كتب : لؤي هشام
قبل ثلاثة أعوام وبالتحديد في شهر يناير، شن البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب تشيلسي وقتها هجوما حادا على نظيره سام ألاردايس الذي كان يتولى المهمة الفنية لوست هام، واصفا الكرة التي قدمها بـ"كرة من القرن الـ19" بعد التعادل السلبي بين الفريقين.
كرة القرن الـ19، بحسب وصف مورينيو، لطالما طاردته في العديد من المباريات التي قدم فيها أداءً دفاعيا يقتل الكثير من المتعة وكان آخرها في مواجهة ليفربول يوم السبت.
مباراة الكلاسيكو الإنجليزي انتهت بالتعادل السلبي في مواجهة غاب عنها مانشستر يونايتد هجوميا واكتفى بـ"ركن الحافلة" أمام مرمى الحارس دافيد دي خيا، لتصل تسديداته على المرمى إلى تسديدة واحدة فقط.
على الجانب الآخر الأزرق من المدينة، كان المديح ينهال على المدرب بيب جوارديولا بعد العروض القوية والممتعة التي يقدمها مع مانشستر سيتي والأهداف الغزيرة التي يحرزها لاعبيه بانتصاره على ستوك سيتي بسبعة أهداف مقابل هدفين.
هذا وضع المدربين في مقارنة، لطالما كانت منعقدة، حول الفارق بين كرة العصور الوسطى مع مورينيو وكرة العصر الحديث مع بيب، بحسب وصف الكثيرين.
لا يمكن إنكار حقيقة أن مورينيو قبل مواجهة ليفربول كان ثاني أقوى هجوم بالمسابقة بفارق هدف وحيد عن سيتي، ذلك لا ينفي جهوده الهجومية ولكن لقاء الحُمر أعاد إلى أذهان الجميع حقيقة أن الاستثنائي دائما ما يدافع أمام الكبار، وأن فلسفته لم تتغير حتى مع فريق يحمل إرثا هجوميا عبر تاريخه.
ولكن هل فعلا يقدم مورينيو كرة من القرن الـ19؟ هل كانت كرة ذلك القرن مملة بالأساس أم كانت هجومية بامتياز؟ ذلك ما نحاول رصده في التقرير الآتي.
رقميا وصل فريق المدرب بيب جوارديولا إلى رقم لم يتحقق منذ ما يقرب من 120 عاما حينما سجل إيفرتون 30 هدفا بعد 8 جولات من الدوري، بفارق هدف عن سيتي. معدل أهداف الفريق السماوي في المباراة الواحدة وصل إلى 3.6 هدف هذا الموسم.
ذلك العدد من الأهداف من جانب إيفرتون يأخذنا إلى تلك الحقبة، هل حقق التوفيز أمرا استثنائيا وقتها أم كانت سمة هذا العصر الكثير من الأهداف؟
في أولى مواسم الدوري الإنجليزي 1888-89 حقق بريستون نورث إند اللقب بعدما سجل 74 هدفا خلال 22 مباراة بمعدل 3.4
هدف بالمباراة الواحدة في دوري بتكون من 12 فريقا.
في الموسم الذي تلاه واصل بريستون سيطرته، ولكنه سجل 71 هدفا خلال الموسم – أقل من الموسم السابق بثلاثة أهداف – ليصبح معدله 3.2 هدفا في المباراة.
بعدها بموسمين توج سندرلاند بلقب الدوري الذي زاد عدد فرقه إلى 14 فريقا، وهذه المرة حقق 42 نقطة وسجل 93 هدفا خلال 26 مباراة بمعدل 3.6 هدفا في المباراة، وهو المعدل الذي وصل إليه بيب حتى الآن.
في الموسم الذي تلاه 1892-93 واصل سندرلاند احتفاظهم بالدوري الذي بات يتكون من 16 فريقا، ولكن هذه المرة سجلوا 100 هدف بمعدل 3.3 هدفا في المباراة، وفي الموسم الذي تلاه خطف أستون فيلا اللقب ولكن بمعدل تهديفي أقل وصل إلى 2.8 هدفا.
كانت الخطة المسيطرة على معظم الفرق في تلك الآونة هي خطة 2-3-5 أي اللعب بخمسة مهاجمين، وهي الخطة التي سيطر بها بريستون نورث إند على إنجلترا تحت قيادة مدربه ويليام سوديل واستمرت حتى عام 1925 حين قرر الاتحاد الإنجليزي تغيير قواعد التسلل.
حسنا في الأعوام التالية تراجع المعدل عن ذلك ولكنه كان غالبا لا يقل عن هدفين ونصف الهدف بالمباراة، ولكن مع نهاية هذا القرن وصل شيفيلد يونايتد إلى درع البطولة وقد سجل 56 هدفا فقط بمعدل أقل من هدفين في المباراة، تزامنا مع الدخول في القرن الـ20.
رقميا، كان آخر لقب حققه مورينيو برفقة تشيلسي في موسم 2014-2015 معدله التهديفي أقل من هدفين – 1.8 هدفا – في المباراة أي أن معدله لم يقترب حتى من العصور الوسطى بحسب تعبيره.
إذا كرة القرن الـ19 كانت غزيرة من الناحية التهديفية على عكس وصف مورينيو، بل إن الأقرب من الناحية الرقمية - على الأقل - هو أن كرة القرن الـ19 قد ترتبط باسم جوارديولا والعروض الممتعة كرويا وليس العروض المملة والدفاعية المرتبطة بمورينيو.