كتب : عمر ناصف
هناك خط رفيع بين المحبة والكراهية وهذا الخط هو الذي حول مباراة الأشقاء في الجنوب روما ونابولي إلى واحد من أكثر الدربيات الدموية في إيطاليا.
بدأت كرة القدم في إيطاليا في الشمال وتحديدا في تورينو وجنوى ثم ميلان وسيطرت أندية الشمال دائما يوفنتوس وميلان وإنتر على البطولات المحلية وحصلت على كل الشهرة والمجد وفي الجنوب الإيطالي هناك كان نابولي وفي الوسط كان هناك روما ثنائي صغير يحاول المعافرة والقتال لمنافسة الكبار.
من هنا بدأت الصداقة بين الطرفين فبينما كانت الجماهير الإيطالية معروفة بشغفها وتعصبها لأنديتها كانت لقاءات روما ونابولي دائما ما تشهد اللقطات الأخوية وسيل من الحب يغمر الجماهير حتى إنهم في فترة السبعينيات وبداية الثمانينيات كنت لتجد مشجعي روما ونابولي جنبا إلى جنب داخل الملعب بدون فواصل بينهم.
جماهير نابولي أخذت فكرة "أولتراس" من جماهير روما وقلدتهم في كل شيء حتى إن جماهير نابولي لتعترف بأنها أخذت معظم أهازيجهم التشجيعية وألحانهم من أولتراس روما والكل سعيد.
قبل مباريات الفريقين سواء كنت في الأولمبيكو أو سان باولو ستجد ممثلي من جماهير روما يركضون نحو جماهير نابولي حاملين أعلام فريقهم والجميع يغني "روما روما" حتى يصلوا إلى المدرج الخاص بجماهير نابولي التي تستقبلهم بحفاوة لتأخذ الأعلام منهم وتبعث بمندوبين يحملون أعلام فريقهم إلى المدرج المقابل والهتاف يتغير إلى "نابولي نابولي".
لا شيء يعيق أجواء المحبة بين الطرفين حتى لو وجدت جماهير نابولي فريقها خاسرا بخمسة أهداف لهدف في أحد اللقاءات على ملعب أولمبيكو.
كل شيء كان جيدا حتى وصول دييجو أرماندو مارادونا وسحره إلى نابولي في 1984 حينها اضطرت جماهير نابولي لتقليل حصة مشجعي روما من التذاكر خلال مباريات الطرفين على ملعب سان باولو نظرا لزيادة أعداد الجماهير الراغبة في رؤية سحر الأسطورة الأرجنتينية.
لكن كل شيء ظل جيدا حتى العام التالي عندما تعاقد نابولي مع نجم لاتسيو برونو جيوردانو وفي لقاء جمع الطرفين في أكتوبر 1986 البداية كانت جيدة وقام الطرفان بتبادل الأعلام والتشجيع سويا حتى قام جيوردانو بصناعة هدف المباراة الوحيد لمارادونا.
الغضب غمر جماهير روما التي وجدت نجم عدوها السابق يساهم في فوز حليفهم عليهم لتبدأ مجموعة من الجماهير الغاضبة في الغناء وتوجيه السباب لجيوردانو مما أغضب جماهير نابولي لترد عليها بعبارات سباب لبرونو كونتي لكن الأمور لم تتطور والأكيد أن هناك ما عكر صفو المحبة بين الطرفين.
بعد عام واحد بالتمام والكمال وتحديدا في أكتوبر 1987 انتهى كل شيء بلا رجعة، مندوبو روما ذهبوا إلى جماهير نابولي وأعطوهم الأعلام والهتافات المعتادة حولهم "روما روما" ومندوبو جمهور نابولي ذهبوا لرد التحية وتبادل الأعلام ولكن لم يتم استقبالهم بالهتافات المعتادة "نابولي نابولي" وإنما وجدوا وابلا من السباب وتم قذفهم بكل ما كانت تطوله أيدي جماهير روما الحاضرة لتعود خائبة إلى مدرجات فريقها التي تحولت هتافاتها من "روما روما" إلى "لتسقط روما".
التطور في المدرجات قبل بداية المباراة زاد مع انطلاقها وتقدم روما في النتيجة ثم إضاعة نابولي للعديد من الفرص المؤكدة للتهديف ليزيد التوتر على أرضية الملعب ويتعرض ثنائي نابولي أليسندرو رينيكا وكاريكا للطرد ليتقلص عدد لاعبي البيرتانوبي إلى تسعة لاعبين.
نابولي نجح في خطف التعادل في النهاية وجماهير نابولي احتفلت مع اللاعبين الذين قاموا بإلقاء قمصانهم إلى الجماهير المحتفلة كل شيء كان عاديا حتى توجه لاعب وسط نابولي سالفاتوري باجني إلى مدرجات جماهير روما وأرسل إليهم إشارة غير لائقة كانت كإعلان عن نهاية الأخوة المحبة بين الطرفين.
محاولات من جماهير نابولي لإعادة العلاقات مرة أخرى في 1991 تمت عندما حاول أحد المسؤولين عن أولتراس نابولي رفع لافتة تكريمية لمشجع ميلان أنطونيو دي فالكي الذي تم قتله على يد أحد مشجعي ميلان قبل مباراتهما بأيام ولكن محاولته قوبلت بوابل من السباب ليس فقط من جماهير روما ولكن أيضا جماهير نابولي التي قامت بإنزال اللافتة فورا.
العنف بدأ وأصبح سان باولو محرما على جماهير روما بسبب الهجوم المتتالي عليهم من جماهير نابولي وفي 2005 تعرض 31 شرطي إيطالي للإصابة أثناء محاولاتهم منع محاولة من جماهير نابولي للاعتداء على جماهير روما وتم القبض على 15 مشجعا من مشجعي بيرتانوبي.
لم يتوقف العنف داخل مدينة نابولي فقط ففي مايو 2008 تم القبض على 17 مشجعا لنابولي اعتدوا على حافلة كانت تقل 50 مشجعا لروما في مقاطعة سينا قبل أن يتم القبض على 7 مشجعين لروما ونابولي بعد ذلك بـ3 أشهر بعد عراك قام بينهم في أحد القطارات انتهى بطعن أحد مشجعي نابولي.
في 2014 أقيم نهائي كأس إيطاليا بين نابولي وفيورنتينا على ملعب أولمبيكو في العاصمة وجماهير روما استغلتها فرصة للهجوم على جماهير نابولي مرة أخرى والنتيجة هذه المرة كانت وفاة تشيرو إسبوزيتو بعد تعرضه لطلق ناري في ظهره من دانيلي دي سانيتس مشجع روما الذي حكم عليه بالسجن لـ26 عاما.
العنف لم يتوقف والصيف الماضي تم طعن أحد مشجعي روما بعد أن رفض تغطية "تاتو" على يده لفريقه أثناء تواجده في أحد ميادين نابولي لترد جماهير روما بتحطيمها لنصب تذكاري تم بناءه لتخليد ذكرى إسبوزيتو.
البعض يحمل باجني مسئولية إنهاء الصداقة التاريخية بين الطرفين والبعض الآخر يحملها للجيل الجديد من مشجعي روما الذين رفضوا أعراف وتقاليد المحبة بين الطرفان وهاجموا مندوبي نابولي أثناء تبادل الأعلام ولكن الأكيد أن كل شيء انتهى وأنه لا مجال للعودة مرة أخرى كأصدقاء خارج الملعب.
تواجه الطرفان في 41 مباراة في الدوري وإجمالا 160 مباراة في كل البطولات ويبقى التفوق لأبناء العاصمة بـ61 انتصارا مقابل 47 فقط لنابولي بينما انتهى 52 لقاء بينهم بالتعادل وذلك منذ اللقاء الأول الذي جمع بينهم في الثامن من أبريل 1928.