"هل أنت جاهز؟ جاهز لتشجع اللاعبين لتحقيق النصر؟ تتعجب من لياقتهم وسرعتهم ومهارتهم وتحثهم على الفوز بالكرة طيلة الوقت ويسددون تسديدات نارية ضد الخصم؟ جاهز لقوة الأجنحة الطائرة وظهيري الجنب والعرضيات والتمريرات والأهداف المسجلة التي تجعلك تطير من السعادة؟ جاهز للحظة أخرى في عالم خيالي؟". تلك كانت كلمات كتبها شين ويلزي كاتب أمريكي يصف من خلاله بطولة كأس العالم ومتعة مشاهدتها.
كلمات حماسية كتبها الأمريكي محاولا وصف حبه لبطولة كأس العالم، لكن فعليا لماذا نحب كأس العالم؟ لماذا ننتظرها بشغف ونرغب بشدة في أن يشارك منتخب مصر فيها؟
قال شين :"تابعت الدوريات الأوروبية وحتى المكسيكي والأمريكي ولم أجد المتعة ذاتها التي أجدها في كأس العالم الأمر كان غريبا للغاية".
وأضاف "كرة القدم تصبح حيوية للغاية حينما تعلم أن دولة بالكامل يسيطر عليها القلق أمام شاشة التلفاز لتعرف نتيجة منتخب بلادها".
لويس سواريز قام بعض عثمان بقال في الدوري الهولندي لم يهتم أحد وقتها ربما خرج الفيديو أكثر من مرة حتى بعد عضه لبرانيسلاف إيفانوفيتش في الدوري الإنجليزي لم يكن الأمر بهذا الاهتمام لكن في كأس العالم كان الأمر كبيرا ولا ينسى وله ذكرى سنوية ودائما ما يتم تذكر الأمر.
الحالة التي تخلقها الجماهير وأهمية الحدث الذي يطرق أبوابنا كل 4 أعوام والأهداف التي تسجل بطريقة جميلة لا تنسى أبدا، هدف دييجو مارادونا ضد إنجلترا وهدف تيم كاهيل ضد هولندا وغيرها من الأهداف.
نقطة أخرى يضيفها لنا كأس العالم، لا يوجد تصنيف محدد لا يوجد تفضيل لفريق عن أخر، ستحب هولندا ولن تجدها في النهائي وستتمنى فوز الأرجنتين أو ألمانيا الحالة التي تخلقها أجواء البطولة.
كتبت إيما بروكس المؤلفة البريطانية في صحيفة "جارديان" :"لست مشجعة لكرة القدم لكنني أتذكر كل كأس عالم منذ عام 1990، وأعلم دائما أن لها طابع مختلف ومهم طيلة الوقت".
وأضاف "بسبب تاريخها إنها تبني تاريخا لمنتخبات الأمم، هذه المنتخبات تتألق ربما على صعيد التصفيات أو قاريا، لكن عالميا؟ كأس العالم هي المناسبة المثالية ليثبت كل منتخب قوتها وأنه يستحق أن يكون في مصاف الكبار".
ما قد يجعل كأس العالم هو الأجمل أو المسابقة التي نحبها دوما ونرغب في المشاركة فيها هي كونها تجعل العالم بالكامل يشاهدك يراك المليارات، 32 منتخبا يتنافسون فيما بينهم.
قال سير أليكس فيرجسون مدرب مانشستر يونايتد الأسطوري عن كأس العالم :"كأس العالم بمثابة احتفال بجمال كرة القدم، سنرى العديد من الأهداف المجنونة والرائعة والغبية كذلك وركلات الجزاء والتمريرات والاستراتيجيات التي تعبر عن هوية الدول وسنصرخ كثيرا".
كرة قدم المنتخبات قادرة على تحقيق الكثير، ألم ينسيك فوز المنتخب آلامك سواء النفسية أو الحياتية لبعض الوقت؟ ألم تتجاهل كل شيء لتجلس على المقهى لمشاهدة مباراة للمنتخب وتتناسى كل شيء لتقوم وتهلل بعد رؤية الكرة داخل الشباك؟
كل ذلك كنت أسمعه وأقرأه وأراه طيلة الوقت وأتساءل ما الذي يعنيه أن يتأهل منتخب بلادي إلى كأس العالم؟ ما هي متعة تلك البطولة؟ نعم أستمتع بالمباريات لكن لا شأن لي بالمنافسة فيها مجرد متابعة من عاشق لكرة القدم.
ترغب مصر بشدة طيلة الـ28 عاما الماضية أن تشارك في كأس العالم خاصة بعد عدد كبير من الفرص التي أهدرت للتأهل إلى المحفل الدولي.
اقترب بشدة من الـ27 من عمري، وأنا من مواليد 1991 لم أشاهد مصر تلعب في ذلك المحفل الدولي الكبير قط، لطالما سمعت فقط عن التأهل وشاهدت مقاطع فيديو كثيرة لهدف حسام حسن الذي أهلنا إلى المسابقة، ثم في شهر رمضان كنت أشاهد إعادة مباريات مصر كل عام في نفس الموعد في كأس العالم.
لطالما شعرت بالحسرة لأنني لم أعاصر أي شيء عن تأهل مصر إلى كأس العالم، لكنني عاصرت الكثير من الانتكاسات منذ ذلك الحين.
تارة هدف ضائع وتارة فرصة سهلة للغاية وتارة إهدار العديد من النقاط السهلة في التصفيات، أشاهد كأس العالم 1998 وأتذكره في طفولتي وأتذكر الخيبة جيدا ربما لا أتذكر من تلك التصفيات المؤهلة لها سوى هدف زبير بية لتونس وهدف جورج ويا لليبيريا.
طيلة الوقت وأنا أشعر بكسرة النفس وفقدان الثقة والحزن الدائم من منتخب مصر حتى مع قوتنا الإفريقية الكبيرة افتقرنا للخطلة التي تجعلنا نتأهل إلى المحفل الدولي الذي يرغب الجميع في الذهاب إليه.
كل من يحب ويتابع ويعرف كرة القدم كل من يعمل بالمجال يعي أهمية كأس العالم، بعض المنتخبات لديها القدرة والقوة على المنافسة، ومنتخبات تكون المفاجأة وكنا نحن نطمح فقط في الوصول حتى إليه طيلة 28 عاما.
أتى ذلك الجيل الجديد الذي شكل طفرة نوعا ما في الكرة المصري، عدد كبير من المحترفين واللعب لأندية مثل فيورنتينا وروما وأرسنال وليفربول، محمد صلاح ومحمد النني وأحمد حجازي ورمضان صبحي ومحمود حسن تريزيجيه وغيرهم.
ذلك الجيل الذي مثل منتخب مصر معظمه لم يشاهد مثلي بلاده تلعب في كأس العالم، وشعوره الدائم كان الحسرة والحزن مثلي على ضياع فرص التأهل.
قاتل جيلنا بعد ذلك من أجل ذلك الحلم الغالي وتأهل إلى كأس العالم، تفاصيل التأهل سنستمر في قصها دوما، لماذا نحب كأس العالم؟ لأن هناك جيل عاش لفترة طويلة يتابع من بعيد يحلم لكنه هو من قاتل لتحقيق حلمه بيديه لا بيد أحد غيره.
لماذا نحب كأس العالم؟ من أجل كل تلك الأهداف الكثيرة الجميلة التي نراها، من أجل ذلك الحفل الذي يرغب الجميع في الذهاب إليه لكن الدعاوى محدودة للغاية كنا دوما الضيف الذي يرغب الجميع في دعوته لكن الدعاوى دائما تنفذ لحظه العاثر وبعض التفاصيل الصغيرة التي كانت تبعده عن التأهل.
كأس العالم سيظل كبيرا طيلة الوقت والكل يرغب في الذهاب إليه، اسأل أي لاعب ستجده يخبرك عن جمال المشاركة واللعب في كأس العالم، عن الجماهير والأهداف والزخم والأحداث وبكل تأكيد سأحبه أكثر طالما أن مصر شاركت فيه أخيرا.
وطالما شاركت مصر أخيرا فأنتظر أن أحكي أنا أيضا بدوري عن متعة كأس العالم وأتمنى أن يقدم المنتخب أداء ممتازا ويسجل أهدافا جميلة، نحكي عنها مثلما حكى الكتاب الإنجليز والأمريكان والمدرب الاسكتلندي.