مرة أخرى يقوم المدير الفني جوزيه مورينيو بتغيير طريقة لعب فريقه مانشستر يونايتد أمام أحد الأندية الكبرى المنافسة له على المراكز المتقدمة ويقرر التراجع والوقوف في الخلف دون هدف واضح طوال دقائق المباراة ال90.
تكرر ذلك كثيرا في السنوات الأخيرة والمشكلة أن دفاع مورينيو في تلك المباريات لم يصل إلى حد "ركن الحافلة" أمام منطقة جزاءه ذلك المصطلح الذي تم إطلاقه على طريقة لعب مورينيو خلال فترة تدريبه لإنتر ميلان عندما واجهوا برشلونة وبيب جوارديولا في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
تلك المباراة لم يقدم إنتر أي شيء سوى الوقوف في منطقة الجزاء وتشتيت الكرة بعيدا عن مناطقهم فقط دون رغبة في الإرتداد السريع وتشكيل خطورة على مرمى برشلونة فقط مكتفين بالدفاع عن مرماهم.
لكن البعض يتناسى أن إنتر مورينيو لجأ إلى تلك الخطة بسبب اكتساحه للفريق الكتلوني في مباراة الذهاب بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد في ملعب سان سيرو في مباراة لعب فيها الأفاعي بطريقتهم المعتادة وتفوقوا على ضيفهم الإسباني.
"الغاية تبرر الوسيلة" بالتأكيد وإنتر ومورينيو نجحا في الوصول إلى هدفهما بالحفاظ على نتيجة المباراة والتأهل إلى المباراة النهائية والحصول على لقب البطولة في النهاية بالفوز على بايرن ميونخ في النهائي بثنائية نظيفة.
حينها كان ولا يزال مورينيو "الرجل الفريد" ولا أحد يمكنه إيقافه محليا أو أوروبيا حتى انتقل إلى تدريب ريال مدريد وأصبح في مقارنة ومواجهات مباشرة مع بيب جوارديولا المدرب الذي أخذ مكانه في تدريب برشلونة ثم مكانه كأفضل مدرب في العالم.
المواجهة الإسبانية الأولى في الكلاسيكو كانت مذلة وكارثية على مورينيو بخسارته بخماسية نظيفة نجح بعد ذلك في تدارك الأمور خلال مواسم ثلاث مع مدريد لم تكن على القدر الكافي من النجاحات التي ترضي غرور مورينيو في ظل تفوق جوارديولا الكاسح عليه وحصده لغالبية الألقاب.
من هنا بدأت ثقة مورينيو في الإهتزاز وأصبحت الأمور لا تسير بشكل جيد معه حتى مع عودته إلى بيته الإنجليزي تشيلسي وحصد بعض البطولات أبرزها الدوري المحلي في موسمه الثاني إلا أن بداية كارثية للموسم الثالث أطاحت به من منصبه قبل إنتصاف الموسم ليتم إقالته للمرة الأولى في مسيرته التدريبية كلها.
صدمة بالتأكيد لغرور البرتغالي ورغم تعينه بعد ذلك مديرا فنيا لمانشستر يونايتد وإعتباره من الجماهير الأحق بلقب خليفة السير أليكس فيرجسون على الدكة الفنية إلا أن الثقة مازالت مهتزه لدى مورينيو.
المدرب البرتغالي عرف عنه دائما حبه للفوز بأي مجموعة من اللاعبين كانت تلك التي يقودها تدريبيا ونجاحاته حصل عليها بتفوقه التكتيكي الدائم على المنافسين في المواعيد الكبرى ولكن في السنوات الأخيرة تحولت الأمور لدى المدرب الذي أصبح يبحث أولا عن عدم الخسارة قبل الفوز ومحاولاته للمجازفة أو المخاطرة في المباريات أصبحت أقل من السابق.
ربما كان هذا مقبولا إلى حد ما في بداية موسمه الماضي نظرا لأن مورينيو كان خارجا لتوه من تجربة فاشلة مع تشيلسي أفقدته الثقة في كل شيء ويونايتد كان يمر بفترة تذبذب والثنائي كان يحتاج إلى عودة الثقة والهزائم كانت لتنهي تجربتهم سويا مبكرا وتعيدهم إلى الخلف أكثر أما تجنبها فرويدا رويدا سيعيدهم إلى المقدمة.
في لقاء العودة الموسم الماضي ألتقى يونايتد بتشيلسي وهيمن رجال المدرب مورينيو على المباراة ونجحوا في الفوز على البطل بهدفين نظيفين، مباراة أعادت إلى ذاكرة الجميع نجاحات مورينيو السابقة وقدراته المميزة على إدارة المبارايات المهمة التي لطالما كان يظفر في نهايتها بالفوز.
يونايتد بدأ هذا الموسم بشكل مثالي إنتصارات متتالية ورباعيات متكررة في شباك المنافسين، كل شيء يسير بشكل مميز في يونايتد والجميع ينتظر مباريات الفريق القوية لمعرفة رد فعل مورينيو وفريقه إلى أن جاءت مباراة ليفربول اليوم كأولى أختبارات يونايتد ومورينيو الصعبة هذا الموسم.
وعادت ريما لعادتها القديمة الجديدة عليها، يونايتد نزل المباراة بلا هدف سوى مجرد إبعاد الكرة عن مناطق الخطورة بدون رغبة حقيقية في الإرتداد والهجوم وتسجيل الأهداف، مما يزيد الطين بله أن التكتيك الدفاعي ليونايتد ليس بالحصين ولولا تواجد دي خيا في المرمى لتغيرت الأمور.
فشل على المستوى الدفاعي وغياب تام هجومي في طريقة لعب مورينيو تلك عندما يستخدمها في المباريات المهمة في الفترة الأخيرة لحسن حظه أن الأمور كانت تنتهي بخروجه بنقطة التعادل في معظم الأوقات لكن على أرضية الملعب فريق مورينيو كان يفشل حتى في الدفاع ومنع الكرة من الوصول إلى حارس مرماهم.
مورينيو أصبح لا يحاول حتى خطف هدف في تلك المباريات بل إن تشكيلته الأساسية الدفاعية في الأصل يتم تدعيمها بمدافعين جدد كبدلاء خلال أحداث سير المباراة ودون تفكير أو رغبة ف خطف الثلاث نقاط من المرتدات حتى.
تغير كبير مرت به عقلية جوزيه مورينيو منذ وصوله إلى إسبانيا لتدريب ريال مدريد وحتى اليوم تحول فيها من مدرب يسعى للفوز وحصد كل شيء إلى مدرب يخشى الهزيمة أكثر من حبه للإنتصارات.