وثقوا في كلوب وهو كذلك وثق فيهم وانظروا للتطور الذي حدث لهم".
الكرة البولندية عانت لفترة طويلة للغاية إذ أن بولندا منذ عام 1986 والمشاركة في كأس العالم لم تصل إلى أي بطولة كبيرة حتى عام 2002 وفي 2012 كان ترتيب المنتخب الـ65 على العالم خلف منتخبات مثل الهندوراس وسيراليون.
لم تكن بولندا بقوة دول مثل ألمانيا أو إنجلترا حتى على الصعيد السياسي فحينما وقعت تحت طائلة الستار الحديدي وانعزالها عن العالم التي انتهجها الاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية بإقامة حواجز تجارية ورقابة صارمة. وقتها كرة القدم كانت تدار من خلال شركات أو بلدات تمتلك الأندية ويلعبها هواة والمدربون هواة والحكام كذلك.
بعد سقوط النظام الشيوعي في عام 1989 أصبحت كرة القدم مهجورة في بولندا، وصرح يرزي إنجيل المدير الرياضي لاتحاد الكرة البولندي في وقت سابق قائلا :"في التسعينات كان هناك الكثير من المتغيرات في بولندا، ليس على الصعيد السياسي فقط بل الاقتصادي كذلك وكل شيء تغير".
وأضاف "لسوء الحظ حينما يكون هناك تغييرات كبيرة في الدولة فمن الصعب أن تطور شيئا مثل الرياضة لأنها أخر شيء سيخطر ببالك في مثل هذه الأوقات".
الأندية خسرت الرعاة وبدأت السلطات المحلية في تملك تلك الأندية.
وأضاف إنجيل :"خسرنا الكثير من الملاعب والمدربين الجيدين الذين خسروا وظيفتهم لم يكن هناك أي أموال لهم لذا بدأوا في تولي مناصب جديدة في المدارس لرياضات أخرى أو يسافروا إلى دول أخرى مثلما فعلت بدوري، خسرنا الكثير من المواهب الشابة لأنهم لم يكن لديهم فرصة للتدرب بشكل مناسب ولم يكن لديهم أماكن للعب كرة القدم".
أحد أبرز تلك الأمثلة على اللاعبين الذين تركوا بولندا لتمثيل دول أخرى كان ميروسلاف كلوزه نجم منتخب ألمانيا الذي ولد هناك لكنه لعب للماكينات.
وكتبت شبكة "بي بي سي" في تقرير نشرته عن الكرة البولندية وانهيارها في تلك الحقبة قائلا :"مشكلة بولندا كانت في افتقارها للنظام التدريبي للاعبين الشباب، مدرب المنتخب الوطني لديه قائمة صغيرة لكي يختار منها، بإمكانك أن ترى الفارق فعليا في ليجيا وارسو، لقد بدأ أكاديميته منذ 10 أعوام والآن لديهم بعض اللاعبين".
لكن هناك دول خرجت من النظام الشيوعي وتمكنت من الإنتاج بشكل أفضل مثل كرواتيا والتشيك ورومانيا فلماذا لم تفعل بولندا المثل؟ أجاب إنجيل :"كان لدى تلك الدول فعليا بنية تحتية وأشياء تعتمد عليها، بولندا خسرت الكثير من المواهب التي هاجرت بعيدا عكسهم".
وأضاف "على سبيل المثال لوكاس بودولسكي وميروسلاف كلوزه خسرناهما".
وفي الفترة من 2000 إلى 2005 كان الدوري البولندي يذاع للمشتركين فقط وبالتالي لم يكن هناك مباريات تذاع للعامة على التلفاز أو ملخصات.
عانت كرة القدم كثيرا من الفساد وروابط المشجعين "الهوليجانز" والتي لازالت تشكل مشكلة كبيرة حتى يومنا هذا إلا أن الحكومة كانت تحاول دوما الوقوف ضدهم.
فتحت السلطات البولندية تحقيقات بخصوص الفساد في 2005، وفي يوليو 2006 انتقد ياروسلاف كاتشينسكي وزير الرياضة علنا اتحاد الكرة لعجزه عن إيقاف الفساد الواضح.
وفي يناير عام 2007 تم اعتقال فيت زيلازكو عضو اتحاد الكرة البولندي بتهمة الفساد ثم قام وزير الرياضة بإيقاف كل أعضاء اتحاد الكرة البولندي مما جعل الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" يغضب لذلك التدخل الحكومي في كرة القدم، كانت تلك الحرب ضد الفساد في قمة اشتعالها وساهمت الجماهير في دعم موقف وزير الرياضة لكن مع ضغط الفيفا أعاد الوزير أعضاء اتحاد الكرة.
وفي سبتمبر 2008 قامت اللجنة الأولمبية البولندي بالتقدم بطلب إلى المحكمة بإيقاف إدارة اتحاد الكرة للمرة الثانية متهمة إياه بالفساد الواضح علنا، وتم قبول الطلب لكن الفيفا عاد وهدد بإيقاف بولندا.
أرادت الحكومة البولندية النهضة بالرياضة عموما وكرة القدم خصوصا وقررت أن ذلك لن يحدث سوى بإنهاء الفساد.
وفي أبريل 2009 قامت الحكومة بحملة اعتقالات واسعة وصلت إلى 200 شخص تضمنت حكام ومراقبي مباريات ومدربين ولاعبين وأيضا بعض أعضاء اتحاد الكرة البولندي، وبنهاية الشهر لم يتبق لبولندا والكرة سوى 15 حكما سمح لهم بإدارة مباريات الدوري الممتاز والكأس.
كان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قد ترك لبولندا وأوكرانيا تنظيم بطولة يورو 2012 وبالتالي عنى ذلك الكثير وساعد الحكومة على تطوير اللعبة وحقوق البث، وبالتالي بدا الأمر كالضوء الأخضر لتبدأ السلطات منذ 2007 بتطهير البلاد من الفساد الكروي ثم بناء العديد من المنشآت الرياضية، ثم وقعت الحكومة أكثر من 100 اتفاقية مختلفة مع الاتحاد الأوروبي لكي يستمر ذلك التطوير للأبد.
قال إنجيل "بنت الحكومة البولندية أكثر من 2012 ملعبا صغيرا حول الدولة، والعديد من المراكز التدريبية وأيضا أكثر من 60 استاد قبل اليورو".
وأقر الاتحاد البولندي لكرة القدم العديد من القوانين الجديدة التي تقضي بتدريب العديد من المدربين وتشجيع الأندية على تطوير الشباب لديها.
وأقيمت العديد من أكاديميات كرة القدم للشباب منها أكاديمية أنشأها نادي برشلونة سريعا خلال تلك الفترة.
بجانب ذلك قام الاتحاد البولندي بتأسيس شبكة أسماها بـ"النسور الصغيرة " وهي أكاديميات للأطفال من عمر 6 إلى 11 عاما لكي تعزز ثقافة كرة القدم لديهم.
وصرح ماكي سافيسكي السكرتير العام للاتحاد البولندي لكرة القدم قائلا :"قمنا بافتتاح 25 أكاديمية في أخر عامين ونأمل أن نجعلها 35 في القريب العاجل".
وأضاف "يتم اختيار أفضل اللاعبين للتدريب في أكاديمياتهم مما يسمح لنا بإمداد الأندية باللاعبين الجيدين مستقبلا وكل شيء يتم دفعه وتمويله بواسطة الاتحاد والدولة".
وتابع "النسور الصغيرة قد تصبح قادرة على التحليق قريبا. وذلك لأن النسور الكبيرة ألهمتنا وعادت للتحليق".
ما ساند الثورة الرياضية في بولندا هو النمو الاقتصادي الذي حدث بعد ذلك في عام 2015 لتصل الدولة إلى أعلى معدل للدخل في تاريخها منذ القرن الـ16 وما يسمى في تاريخها بالعصر الذهبي حينما امتدت الدولة وقتها من البلطيق إلى البحر الأسود.
قرر الاتحاد البولندي تعيين آدم نافاوكا الذي كان قد عمل كمساعد مدرب للمنتخب في 2007-2008، ليقود المدرب منتخب بولندا إلى مفاجأة في تصفيات يورو ٢٠١٦ وكان ندا قويا لألمانيا وفاز بنتيجة ٢-٠ ذهابا وخسر إيابا بنتيجة ٣-١ وحل في المركز الثاني في المجموعة بفارق نقطة عن ألمانيا ثم الوصول إلى ربع نهائي بطولة يورو 2016 لأول مرة في تاريخه ثم يتأهل إلى بطولة كأس العالم بعد غياب دام دورتين في 2010 و2014.
أصبح متوسط أعمار تشكيل منتخب بولندا 27.6 عاما، ويمتلك بين صفوفه 5 محليين فقط ولا يوجد سوى 4 لاعبين فوق سن الـ30 في تشكيلته.
بولندا كانت ضمن المجموعة الخامسة من التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم وتصدرت مجموعتها بفارق 5 نقاط عن الدانمارك صاحبة المركز الثاني بجانب خسارتها لمباراة وحيدة وتعادلها في مباراة وفوزها في 8 مواجهات، وسجل المنتخب 28 هدفا في التصفيات واستقبل 14 هدفا.
يمتلك المنتخب البولندي بين صفوفه عدة عناصر قوية أبرزها روبرت ليفاندوفسكي الهداف التاريخي للمنتخب برصيد 50 هدفا، كما أنه أصبح أكثر لاعب تسجيلا للأهداف في تصفيات واحدة بالاتحاد الأوروبي بتسجيله 16 هدفا متفوقا على كريستيانو رونالدو نجم البرتغال الذي سجل 15 هدفا.
قال ماكزينسكي لاعب بولندا :"كل لاعب فينا يحلم بارتداء شعار المنتخب وأن يكون قادرا على القتال معه، كل مباراة بمثابة معركة نرغب في الفوز بها".
كتب جوناثان ويلسون الكاتب البريطاني الشهير :"بولندا لم يكن لديها تاريخا لفترة طويلة للغاية وفي بعض الأحيان وصفوا بالمهرجين لكنهم لم يكونوا كذلك أبدا وأصبحوا ملوكا وأثبتوا ذلك للعالم أجمع في 1974، لذا كنصيحة لا تستهن أبدا ببولندي فهو يمتلك عزيمة لن ترى لها مثيلا".
اقرأ أيضا:
بالصور – الزمالك يتعثر أمام طنطا في ليلة إهدار الفرص
مرتضى منصور: هناك مؤامرة على الزمالك.. لن نستكمل الدوري
الزمالك يعلن.. بسبب التحكيم قررنا الانسحاب من بطولة الدوري
صورة - هل استحق الزمالك ركلة جزاء في الدقيقة الأخيرة ضد طنطا؟
أرقام في الجول - أوباما ضد طنطا.. صفر محاولات على المرمى
أرقام في الجول - باسم في الشوط الأول ضد طنطا.. محاولتين على المرمى
عضو اتحاد الكرة لـ في الجول: سنتخذ موقفا بخصوص أزمة الزمالك.. الحكم أخطأ